رئيسيةتقارير منوعةمنوعات

مشروعات وقود الطيران المستدام بالدول العربية.. الإمارات في المقدمة (تقرير)

أسماء السعداوي

يشهد وقود الطيران المستدام اهتمامًا متزايدًا في عدد قليل من البلاد العربية؛ إدراكًا لدوره في خفض انبعاثات الكربون، وللّحاق بركب الدول التي قطعت شوطًا كبيرًا في إنتاج ذلك الوقود الأخضر.

ويُقصد بوقود الطيران المستدام (SAF) نوع الوقود المنتج من مصادر مستدامة مثل الذرة وزيت الطهي، ويمكنه خفض انبعاثات الكربون بنسبة 80% مقارنة بالوقود التقليدي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

واستعرض عدد من المتخصصين واقع وتحديات استعمال وقود الطيران المستدام على نطاق واسع في الدول العربية، وخاصة مع قرب انعقاد قمّة المناخ كوب 28 في دولة الإمارات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وعدّد خبراء، على هامش معرض دبي للطيران، أسباب تأخّر العالم العربي عن دول الغرب في مجال وقود الطيران المستدام، ومنها شح المواد الأولية اللازمة للإنتاج، وعدم طرح سياسات واضحة، واختفاء المحفزات الحكومية لخفض التكلفة التي تتضاعف مقارنة بالوقود التقليدي.

وعلى نحو خاص، كانت الإمارات الدولة العربية الوحيدة التي وضعت خارطة طريق للصناعة الوليدة، وكذلك مستهدفات إنتاج طموحة وتمويلات سخية لتعزيز البحوث، وذلك بحسب تقرير نشره موقع "أرابيان غلف بيزنس إنسايت" (AGBI).

إنتاج وقود الطيران المستدام

تقول بيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي، إن العام الماضي (2022) شهد إنتاج ما يتراوح بين 300 مليون إلى 450 مليون لتر من وقود الطيران المستدام.

ولتحقيق أهداف الحياد الكربوني لقطاع الطيران، يستلزم رفع ذلك الرقم إلى 30 مليار لتر بحلول عام 2030، و450 مليار لتر بحلول 2050.

وشكّل وقود الطيران المستدام 0.1% فقط من مزيج الوقود العالمي في العام الماضي 2022.

وتقول نائبة الرئيس التنفيذي لشؤون الاتصالات في شركة إيرباص (Airbus) لصناعة الطائرات، جولي كيتشر، إن أنواع وقود الطيران المستدام أو منخفضة الكربون هي أكثر الطرق فاعلية لخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في صناعة الطيران حاليًا.

وأكدت أن الوقود المستدام حاسم لقطاع الطيران؛ لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، كما أنه بحاجة "لدعم من الصناعة بأكملها".

لكن عربيًا، مازال منتجو ذلك الوقود المستدام في منطقة الشرق الأوسط بمرحلة مبكرة من التطور، كما أن معظم مصانع الإنتاج العالمية المقترحة يتركز في أميركا الشمالية أو أوروبا، بحسب مدير شركة شل أفييشن (Shell Aviation ) في منطقة آسيا الباسيفيك والشرق الأوسط، دوريس تان.

تزويد طائرة إماراتية بوقود الطيران المستدام
تزويد طائرة إماراتية بوقود الطيران المستدام - الصورة من "agbi"

تحديات وتوصيات

قال خبراء من داخل الصناعة على هامش معرض دبي للطيران الذي اختُتمت فعالياته قبل أيام، إن شركات الطيران في الشرق الأوسط بحاجة لتوضيح المهام الموكلة إليها، والحصول على حوافز مماثلة للّتي تحصل عليها نظيرتها في الولايات المتحدة وأوروبا؛ من أجل تسريع استعمال وقود الطيران المستدام.

من جانبه، يوضح الرئيس التنفيذي الشركة العربية لتجارة المواد البترولية (أبسكو)، الدكتور عزام قاري، أن أحد أهم التحديات هو حالة عدم اليقين في ظل انعدام الرؤى والإجراءات الواضحة، وإضافة إلى تقديم المحفزات لشركات الطيران، مؤكدًا أن الصناعة بحاجة حقًا لمخطط رئيس.

يتفق مع الدكتور عزام قاري الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة هني ويل (Honeywell) المتخصصة في تقنيات الطيران والفضاء، في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا ووسط آسيا، محمد محيسن، الذي طالب بتقديم حوافز لشركات الطيران في المنطقة؛ لتشجيعها على اعتماد أنواع الوقود الجديدة، والتي تفوق تكلفتها 3 إلى 8 أضعاف الكيروسين التقليدي.

وأضاف: "اليوم في أوروبا لا تُقلع طائرة دون مزج وقودها بوقود الطيران المستدام، وهنا لا توجد سياسة؛ لذا لا تُجبَر على استعماله".

وأشار إلى أن شركة هني ويل تُجري محادثات مع شركات النفط الوطنية والحكومات في السعودية والإمارات ومصر لإنتاج وقود الطيران المستدام عربيًا، إلّا أن نقص المواد الخام، والتحديات المرتبطة بالسياسات تشكّل تحديًا.

وبموجب تشريعات أقرّها الاتحاد الأوروبي، يجب أن تشكّل أنواع الوقود المستدامة ما يصل إلى 2% من النسبة الإجمالية بحلول عام 2025، لترتفع النسبة إلى 70% بحلول 2050.

كما توجد محفزات لشركات الطيران لاستعمال وقود الطيران المستدام في أوروبا والولايات المتحدة.

واستثمرت شركة ويز إير (Wizz Air) 5 ملايين يورو (6.3 مليون دولار) لإنشاء شركة فايرفلاي (Firefly) البريطانية لإنتاج الوقود الحيوي، كما أن شركة الطيران الأوروبية عضو في تحالف شركات يقدّم تمويلات بقيمة 50 مليون دولار لشركة كلين جول (CleanJoule) لإنتاج الوقود الحيوي، ومقرّها أميركا.

وتقول رئيسة شؤون البيئة والمجتمع وحوكمة الشركات في "ويز إير" إيفون موينيهان: "إنه نهج إستراتيجي أن نضمن الإمدادات لأنفسنا في المستقبل ونتحكم بالتكلفة".

جهود إماراتية

على نحو خاص، حققت الإمارات نتائج مبشّرة في استعمال وقود الطيران المستدام، ففي صباح يوم الأربعاء الموافق 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 2023، كان وقود الطيران المستدام يشغّل أحد 4 محركات للطائرة الإماراتية إيه 380 التي انطلقت من مطار أبوظبي الدولي، وذلك لأول مرة.

وقبل ذلك بـ3 أيام، أكملت الطائرة جي 600 التابعة لشركة غلف ستريم (Gulfstream) أول رحلة عابرة للمحيط الأطلنطي، وكان وقود الطيران المستدام يسيّرها بنسبة 100%، واستغرقت الرحلة 7 ساعات، وانطلقت من مدينة سافانا في جورجيا، وهبطت في جنوب شرق إنجلترا.

كما وضعت الإمارات خارطة طريق لتعزيز استعمال الوقود النظيف، وتستهدف إنتاج 700 مليون لتر سنويًا بحلول 2030، وخصصت 200 مليون دولار للمشروعات البحثية المرتبطة بالإنتاج.

وخلال فعاليات مؤتمر منظمة الطيران المدني الدولي الـ3 بشأن الطيران والوقود البديل، في دبي، أطلقت الإمارات تحالف إير كرافت (Air-Craft) أو "مركز الإمارات العربية المتحدة لتقنيات وقود الطيران المتجددة والمتقدمة"، وهو أول تحالف بحثي لتطوير وقود الطيران المستدام.

وتعليقًا على ذلك، قال وزير الطاقة والبنية التحتية، سهيل بن محمد المزروعي: "في سبيل تحقيق التزام دولة الإمارات بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي، لا بد من خفض الانبعاثات في جميع المجالات، وبشكل خاص في قطاع الطيران".

بدوره، قال وزير الاقتصاد ورئيس الهيئة العامة للطيران المدني، عبدالله بن طوق المري، إن إطلاق "إير كرافت" يترجم التزام الدولة بتسريع اعتماد وقود الطيران المستدام، عبر التعاون بين الأطراف المعنية الحكومية والقطاع الخاص والأكاديمي، لتعزيز التعاون وإحراز تقدّم ملموس، بما يتوافق مع رؤية الإمارات للتحول إلى نموذج اقتصادي أكثر مرونة واستدامة.

جانب من إطلاق مبادرة إير كرافت
جانب من إطلاق مبادرة إير كرافت - الصورة من "وام"

وحاليًا تستورد الإمارات جميع احتياجاتها من وقود الطيران المستدام، ومؤخرًا زوّدتها شركة شل "Shell" العالمية متعددة الجنسيات بـ315 غالونًا من وقود الطائرات المستدام لاستعمال في إمارة دبي.

وفي أكتوبر/تشرين الأول المنصرم (2023)، حصلت مصفاة الرويس التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) على الشهادة الدولية للاستدامة والكربون لإنتاج وقود الطيران المستدام.

وبذلك، تصبح أدنوك أول شركة في الشرق الأوسط تحصل على تلك الشهادة المرموقة، وأصبح بإمكانها تزويد شركات الطيران الدولية في مطار أبوظبي الدولي بوقود الطيران المستدام المنتج باستعمال زيوت الطهي المستعملة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق