تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

صناعة الطاقة الشمسية في ألمانيا تواجه مأزقًا مصيريًا أمام القضاء

أسماء السعداوي

يُعوّل كثيرون على الطاقة الشمسية في ألمانيا والمصادر المتجددة الأخرى، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، تحقيقًا لأهداف الحياد الكربوني في أكبر اقتصاد أوروبي.

واصطدمت الأحلام الوردية للصناعة مؤخرًا بواقع الميزانية الصعب الذي يهدد بقطع يد الدعم الحكومي لشركات التصنيع المحلية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وكان من المقرر أن تقدم الحكومة الفيدرالية إعانات إلى 5 شركات محلية، بالإضافة إلى مخصصات أخرى لتشجيع المواطنين على شراء الألواح أوروبية الصنع.

لكن حكمًا قضائيًا قضى مؤخرًا بعدم دستورية تخصيص 60 مليون دولار لصالح أهداف تحول الطاقة وتغير المناخ، وهو ما وضع شركات الصناعة -المتأزمة أصلًا بسبب الواردات الصينية- في مأزق جديد.

وعلى نحو خاص، يشكّل الدعم الحكومي شريان حياة للشركات الألمانية لمواجهة طوفان الواردات الصينية، إذ أُجبرت على البيع بأسعار تقل عن تكلفة الإنتاج، ولذلك كانت الإعانات ضرورية، وفق تقرير نشرته وكالة رويترز.

وتستهدف ألمانيا رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 80%، كما وضع البرلمان "البوندستاغ" هدف تركيب ألواح شمسية بسعة 215 غيغاواط، بحلول نهاية العقد الجاري (2030)؛ وهو ما يتطلّب مضاعفة معدل التركيب السنوي 3 مرات مقارنة بعام 2022.

تحديات صناعة الطاقة الشمسية في ألمانيا

أعلنت برلين في يونيو/حزيران المنصرم (2023) خططًا لدعم الشركات لبناء وزيادة قدرات إنتاج مكونات الألواح الشمسية، بغية تقليل الاعتماد على الصين، وتعزيز النمو الاقتصادي.

وبهدف إنتاج 10 غيغاواط سنويًا من الطاقة الشمسية في ألمانيا، أطلقت وزارة الاقتصاد برنامج استكشاف المشروعات الرئيسة المحتملة، وتقدمت له أكثر من 20 شركة.

ويقول مدير الرابطة الألمانية للطاقة الشمسية (BSW)، كارستين كورنيغ، إنه كان من المقرر تخصيص 2.5 مليار يورو (2.7 مليار دولار) لصالح البرنامج، على أن تقدم الحكومة الفيدرالية نصف ذلك المبلغ عبر صندوق تحول المناخ.

(اليورو = 1.08 دولارًا أميركيًا)

لكن المحكمة الدستورية قضت في منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم (2023)، بعدم دستورية استعمال قروض غير مستغلة بقيمة نحو 60 مليار دولار لتمويل مكافحة تغير المناخ وتحول الطاقة.

تعليقًا على ذلك، يقول مصدر من داخل إحدى شركات الطاقة الشمسية في ألمانيا، التي تقدمت للحصول على الدعم الحكومي، إن "حكم المحكمة وضع جميع الالتزامات قيد الانتظار".

ومن المقرر اختيار ما يصل إلى 5 مشروعات للحصول على إعانات نفقات رأس المال، لكن نتائج ذلك الاختيار لم تصدر بعد رغم أنه كان من المتوقع صدورها في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وعن التأثير المحتمل لحكم المحكمة في خطط الدعم الحكومية لصناعة الطاقة الشمسية في ألمانيا، قال متحدث باسم وزارة الاقتصاد إن الحكومة ما زالت تدرس الحكم، ولذلك لا يمكن الإدلاء بأي تصريحات غير دقيقة.

ولا يقتصر تأثير الحكم القضائي في الدعم الحكومي المذكور، وإنما طال -أيضًا- إعانات اقترحها البرلمان لتحفيز المواطنين على تركيب أنظمة شمسية أوروبية الصنع.

يقول كورنيغ: "إنني على ثقة بأنه سيكون هناك حل، وآمل أن يكون قريبًا جدًا".

ألواح شمسية في ألمانيا
ألواح شمسية في ألمانيا - الصورة من وكالة بلومبرغ

مخاطر كبيرة

في هذا التوقيت الدقيق، إذ الواردات الصينية الرخيصة تغمر العالم، ولم تزل آثار خروج الغاز الروسي من مشهد الطاقة الأوروبي باقية، يوجّه رفع الدعم الحكومي عن صناعة الألواح الشمسية ضربة قاتلة إلى الصناعة، ليس في ألمانيا فحسب، وإنما في القارة ككل.

وحذّر عضو مجلس الإشراف في شركة "إنترفلوت" (Interfloat) لصناعة زجاج الألواح الشمسية في ألمانيا، كريستيان كيرن، من أن الشركات التي تنتظر الإعانات لن تكون موجودة في غضون 6 أشهر إذا لم تُحل الأزمة قبل ذلك الحين، وأضاف: "هذه السوق تُدمر هيكليًا".

وأكد أن المشكلة تكمن في أنه لا توجد فرصة لإنتاج الألواح والخلايا والتقنيات الشمسية في ألمانيا، جنبًا إلى جنب مع تحقيق أرباح في ظل الظروف الحالية.

وأعلنت شركة "كلين إندستري سوليوشنز هولدينغ يوروب إيه بي" السويدية (Clean Industry Solutions Holding Europe AB)، أن شركتها التابعة في ألمانيا "إندستريال سولار جي إم بي إتش" (Industrial Solar GmbH) ستتقدم بطلب لبدء إجراءات الإعسار المالي، بسبب الوضع "غير المستقر" لشركات التصنيع الناتج عن الهبوط القياسي لأسعار الوحدات الشمسية.

وتلجأ الشركات إلى إجراءات الإعسار عندما تفشل في الوفاء بالتزاماتها المالية وتسديد الديون المستحقة للدائنين.

وفي ضوء ذلك، قال المدير التنفيذي لتقنيات الطاقة النظيفة في وكالة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global)، إدورن زوكو، إنه يتعين على جميع دول أوروبا دعم المصنعين المحليين من أجل تعزيز الإنتاج المحلي.

وأضاف: "يجب أن تكونوا متأكدين بنسبة 100% من إمكان بيع المنتجات داخل المنطقة، لأنكم لن تتمكنوا من تصديرها للخارج بسبب المنافسة الدولية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق