التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

تغير المناخ يضعف تأثير المبيدات الكيماوية.. و"الفاو" تكافح آفات النبات حيويًا (خاص)

حياة حسين

أثّرت موجة الحرارة غير المسبوقة -التي ضربت مصر في شهر يوليو/تموز الماضي ضمن دول كثيرة في أنحاء العالم بسبب تغير المناخ- في فاعلية بعض المبيدات الكيماوية المستعملة في مكافحة بعض آفات النبات، مثل حشرة البق الدقيقي، التي تلحق أضرارًا بالغة بالمزروعات؛ لذلك لجأت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لمكافحة آفات النبات حيويًا.

وعالميًا، ورغم تطور صناعة المبيدات الحشرية، زادت قدرة آفات النبات على القضاء على نسبة هائلة من المحاصيل الزراعية؛ إذ تتسبب في خسارة 40% من المحاصيل الزراعية سنويًا، أو ما يعادل أكثر من 200 مليار دولار، وفق بيانات المنظمة.

وفي ظل زيادة حدة كوارث تغير المناخ الطبيعية، وتأثيرها السلبي في المحاصيل الزراعية، وتهديدها بتصاعد معدلات انعدام الأمن الغذائي، برزت أهمية المكافحة الحيوية لآفات النبات، للحفاظ على البيئة، وتجنب الخسائر الاقتصادية والغذائية لها.

وطبّقت منظمة (الفاو) طرقًا عديدة لمكافحة آفات النبات الحيوية في دول عديدة بالمنطقة العربية؛ إذ كافحت دودة الحشد الخريفية في اليمن بمستخلص من أوراق وثمار شجرة النيم.

وفي مصر، كافحتها باستعمال العدو الحيوي المتطفل مثل حشرة تيلنوموس ريموس، وفق المسؤول الإقليمي لوقاية النبات في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بالمنظمة الدكتور ثائر ياسين، لمنصة الطاقة المتخصصة.

ووصلت هذه الآفة إلى محافظة تعز اليمنية في يوليو/تموز (2018)؛ ما زاد من بؤس المزارعين اليمنيين الذين كانوا يكابدون أصلًا سلسلةً من التحديات، كما أنها وصلت إلى مصر في العام التالي.

نيم اليمن

قال المسؤول الإقليمي لوقاية النبات في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بمنظمة "الفاو" الدكتور ثائر ياسين، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، على هامش ورشة عمل عن "مكافحة آفات النبات" للدول الأفريقية، عقدتها المنظمة في العاصمة المصرية (القاهرة)، إن (الفاو) تركز في عملية مكافحة آفات النبات على المحاصيل الإستراتيجية، والمهمة للأمن الغذائي.

المسؤول الإقليمي لوقاية النبات في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بمنظمة الفاو الدكتور ثائر ياسين
المسؤول الإقليمي لوقاية النبات في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بمنظمة الفاو الدكتور ثائر ياسين

ويأتي على رأس تلك المحاصيل في المنطقة القمح والذرة، وتفضل دودة الحشد الخريفية الذرة.

ووفق تقرير سابق صادر عن المنظمة، فإن 70% من اليمنيين يعيشون -في الغالب- على النشاط الزراعي، ودخول دودة الحشد الخريفية أدى إلى تدمير نسبة كبيرة من المحصول.

ودرب مسؤولون زراعيون من المنظمة اليمنيين في المدارس الحقلية على طريقة تحضير مبيدات حشرية طبيعية باستعمال شجرة النيم والثوم والفلفل الحار، عبر شرح كيفية السحق والطحن وتصفية الشوائب، ثم رشّ الخليط على المحاصيل.

وتنتشر شجرة النيم، المعروفة بـMelia azedarach أو شجرة الزنزلخت أو الليلك الهندي، في اليمن، وتُنتج موادّ كيميائية قد تُستعمل مبيدًا حشريًا طبيعيًا، ما يعوق نمو دودة الحشد الخريفية وتطورها.

الذرة والقمح

قال المسؤول الإقليمي لوقاية النبات في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بمنظمة (الفاو) الدكتور ثائر ياسين، إن الذرة والقمح يأتيان على رأس المحاصيل الإستراتيجية في مصر، "ولا يعاني القمح آفات، لكن الذرة واجهت مشكلة دودة الحشد الخريفية"، مثل ما حدث في اليمن.

وبسبب تطور التجارة العالمية وتنقل البضائع، باتت تلك الآفات عابرة للقارات؛ لذلك انتشرت دودة الحشد الخريفية في دول عديدة.

وأضاف ياسين، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن المنظمة نجحت بالتعاون مع الحكومة المصرية، في مواجهة تلك الآفة عبر وسائل المكافحة الحيوية.

وتابع أن المنظمة أجرت حصرًا لكل الأعداء الحيوية الموجودة في مصر عام 2019، "واخترنا منها حشرة تيلنوموس ريموس (Telenomus remus)؛ لأنها الأكثر كفاءة وتصل نسبة مكافحتها لدودة الحشد الخريفية إلى 80%".

وأوضح المسؤول الأممي أن المنظمة دشّنت مختبرًا في محافظة سوهاج المصرية للعمل على المكافحة الحيوية لدودة الحشد الخريفية باستعمال هذه الحشرة، وبعد نجاح التجربة، أقامت 16 مختبرًا إضافيًا في أنحاء البلاد للغرض نفسه.

وتعتمد فكرة المقاومة على تربية حشرة تيلنوموس ريموس وإطلاقها بأعداد كبيرة في الحقول؛ إذ تبحث عن بيضة دودة الحشد الخريفية وتقضي عليها.

وتعمل المكافحة الحيوية على خفض الأضرار الاقتصادية للدودة إلى أقل من 5%.

شجرة النيم
شجرة النيم - الصورة من كرو تايم

التجربة المصرية

تعرض منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) نتائج المكافحة الحيوية لدودة الحشد الخريفية الناجحة في مصر، في "المؤتمر العالمي للإدارة المستدامة لدودة الحشد الخريفية"، الذي ينعقد في العاصمة الصينية (بكين)، نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول (2023)، وفق المسؤول الإقليمي لوقاية النبات في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بالمنظمة الدكتور ثائر ياسين.

وقال ياسين إن الحراك العالمي يتجه إلى مكافحة آفات النبات بصورة مستدامة، لمقاومة آثار تغير المناخ وحماية البيئة الطبيعية.

وأوضح، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن المكافحة الحيوية للآفات تأتي ضمن هذا الحراك.

وأشار إلى زيادة تأثير ارتفاع الحرارة، بوصفها إحدى الظواهر الطبيعية الضارة الناجمة عن تغير المناخ بالمنطقة، في كفاءة المبيدات الكيماوية المستعملة في مكافحة بعض آفات النبات.

ومن بين تلك الآفات حشرة البق الدقيقي، التي أصبحت مقاومة للمبيدات الكيماوية المعروفة، وهناك سلالات مقاومة جديدة انتقلت عبر الحدود.

وأكد وجود مكافح حيوي لهذه الآفة يُدعى كريبتولاموس مونتيريزي (Cryptolaemus montrouzieri)، وهو حشرة تُنشر في الحقول أو على النباتات المصابة، وتتغذى على البق الدقيقي.

أسعار الغذاء

يُذكر أن صندوق النقد الدولي حذر، في تقرير صادر يوم الثلاثاء 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من تكرار فشل المحاصيل الزراعية في مختلف الدول بسبب موجات الجفاف وتغيرات درجات الحرارة العالمية القياسية؛ ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانعدام الأمن الغذائي.

وأمس الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، صدر تقرير عن منظمة "الفاو"، هو الأول الذي يقيم آثار الكوارث في المحاصيل الزراعية وكل الأنشطة المرتبطة، خلال الأعوام الـ30 الماضية، وكشف عن خسارة ما قيمته 3.8 تريليون دولار، ما يوازي 5% من الناتج العالمي سنويًا، و69 مليون طن من الحبوب كل عام.

وسلّط التقرير الضوء على أنه يمكن للأخطار عند ظهورها أن تنطوي على آثار متوالية تصل تداعياتها إلى نُظم وقطاعات متعددة. وتشمل الدوافع الكامنة وراء مخاطر الكوارث، تغير المناخ والفقر وانعدام المساواة والنموّ السكّاني وحالات الطوارئ الصحية الناجمة عن الجوائح والممارسات مثل استعمال الأراضي وإدارتها بطريقة غير مستدامة والنزاعات المسلّحة وتدهور البيئة.

حقل ذرة
حقل ذرة - الصورة من دير غريك سيد

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق