قمة المناخ كوب 28التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

أزمة ثقة تهدد صندوق الخسائر والأضرار لمكافحة تغير المناخ.. وتحدي لـ"كوب 28"

أسماء السعداوي

تتحمل الدول النامية العبء الأكبر من آثار تغير المناخ الذي تسببت فيه بالأساس الدول المتقدمة، منذ بداية عصر الثورة الصناعية، وما صاحبها من إطلاق انبعاثات غازات الدفيئة.

وخلال فعاليات قمة المناخ كوب 27 في مصر العام الماضي (2022)، اتفقت دول العالم على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار لتعويض الدول النامية والفقيرة المتضررة من التغير المناخي، عن الخسائر الناتجة عن أزمات الجفاف وحرائق الغابات وارتفاع مستويات سطح البحر، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ومع اقتراب انعقاد مؤتمر المناخ القادم (كوب 28) في دبي بالإمارات، وصلت الدول النامية والمتقدمة إلى طريق مسدود بشأن التوافق حول ملامح الصندوق الجديد، وكان أبرزها الجهة التي ستضطلع بدور إدارته ومقرّه.

وفي هذا الصدد، كشف الصحفي المهتم بشؤون المناخ في منصة "إنسايد كلايمت نيوز" (insideclimatenews) بوب بروين آخر ما جرى التوصل إليه بشأن الصندوق، وذلك في حوار مع منصة "ليفينغ أون إيرث" (Living on Earth).

وقال بروين، إن هناك فرصة وحيدة متبقية للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن التوصيات الخاصة بصندوق الخسائر والأضرار المكلّفة بإعدادها اللجنة الانتقالية، والتي ستعقد اجتماعًا أخيرًا في الإمارات مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2023)، من أجل التوصل إلى صيغة نهائية للتوصيات التي سيُصدَّق عليها خلال فعاليات مؤتمر كوب 28 الذي سيُعقد بنهاية الشهر نفسه.

وأوضح بروين أبرز نقاط الخلاف بين الدول النامية والمتقدمة حول ملامح الصندوق، قائلًا، إنها كثيرة، ومنها طريقة إدارة الصندوق، فالدول المتقدمة ترغب أن يضطلع البنك الدولي بهذا الدور، إلّا أن الدول النامية تريد مؤسسة أكثر استقلالية، في إشارة لانعدام الثقة في البنك الدولي.

وبشأن تكلفة إنشاء الصندوق، أشار إلى وثيقة غير مؤكدة توقعت أن تبلغ 100 مليار دولار بحلول عام 2030، في حين قدّر بحث آخر ارتفاع المبلغ إلى 500 مليار دولار بحلول منتصف القرن في 2050.

صندوق الخسائر والأضرار

يقول الصحفي ومراسل منصة "إنسايد كلايمت نيوز" في النمسا، بوب بروين، إن فكرة إنشاء صندوق الخسائر والأضرار مرتبطة إلى حدّ بعيد بجهود الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ، منذ اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1992.

وتنص الاتفاقية على حقيقة أن بعض الدول تتحمل آثار انبعاثات غازات الدفيئة لكنها لا تُطلق فعلًا الكثير من تلك الغازات أو لا شيء منها على الإطلاق، وفي المقابل، أطلقت مجموعة بلدان أخرى الغالبية العظمى من تلك الانبعاثات خلال مدة الثورة الصناعية، ومن ثم فهذه الفجوة بحاجة إلى حل مناخي مستدام.

الفيضانات أحد أبرز آثار تغير المناخ
الفيضانات أحد أبرز آثار تغير المناخ- الصورة من "unwater"

يرى الصحفي بروين أن هناك خلافات كبيرة بين الدول النامية والمتقدمة بشأن مقرّ صندوق الخسائر والأضرار، محذرًا من أن الوقت يكاد ينفد مع قرب انعقاد مؤتمر كوب 28، إذ كان من المقرر الانتهاء من التوصيات التي لم يُتَّفق بشأنها بعد، للتصديق عليها خلال مؤتمر هذا العام.

ومن المقرر أن تتضمن توصيات اللجنة تحديد الدول التي سيجب عليها الدفع للصندوق، والدول التي تستحق تلك الأموال، وطريقة تشكيل مجلس الإدارة، وموقع إقامة الصندوق.

من جانبها، تقترح الدول المتقدمة إقامة الصندوق تحت إشراف البنك الدولي، لكن الدول النامية اعترضت، داعية لتوكيل المهمة إلى مؤسسة مالية تابعة للأمم المتحدة تكون أكثر استقلالًا من البنك الدولي.

وتعليقًا على تعثّر المفاوضات، أكد رئيس مؤتمر المناخ كوب 28 الدكتور سلطان الجابر إيمانه بأنه "من الممكن حل كل المسائل".

ووجّه رسالة لأعضاء اللجنة، قائلًا: إن "أنظار العالم شاخصة إليكم للتوصل إلى توصيات واضحة ومتينة قبل "كوب 28"، لوضع الصندوق موضع التنفيذ وتمويله".

كما قال، إن مليارات الأشخاص وأرواحهم وسبل عيشهم المعرّضة لتأثيرات تغير المناخ "يعولون على التنفيذ الناجح لهذه التوصيات".

جوهر الخلاف

يقول بروين، إن الخلاف بين الدول النامية والمتقدمة حول صندوق الخسائر والأضرار يعكس في القلب منها قضايا تغير المناخ الأوسع نطاقًا، ومنها المساواة المالية والاقتصادية والعدالة البيئية.

فمن ناحية -بحسب الصحفي- ثمة تجمع ضخم من الدول المعروفة بـ"جي 77"، ممثلة في 135 دولة، أي نحو 80% من سكان العالم، والتي لا تثق بالضرورة في البنك الدولي، وترى فيه الاستغلال من قبل الدول المتقدمة، ويفضّلون إقامة صندوق الخسائر والأضرار بوصفه أداة مالية أكثر استقلالية.

في المقابل، يصرّ عدد من الدول المتقدمة المشاركة في المفاوضات، ومنها الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا، على تبعية الصندوق للبنك الدولي، وتبريرهم لذلك هو أن البنك يعرف طريقة الإدارة المنضبطة، كما أن لديه الآليات اللازمة للحصول على الأموال وتوزيعها.

من داخل مبنى البنك الدولي
من داخل مبنى البنك الدولي- الصورة من وكالة أسوشيتد برس

وبحسب بروين، لم تُناقش بعد بالتفصيل مسألة تمويل الصندوق، إلّا أن وثيقة قدّمتها الدول النامية تقول، إن المبلغ يصل إلى 100 مليار دولار مبدئيًا بحلول عام 2030، لكن بحثًا منفصلًا أجراه خبراء في اقتصاد المناخ قدّر بأن تكلفة إنشاء صندوق الخسائر والأضرار ستصل إلى 500 مليار دولار بحلول 2050.

وبعد وضع اللمسات الأخيرة في اجتماع نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ستُقدّم توصيات اللجنة بشأن الصندوق إلى الجلسة العامة لمؤتمر كوب 28، للتباحث بشأنها والتصويت عليها، وفي حالة فشل اللجنة في التوافق، سيضطر "كوب 28" إلى التعامل مع الأمر بطريقة أو بأخرى، بحسب بروين.

وأكد أن الخلاف بمثابة اختبار لقدرة مؤتمرات المناخ على الوفاء بالوعود التي تقطعها، وتحويلها من مجرد "نوايا حسنة" إلى واقع.

وأشار -في هذا الصدد- إلى تعهد سابق بوقف إزالة الغابات، إلّا أن الأمر في تزايد، كما كان هناك تعهد آخر بخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030، إلّا أن معدلاته سجلت قفزة قياسية في هذا العام (2023).

دور شركات الوقود الأحفوري

تطرَّق الحوار إلى دور شركات الوقود الأحفوري في دعم صندوق الخسائر والأضرار، وقال بروين، إن المناقشات تناولت هذا الأمر في إطار مصدر تمويل الصندوق.

وأشار أيضًا إلى الخلاف حول كون بعض الدول المؤثرة في المحادثات تمثل مصالح شركات الوقود الأحفوري، مثل شركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة، والإمارات التي تستضيف "كوب 28"، والنرويج أيضًا، إذ إن الدولة منخرطة تمامًا في استخراج مصادر الوقود الأحفوري.

وقال، إن هذا مصدر قلق كبير، لأنه سيكون من الصعب على بعض الدول الإيمان والثقة في التزام بخفض استعمال الوقود الأحفوري، نابع من دول تعتمد باقتصادها في إنتاج هذا الوقود الملوث.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق