تقارير الطاقة النوويةالتقاريررئيسيةطاقة نووية

الطاقة النووية في أوروبا تدعم الخطط المناخية.. و3 دول تقود الطفرة

دينا قدري

عادت الطاقة النووية في أوروبا لتكون موضع اهتمام من قبل العديد من الدول الراغبة في الالتزام بتعهداتها المناخية، على الرغم من المخاطر التي تحيط بهذا النوع من الطاقة.

وقد وجدت بعض الدول الأوروبية نفسها بحاجة إلى حلول بديلة، تُسمى أيضًا "احتياطية"، لتعويض نقص إنتاج الكهرباء القائمة على الطاقة المتجددة، مع حرصها على التخلص من الوقود الأحفوري وتحقيق الحياد الكربوني.

وتمثّل الطاقة النووية ما يقرب من 10% من الطاقة المستهلكة في الاتحاد الأوروبي، إذ تعتمد وسائل النقل والصناعة والتدفئة والتبريد تقليديًا على الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

تاريخيًا، زوّدت الطاقة النووية نحو ربع احتياجات الاتحاد الأوروبي من الكهرباء، و15% من الكهرباء في بريطانيا، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

عوامل تعزيز الطاقة النووية في أوروبا

تتميز الطاقة النووية بموثوقية أعلى من نظيرتها المتجددة مثل طاقة الرياح والشمس؛ إذ يمكنها توليد الكهرباء الخالية من الكربون على مدار اليوم، بغضّ النظر عن الطقس.

وجاء التركيز على الطاقة النووية في أوروبا بوصفها بديلًا للغاز الذي يعدّه الكثيرون ضمن حلول إنتاج الكهرباء التي يمكن التحكم فيها، على عكس مصادر الطاقة المتجددة.

إلّا أن الدراسات العلمية التي تتابعت في الأشهر الأخيرة قوّضت هذا الموقف؛ إذ أكد باحثون أنه لتحقيق الأهداف المتعلقة بخفض انبعاثات غازات الدفيئة، لن يتعين فقط خفض استهلاك الفحم والنفط بنسبة 99% و70% على التوالي بحلول عام 2050، بل سيتعين أيضًا خفض استهلاك الغاز بما لا يقلّ عن 84%!

ويشير آخرون إلى أن استعمال الغاز الطبيعي المسال -الذي يظل أحفوريًا- قد يكون أكثر ضررًا على المناخ بنسبة 24% مقارنةً بالفحم في أفضل السيناريوهات، وحتى ضعف ذلك في أسوأ الأحوال.

إن هذه الأسباب العلمية -وبلا شك عدد غير قليل من الأسباب السياسية، وربما الاقتصادية أيضًا- هي التي تدفع بعض البلدان إلى التفكير مرة أخرى في تطوير أسطولها النووي، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن منصة "ريفولوسيون إنرجيتيك" الناطقة باللغة الفرنسية (Revolution Energetique).

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر 10 دول حسب سعة الطاقة النووية:

اليورانيوم الروسي

فرنسا تعود إلى الطاقة النووية

هذا هو حال فرنسا التي أبطأت برنامجها النووي، حتى وصول خطة عام 2030، ودعم البلاد للمفاعلات النووية الأوروبية المضغوطة والمفاعلات المعيارية الصغيرة، التي تهدف خصوصًا إلى استبدال محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم والغاز.

بعد أن أنشأت في شهر مايو/أيار الماضي تحالفًا نوويًا أوروبيًا، يضم عشرات الدول المؤيدة لتنمية الطاقة النووية في القارة العجوز، عادت باريس مرة أخرى إلى حشد قوّتها.

وأطلقت وزيرة انتقال الطاقة الفرنسية، أنييس بانييه روناشيه، رسالة مشتركة إلى المفوضية الأوروبية، وقّعها نظراؤها من بلغاريا وكرواتيا وفنلندا والمجر وهولندا وبولندا وجمهورية التشيك ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا والسويد، تهدف إلى إنشاء تحالف صناعي أوروبي للمفاعلات المعيارية الصغيرة.

وبدعم من بروكسل، فإن الهدف هو تحفيز الاستثمار في هذا المجال من أجل تعزيز أمن إمدادات الطاقة في القارة، بحسب ما رصدته منصة الطاقة، نقلًا عن صحيفة "لوبينيون" الناطقة باللغة الفرنسية (L'Opinion).

وتشكّل المفاعلات المعيارية الصغيرة إحدى مزايا إزالة الكربون في أوروبا، مع استمرار تشغيل المفاعلات القائمة وبناء مفاعلات جديدة عالية الطاقة؛ إذ تُعدّ أكثر إحكامًا، وأقلّ استهلاكًا للوقت، وأقلّ تكلفة في التصنيع، وآمنة أيضًا.

وتعليقًا على ذلك، قال مكتب الوزيرة: "إن فرنسا تدعو المفوضية إلى إظهار الطموح في هذا المجال"، خاصةً أن الطاقة النووية في أوروبا يُمكن أن توفر ما يصل إلى 150 غيغاواط بحلول عام 2050، مقارنةً بـ100 غيغاواط اليوم.

الطاقة النووية في أوروبا تشهد انتعاشة

محطة طاقة نووية ثانية في بلغاريا

من جانبها، ما تزال بلغاريا تبحث عمّا يجب فعله بالمفاعلين النوويين اللذين حصلت عليهما من روسيا في عام 2017.

وكان الهدف هو افتتاح محطة نووية ثانية، بعد محطة كوزلودوي، على ضفاف نهر الدانوب، مدعومًا بالرغبة في القضاء على الاعتماد على روسيا في مجال الطاقة.

ولذلك فإن المناقشات جارية مع شركة الكهرباء الفرنسية "إي دي إف" (EDF) لتقييم تكلفة التنفيذ، إلى جانب أوكرانيا التي يُمكن أن تفكر في استعادة هذه المفاعلات لاستعمالها في محطاتها.

كانت أوكرانيا قد أعربت عن اهتمامها بالجيل الثالث من تكنولوجيا المفاعلات النووية التي تعمل بالماء المضغوط، والتي طورتها شركة وستنغهاوس.

وتُشَغَّل تقنية مفاعل "إيه بي 1000" هذه حاليًا في الصين والولايات المتحدة فقط، لكن بلغاريا انضمت للتو إلى الصفوف، بل إنها أكدت رغبتها فبناء مفاعلات جديدة في موقع محطتها الوحيدة القائمة للطاقة النووية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة.

وحتى الآن، يوجد مفاعلان روسيان بقدرة 1000 ميغاواط لكل منهما قيد التشغيل هناك، وما زالا يوفران أكثر من ثلث الكهرباء في البلاد، مع ترخيص بالإنتاج حتى عامي 2027 و2029، قابل للتجديد.

إلّا أن الحكومة البلغارية لم تنتظر التأكيد لتكليف المجموعة الأميركية وستنغهاوس بمهمة إضافة طاقة إجمالية تبلغ 2300 ميغاواط موزعة على مفاعلين من نوع "إيه بي 1000": الأول يجب أن يدخل حيز التشغيل في عام 2033، ربما يكون هذا متفائلًا بعض الشيء، والثاني في عام 2036.

الهدف المعلن هو استبدال محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم في البلاد، والتي يجب أن تُغلَق بحلول عام 2038، وتقليل اعتماد بلغاريا في مجال الطاقة على روسيا.

أولى خطوات الطاقة النووية في بولندا

قبل بضعة أشهر، اتخذت بولندا -التي يعتمد مزيج الطاقة لديها على مصادر الوقود الأحفوري عمومًا والفحم خصوصًا- الاختيار نفسه الذي اتخذته بلغاريا.

على الرغم من أن البلاد ليس لديها أيّ قطاع للطاقة النووية، فقد أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 اختيار تكنولوجيا وستنغهاوس لبناء أول محطة نووية بقدرة 3.3 غيغاواط.

وينبغي بناء أول محطة للطاقة النووية في بولندا بالقرب من مدينة لوبياتو-كوبالينو على بحر البلطيق، وخُطِّطَ للتشغيل في عام 2033.

وتتوقع الحكومة البولندية بناء ما مجموعه 6 إلى 9 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2043.

فقد أعلنت الحكومة المحافظة، مؤخرًا، خططًا لبناء 8 مفاعلات نووية تقليدية كاملة الحجم في 3 مواقع، وما يصل إلى 100 مفاعل معياري صغير في السنوات المقبلة.

وقال نائب وزير المناخ والبيئة البولندي، آدم غيبورج تشيتفيرتنسكي: "إن نظام الطاقة لدينا في المستقبل سيقوم على ركيزتين: مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية"، بحسب ما نقلته مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق