التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

تحويل السفن بعيدًا عن قناة السويس يرفع انبعاثات النقل البحري

أسماء السعداوي

تسببت توترات البحر الأحمر وتحويل السفن بعيدًا عن قناة السويس في إطلاق ملايين الأطنان الإضافية من الكربون خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بعدما كانت سببًا -أيضًا- في ارتفاع أسعار الشحن والتأمين.

وتجنّبت السفن المرور بطريق البحر الأحمر، وهو شريان رئيس لحركة الشحن العالمية، خشية استهدافها من جماعة الحوثي اليمنية التي تستهدف السفن المتجهة إلى إسرائيل بغرض الضغط لوقف الحرب في غزة، وفق تقارير ترصدها منصة الطاقة المتخصصة.

كما لجأت بعض السفن إلى الشحن الجوي لتعويض المسافة البحرية الطويلة، واتخذ بعضها من مطار دبي طريقًا لنقل الشحنات القادمة من الشرق الأقصى إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وتتعارض تلك النتائج مع أهداف صناعة الشحن البحري الخاصة بتقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وصولًا لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

زيادة انبعاثات النقل البحري

يحمل الشحن البحري أهمية حاسمة لسلاسل التوريد؛ إذ إنه مسؤول عن 80% من حركة نقل البضائع عالميًا، كما يُطلق نحو 3% من انبعاثات غازات الدفيئة المسببة لتغير المناخ.

ومنذ منتصف ديسمبر/كانون الأول (2023)، لجأت السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح بديلًا عن قناة السويس، وهو أطول وأكثر تكلفة، وأكثر انبعاثات -أيضًا-؛ إذ اضطرت السفن لزيادة سرعتها لإنجاز مهمة النقل على الطريق من -وإلى- جنوب آسيا وشمال أوروبا.

وتسببت زيادة حرق الوقود بإطلاق 13.6 مليون طن إضافي من غاز ثاني أكسيد الكربون خلال الأشهر الأربعة الماضية فقط، وهو ما يعادل التلوث الناجم عن قرابة 9 ملايين سيارة خلال المدة ذاتها، وفق تقرير لبلومبرغ.

عملية عسكرية أميركية لتأمين الملاحة في البحر الأحمر
عملية عسكرية أميركية لتأمين الملاحة في البحر الأحمر - الصورة من وكالة بلومبرغ

ويقول المدير العام في شركة الاستشارات انفرتو (INVERTO) سوشانك أغاروال، إن الانبعاثات الإضافية الناجمة عن الأزمة ستزيد البصمة الكربونية لشركات الشحن البحري؛ وهو ما سيجعل من العسير جدًا تحقيقها أهداف الحياد الكربوني الخاصة بها.

كما لفتت محللة الأسواق في منصة تحليلات الشحن -ومقرّها أوسلو زينيتا (Xeneta)- إيميلي ستوسبول إلى أن السفن تطلق كربونًا أكثر بسبب الإبحار بسرعة أكبر في محاولة لتقليل وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

تؤكد ذلك بيانات شركة كلاركسون للاستشارات المحدودة، التي سجلت ارتفاع متوسط سرعة أكبر الحاويات العالمية فوق 16 عقدة بعد تحويل مسار السفن بعيدًا عن قناة السويس في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2023، مقارنة بسرعة دون 15 عقدة في مطلع الشهر نفسه.

ما الحل؟

اقترح المدير العام في شركة انفرتو سوشانك أغاروال طريقتين لتحقيق هدف الحياد الكربوني لسفن الشحن البحري، وهما: خفض الانبعاثات في قطاعات أخرى على طول سلاسل التوريد، أو الاستثمار في المزيد من مبادرات تعويض الكربون، لكن كلا الخيارين "باهظ التكلفة للغاية".

وتعمل المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة (IMO) من أجل فرض أول ضريبة كربون عالمية، لكن الضريبة لن تدخل حيز التنفيذ قبل عام 2027.

وتقول المحللة ستوسبول، إن أهداف المنظمة الأولية ترتكز على كثافة الكربون، وليس الانبعاثات الفعلية، ولذلك لن يكون لطول مسافة الشحن تأثير سلبي في معايير القياس الخاصة بالمنظمة.

سفن الحاويات

في تقرير منفصل، أكدت منصة زينيتا، التي تركّز على النقل البحري بالحاويات، أن توترات البحر الأحمر تسببت في إطلاق انبعاثات كربونية ضخمة.

وبلغ مؤشر انبعاثات الكربون (CEI) أعلى مستوياته في الربع الأول من 2024 منذ بدء تسجيل البيانات في عام 2018.

وهذا المؤشر ثمرة تعاون مشترك بين زينيتا و شركة مارين بنشمارك (Marine Benchmark)، ويقيس انبعاثات الكربون لكل طن من الشحنات المنقولة عبر أبرز 13 طريقًا تجارية بحرية.

انبعاثات كربونية تنطلق من إحدى السفن
انبعاثات كربونية تنطلق من إحدى السفن - الصورة من وكالة "أذر نيوز"

وقفزت انبعاثات الكربون التي أطلقتها سفن الحاويات المتجهة من أقصى الشرق في آسيا إلى منطقة البحر المتوسط بنسبة 63% خلال الربع الأول من 2024، مقارنة بالربع الأخير من العام المنصرم.

كما ارتفعت انبعاثات سفن الحاويات من أقصى الشرق إلى شمال أوروبا بنسبة 23%، بحسب تقرير نشرته منصة "أميركان جورنال أوف ترانسبورت" (ajot)، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

الشحن الجوي

تشير بيانات منصة زينيتا إلى أن توترات البحر الأحمر دفعت بعض شركات الشحن البحري لاستعمال النقل الجوي لحماية سلاسل التوريد.

وتصل شحنات من الشرق الأقصى عبر المحيط إلى موانٍ -مثل جبل علي في الإمارات- ثم تُنقل بوساطة الطائرات جوًا من مطار دبي إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

ونتيجة لذلك، ارتفع الطلب على الشحن البحري إلى أوروبا بنسبة 190% في مارس/آذار 2024، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وتشير محللة الأسواق في زينيتا ستوسبول إلى أن الشحن البحري أكثر تكلفة من البحري وأقلّ استدامة، ولذلك فذلك التحول الناجم عن توترات البحر الأحمر سيزيد انبعاثات الكربون لكل طن يُنقل.

كما لفتت إلى لجوء شركات الشحن للسكك الحديدية المارّة بروسيا لنقل البضائع من أقصى الشرق أوروبا، وهو طريق أكثر إطلاقًا للكربون من البحري.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق