تكرير النفط يشكل 43% من الطلب على الهيدروجين.. وهذه أكبر 5 مناطق استهلاكًا
ياسر نصر
شكّل تكرير النفط أكثر من 43% من إجمالي الطلب على الهيدروجين عالميًا خلال عام 2022، في وقت لم تستحوذ فيه تقنيات تحول الطاقة سوى على نسبة ضئيلة من استهلاك الوقود الذي يُنظر إليه بصفته الخيار الأمثل لخفض الانبعاثات.
وكشفت دراسة حديثة، تنشرها منصة الطاقة، عن أن إجمالي الطلب العالمي على الهيدروجين بلغ نحو 95 مليون طن في عام 2022، بمعدل نمو 3% عن عام 2021.
وأشارت الدراسة التي أعدها خبير الصناعات الغازية في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إلى أن الطلب على الهيدروجين حاليًا قائم على استعماله بصفته من المواد الخام وليس مصدرًا للطاقة، وهو الغرض الذي تقوم عليه خطط الدول ومبادراتها ضمن مساعيها نحو تحول الطاقة.
استهلاك الهيدروجين عالميًا
يُعد القطاع الصناعي المستهلك الأكبر للهيدروجين بحصة تناهز الـ55% من إجمالي الاستهلاك، إذ يُستعمل الهيدروجين في إنتاج الأمونيا التي تستهلك وحدها نحو 31.8 مليون طن من الهيدروجين، يليها إنتاج الميثانول الذي يستهلك نحو 15.9 مليون طن.
وأشارت دراسة أوابك إلى أن القطاع الصناعي يستعمل الهيدروجين مع الغاز الطبيعي في عملية الاختزال المباشر للحديد التي تستهلك نحو 5.3 مليون طن، ليبلغ إجمالي استهلاك القطاع الصناعي من الهيدروجين نحو 53 مليون طن.
ويشكل قطاع تكرير النفط ثاني أكبر قطاع مستهلك للهيدروجين، إذ بلغ الطلب على الهيدروجين في قطاع التكرير قرابة 41.9 مليون طن خلال 2022، إذ يستعمل الهيدروجين في عدة عمليات داخل المصافي منها نزع الشوائب من المنتجات النفطية مثل المركبات الكبريتية عبر عملية نزع الكبريت بالهدرجة، وكذلك تحسين مواصفات المقطرات الثقيلة وتحويلها إلى خفيفة.
يقول خبير أوابك وائل عبدالمعطي، إنه عادة ما يجري إنتاج الهيدروجين في المصافي مباشرة، ليُستعمل في عمليات تكرير النفط، ففي عام 2022، تم إنتاج نحو 80% من الهيدروجين المستهلك في قطاع التكرير داخل المصافي نفسها، سواء من خلال وحدات إنتاج مخصصة لإنتاج الهيدروجين أو الحصول عليه بصفته منتجًا ثانويًا من عمليات التكرير مثل وحدات تهذيب النافثا.
وأوضح أن قطاع التكرير وفّر الـ20% المتبقية من خلال شركات إنتاج المواد الكيماوية والغازات الصناعية التي تملك المحطات المتخصصة لإنتاج الهيدروجين، وتبيعه وتنقله عبر شبكات الأنابيب التابعة لها إلى المصافي القريبة.
وأشارت دراسة أوابك التي تنشرها حصريًا منصة الطاقة المتخصصة، إلى أن استعمال الهيدروجين ما يزال محدودًا للغاية في التطبيقات الجديدة مثل النقل، والقطاع السكني، وتوليد الكهرباء، والصناعات الثقيلة، إذ لا تتجاوز حصته في هذه التطبيقات مجتمعة 0.04% من إجمالي الطلب على الهيدروجين، بما يعادل نحو 35 ألف طن فقط.
ويُعد قطاع النقل، المستهلك الأبرز ضمن التطبيقات الجديدة للهيدروجين، إذ بلغ استهلاكه عام 2022 نحو 32 ألف طن، نتيجة التوسع في عدد السيارات العاملة بخلايا الوقود، التي تشهد نموًا مطردًا، وبلغ الأسطول العالمي لها نحو 80 ألف سيارة منتصف عام 2023، إذ تنتشر في الصين وكوريا الجنوبية على وجه الخصوص.
أكثر المناطق استهلاكًا للهيدروجين
تُعد الصين المستهلك الأكبر للهيدروجين عالميًا، إذ بلغ استهلاكها نحو 27.5 مليون طن عام 2022 بحصة 29% من الطلب على الهيدروجين عالميًا.
وتعتمد الصين على الهيدروجين في عدة قطاعات كالقطاع الصناعي، وقطاع التكرير الذي يستحوذ وحده على أكثر من 9 ملايين طن سنويًا.
يقول المهندس وائل عبدالمعطي، إن أميركا الشمالية تأتي بصفتها ثاني أكبر مستهلك للهيدروجين عالميًا بإجمالي 16 مليون طن، بحصة 17% من إجمالي الطلب العالمي، إذ يستحوذ قطاع التكرير في أميركا على النصيب الأكبر من الطلب على الهيدروجين بإجمالي يفوق 10 ملايين طن.
وتأتي منطقة الشرق الأوسط بصفتها ثالث أكبر مستهلك للهيدروجين عالميًا بإجمالي 12.35 مليون طن، بحصة 13% من إجمالي الطلب عالميًا، إذ يعتمد عليه بصورة أساسية في قطاع التكرير، والقطاع الصناعي لإنتاج الأمونيا، والميثانول والاختزال المباشر للحديد، إذ تستحوذ منطقة الشرق الأوسط على نحو 40% من مصانع الاختزال المباشر للحديد على مستوى العالم.
وأظهرت الدراسة، أن الطلب على الهيدروجين في الهند يصل إلى نحو 8.55 مليون طن وحصة 8.5%، إذ تُعد نيودلهي من المناطق الرئيسة في إنتاج الحديد بحصة 20% من مصانع الاختزال المباشر للحديد على مستوى العالم.
وتأتي أوروبا في المرتبة الخامسة بنحو 7.6 مليون طن وحصة 8% من إجمالي الطلب على الهيدروجين، ويتوزع الطلب المتبقي في بقية دول العالم.
الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة يستعرض أكثر المناطق استهلاكًا للهيدروجين على مستوى العالم:
إنتاج الهيدروجين حسب المصدر
رصدت دراسة أوابك المصادر المختلفة لإنتاج الهيدروجين عالميًا، الذي بلغ 95 مليون طن في عام 2022، إذ يُعد الوقود الأحفوري المصدر الرئيس لإنتاج الهيدروجين، وهو ما يصاحبه إطلاق انبعاثات كبيرة من الكربون.
ويُسهم الغاز الطبيعي بحصة 62% من الإنتاج العالمي للهيدروجين، يليه الفحم الذي يُسهم بنحو 21%، وتُعد الصين المصدر الرئيس لإنتاج الهيدروجين القائم على استعمال الفحم، في حين يُسهم النفط بنحو 0.5% من الإنتاج العالمي، وبذلك يشكل الوقود الأحفوري (الغاز الطبيعي والفحم والنفط) نحو 83.5% من الإنتاج العالمي للهيدروجين.
وأشارت الدراسة إلى أن إنتاج الهيدروجين بصفته منتجًا ثانويًا في مصانع التكرير ومحطات البتروكيماويات، الذي عادة ما يُستعمل مباشرة في عمليات التحويل داخل مصافي التكرير، يشكّل حصة 15.8% من الإنتاج العالمي.
وبلغت حصة الهيدروجين منخفض الانبعاثات (يشمل الهيدروجين الذي يجري إنتاجه من الوقود الأحفوري مع تطبيق تقنية التقاط الكربون وتخزينه، وهو ما يُعرف باسم الهيدروجين الأزرق، وكذلك الهيدروجين الأخضر، الذي يجري إنتاجه عبر التحليل الكهربائي للمياه باستعمال الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة) نحو 0.7% من الإنتاج العالمي.
ويشكل الهيدروجين الأزرق الحصة الأكبر من الهيدروجين منخفض الانبعاثات، في حين لا يشكل إنتاج الأخضر منه سوى حصة محدودة للغاية، إذ بلغ إنتاجه عام 2022 نحو 100 ألف طن، بما يعادل نحو 0.1% من الإنتاج العالمي من الهيدروجين.
الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة يستعرض حجم إنتاج الهيدروجين حسب المصدر:
تجارة الهيدروجين
يقول خبير أوابك المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إن الهيدروجين لا يُعد سلعة تجارية وليس له سعر بيع محدد، ولم تنشأ بعد تجارة دولية له على غرار النفط والغاز المسال وباقي السلع التجارية الأخرى، بل يُستهلك القسم الأكبر منه في مواقع الإنتاج، ويجري تسويق جزء آخر من الإنتاج من خلال شركات المواد الكيماوية والغازات الصناعية مثل آير ليكويد (Airliquide)، وآير برودكتس (Airproducts)، وليندي (Linde)، إذ تنتج تلك الشركات الهيدروجين في مواقع قريبة من مناطق استهلاكه كمصافي التكرير ومصانع إنتاج الأمونيا والميثانول، ومحطات إعادة التعبئة بالهيدروجين.
وتمتلك هذه الشركات البنية التحتية القائمة لنقل الهيدروجين من مناطق الإنتاج وحتى مراكز الطلب، ويشكل ذلك شبكات خطوط أنابيب الهيدروجين، ومقطورات لنقل الهيدروجين سواء في الحالة الغازية أو السائلة.
ووصل مجموع أطوال شبكات نقل الهيدروجين التي تمتلكها هذه الشركات في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وغيرها إلى قرابة 4.5 ألف كيلومتر، وفق ما أحصته الدراسة، تتصدرها شركة آير ليكويد.
الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة المتخصصة يستعرض أكبر الشركات امتلاكًا لخطوط نقل الهيدروجين:
وبخلاف شبكات خطوط الأنابيب، تنتشر مقطورات لنقل الهيدروجين، سواء في الحالة الغازية أو السائلة في بعض المناطق، مثل الولايات المتحدة، لنقل الهيدروجين إلى مراكز الطلب مثل محطات إعادة التعبئة بالوقود.
وبخلاف تجارة الهيدروجين القائمة على شبكات صغيرة من خطوط الأنابيب، تعد تجارة الأمونيا منتشرة حول العالم، وتغطي نحو 10% من إجمالي الطلب العالمي، إلا أن استعمالها ما يزال محصورًا بصفتها من المواد الخام في صناعات المواد الكيماوية.
وتُعد تجارة الميثانول -أيضًا- نوعًا من أنواع المواد الحاملة للهيدروجين، منتشرة حول العالم وتغطي نحو 20% من الطلب العالمي، إلا أن استعماله ما يزال محصورًا في الصناعة الكيميائية بصفته من المواد الخام.
وترى دراسة أوابك أنه لا يمكن عدّ التجارة الحالية للأمونيا والميثانول ضمن مسارات نقل الهيدروجين، كونها لا تستهدف نقل الهيدروجين لاستعماله وقودًا في منظومة الطاقة، وإنما من المواد الخام في الصناعة الكيميائية.
موضوعات متعلقة..
- الطلب على الهيدروجين قد يصل إلى 150 مليون طن سنويًا بحلول 2030 (تقرير)
- الطلب على الهيدروجين قد يصل إلى 660 مليون طن بحلول 2050 (تقرير)
- الطلب على الهيدروجين.. 11 شركة يابانية تقدم خارطة طريق لاحتياجاتها حتى 2030
اقرأ أيضًا..
- أرباح شركات النفط الكبرى في الربع الثالث 2023 (إنفوغرافيك)
- باحث: الغاز الإسرائيلي ورقة ضغط على مصر.. ودولتان يمكنهما المساعدة
- انهيار الطلب على ناقلات النفط الإسرائيلية بسبب الصراع في الشرق الأوسط