التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

استثمارات المناخ في أفريقيا رهينة الفرص الضائعة رغم الإمكانات

فجوة بين حجم التمويلات الحالية والمأمولة خلال العقد الجاري

هبة مصطفى

اقرأ في هذا المقال

  • استثمارات المناخ تضع أفريقيا على مسار الأهداف المناخية العالمية واتفاقية باريس
  • تُقدَّر استثمارات المناخ في أفريقيا المطلوبة خلال العقد الجاري بـ277 مليار دولار سنويًا
  • أفريقيا تعدّ من أفضل وأكبر الخيارات العالمية لاستثمارات تحول الطاقة
  • من عوائق الاستثمار في موارد أفريقيا الخضراء: أبعاد سياسية وأمنية وتهالك البنية التحتية

تعدّ استثمارات المناخ في أفريقيا محلّ تساؤل واسع النطاق، ليس في بلدان القارة السمراء وحدها، بل -أيضًا- بين أقطار العالم وكبريات الشركات التي ظلت لسنوات تبحث عن مواطن استثمار تتوافر فيها موارد لا حصر لها.

ويبدو أن هؤلاء المستثمرين وجدوا في أفريقيا ما تفتقر إليه غيرها من القارات، ليبقى التساؤل دون إجابة كافية -حتى الآن-: "لماذا لا تُستغل الموارد والإمكانات الهائلة التي يمكنها تلبية احتياجات أبناء القارة في المقام الأول، وخارج حدودها ثانيًا؟".

وما بين أشعة شمس ممتدة في مناطق مترامية الأطراف، ورياح تهب بين صحاري القارة وأطرافها، يمكن لموارد الطاقة المتجددة أن تعزز معدلات الوصول إلى الكهرباء، بل وترتفع الطموحات للاستفادة من هذه الموارد في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وترتفع أكثر لتصديره، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

حجم الاستثمارات المطلوب

تضرب استثمارات المناخ في أفريقيا أكثر من عصفور بحجر واحد، إذ تسمح بتلبية الطلب المحلي لسكان القارة، وتفتح آفاقًا واسعة للعوائد والأرباح الواعدة، إذا ما استُغِلت الموارد بصورة فائقة، لكن هناك عائد آخر لا يقلّ أهمية عن تلبية الطلب وتعزيز المكاسب.

فهذه الاستثمارات تضع القارة السمراء على مسار الأهداف المناخية العالمية واتفاقية باريس، ولا عجب في ذلك، خاصة أن حجم الانبعاثات الأفريقية ضئيل مقارنة بدول صناعية كبرى.

وتُقدَّر استثمارات المناخ في أفريقيا المطلوبة للوفاء بهذه الطموحات، خلال العقد الجاري (من عام 2020 حتى عام 2030)، بنحو 277 مليار دولار سنويًا، حسب تقديرات شبكة كيه بي إم جي (KPMG) في تقريرها السنوي لعام 2023.

أول مشروع طاقة شمسية في بوركينافاسو ضمن استثمارات المناخ في أفريقيا
أول مشروع طاقة شمسية في بوركينافاسو - الصورة من EAIF

ومن بين حزمة التمويلات والاستثمارات الهائلة المطلوبة، تقتصر تمويلات المناخ في القارة الأفريقية -حاليًا- على 29.5 مليار دولار سنويًا فقط.

ودعا تقرير الشركة الاستشارية إلى زيادة تمويلات واستثمارات المناخ في أفريقيا، إذ يعزز هذا التمويل فرص الاستفادة من الموارد المتجددة والخضراء في القارة لتحقيق مستويات مرتفعة للوصول إلى الكهرباء من جهة، ودعم الحراك الاقتصادي لمكافحة تغير المناخ من جهة أخرى.

فرص واعدة

تُتيح زيادة استثمارات المناخ في أفريقيا إلى نحو 227 مليار دولار سنويًا، خلال السنوات الـ10 للعقد الجاري، إبراز قدرات وإمكانات القارة من موارد الطاقة المتجددة.

ويبرز تطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكذلك إنتاج الهيدروجين الأخضر، فرصًا واعدة وجاذبة للاستثمارات الأجنبية، إذ وصف تقرير "كيه بي إم جي" توقعاته لموارد القارة بأنها "فرصة مربحة"، خاصة لمستثمري أوروبا الذين يملكون الخبرة ورأس المال على حدّ سواء.

وأكد التقرير أن أفريقيا تعدّ من أفضل وأكبر الخيارات العالمية لاستثمارات تحول الطاقة، متوقعًا دورًا محوريًا للقارة السمراء بإزالة الكربون، في ظل تنوع مواردها بين المعادن الغنية والمفيدة للتحول، وبين الإمكانات المتجددة.

ورغم ذلك، تساءل التقرير: "كيف لهذه الموارد الممتدة والشاسعة أن تتحول إلى عوائد اقتصادية ومناخية دون توسعة نطاق استثمارات المناخ في أفريقيا؟"، مستشهدًا بتقدير حجم انبعاثات القارة في مستويات تنخفض 10 أضعاف أميركا الشمالية التي تضم دولًا صناعية كبرى.

وتتوافق الرؤية المتفائلة لتقرير "كيه بي إم جي" مع ما توصّل إليه الاتحاد الأفريقي، إذ يرى الأخير أن القارة تسير بخطى ثابتة نحو حقبة جديدة من النمو الاقتصادي، تشكّل فرصة استثمارية كبرى.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مزيج استهلاك الطاقة في أفريقيا عامي 2021 و2022:

استثمارات المناخ في أفريقيا

 

عوائق الاستثمار

يعدّ عزوف المستثمرين عن الاستفادة من موارد الرياح والطاقة الشمسية الهائلة في القارة الداعمة لتوسّع إنتاج الهيدروجين الأخضر أمرًا مثيرًا للجدل، خاصة في ظل الاحتياج العالمي لتوسعة نطاق استثمارات المناخ لتلبية الإسهامات الوطنية.

ومع تقدير حجم استثمارات المناخ في أفريقيا، التي تحتاج إليها القارة لتحويل الموارد إلى فرصة فعلية، بنحو 277 مليار دولار سنويًا، ارتفاعًا من 29.5 مليار دولار حاليًا، حدّد تقرير كيه بي إم جي عوامل عدّة قد تفسّر أسباب الهروب من الاستثمار المتجدد في القارة السمراء.

وتضمنت عوائق الاستثمار في موارد أفريقيا أبعادًا سياسية وأمنية وأخرى تتعلق بالعملات، لكن هناك عامل أكبر يعوق ضخ المستثمرين الأجانب أموالهم في القارة، إذ تتطلب البنية التحتية في القارة عملية تأهيل واسعة النطاق.

وتمنع البنية التحتية المتهالكة وصول الكهرباء بصورة موثوقة ومستقرة، خاصة لدى دول أفريقيا جنوب الصحراء؛ ما يشكّل تحديًا قويًا يرفع تكلفة فاتورة استثمارات المناخ في أفريقيا إلى أرقام ضخمة تحول دون الاستفادة القصوى من الإمكانات الخضراء في البلاد.

وتُشير التقديرات إلى أن معدل الوصول في القارة (البالغ 50.6%) ينخفض عن المستويات العالمية (البالغة 87%).

توصيات مهمة

يرجّح تقرير شركة "كيه بي إم جي" أن نجاح استثمارات المناخ في تعزيز الوصول إلى كهرباء موثوقة ونظيفة بالقارة، قد يضمن نجاح الأثر البيئي والاجتماعي للاستثمارات الأجنبية.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- النسب المطلوبة للوصول إلى الكهرباء في أفريقيا، مقارنة بعدد السكان:

اسثمارات المناخ في أفريقيا

ودعا مطورو المشروعات المتجددة إلى التركيز على الاستفادة من الموارد -التي استعرضتها منصة الطاقة المتخصصة في تقرير منفصل، يمكنكم مطالعته من (هنا)- مع مراعاة واقع المجتمعات المحلية، ونقص الكهرباء والمياه، وتداعيات تغير المناخ المؤثّرة سلبًا.

ولفتت توصيات التقرير إلى أن معدلات الإشعاع الشمسي تمنح أصول القارة أفضلية أعلى من غيرها، ما يعزز التوقعات بإمكان إسهام الطاقة الشمسية والرياح في "سدّ عجز" الوصول إلى الكهرباء في قارة يغرق 600 مليون شخص من سكانها في الظلام.

وذكرت أن تعزيز استثمارات المناخ في أفريقيا، والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، قد تغير معادلة حلول الكربون العالمية لصالح القارة السمراء.

وتوقّع التقرير دورًا قويًا للقارة في دعم اقتصادات الهيدروجين الأخضر وخفض تكلفة إنتاجه، في ظل مشروعات واعدة قائمة بالفعل، وتكلفة إنتاج ملائمة تناولتها منصة الطاقة المتخصصة بالتفصيل في التقرير (هنا).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق