تقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

أزمة خطوط الكهرباء في أستراليا تهدد الحياد الكربوني وتدعم الفحم

أسماء السعداوي

دون إقامة خطوط الكهرباء في أستراليا، لن يتسنى لثاني أكبر مصدّر للفحم في العالم تحقيق التزاماته المناخية، وبلوغ هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ووسط اتهامات عالمية بالتقاعس المناخي، تستهدف أستراليا خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 43% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات 2005، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

كما تخطط لرفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 82% بحلول 2030، مقارنة بنحو 39% حاليًا، مع الإغلاق المبكر لمحطات توليد الكهرباء بالفحم والغاز الطبيعي.

لكن ربط تلك الإمدادات النظيفة بشبكة الكهرباء الرئيسة يواجه تحديًا؛ إذ يرفض مئات المزارعين السماح مرور خطوط الكهرباء العلوية ذات الضغط العالي عبر أراضيهم، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.

وتعتزم أستراليا بناء خطوط كهرباء بطول 10 آلاف كيلومتر أو 6 آلاف و200 ميل بحلول 2050، لربط إنتاج مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين بالشبكة.

أزمة خطوط الكهرباء في أستراليا

تهدد موجة الرفض المحلي لإقامة خطوط الكهرباء الجديدة بوصول إمدادات أقلّ من الكهرباء النظيفة المأمولة إلى الشبكة، وهو ما قد ينتهي بتفويت أهداف خفض الانبعاثات، عبر استمرار اللجوء لمحطات الفحم.

يأتي ذلك وسط جهود تبذلها أستراليا لتحسين صورتها على خلفية اتّهامها بالتقاعس المناخي، ومساعٍ لاستضافة مؤتمر المناخ في عام 2026، ولذلك سيكون تعثُّر تحول الطاقة نكسة كبيرة لكل ذلك.

ومن جانبهم، يقول ملّاك الأراضي، إن خطوط الكهرباء المبنية فوق أبراج يصل ارتفاعها إلى 80 مترًا أو 262 قدمًا، ستشوّه أراضيهم، وستعرقل الزراعة، وقد تتسبب باندلاع حرائق.

ولذلك، طالبوا بدفن تلك الخطوط تحت سطح الأرض، أو التخلّي عنها.

لكن محللين قالوا، إن فكرة دفن خطوط الكهرباء في أستراليا تحت سطح الأرض سترفع التكلفة، وستستغرق وقتًا أطول وغير ممكن من الناحية الفنية، ما قد يؤدي إلى نقص إمدادات الكهرباء، ويرفع الفواتير على المستهلكين.

وعلى جانب الحكومة، قال المتحدث باسم وزير تغير المناخ والطاقة، كريس بوين، إن الحكومة تُجري تحسينات طال انتظارها على المشاورات مع السكان بشأن خطوط نقل الكهرباء.

خطوط كهرباء
خطوط كهرباء- الصورة من "tennesseelookout"

أزمة تحول الطاقة

تؤكد الحكومة الفيدرالية في ولاية نيو ساوث ويلز زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة والبنية الأساسية لشبكة الكهرباء لتلبية الأهداف المناخية، وكسب موافقة أصحاب الأراضي.

لكن المحلل في شركة استشارات الطاقة "ريستاد إنرجي" (Rystad Energy)، ديفيد ديكسون، يقول، إنه لا جدوى من دفع إنتاج طاقة الشمس والرياح قدمًا دون إتاحة قدرات خطوط النقل.

ولفت إلى أن أستراليا بحاجة لأسرع عمليات تحول الطاقة في العالم، مبيّنًا: "لسنا على الطريق القويم".

وتقول هيئة تغير المناخ، إن تحقيق مستهدفات الحياد الكربوني لعام 2030 لا يمضي وفقًا للخطط الموضوعة من قِبل الحكومة، بحسب تقرير نشرته وكالة أرغوس ميديا (argusmedia)، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأشارت الهيئة إلى مشكلات تباطؤ وتيرة استثمارات الطاقة المتجددة، بسبب المخاوف من التأثير البيئي للبنية التحتية في المنازل والمجتمعات.

وبلغ حجم انبعاثات غاز الدفيئة في أستراليا خلال العام المالي المنصرم (2023- 2022) حتى 30 يونيو/حزيران، 467 مليون طن، ارتفاعًا بمقدار 4 ملايين طن على أساس سنوي.

ويتعين على أستراليا خفض تلك الانبعاثات بمقدار 17 مليون طن سنويًا بحلول 2050، وبالكمية ذاتها بحلول 2030، لتحقيق هدف خفض الانبعاثات بنسبة 43%.

وتتوقع الحكومة خفض الانبعاثات بنسبة 42% بحلول 2030، لكن تقريرًا صدر في سبتمبر/أيلول شكّك في تلك الراوية، ووجد أن إمدادات الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة التي تدخل الشبكة أقلّ من المعدل المطلوب للوصول إلى هدف خفض الانبعاثات بنسبة 43%.

كما يقول الباحث في شركة الاستشارات "إندغيم" (Endgame)، أوليفر نان، إن حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء سترتفع إلى 60% فقط بحلول 2030، وهي دون هدف الـ82% الذي وضعته الحكومة.

وأرجع نان السبب الرئيس لذلك إلى نقص خطوط الكهرباء في أستراليا.

وسترتفع أيضًا انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن محطات توليد الكهرباء إلى ما بين 12 و30 مليون طن في 2030، وهي أعلى من المستوى المنشود، بحسب نان.

إطالة عمر محطات الفحم

يقول المحلل في شركة استشارات الطاقة "ريستاد إنرجي"، ديفيد ديكسون، إن الفحم يشكّل 60% من توليد الكهرباء في أستراليا.

وأُطلِقت تحذيرات من أنّ تعثُّر مسيرة الطاقة المتجددة قد يعطي قبلة الحياة إلى محطات الفحم.

وبالفعل، قالت حكومة ولاية نيو ساوث ويلز في سبتمبر/أيلول (2023)، إنها تدرس استمرار تشغيل أكبر محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في أستراليا "إرارينغ "بعد موعدها المقرر في 2025 لضمان أمن الطاقة.

كما أعلنت شركة "إنرجي أستراليا" (EnergyAustralia) اعتزامها استمرار عمل محطة الفحم "ماونتن بيبر" (Mt Piper) حتى عام 2040.

وفي ولاية فيكتوريا أيضًا، قررت الحكومة استمرار عمل أكثر محطات الكهرباء تلويثًا في أستراليا "لوي يانغ إيه" حتى عام 2035.

تعليقًا على ذلك، يقول الباحث في شركة الاستشارات إندغيم أوليفر نان، إن إغلاق محطات الفحم سيسبّب شح إمدادات الكهرباء، وسيؤدي إلى ارتفاع قيمة الفواتير، لترتفع التكلفة إلى عشرات المليارات خلال السنوات القليلة المقبلة.

يوضح الرسم البياني التالي -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- وجود أستراليا ثانية بقائمة أكبر مصدّري الفحم في العالم:

أكبر مصدري الفحم في العالم

أثر بيئي مدمّر

أحد مقترحات خطوط الكهرباء في أستراليا هو "هيوم لينك" (HumeLink) عن سفوح جبال سنووي بجنوب شرق أستراليا بطول 385 كيلومترًا، وبقدرة 500 كيلوفولط.

وثمة حاجة ماسّة لإقامة الخط لتوصيل إمدادات الكهرباء المنتجة من مشروع تخزين الطاقة الكهرومائية بالصخ "سنوي 2" بالشبكة الرئيسة.

لكن أحد المواطنين -يُدعى هاري لوكاس- يمتلك مزرعة بالقرب من المشروع، يعارض إقامة خط الكهرباء الجديد، ويقول: "سأعترض طريقهم لمدة طويلة جدًا"، منددًا بالأثر البيئي المدمّر الذي سيُحدثه الخط.

ويمكن لشركات شبكة الكهرباء الحصول على أمر إلزامي بالاستحواذ على شريط عرضه 70 مترًا من الأرض لإقامة الخط، لكن لوكاس قال، إنه سيمنع وصول معدّات البناء إلى أرض مزرعته.

وتقول شركة "ترانس غريد" (Transgrid) المطورة للمشروع، إن أكثر من 55% من ملّاك الأراضي يوافقون على المشروع.

لكن يقول أحد السكان، إن نحو 160 شخصًا يرفضون الخطة، إلّا في حالة دفن خطوط الكهرباء تحت الأرض.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق