أخبار التغير المناخيالتغير المناخيرئيسية

إلغاء رخصة مشروع ضخم لتعويضات الكربون.. واتهامات بانعدام القيمة

أسماء السعداوي

يواجه أحد أكبر مشروعات سوق تعويضات الكربون العالمية عقبة جديدة قد تعرقل مسيرته الممتدة منذ عام 2013، بهدف خفض الانبعاثات ومكافحة تغير المناخ.

وبتهمة انتهاك القوانين المحلية، قررت الحكومة الإندونيسية إلغاء ترخيص مشروع شركة ريمبا رابا كوسرفيشن (Rimba Raya Conservation) بمساحة 36 ألف هكتار أو 88 ألفًا و958 فدانًا في جزيرة بورنيو جنوبي البلاد، وهي ثالث أكبر جزر العالم والأكبر في قارة آسيا.

ووفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة، أصدر المشروع تعويضات كربون بقيمة 33.6 مليون دولار أميركي على مدار 11 عامًا.

وتُعدّ تعويضات الكربون مكونًا رئيسًا في مكافحة تغير المناخ؛ إذ تسمح لمطلقي الانبعاثات بالتعويض عن انبعاثاتهم عبر شراء أرصدة الكربون، لكن تلك المساعي طالتها اتهامات بانعدام الجدوى والمبالغة في تأثيرها المناخي.

مشروع ريمبا رايا لتعويضات الكربون

في معرض تبريرها لسبب إلغاء ترخيص مشروع تعويضات الكربون، قالت الحكومة، إن "ريمبا رايا كونسرفيشن" نقلت ترخيص الشركة إلى جهة ثانية دون الحصول على موافقة وزارة البيئة والغابات الإندونيسية،.

موقع مشروع ريمبا رابا
موقع مشروع ريمبا رابا- الصورة من "كاربون ستريمينغ"

كما عملت الشركة خارج المنطقة المرخصة لها، فضلًا عن عدم تسديدها للمدفوعات المستحقة للدولة.

ونظرًا لحجمه الضخم، سيكون لإلغاء ترخيص المشروع عواقب على تبادلات الكربون والتجار والشركات التي اشترت تعويضات الكربون من ريمبا رايا لتعويض انبعاثاتها.

كما يحمل الإجراء آثارًا في شركاء المشروع الضخم، ومنهم شركة "إنفينيت إيرث" ومقرها هونغ كونغ (InfiniteEARTH) التي أبرمت اتفاقية مع ريمبا رايا تقوم بموجبها الأخيرة ببيع تعويضات الكربون وتسويق المشروع وكأنه مشروع خاص بها.

وبحسب الشركة، سُجِّل الإجراء واعتُمد بموجب سجل ومعايير الكربون الجديدة في إندونيسيا.

لكن شركة كربون ستريمينغ كوربوريشن -ومقرّها كندا- (Carbon Streaming Corporation) وافقت في 2021 على شراء تعويضات كربون توفرها ريمبا رايا بقيمة 50 مليون دولار من إنفينيت إيرث على مدار الأعوام الـ20 المقبلة.

وما زالت الشركة الكندية تتنظر مزيدًا من التوضيحات من إنفينيت إيرث وحكومة إندونيسيا، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

وأبلغت إنفينيت إيرث الشركة الكندية بأنها تنوي الطعن على قرار الحكومة بإلغاء رخصة المشروع.

سوق تعويضات الكربون العالمية

تقوم فكرة تعويضات الكربون على إصدار تصاريح تسمح للشركات أو المؤسسات الصناعية بإصدار كمية محددة من انبعاثات الكربون مقابل التعويض عن كل طن تتسبب فيه، عبر الإسهام في مشروع منخفض الكربون في البلد نفسه، أو آخر، أو دفع مقابل مالي يوازي سعر طن الكربون يعاد توجيهه إلى مشروعات الطاقة المتجددة.

وعادةً ما تنحصر التعويضات في مشروعات حماية الغابات وإعادة التشجير، وتجنّب أو تقليل الانبعاثات من مكبات النفايات، وصولًا إلى الإزالة من الغلاف الجوي من خلال مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه.

ومن المتوقع أن ترتفع أسعار التعويضات خلال العقود القليلة المقبلة، لتخلق سوقًا تُقدَّر قيمتها بأكثر من تريليون دولار بحلول عام 2050، وفق منصة "بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس" (BloombergNEF).

ويوضح الرسم البياني أدناه -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أسعار تعويضات الكربون المتوقعة بحلول 2050:

أسعار تعويضات الكربون

وكان تحليل سابق، أجرته منصة "كربون بريف" (Carbon Brief)، قد كشف أن ثلثي شركات النفط والسيارات والتقنية الكبرى تستعمل تعويضات الكربون للمساعدة في تحقيق أهدافها.

وبناءً على التحليل، لجأت 34 شركة إلى تعويض إطلاقها 38 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون خلال المدة بين عامي 2020 و2022، وهو ما يعادل الانبعاثات السنوية لكل من إثيوبيا وكينيا مجتمعتين.

وكانت أكبر الشركات المستثمرة شركة النفط متعددة الجنسيات شل (shell) وفولكسفاغن الألمانية (Volkswagen) وشيفرون الأميركية (Chevron).

مبالغة وانعدام الجدوى

تعرضت سوق الكربون الطوعية في السنوات الأخيرة لضغوط بسبب مساعي التحول الأخضر "المبالغ فيها" بحسب التقرير.

وفي عام 2023، استقال الرئيس التنفيذي لأكبر جهة تحقق من تعويضات الكربون، بعد أشهر من اتهامات طالت شركة فيرا، ومقرّها واشنطن، (Verra)، بالمبالغة في التأثير المناخي للمنتجات التي تبيعها.

وشككت تقارير في أن أكثر من 90% من تعويضات الكربون التي باعتها فيرا، وقيمتها عشرات الملايين، هي غير ذات قيمة، ولا تمثّل خفضًا حقيقًا للانبعاثات غازات الدفيئة.

وأيضًا، كشف تحقيق صدر في نهاية مايو/أيار (2023) أن 93% من تعويضات الكربون التي تستعملها عملاقة النفط والغاز الأميركية شيفرون (Chevron) "تبدو غير ذات قيمة"، وينبغي عَدُّها "أمرًا غير مرغوب فيه" إلى أن يثبت العكس.

كما أعلنت شركة شل تخلّيها عن أكبر خطة مؤسسية عالمية لتطوير تعويضات الكربون بقيمة نحو 100 مليون دولار سنويًا.

جاء ذلك بعدما فشلت شل في خطة استمرت عامين، وكلّفتها 95 مليون دولار في بناء أو الاستثمار في مجموعة من مشروعات الكربون بغرب أفريقيا وغابات الأمازون في البرازيل وفي أستراليا.

وأظهر تحقيق مشترك لصحيفة الغارديان البريطانية ومنظمة "كوربوريت أكونتابيليتي" غير الربحية (Corporate Accountability) أن الأغلبية العظمى من المشروعات البيئية داخل سوق الكربون الطوعية تعاني من "إخفاقات جوهرية"، ولا يمكن الاعتماد عليها لمكافحة تغير المناخ.

وبحسب التقرير، تبالغ تلك المشروعات في المكاسب المناخية، وتقلل من قدر الأضرار المحتملة لمشروعاتها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق