سياراتتقارير السياراترئيسية

دفاعًا عن السيارات الكهربائية الصينية.. مجلة بريطانية: الهجوم عليها "مبالغ فيه"

أسماء السعداوي

دقَّ استحواذ السيارات الكهربائية الصينية على حصص متزايدة بالسوق العالمية، جرس إنذار في أميركا وأوروبا لوضع حدود أمام السيل القادم من بكين.

وبحسب تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تتميز سيارات الصين بالتصميم الأنيق والسعر الرخيص بفارق كبير، إذ يبلغ سعر أرخص سيارة تنتجها شركة "بي واي دي" (BYD) نحو 12 ألف دولار، في حين تصل نظيرتها من إنتاج تيسلا (Tesla) إلى 39 ألف دولار.

وفي هذا الصدد، لفتت مجلة بريطانية إلى وجه آخر لبزوغ نجم الصين، وهو المنافع الذي ستعود على أوروبا وأميركا من فتح الباب أمام السيارات الكهربائية الصينية، من النواحي الاقتصادية والبيئية على المدى الطويل.

وعلى نحو خاص، قالت، إن "الهجوم" على السيارات الكهربائية كان "مبالغًا فيه"، لكن الاعتماد الكامل على صناعة البطاريات الصينية سيكون محفوفًا بالمخاطر.

وبالنسبة لزيادة حصة المصنّعين الصينيين، فهو أمر لا ينبغي الخوف بشأنه، "بل "الترحيب به"، لأنه ينشط المنافسة، كما تنفق الصين أموال دافعي الضرائب على دعم المستهلكين العالميين وتسريع التحول الأخضر.

صعود السيارات الكهربائية الصينية

قبل 5 سنوات، كانت الصين تشكّل فقط رُبع السيارات التي تصدّرها اليابان (أكبر مصدّر بالعالم في ذلك الوقت)، لكن خلال الأسبوع الجاري، كشفت أحدث البيانات أن الصين صدّرت أكثر من نصف مليون سيارة كهربائية خلال عام 2023 المنصرم، متجاوزة مبيعات اليابان كلها، وفق تقرير نشرته مجلة "ذي إيكونوميست" (The economist)

ولأول مرة على أساس فصلي، تتجاوز مبيعات شركة "بي واي دي" الصينية خلال الربع الأخير من 2023 مبيعات شركة تيسلا الأميركية، لتصبح الشركة الصينية أكبر بائع ومنتج للسيارات الكهربائية في العالم.

سيارة "بي واي دي دولفين" الكهربائية
سيارة "بي واي دي دولفين" الكهربائية - الصورة من الموقع الإلكتروني للشركة

ومن المتوقع ارتفاع الطلب على السيارات الكهربائية ضمن مساعي التحول الأخضر، ولذلك من المحتمل أن تتضاعف حصة الصين بالسوق إلى الثلث، وهو ما سيضع نقطة النهاية لهيمنة الغرب وخاصة أوروبا.

وتلقّت الشركات المحلية إعانات حكومية منذ انطلاق إستراتيجية "صنع في الصين" في 2014، ومنها قروض وإعانات شراء وعقود حكومية والتزويد بالأسهم.

دفع ذلك المفوضية الأوروبية في أكتوبر/تشرين الأول إلى فتح تحقيق رسمي، كما يدرس الرئيس الأميركي جو بايدن زيادة الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات الكهربائية الصينية.

3 مكاسب

يقول تقرير مجلة "ذي إيكونوميست"، إن إغلاق الباب أمام المنافسة الصينية "خطأ"، لأن المكاسب المحتملة التي ستعود على الغرب من المعروض الجاهز من المركبات الخضراء الرخيصة، "هائلة".

أول تلك المكاسب هو أن سوق السيارات ستنقلب رأسًا على عقب، بغضّ النظر عن حصة الصين.

وفي عام 2022، شكّلت السيارات الكهربائية نسبة تتراوح بين 16 و18% من إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة حول العالم.

وبحلول 2035، من المقرر أن يحظر الاتحاد الأوروبي محركات الاحتراق الداخلي العاملة بالوقود الأحفوري التقليدي.

يتضمن ذلك التحول عمالة أقلّ بسبب التطور التكنولوجي، وهو ما حدث خلال "الصدمة الصينية الأولى" من 1997 إلى 2011 التي تسببت في فقدان أكثر من خُمس العاملين وظائفهم.

ولذلك، فهناك خطر قادم أيضًا من حدوث اضطراب ثانٍ، لكن من المهم عدم الخلط بين الاضطراب الناتج عن التحول إلى السيارات الكهربائية عمومًا والإنتاج الصيني لها.

صالة لبيع سيارات نيو الكهربائية في مدينة شنغهاي الصينية
صالة لبيع سيارات نيو الكهربائية في مدينة شنغهاي الصينية – الصورة من سي إن بي سي

ثاني المكاسب تجاري، فالمركبات توجد على قائمة أكبر المشتريات، وفي الولايات المتحدة تصل النسبة إلى نحو 7% من الاستهلاك.

ولذلك، فمن شأن السيارات الرخيصة أن تحفّز المزيد من الإنفاق في وقت تتراجع فيه قيمة الرواتب بسبب ارتفاع معدلات التضخم.

وهنا تجمع السيارات الكهربائية الصينية بين رخص الثمن والجودة العالية، بالإضافة لتميزها بِسمات ذكية مثل الاتصال بالإنترنت.

المكسب الثالث سيعود على البيئة، بسبب التحول عن سيارات البنزين والديزل.

وعلى نحو خاص، يُدرك السياسيون مدى صعوبة تحول المستهلكين إلى السيارات الكهربائية، بسبب غلاء أسعارها والهجوم على سياسات خفض الانبعاثات.

ولذلك، ستساعد السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة بتيسير التحول في قطاع المركبات، وصولًا إلى الحياد الكربوني.

هجوم أم ترحيب؟

يقول تقرير المجلة، إن التهديد الذي تفرضه السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة للصناعة الغربية "مبالغ فيه عادة"، لكن الدرس الذي كان يجب على رجال الصناعة تعلّمه من الواردات اليابانية والكورية الجنوبية الوفيرة في الثمانينيات، هو أن المنافسة تحفّز تطور الشركات المحلية.

والآن، نجحت الصين الوافدة حديثًا على السوق في التقريب بين الإنتاج والمستهلكين، ومثال على ذلك، هو أن "بي واي دي" ستفتتح مصنعًا لها في المجر، كما تبحث شركات صينية أخرى عن مواقع لمصانعها الجديدة في أميركا الشمالية.

وأيضًا، تحاول شركات مثل فورد الأميركية (Ford) وفولكسفاغن (Volkswagen) اللحاق بالركب؛ إذ أعلنت تويوتا اليابانية (Toyota) إنجازًا يتعلق ببطاريات الحالة الصلبة، ما يسمح بخفض وزن البطارية وتكلفتها، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وفيما يتعلق بالمخاوف على الأمن القومي، يؤكد التقرير أن الاعتماد الكلّي على الصين لإنتاج البطاريات سيكون محفوفًا بالمخاطر، لأن البطاريات لا تتعلق بالسيارات الكهربائية فحسب، بل في كل تقنيات الكهربة.

عمال داخل مصنع بطاريات في الصين
عمّال داخل مصنع بطاريات في الصين- الصورة من وكالة بلومبرغ

وأُشيع بأن السيارات الكهربائية الممتلئة بالرقائق وأجهزة الاستشعار وآلات التصوير قد تُستعمل لأغراض المراقبة، وبالفعل حظرت الصين سيارات تيسلا المصنوعة في مقرّات حكومية أميركية.

لكن ما دام الرؤساء والجواسيس يتنقلون في سيارات قد صنعها الغرب وحلفاؤه، فلا يوجد سبب واضح لإخافة المستهلكين من استقلال السيارات الصينية؛ إذ من الممكن البتّ في المخاوف المتعلقة بالخصوصية.

وبناءً على ذلك، تقول المجلة، إنه يتعين على صنّاع السياسات كبح جماح "الغريزة الحمائية" والقلق في حالة واحدة، هي انهيار صناعة السيارات الغربية بالكامل، وهو أمر غير محتمل الحدوث.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق