رئيسيةالتقاريرتقارير الهيدروجينهيدروجين

دراسة صادمة.. أوابك: خطط الاستثمار في تصدير الهيدروجين لا تسير بالصورة المأمولة

ياسر نصر

أصدرت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك، دراسة حديثة تنشرها حصريًا منصة الطاقة؛ إذ تحدّثت عن تفاصيل صادمة تتعلق بخطط الهيدروجين، وتباطؤ الوتيرة الحالية التي تسير بها نحو التصدير.

فقد أكد خبير الصناعات الغازية والهيدروجين في المنظمة المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أن خطط الاستثمار في تصدير الهيدروجين لا تسير بالصورة المأمولة.

وشدد على أنه رغم العدد الكبير للمشروعات المعلنة لتصدير الهيدروجين ومشتقاته المزمع دخولها خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن القسم الأكبر ما يزال في مراحل مبكرة من التطوير، ولم يصل بعد إلى مرحلة اتخاذ قرار الاستثمار النهائي، التي تعد المرحلة الرئيسة لتحويل أي مشروع من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ.

وقال خبير أوابك، في دراسة حصلت عليها منصة الطاقة بشكل حصري، إن عدد المشروعات المعلنة بغرض التصدير ستُسهم -حال تنفيذها- في خلق تجارة دولية للهيدروجين ومشتقاته تبلغ نحو 15.5 مليون طن مكافئ بحلول عام 2030.

وأضاف أن هذه الكمية تعادل نحو 40% من الإنتاج المتوقع من الهيدروجين منخفض الانبعاثات خلال المدة نفسها، والمقدر بنحو 38 مليون طن سنويًا بحسب المشروعات المعلنة.

وأوضح أنه على الرغم من هذا الحجم الضخم من المشروعات، لم يُتخذ قرار الاستثمار النهائي سوى لنحو 0.3 مليون طن سنويًا من الهيدروجين المكافئ، في حين ما يزال أكثر من 15.2 مليون طن سنويًا من مشروعات تصدير الهيدروجين في مرحلة ما قبل اتخاذ قرار الاستثمار النهائي.

الهيدروجين في الوطن العربي

أكد خبير أوابك، وائل عبدالمعطي، أن العديد من الدول العربية أبدت الاهتمام بالاستثمار في تنفيذ مشروعات تجارية على نطاق واسع لتصدير الهيدروجين والمواد الحاملة له مثل الأمونيا والميثيل سيكلوهكسان إلى الأسواق المحتملة في آسيا وأوروبا.

وكشفت الدراسة، التي أعدها وائل عبدالمعطي، تحت عنوان "نقل الهيدروجين وتصديره.. الخيارات والتحديات"، وتنشرها منصة الطاقة حصريًا، عن أن عدد المشروعات المعلنة والمقترحة في الدول العربية بغرض تصدير الهيدروجين حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول 2023، بلغ نحو 47 من إجمالي 82 مشروعًا معلنًا للاستثمار في إنتاج الهيدروجين وتصديره وتطبيقات استعماله.

وقال: "تمثّل الأمونيا الحصة الكبرى من هذه المشروعات، مع مشروعين للميثيل سيكلوهكسان، أحدهما في الإمارات التي كانت أول من بدأ دراسة إنشاء سلسلة لتوريد الهيدروجين إلى اليابان عبر تحويله إلى الميثيل سيكلوهكسان، والآخر قيد الدراسة في المغرب".

وأضاف أن القائمة تشمل مشروعين مقترحين لنقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب في الجزائر، موضحًا أن حزمة المشروعات المعلنة لا تضم أي مشروع للهيدروجين المسال، الذي ما يزال خيارًا باهظ التكاليف، علاوة على أن التقدم التكنولوجي في إنتاج الهيدروجين المسال ونقله ما يزال بحاجة إلى مزيد من التطوير خلال العقود المقبلة.

قائمة المشروعات العربية الأخرى المقترحة للتصدير لم تحدد بعد الطريقة التي ستستعملها لنقل الهيدروجين، وإن كان على الأرجح ستكون عبر تحويل الهيدروجين إلى أمونيا.

نقل الهيدروجين

تصدير الهيدروجين

أكدت الدراسة، التي أعدها خبير أوابك وحصلت عليها منصة الطاقة، أن تكاليف نقل الهيدروجين تعد مرتفعة للغاية في الوقت الراهن، وهي عامل مؤثر في اعتماد الهيدروجين بوصفه وقودًا في مزيج الطاقة بالمستقبل.

وأوصت دراسة (نقل الهيدروجين وتصديره.. الخيارات والتحديات) لتقليل التكاليف وتعزيز الدور الذي يمكن أن يقوم به الهيدروجين في المستقبل باستغلال خطوط أنابيب النفط والغاز القائمة -بعد إعادة تقييمها- لنقل الهيدروجين، خاصة أن ذلك ممكن من الناحية الفنية، بعد مطابقتها الشروط والمواصفات الفنية القياسية.

وقال المهندس وائل عبدالمعطي، إن ذلك سيُسهم في تقليل التكاليف الرأسمالية الضخمة المطلوبة لبناء خطوط أنابيب جديدة أو سلسلة توريد جديدة لنقل الهيدروجين على صورة مواد حاملة له مثل الميثيل سيكلوهكسان أو الهيدروجين المسال.

ودعا خبير أوابك إلى بناء وحدات نموذجية كاملة في ورشات التصنيع، ونقلها مباشرة إلى موقع المشروع المراد تنفيذه لإنتاج وتصدير الهيدروجين وتصديره، لتقليل تكاليف الإنشاء، وأجور العمالة، مع توحيد المواصفات القياسية في التصميم، ويشمل ذلك تصميمات أجهزة التحليل الكهربائي، ووحدات إسالة الهيدروجين، وصهاريج تخزين الهيدروجين المسال، وغيرها.

وطالب وائل عبدالمعطي بالاستثمار في المشروعات الإنتاجية الكبيرة، وسلاسل الإمداد الطويلة، لتشجيع الشركات المتخصصة في تصنيع المكونات الصغيرة على تصنيع مكونات أكبر، مع استمرار دعم عمليات البحث والتطوير لتحسين كفاءة عمليات التحويل وإعادة التحويل في نقل الهيدروجين، الذي سينعكس إيجاباً على تقليل تكلفة نقل الهيدروجين.

نقل الهيدروجين

أكدت الدراسة، التي أعدها خبير أوابك، أن القدرة على نقل الهيدروجين من مناطق إنتاجه بكميات كبيرة إلى مراكز الطلب المختلفة حول العالم بمرونة عالية ودون عوائق تعد شرطًا أساسيًا للاعتماد عليه بصفته وقودًا في منظومة الطاقة العالمية في المستقبل.

وقال عبدالمعطي، إن الهيدروجين الأخضر يعتمد في إنتاجه على استغلال الطاقة المتجددة المتوفرة في عدة دول، فستسمح تجارة الهيدروجين بنقل الطاقة النظيفة إلى أي منطقة حول العالم، الأمر الذي سيعزز من الأمن الطاقوي والتعاون الدولي في تقليل الانبعاثات والحد من تغير المناخ.

وبموجب الحلول التقنية المتاحة، قسمت الدراسة مسارات نقل الهيدروجين وتصديره في التجارة الدولية إلى 4 مسارات وهي:

  • نقل الهيدروجين بعد ضغطه عبر خطوط الأنابيب (هيدروجين مضغوط).
  • إسالة الهيدروجين إلى هيدروجين مسال عند -253 درجة مئوية ونقله بوساطة الناقلات.
  • تحويل الهيدروجين إلى أمونيا ونقله بالناقلات.
  • نقل الهيدروجين عبر تحويله إلى مركبات عضوية سائلة مثل الميثيل سيكلوهكسان ونقلها بالناقلات.

وأشار خبير أوابك إلى أنه بخلاف نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب التي يُنقل فيها في حالته الغازية، تعد الطرق الـ3 الأخرى بمثابة مواد حاملة له، ما يتطلب إعادة تحويلها مجددًا إلى الهيدروجين في حالته الغازية ليكون جاهزًا للاستعمال.

وتتدخل عدة عوامل في المقارنة بين بدائل نقل الهيدروجين، من بينها كثافة التخزين الحجمية، التي ستحدد الكمية التي يمكن نقلها من الهيدروجين لوحدة الحجم للمادة الحاملة له (متر مكعب).

صناعة الهيدروجين

ويُعد الميثيل سيكلوهكسان الأقل في كثافة التخزين الحجمية، إذ يحتوي 1 متر مكعب منه على 47.1 كيلوغرام من الهيدروجين، وترتفع في حالة الهيدروجين المضغوط (ضغط 100 بار، ودرجة حرارة 25 درجة مئوية)، إذ يحتوي واحد متر مكعب على 49.4 كيلوغرامًا من الهيدروجين.

بينما يحتوي واحد متر مكعب من الهيدروجين المسال على 70.8 كيلوغرامًا من الهيدروجين، أما في حالة الأمونيا فيحتوي واحد متر مكعب منها على 120 كيلوغرامًا (كغم) من الهيدروجين، وهي القيمة الأعلى مقارنة بباقي المواد الأخرى.

وأكد عبدالمعطي أنه عند المقارنة لاختيار البديل المناسب لنقل الهيدروجين يجب الأخذ بعين الاعتبار الطاقة المستعملة في عملية التحويل (الإسالة، والهدرجة، وتصنيع الأمونيا)، وإعادة التحويل (التبخير، ونزع الهيدروجين، وتكسير الأمونيا)، وعملية التحميل والتفريغ في المواني.

وتوصلت الدراسة إلى أن عملية نقل الهيدروجين تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة، التي تشكل في النهاية طاقة مهدرة للحصول على الهيدروجين، وبالتالي فإنها تشكل عاملًا مؤثرًا في اعتماد الهيدروجين مصدرًا للطاقة في المستقبل.

وقال: "في حالة الهيدروجين المضغوط، تبلغ احتياجات الطاقة المطلوبة لنقله عبر خطوط الأنابيب نحو 10 ميغاغول لكل كغم هيدروجين، أي ما يعادل 7% من طاقة الهيدروجين المنقول وهي الأقل مقارنة بباقي البدائل، في حين تصل إلى 31% من طاقة الهيدروجين المنقول في حالة الأمونيا، أما في حالة الميثيل سيكلوهكسان، فتبلغ الطاقة المطلوبة نحو 37.6% من طاقة الهيدروجين المنقل، وتصل الطاقة المهدرة إلى أعلى قيمة لها في حالة الهيدروجين المسال التي قد تصل إلى 49.3% من طاقة الهيدروجين المنقول".

تكاليف نقل الهيدروجين

قدرت الدراسة، التي أعدها خبير أوابك وائل عبدالمعطي، التكلفة الحالية لنقل الهيدروجين والمواد الحاملة له، بعد الأخذ في الاعتبار تكاليف عمليات التحويل (الإسالة، والضغط، وتخليق الأمونيا، والهدرجة) وإعادة التحويل (التبخير، وتكسير الأمونيا)، ونزع الهيدروجين بنحو 0.78 دولارًا/كغم من الهيدروجين في حال استعمال خطوط الأنابيب، في حين تصل إلى أعلى قيمة لها في حالة الهيدروجين المسال، لتبلغ 8.25-11 دولارًا/كغم من الهيدروجين المكافئ.

وأشار عبدالمعطي إلى أن تكلفة نقل الأمونيا تبلغ نحو 4.31-6.62 دولارًا/كغم من الهيدروجين المكافئ، وتبلغ في حالة الميثيل سيكلوهكسان نحو 26-4.64 دولارًا/كغم.

وأوضح خبير أوابك أن تكاليف نقل الهيدروجين تعد مرتفعة للغاية في الوقت الراهن، بل وتصل -في بعض المسارات- إلى أكثر من ضعف تكلفة إنتاج الهيدروجين نفسه كما هو الحال مع الهيدروجين المسال.

وأشار إلى أن التكلفة مرشحة للتراجع مع مرور الوقت استنادًا إلى التقدم في 3 عوامل؛ تحسن اقتصادات الحجم، وتطور التقنيات المستعملة في نقل الهيدروجين وتحسين كفاءتها، والتعلم عبر الممارسات المكتسبة من عمليات التشغيل.

وتشير التوقعات، التي توصلت إليها الدراسة، إلى إمكان حدوث تراجع في التكاليف التشغيلية والرأسمالية لنقل الهيدروجين مع انطلاق مرحلة التشغيل التجاري بسعات كبيرة.

وقال خبير أوابك وائل عبدالمعطي: "تبرز خطوط الأنابيب على قمة الخيارات الأقل في التكلفة لنقل الهيدروجين في المدى المتوسط بحلول عام 2030، تليه الأمونيا بتكلفة قد تصل في أفضل الحالات إلى حدود دولارين/كغم من الهيدروجين المكافئ".

وأوضح أن خيار الهيدروجين المسال سيظل الخيار الأعلى في التكلفة الذي قد يتخطى 7.5 دولارًا/كغم من الهيدروجين المكافئ.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق