التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةسلايدر الرئيسيةهيدروجين

بالأرقام.. سر استحواذ تصدير الأمونيا على الحصة الأكبر من استثمارات الهيدروجين

ياسر نصر

يستحوذ تصدير الأمونيا على الحصة الأكبر من استثمارات تصدير الهيدروجين المعلنة بحلول 2030، في إطار مساعي الدول لخفض الانبعاثات والتوسع في تجارة الوقود النظيف.

وتوقعت دراسة حديثة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك" -حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة- أن يؤدي الهيدروجين دورًا رئيسًا في منظومة الطاقة العالمية مستقبلًا، للإسهام في تحقيق الحياد الكربوني.

وقال خبير الصناعات الغازية في أوابك، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إن الطلب على الهيدروجين سيشهد نموًا كبيرًا خلال العقود الثلاثة المقبلة، انطلاقًا من مستوياته الحالية التي بلغت نحو 95 مليون طن في عام 2022.

مشروعات تصدير الهيدروجين

أشارت دراسة أوابك، التي حملت عنوان "نقل وتصدير الهيدروجين.. الخيارات والتحديات"، إلى أنه لتلبية نمو الطلب المتوقع على الهيدروجين، أعلنت عدة دول رغبتها الدخول في سوق الهيدروجين من منطلق التصدير إلى الأسواق المحتملة مستقبلًا، مستفيدة من المقومات التنافسية التي ستمكّنها من المنافسة والريادة في هذه السوق الواعدة.

وكشفت الدراسة عن أن المشروعات المعلنة بغرض التصدير ستُسهم -حال تنفيذها- في تصدير نحو 15.5 مليون طن مكافئ من الهيدروجين سنويًا بحلول عام 2030، أي ما يعادل نحو 40% من الإنتاج المتوقع من الهيدروجين منخفض الانبعاثات بحلول عام 2030، والمقدر بنحو 38 مليون طن سنويًا بحسب المشروعات المعلنة للإنتاج، حتى منتصف عام 2023.

وفجّر خبير أوابك مفاجأة صادمة، موضحًا أنه على الرغم من العدد الكبير للمشروعات المعلنة لتصدير الهيدروجين ومشتقاته المزمع دخولها خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن الغالبية العظمى منها (75%) ما تزال في مراحل مبكرة جدًا من التطوير، ولم تصل بعد إلى مرحلة اتخاذ قرار الاستثمار النهائي، التي تُعد المرحلة الرئيسة لتحويل أي مشروع من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ.

وقال: "المشروعات التي تمثّل حصة الـ25% المتبقية، منها ما وصل إلى مرحلة اتخاذ قرار الاستثمار النهائي مع أو دون توقيع اتفاقيات بيع ملزمة مع المشترين أو جارٍ الانتهاء من إعداد دراسة الجدوى لها".

ويبلغ إجمالي الطاقة التصديرية للمشروعات التي تم اتخاذ قرار الاستثمار النهائي لها نحو 0.3 مليون طن سنويًا من الهيدروجين، في حين ما يزال أكثر من 15.2 مليون طن سنويًا من مشروعات تصدير الهيدروجين في مرحلة ما قبل اتخاذ قرار الاستثمار النهائي، حسبما ذكرت دراسة أوابك.

الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة المتخصصة يستعرض موقف مشروعات تصدير الهيدروجين:

موقف مشروعات تصدير الهيدروجين

تصدير الأمونيا في المقدمة

أوضحت الدراسة، التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة، أن تصدير الأمونيا يتقدم قائمة المشروعات المعلنة على أساس نوع المسار المستعمل في نقل الهيدروجين، بحصة 80% من إجمالي الطاقة التصديرية بحلول عام 2030.

وجاء مسار نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب في المرتبة الثانية بحصة 5%، والهيدروجين المسال بحصة 2%، أما الوقود الصناعي المنتج باستعمال الكهرباء فيشكل نحو 1%، في حين ما يزال نحو 12% من المشروعات لم تحدد الطريقة التي ستستعمل في تصدير الهيدروجين.

وأرجع خبير أوابك المهندس وائل عبدالمعطي، الزخم الدولي حول مشروعات تصدير الأمونيا التي من المتوقع أن تكون لها الحصة الغالبة في تجارة الهيدروجين بحلول عام 2030، إلى إمكان استعمالها بصفتها مادة خامًا في صناعة المبيدات الحشرية، أو وقودًا في محطات التوليد المشترك للطاقة الكهربائية.

وأضاف أنه لن تكون هناك حاجة إلى نزع الهيدروجين عن الأمونيا في السوق المستوردة ومن ثم تقليل التكاليف التشغيلية.

الطلب على الهيدروجين

توقعت دراسة أوابك، استمرار الطلب على الهيدروجين في النمو بصورة مطردة على المدى الطويل بحلول 2050، في سبيل تحقيق الحياد الكربوني في عدة قطاعات كالقطاع الصناعي، وقطاع النقل، وقطاع توليد الكهرباء.

وأوضحت أن الطلب قد يصل إلى قرابة 385 مليون طن بحلول عام 2040، ثم يستمر في النمو، ليبلغ 660 مليون طن بحلول عام 2050، أي ما يزيد على 7 أضعاف الطلب الحالي على الهيدروجين.

الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة المتخصصة يستعرض توقعات الطلب على الهيدروجين بحلول 2050:

توقعات الطلب على الهيدروجين بحلول 2050

كما توقعت دراسة أوابك، أن تقدم تجارة الهيدروجين دورًا مهمًا في ربط مواقع الإنتاج التي تتسم بانخفاض تكلفة إنتاج الهيدروجين، بمراكز الطلب التي ستحتاج إلى وارداته ومشتقاته المختلفة بأسعار تنافسية تكون أقل من تكلفة إنتاجه لديها.

وفي ظل هذه السيناريوهات قد يبلغ حجم تجارة الهيدروجين والمواد الحاملة له ومشتقاته كالوقود الصناعي الذي يُصنّع من الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون نحو 185 مليون طن سنويًا، بما يعادل نحو 28% من إجمالي الطلب العالمي، المقدر بنحو 660 مليون طن في عام 2050.

وقالت أوابك، إن النسبة المتبقية فهي للهيدروجين الذي سيُستهلك محليًا في مناطق إنتاجه والمقدر بنحو 475 مليون طن سنويًا، الأمر الذي سيحتاج إلى تأسيس بنى تحتية ضخمة تسمح بنقله وتداوله عبر شبكات ضخمة كما هو الحال مع شبكات الغاز الطبيعي التي بلغ مجموع أطوالها عالميًا نحو 1.4 مليون كيلومتر حتى نهاية عام 2022، في حين لا تتجاوز الشبكات الحالية لنقل الهيدروجين 5 آلاف كيلومتر.

وأشارت الدراسة إلى أن الإنتاج الذي سيستهلك محليًا سينقسم إلى جزأين، جزء سيجري إنتاجه ونقله إلى مسافات قصيرة أقل من 1000 كيلومتر بين مواقع الإنتاج ومواقع الاستهلاك ويُقدّر بنحو 260 مليون طن سنويًا، وجزء آخر سيجري نقله إلى مسافات طويلة تزيد على 1000 كيلومتر داخل حدود الدول ذات الجغرافية الممتدة مثل الصين، وروسيا، وكندا، وهو يُقدر بنحو 215 مليون طن سنويًا.

وتوقعت دراسة أوابك، أن تتراجع تجارة الأمونيا لتحل في المرتبة الثانية بحصة 20% من التجارة الدولية على أساس نوع المسار المستعمل في نقل الهيدروجين ومشتقاته على المدى الطويل، في حين تُسهم تجارة الوقود الصناعي بحصة 23%.

وسيشكّل مسار نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب حصة 18% من إجمالي حجم التجارة العالمية، في حين من المتوقع أن تشكّل تجارة الهيدروجين المسال حصة قدرها 15%، أما الميثانول كأحد المواد العضوية الحاملة للهيدروجين فيُسهم بنحو 7%.

الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة المتخصصة يستعرض توزيع التجارة الدولية للهيدروجين ومشتقاته بحلول عام 2050:

توزيع التجارة الدولية للهيدروجين ومشتقاته بحلول عام 2050

نقل الهيدروجين

استعرضت دراسة أوابك تجارب بعض الشركات المهتمة بالاستثمار في الهيدروجين التي بدأت تنفيذ مشروعات تجريبية، بغرض التصدير وبناء تجارة دولية بين الدول المصدرة والمستوردة له على غرار تجارة النفط والغاز.

وأوضحت أنه خلال المدة 2020-2023، تم تشغيل عدة مشروعات تجريبية، وتصدير شحنات تجريبية منها إلى الأسواق المحتملة، إذ تم تصدير شحنات تجريبية من الهيدروجين المسال والمواد العضوية السائلة الحاملة للهيدروجين من أستراليا وسلطنة بروناي إلى اليابان، بالإضافة إلى شحنة من الغازولين الصناعي.

ومن أمثلة الشحنات التجريبية التي تم تصديرها من الهيدروجين والمواد الحاملة له، شحنة مادة الميثيل سيكلوهكسان من سلطنة بروناي، لاستعمالها مادة حاملة للهيدروجين، إذ نُقلت باستعمال ناقلة مواد كيماوية إلى مصفاة تكرير في اليابان، لنزع الهيدروجين منها وإعادتها مرة أخرى إلى بروناي، لإعادة استعمالها في نقل الهيدروجين.

كما شهد العالم في مارس/آذار من عام 2023، تصدير أول شحنة من الغازولين الصناعي من تشيلي إلى شرق إنجلترا، التي بلغت نحو 2600 لتر، وحُملت على ناقلة في رحلة بحرية استغرقت شهرًا، ولمسافة 16.8 ألف كيلومتر.

وجرى تصنيع الشحنة في مشروع "هارو أوني" Haru Oni التجريبي لإنتاج الوقود الصناعي الكهربائي (E-Fuels)، باستعمال الهيدروجين المنتج عبر التحليل الكهربائي للمياه باستعمال طاقة الرياح، إذ تخطط شركة "بورش" Porsche لاستعمالها وقودًا للسيارات ضمن مشروع تجريبي.

ويُعد مشروع "هارو أوني" الذي يقع في تشيلي الأول من نوعه لإنتاج الغازولين الصناعي حيادي الكربون، وهو يعتمد على استعمال توربينة رياح بقدرة 3.4 غيغاواط لإنتاج الكهرباء اللازمة في التحليل الكهربائي للمياه لإنتاج الهيدروجين، في حين يتم التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو، ومن ثم يتفاعل مع الهيدروجين لإنتاج ما يُعرف باسم الغاز الاصطناعي الذي يُستعمل في مرحلة تالية بإنتاج الميثانول عبر تفاعل كيميائي بوساطة عامل حفاز.

أما المرحلة الأخيرة فيتم من خلالها تبخير الميثانول وتسخينه إلى درجات حرارة عالية، ومن ثم تحويله في وجود عامل حفاز إلى غازولين صناعي، وتصل تكلفة الغازولين المنتج من المشروع إلى 100 ضعف تكلفة الغازولين العادي المنتج من الوقود الأحفوري، ما يجعل منه بديلًا غير تنافسي في الوقت الراهن.

وبخلاف شحنات الهيدروجين المسال والوقود الصناعي، تم تحميل عدة شحنات من الأمونيا الزرقاء إلى الأسواق المحتملة في أوروبا وآسيا، لاستعمالها في تطبيقات متنوعة مثل صناعة الأسمدة وتوليد الكهرباء.

وعلى الرغم من محدودية عدد الشحنات التجريبية لنقل الهيدروجين، فإنها كانت بمثابة اللبنة الأولى لاختبار نقل الهيدروجين وفق المسارات المختلفة، كما أنها أعطت نتائج أولية مهمة حول جدوى نقل الهيدروجين لمسافات طويلة وتأثير ذلك في التكلفة وحجم الشحنة المنقولة، للاستفادة منها في تحسين كفاءة العمليات وتطوير أداء سلسلة القيمة بداية من الإنتاج وحتى وصول الهيدروجين في صورته النهائية إلى قطاعات الاستهلاك النهائي في السوق المستوردة.

وكانت اليابان الوجهة الرئيسة لغالبية الشحنات التجريبية من الأمونيا الزرقاء، والهيدروجين المسال والميثيل سيكلوهكسان، إذ تُعد اليابان من الدول التي تولي أهمية كبرى في مجال الهيدروجين، ونظرًا إلى محدودية قدرتها على إنتاج الهيدروجين بما يكفي لتلبية الطلب المحلي عليه مستقبلًا، فستحتاج إلى استيراد الهيدروجين والمواد الحاملة من الدول المصدر له.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق