سلايدر الرئيسيةالمقالاترئيسيةروسيا وأوكرانياغازمقالات الغاز

مستقبل الغاز المسال الروسي في ظل العقوبات الأميركية (مقال)

فيلينا تشاكاروفا* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • من المرجح أن تتسبب العقوبات بحدوث اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية
  • واشنطن ليس لديها مصلحة إستراتيجية في تقليص إمدادات الطاقة العالمية
  • العقوبات الأميركية الحالية من غير المرجح أن تعرّض إمدادات الغاز في أوروبا للخطر
  • روسيا تُعدّ -حاليًا- ثالث أكبر مصدر للغاز المسال إلى الصين، بعد أستراليا وقطر
  • في العام الماضي خفضت أوروبا بشكل كبير وارداتها من غاز خطوط الأنابيب الروسية

تعرّض الغاز المسال الروسي لعقوبات جديدة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إذ فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على مشروع "أركتيك إل إن جي-2" التابع لشركة نوفاتيك الروسية لإنتاج الغاز الطبيعي والغاز المسال في شبه جزيرة غيدان.

ويتضمن هذا المشروع استغلال حقل أوتريني وإنشاء مصنع لتسييل الغاز الطبيعي بمحطة أوتريني الواقعة في خليج أوب.

ومن المرجّح أن تتسبب العقوبات في حدوث اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، إذ تهدف الولايات المتحدة إلى تقويض المبادرة الروسية بهذه الإجراءات التقييدية؛ الأمر الذي سيمارس ضغوطًا على أيّ كيانات غير أميركية تخطط لشراء الغاز عبر مشروع "أركتيك إل إن جي-2".

في الوقت نفسه، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن ليس لديها مصلحة إستراتيجية في تقليص إمدادات الطاقة العالمية، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة أسعار الطاقة، كما أبرز تقرير صحيفة فايننشال تايمز.

ورغم ذلك، فقد أقرّت الوزارة عزم الولايات المتحدة وحلفائها عرقلة التقدم في مشروع أركتيك إل إن جي-2 التابع لشركة نوفاتيك في القطب الشمالي.

وأشار وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، إلى أن العقوبات الأميركية الحالية من غير المرجّح أن تعرض إمدادات الغاز في أوروبا للخطر بشكل كبير.

من ناحيته، أقرّ وزير الصناعة الياباني، ياسونوري نيشيمورا، بأن العقوبات ستؤدي حتمًا إلى مستوى معين من التأثير في طوكيو.

ورجّحت الخبيرة في جامعة كولومبيا، آن صوفي كوربو، على الآثار المحتملة على السوق إذا فشل مشروع أركتيك إل إن جي-2 في بدء الصادرات كما هو مقرر في عام 2024، استمرار ظروف السوق الأكثر صرامة.

لمحة عن مشروع أركتيك إل إن جي-2

يُعدّ أركتيك إل إن جي-2 مشروعًا مهمًا لإنتاج الغاز المسال الروسي لدى شركة نوفاتيك، يتبع مشروع الشركة السابق، يامال إل إن جي.

ويتمركز هذا المشروع في حقل أوتريني في منطقة يامالو-نينيتس المتمتعة بالحكم الذاتي، ويتميز ببناء 3 خطوط معالجة، تبلغ قدرة كل منها 6.6 مليون طن، ويبلغ إجمالي الإنتاج السنوي 19.8 مليون طن من الغاز المسال .

ويشمل شركاء المشروع شركة نوفاتيك، التي تمتلك حصة 60%، إلى جانب توتال الفرنسية بنسبة 10%، وشركة سينوك الصينية بنسبة 10%، والشركة الوطنية الصينية لاستكشاف وتطوير النفط والغاز، التابعة للمؤسسة الوطنية الصينية للبترول، تمتلك 10% أخرى، وتحالف شركات ميتسوي وشركائها اليابانية.

وتمتلك الشركة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن (جي أوه جي إم إي سي)، تحت اسم جابان أركتيك إل إن جي، نسبة الـ10% المتبقية.

ومن المقرر إنجاز المرحلة الثانية من مشروع أركتيك إل إن جي-2 في عام 2024، ومن المتوقع الانتهاء من المرحلة الثالثة في عام 2026.

ومن المقرر أن يصبح أركتيك إل إن جي-2 أول منشأة إنتاج واسعة النطاق في العالم لخطوط الغاز المسال باستعمال الهياكل القائمة على الجاذبية، صُمِّمَت كل وحدة من هذه الهياكل لدعم 14 وحدة معالجة، ويبلغ وزنها الإجمالي نحو 160 ألف طن، مع وصول أوزان الوحدات الفردية إلى 17 ألف طن.

قازاخستان تعتزم ضخ المزيد من الغاز الروسي
أحد خطوط نقل الغاز الروسي - الصورة من وكالة بلومبرغ

تزايُد طلب آسيا وأوروبا على الغاز المسال الروسي

في المدة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول، ارتفعت صادرات الغاز المسال الروسي إلى الصين بنسبة 47%، لتصل إلى 6.2 مليون طن.

بدورها، نمت صادرات النفط بنسبة 24.4% إلى إجمالي 79.9 مليون طن، وفقًا لبيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية.

ورغم الزيادة في الحجم، انخفضت قيمة صادرات الغاز المسال الروسي خلال هذه المدة بنسبة 6% على أساس سنوي، لتصل إلى 4 مليارات دولار.

وفي سبتمبر/أيلول وحده، بلغت مشتريات الصين من الغاز المسال الروسي 746 ألف طن، وهو ما يمثّل انخفاضًا بنسبة 25% عن أرقام أغسطس/آب.

وفي الوقت الحالي، تُعدّ روسيا ثالث أكبر مصدّر للغاز المسال إلى الصين، بعد أستراليا وقَطَر.

في العام الماضي، خفضت أوروبا بشكل كبير وارداتها من غاز خطوط الأنابيب الروسية، إذ استلمت 62 مليار متر مكعب فقط، وهو انخفاض ملحوظ عن 140 مليار متر مكعب المستوردة في عام 2021.

وهذا العام، من المتوقع أن يتراوح حجم الواردات عبر خطوط الأنابيب بين 40 و45 مليار متر مكعب، بما في ذلك الغاز المسال.

وعلى الرغم من أن بعض الدول الأوروبية تستمر في الاعتماد على خطوط الأنابيب الروسية، فإن الغاز المسال الروسي يدخل بكميات متزايدة إلى أسواق أوروبية جديدة.

وارتفعت مشتريات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال الروسي بنسبة 40% في النصف الأخير من العام السابق، ورغم أن هذه الزيادة كبيرة من حيث النسبة المئوية، فإن الأحجام الفعلية تظل متواضعة نسبيًا.

وفي عام 2021، بلغت واردات الغاز المسال 13.5 مليار متر مكعب، لترتفع إلى 19.3 مليار عام 2022، وتصل إلى 10.8 مليار في النصف الأول من العام الجاري.

تجدر الإشارة إلى أن فرنسا تتلقى 37% من كميات الغاز المسال هذه، وتُعدّ إسبانيا (18% من صادرات الغاز المسال الروسية) وبلجيكا (17%) من المشترين المهمين، وبالمقارنة، تمثّل الصين 20% من صادرات الغاز المسال الروسي.

تمثّل هذه التطورات تحولًا في ديناميكيات السوق، إذ كانت روسيا في السابق موردًا متواضعًا للغاز المسال لدول مثل بلجيكا (المرتبة السابعة بين مورّدي الغاز المسال في عام 2021) وإسبانيا (المرتبة الخامسة). وزاد اعتماد إسبانيا على الغاز الروسي بشكل ملحوظ عندما أثّرت الاضطرابات في منطقة غرب أفريقيا، وتحديدًا توقُّف الإمدادات من الجزائر بسبب التوترات السياسية، في إمدادات الغاز.

وتَمثَّل ردّ فعل الجزائر على سحب إسبانيا دعمها فيما يتعلق بالصحراء الغربية في التحذير، ثم إعادة توجيه إمداداتها من الغاز إلى إيطاليا، تاركة إسبانيا تبحث عن مصادر بديلة مثل الغاز المسال الروسي.

وفيما يتعلق بتعامل أوروبا مع الغاز الروسي، على الرغم من الجهود المبذولة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، فإن الاتحاد الأوروبي يسير على الطريق الصحيح لاستيراد كميات قياسية من الغاز المسال الروسي هذا العام.

ويُبرِز هذا الوضع تعقيدات الاستغناء عن مصادر الطاقة الروسية، واستعدادًا لفصل الشتاء، قطعت أوروبا خطوات كبيرة في مجال تخزين الطاقة، إذ أصبحت مرافق تخزين الغاز ممتلئة بنسبة 96%.

ويُعدّ هذا الإنجاز خطوة حاسمة في ضمان استدامة الطاقة في الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الباردة، خصوصًا وسط التحديات الجيوسياسية وتحديات الطاقة المستمرة.

ويُظهر الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر مستوردي الوقود الأحفوري الروسي منذ حرب أوكرانيا حتى 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023:

الغاز المسال الروسي

التوقعات

أكد نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، طموحات روسيا في الاستحواذ على 20% من حصة سوق الغاز المسال العالمية.

وأشار إلى أنه لتحقيق هذا الهدف، يوجد العديد من المبادرات الجاري تنفيذها، بما في ذلك تطوير منشأة أركتيك إل إن جي-2 في منطقة يامالو-نينيتس ذاتية الحكم.

عند اكتماله وبدء تشغيله، سيعزز مشروع أركتيك إل إن جي-2 بشكل كبير إنتاج الغاز المسال في روسيا إلى نحو 50 مليون طن سنويًا.

ومن الجدير بالذكر أن أكثر من نصف هذا الإنتاج يمكن توجيهه نحو أوروبا.

ويقع مشروع أركتيك إل إن جي-2 في شبه جزيرة غيدان بالقطب الشمالي، ويتمتع بموقع إستراتيجي لتصدير الغاز إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية، ومن المقرر أن يكون هذا المشروع ثالث أكبر مبادرة روسية للغاز المسال.

وعند وصوله إلى الإنتاج الكامل، فإنه سيسهم بشكل كبير في تحقيق هدف روسيا الطموح المتمثل بإنتاج 100 مليون طن من الغاز المسال سنويًا بحلول عام 2030، ويمثّل هذا الإنتاج زيادة بأكثر من 3 أضعاف عن مستويات التصدير الحالية.

في هذا الصدد، تؤكد روسيا استمرار قدرتها على الصمود في وجه ضغوط العقوبات التي تفرضها الدول الغربية، التي بدأت منذ عدّة سنوات، وما زالت تشتدّ.

ويشير موقف الحكومة الروسية إلى الثقة في التغلب على هذه التحديات الاقتصادية مع تطوير مشروعات الطاقة المهمة، مثل مشروع أركتيك إل إن جي-2.

ويعكس الإجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة التوترات الجيوسياسية المستمرة وموقف الحكومة الأميركية من مشروعات الطاقة الروسية.

* فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق