التغير المناخيالمقالاترئيسيةمقالات التغير المناخي

السعودية تؤدي دورًا رياديًا في الحوار العالمي لاحتجاز الكربون (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • التركيز الإستراتيجي على احتجاز الكربون في صميم تحول الطاقة والمبادرات المناخية للمملكة
  • • المملكة العربية السعودية حققت تقدمًا كبيرًا في مجال احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه
  • • السعودية تهدف إلى احتجاز 44 مليون طن من الكربون سنويًا بحلول عام 2035
  • • المملكة العربية السعودية أظهرت التزامًا قويًا بالتخفيف من آثار تغير المناخ

أدت المملكة العربية السعودية دورًا رياديًا في الحوار العالمي بشأن احتجاز الكربون، مؤكدة أهميته في سعي البلاد الطموح لتحقيق أهداف سياسة الحياد الكربوني وتحول الطاقة على نطاق واسع.

وإدراكًا للحاجة الملحّة لتقليل انبعاثات الكربون والوفاء بتعهدات المناخ العالمية، فإن التزام المملكة بتحقيق الحياد الكربوني يؤكد الدور الحيوي الذي تؤديه تقنية احتجاز وتخزين الكربون في تخفيف الأثر البيئي لقطاع الطاقة.

ويكمن التركيز الإستراتيجي على احتجاز الكربون في صميم تحول الطاقة والمبادرات المناخية في المملكة العربية السعودية.

واعترافًا بالحاجة الماسّة للحدّ من انبعاثات الكربون، لا سيما في ضوء اعتماد البلاد تاريخيًا على الوقود الأحفوري، وخصوصًا النفط، فإن عزم السعودية الثابت على توسيع نطاق استعمال تقنية احتجاز الكربون يتماشى مع رؤيتها لتحقيق الحياد الكربوني.

ويتجلى ذلك في مبادرات تشمل بناء منشأة لاحتجاز الكربون في مدينة الجبيل والهدف الطموح المتمثل في احتجاز 44 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2035، إذ تهدف البلاد إلى إحداث ثورة في قطاع الطاقة لديها، وتأسيس ريادة عالمية في الحلول المستدامة.

في المقابل، يعالج إدماج تقنية احتجاز الكربون المخاوف البيئية، ويضع المملكة في عِداد البلدان الرائدة بتطوير التقنيات المهمة لمستقبل منخفض الكربون ومستدام.

احتجاز الكربون في السعودية

التزامًا بتعهدها بتقليل انبعاثات غازات الدفيئة وتحقيق أهداف الحياد الكربوني، أحرزت السعودية تقدمًا كبيرًا في مجال احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه.

ومن خلال إظهار التزامها الثابت، حددت البلاد أهدافًا طموحة، بما في ذلك احتجاز 44 مليون طن من الكربون سنويًا بحلول عام 2035.

وقد التزمت كل من السعودية والإمارات بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060 و2050، على التوالي.

إن الخصائص الجيولوجية المميزة للمنطقة فيما يتعلق بتخزين ثاني أكسيد الكربون، إلى جانب وجود شركات النفط الوطنية المجهزة تجهيزًا جيدًا، تخلق بيئة مواتية للتوسع السريع في احتجاز وتخزين الكربون.

من ناحيتها، تتولى أرامكو، الشركة الرائدة عالميًا في مجال الطاقة والمواد الكيماوية، دورًا مركزيًا في دفع التكنولوجيا وتعزيز التعاون لمواجهة التحديات العالمية المرتبطة بانبعاثات غازات الدفيئة.

أرامكو السعودية

وتعمل الشركة عن كثب على استكشاف مسارات مبتكرة لتحويل نفايات ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات صناعية وتجارية قابلة للتسويق.

وتؤكد المبادرات التعاونية، التي تجسّدها مذكرة التفاهم بين شركة آكر كاربون كابتشر النرويجية وشركة أرامكو السعودية، الالتزام المشترك بتنفيذ احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه، بمشاركة الوحدات الصناعية في المملكة العربية السعودية.

إضافة إلى ذلك، قامت شركة "سابك" -وهي شركة بارزة في صناعة الكيماويات بالمملكة- بإنشاء مصنع واسع النطاق لاحتجاز الكربون واستعماله بقدرة استيعابية تبلغ 500 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

ويُعدّ هذا تجسيدًا ملموسًا للموقف الاستباقي للحكومة السعودية في تحويل الانبعاثات إلى موارد قيمة.

وأظهرت المملكة التزامًا قويًا بالتخفيف من آثار تغير المناخ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة من خلال تطويرها الجادّ لمشروعات احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه، فضلًا عن التعاون القوي بين الجهات الفاعلة في الصناعة والحكومة.

وأحرزت المملكة تقدمًا ملموسًا بمساعيها في مجال احتجاز الكربون، بهدف إنشاء مركز لاحتجاز الكربون في الجبيل يتمتع بالقدرة على تخزين ما يصل إلى 9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2027.

وقد حددت السعودية هدفًا طموحًا لاحتجاز الكربون، بهدف الوصول إلى 44 مليون طن سنويًا بحلول عام 2035.

بالتعاون مع شركة آكر كاربون كابتشر -وهي شركة بارزة في مجال الطاقة والمواد الكيميائية- تستكشف أرامكو الشراكات المحتملة لنشر تقنية احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه بالتعاون مع الوحدات الصناعية في المملكة.

وتؤكد هذه المبادرات التزام المملكة الثابت باحتجاز الكربون واستعماله وتخزينه بصفة مكونات أساسية لمبادراتها الأوسع للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة وتحقيق أهداف الحياد الكربوني.

وتمثّل الإستراتيجيات الرائدة للبلاد والتعاون مع أصحاب المصلحة في الصناعة مثالًا على الالتزام الأكيد بمكافحة تغير المناخ والتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة.

مدينة الجبيل الصناعية في السعودية
مدينة الجبيل الصناعية في السعودية – الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية

التحديات والفرص

تطرح خطة احتجاز الكربون في المملكة العربية السعودية تحديات وفرصًا على حدٍ سواء، إذ تهدف البلاد إلى أن تصبح رائدة في هذا القطاع.

التحديات:

ضغوط التحول: يشكّل التحول السريع إلى مصادر الطاقة الخضراء وإبقاء الأصول النفطية تحت الأرض تحديًا كبيرًا لصناعة الطاقة.

تحسين التكنولوجيا: على الرغم من التقدم، هناك مجال للتحسين في تكنولوجيات احتجاز الكربون واستعمال الكربون المحتجز.

الفجوات المالية: قد يواجه نشر تقنيات احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه فجوات مالية، ما يتطلب استثمارات إستراتيجية وموارد تمويلية.

الفرص:

إمكانات الريادة: تتمتع المملكة العربية السعودية بالقدرة على الظهور بصفتها دولة رائدة عالميًا في قطاع احتجاز الكربون، وتقديم خدمات خارج المنطقة.

التعاون والابتكار: يمكن أن يؤدي الجمع بين الابتكار الهندسي والتحول الرقمي والاستفادة من موارد التمويل إلى تسريع مبادرات احتجاز الكربون.

النمو الاقتصادي: توفر تقنيات احتجاز الكربون فرصًا للنمو الاقتصادي، مع خلق فرص العمل، ودعم رحلة البلاد نحو الحياد الكربوني.

على الرغم من أن التحديات تشمل الضغوط من أجل التحول إلى الطاقة الخضراء والحاجة إلى تحسين التكنولوجيا، فإن المملكة العربية السعودية لديها القدرة على الريادة في قطاع احتجاز الكربون، والاستفادة من الفرص الاقتصادية والبيئية.

ويعكس التزام البلاد بتحقيق أهداف احتجاز الكربون، والتعاون مع الجهات الفاعلة في الصناعة، تصميمًا قويًا على معالجة تغير المناخ والحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة.

وتشمل التحديات التحول الحتمي من الاعتماد على النفط والغاز، والعقبات التقنية والمالية المعقّدة في استيعاب احتجاز الكربون، والحاجة إلى تعاون دولي واسع النطاق.

وفي ظل هذه التحديات، تكمن الفرص المتاحة للسعودية لتنويع محفظة الطاقة لديها، وإظهار التزامها الراسخ بالاستدامة، وتعزيز مكانتها بصفتها بلدًا رائدًا في تكنولوجيا احتجاز الكربون.

من ناحية ثانية، تعزز وفرة التكوينات الجيولوجية المناسبة لتخزين الكربون، وخبرتها في قطاع الطاقة، قدرتها على الريادة، وسوف تثمر هذه الجهود في تطوير الطاقة النظيفة، سواء داخل البلاد أو على المستوى العالمي.

موقف السعودية الريادي

يؤكد موقف المملكة العربية السعودية الريادي في مواجهة التحديات، وزيادة الفرص في احتجاز الكربون، التزام البلاد بصياغة مستقبل الطاقة المستدامة على المستويين المحلي والعالمي.

احتجاز الكربون

وفي سياق سعي البلاد إلى التغلب على العقبات المتعلقة بالانتقال من الاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري إلى التكنولوجيات الأنظف، فإن استثماراتها الإستراتيجية وشراكاتها العالمية تجعلها بلدًا مؤثِّرًا بارزًا في السعي لتحقيق مستقبل محايد كربونيًا.

ويتيح التغلب على هذه التعقيدات للمملكة إعادة تشكيل مشهد الطاقة لديها، وتقديم إسهامات كبيرة في المساعي العالمية الجماعية، التي تهدف إلى التخفيف من تغير المناخ وتعزيز الممارسات المسؤولة بيئيًا.

وفي سياق أوسع، فإن نتائج مبادرات السعودية في مجال احتجاز الكربون لها آثار عميقة في مسار تطوير الطاقة النظيفة على مستوى العالم.

ويمهد تصميم البلاد على تجاوز التحديات واغتنام الفرص لوضعها في طليعة الابتكار بمجال الطاقة المستدامة.

ومن خلال الاستفادة من مزاياها الجيولوجية الفريدة وخبرتها في قطاع الطاقة، تبرز المملكة بصفتها مساهمًا بارزًا في الرؤية المشتركة لتحقيق مستقبل أكثر استدامة ومحايد كربونيًا.

تجدر الإشارة إلى أنّ تأثير قرارات السعودية يتردد صداه عالميًا، ما يعزز دورها بصفتها لاعبًا محوريًا في الجهود الجماعية للريادة البيئية والتقدم التكنولوجي.

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق