التقاريرتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةنفطوحدة أبحاث الطاقة

اكتشافات النفط في ناميبيا.. هل تجعلها ضمن أكبر المنتجين من المياه العميقة؟

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • اكتشاف النفط في ناميبيا سبيعينيات القرن الماضي على يد شيفرون
  • شل وتوتال إنرجي تتوصلان لاكتشافات ضخمة في ناميبيا
  • شركة بريطانية تقدر احتياطيات حقل فينوس بـ6 مليارات برميل
  • نظام الضرائب في ناميبيا محفز للشركات الدولية المخاطرة في المياه العميقة
  • توقعات بقدرة ناميبيا على إنتاج 500 ألف برميل يوميًا خلال 10 سنوات

أثارت اكتشافات النفط في ناميبيا خلال السنوات الأخيرة ضجة كبيرة داخل أوساط الصناعة الأفريقية والعالمية، وسط توقعات بالعثور على احتياطيات هائلة تجعل البلاد منطقة أساسية للعديد من شركات النفط العالمية الكبرى.

في هذا السياق، رجح تقرير تحليلي حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن تصبح ناميبيا من أكبر المنتجين الرئيسين للنفط في المياه العميقة عالميًا خلال السنوات المقبلة، بفضل أحجام الاكتشافات الضخمة المعلنة في الآونة الأخيرة.

وتشهد اكتشافات النفط في ناميبيا ضجة كبيرة بالنظر إلى الحجم والجودة المتوقعة لاحتياطيات هذه الاكتشافات، التي قد تمنح الدولة الأفريقية قدرة ضخمة على توليد تدفقات نقدية هائلة.

وتوقع التقرير، الصادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي، أن يصبح حوض أورانج في ناميبيا أهم منطقة للتنقيب عن النفط والغاز عالميًا خلال السنوات المقبلة.

ولهذا السبب، اهتمت شركة أبحاث وود ماكنزي بتحليل اكتشافات النفط في ناميبيا بصورة شاملة، بداية من تحليل مسرح عمليات الاستكشاف والتنقيب وتقييم الأحجام المتوقعة، وصولًا إلى استشراف الآثار المترتبة على هذه الاكتشافات خاصة في قطاع المياه العميقة عالميًا.

تاريخ اكتشافات النفط في ناميبيا

يعود تاريخ اكتشافات النفط في ناميبيا إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما اكتشفت شركة شيفرون الأميركية حقل غاز كودو "Kudu" في المياه الضحلة قبالة الساحل الجنوبي للبلاد.

ولم تتمكن ناميبيا، الحاصلة على الاستقلال من جنوب أفريقيا عام 1990، من تطوير هذا الحقل أو أي موارد نفطية أو غازية طوال هذه العقود، كما لم تهتم شركات النفط العالمية باستكشاف هذه الموارد.

وأسهم نجاح اكتشافات المياه العميقة في عدة مناطق بالعالم مثل البرازيل في تحفيز شركات النفط العالمية على الاهتمام بمنطقة هامش المحيط الأطلسي، الذي تقع ناميبيا ضمنه.

كما أدت مغامرات الشركات في استكشاف المياه العميقة وما بعد العميقة إلى تحسُّن القدرات والتكنولوجيا، ما جعل موارد ناميبيا أكثر جدوى وجذبًا لاستكشافها من قبل الشركات الدولية.

أكبر اكتشافات دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى

أحدثت اكتشافات النفط في ناميبيا خلال فبراير/شباط 2022 على يد شركتي شل وتوتال إنرجي في المربعين البحريين فينوس "Venus"، وغراف "Graff"، ضجة كبيرة في عالم اكتشافات المياه العميقة لدى أفريقيا والعالم.

وتتوقع وود ماكنزي أن يصبح اكتشاف فينوس "Venus" الأكبر على الإطلاق في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وقد يدخل في قائمة أكبر 10 اكتشافات عالمية منذ مطلع القرن الـ21.

وقدّرت توتال إنرجي احتياطيات هذا الحقل بنحو 3 مليارات برميل، إلا أن شركة باركليز البريطانية المختصة بشؤون الاستثمار والخدمات المالية رجحت احتمال وصول هذه الاحتياطيات إلى 6 مليارات برميل، بحسب تقرير رصدته وحدة أبحاث الطاقة في يونيو/حزيران 2023.

الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي
الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي باتريك بويانيه - الصورة من بلومبرغ

وبوجه عام، تمتلك ناميبيا 230 ألف كيلومتر مربع من المساحات المرخصة للاستكشاف والتنقيب، ما يزيد على ضعف المساحة المماثلة في النرويج التي تقل عن 100 ألف كيلومتر مربع، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث وود ماكنزي.

وما تزال أغلب هذه المناطق الشاسعة في ناميبيا غير مستكشفة إلى حد كبير، إذ لا يزيد عدد الآبار المستكشفة في المياه العميقة بالدولة على 20 بئرًا، مقارنة بآلاف الآبار البحرية في بحر الشمال أو خليج المكسيك، على سبيل المثال.

ويشير عدد الآبار القليل إلى أن فرص الاستكشاف وتحديث الموارد والعثور على احتياطيات أكبر ما زالت عالية جدًا، ما قد يجعل ناميبيا محط أنظار شركات النفط الكبرى في المستقبل.

وتشير نتائج اكتشافات النفط في ناميبيا منذ العام الماضي إلى أنها تسير في الاتجاه نفسه، الذي تسلكه أبرز النقاط الساخنة في المياه العميقة الحدودية عالميًا، مثل غايانا وسورينام والسنغال، بحسب وود ماكنزي.

تحديات اكتشافات المياه العميقة

ما يزال استكشاف حوض فينوس الأكبر في ناميبيا في مراحل مبكرة، ما يعني وجود مساحة مجهولة من المعرفة تختص بطبيعة الآبار تحت سطح المياه العميقة.

ولا يتوقع وضوح الرؤية قبل حفر مزيد من الآبار، لتحديد خصائص السوائل ومعدلات تدفق البئر، ومعدلات الاسترداد المتوقعة لكل واحدة، بحسب محلل وود ماكنزي إيان توم المتخصص في تحليل أسواق الاستكشاف والإنتاج.

وتصل أعماق اكتشافات النفط في ناميبيا إلى 2000 متر، كما تصل أعماق الخزانات إلى 6 آلاف متر، ما سيصعب من عمليات استغلالها، ويجعل الصناعة في حالة تأهب لاستعمال أقصى قدرات ممكنة للتغلب على تحديات تيارات المياه في الأعماق السحيقة ودرجات الحرارة المنخفضة.

وتشير هذه المعطيات إلى أن وضع معدات الاستكشاف والتنقيب تحت سطح البحر سيكون معقدًا للغاية، كما ستصبح صيانة هذه المعدات والحفاظ على ضغطها وضمان تدفق الموارد أمرًا بالغ الصعوبة، ويمثّل تحديات كبيرة أمام الشركات.

ويستلزم ذلك حلول مبتكرة من قبل الشركات ومعدات عالية المواصفات، ستنعكس بالطبع على ارتفاع تكاليف تطوير اكتشافات النفط في ناميبيا، بحسب تقديرات محلل وود ماكنزي.

منصات اكتشافات النفط في ناميبيا
منصات تنقيب عن النفط والغاز في المياه العميقة - الصورة من energy people

وما يزال هناك كثير من عدم اليقين حول كيفية تطوير الحقول على مستوى مفهوم التصميم والتوقيت والمراحل ومستويات الإنتاج وكيفية التعامل مع الغاز أو إسالته، ما يمثّل مصدر قلق للشركات في أثناء إعدادها دراسات الجدوى الخاصة بهذه المشروعات.

وتشير نماذج تحليل اقتصادات المشروعات في وود ماكنزي، إلى أن اكتشافات النفط في ناميبيا يمكنها أن تكون ذات جدوى اقتصادية عالية جدًا عند سعر 60 دولارًا للبرميل، كما يمكنها أن تظل في حالة إيجابية حتى إذا انخفضت أسعار النفط إلى 40 دولارًا للبرميل.

تحليل النظام الضريبي في ناميبيا

تبلغ مساحة ناميبيا 842 ألف كيلومتر مربع، ما يعادل ضعف مساحة ألمانيا، لكن عدد سكانها لا يتجاوز 2.5 مليون نسمة، كما تُصنف على أنها اقتصاد سوق متوسط الدخل، إذ يعد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فيها من بين أفضل 10 دول في أفريقيا.

وتتمتع ناميبيا بخبرات متراكمة في استخراج بعض المعادن النفيسة والحيوية مثل الألماس واليورانيوم، ما يعني أن النفط والغاز لن يكونا أول تجربة للبلاد في الصناعات الاستخراجية.

علاوة على ذلك، فإن الشروط الضريبية في البلاد مشجعة ومتقدمة للغاية، إذ تطبق ناميبيا نظامًا مختلفًا للضرائب والإتاوات، مع معدل ضريبية دخل عالية على النفط بنسبة 35%، ومعدل إتاوة منخفض يبلغ 5%.

كما تحصل شركة النفط الحكومية نامكور "Namcor" على حصة 10% من جميع المشروعات، إلى جانب وجود ضريبة على الأرباح الزائدة، بحسب تفاصيل النظام المالي والضريبي، التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

ويشير تحليل وود ماكنزي إلى أن شروط ناميبيا المالية والضريبية جيدة، وتعكس عوائد مرتفعة للشركات المخاطرة في المياه العميقة، مقارنة بالشروط المطبقة في مناطق مماثلة، ما يجعلها الأفضل على مستوى دول غرب أفريقيا.

ورغم وجود ضريبة على الأرباح الفائضة، ما قد يزعج الشركات للوهلة الأولى، فإن وود ماكنزي تعتقد أن هذه الضريبة يمكنها أن توفر الأمان والطمأنينة للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار المالي الدائم.

وترجح وود ماكنزي أن تستفيد الدولة ذات الـ2.5 مليون نسمة فقط من ارتفاع أسعار النفط وعائدات المشروعات المرتفعة، ما قد يقلل الحافز لديها لفرض ضرائب غير متوقعة على الشركات، إذ توفر ضريبة الأرباح الزائدة مكاسب نقدية غير متوقعة للدولة.

وتُعد ضريبة الأرباح الزائدة أحد أنواع الضرائب التي تفرضها الحكومات على أرباح الشركات عند تجاوزها نسبة معينة متفقًا عليها في العقود والاتفاقيات، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

توقعات اكتشافات النفط في ناميبيا

يمكن لإنتاج النفط في ناميبيا أن يتجاوز 500 ألف برميل يوميًا في غضون عقد من الزمن، ثم يستمر في النمو بعد ذلك، إذا كانت اختبارات التقييم ومعدلات تدفق الآبار في مستويات جيدة، بحسب تقديرات وود ماكنزي.

وتمثّل أحجام اكتشافات النفط في ناميبيا وتقديراتها المحتملة فرصة لجذب استثمارات غير مسبوقة للبلاد، قد تصل إلى 4 مليارات دولار سنويًا في النصف الأول من العقد المقبل.

ورغم ذلك، ستظل إسالة الغاز أكثر تعقيدًا، لأسباب متصلة بموقع المياه العميقة، وتضاريس قاع البحر، والظروف البحرية، وجودة الغاز ومحدودية السوق المحلية بالنظر إلى حجم السكان الخفيف، إلى جانب ضعف البنية التحتية.

وفي هذا الحالة، يمكن لخيار إعادة الحقن أن يكون أفضل وسيلة متاحة أمام الشركات والدولة للاستفادة من عائدات النفط المرتفعة، بحسب تقديرات وود ماكنزي.

وتتوقع وود ماكنزي أن يلجأ المشغلون إلى أسلوب التطوير متعدد المراحل لاستغلال اكتشافات النفط في ناميبيا والتغلب على تحديات المياه العميقة.

وتعتمد هذه الطريقة في البداية على تركيب وحدات الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة (FPSO)، ثم حفر أكثر من 100 بئر تحت سطح البحر تضم الحقول المنتجة، وأخرى يمكن حفرها داخل الحقول، لإعادة حقن الكميات المنتجة على سبيل التخزين، عبر معدات متخصصة في حقن المياه والغاز.

وتتوقع وود ماكنزي، أن تصبح ناميبيا منطقة أساسية ناشئة للشركات الكبرى، بدعم الاكتشافات الحالية والقدرات المحتملة، ما قد يجعلها في نظر كبار المشغلين جوهرة التاج في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على الأقل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق