9 خبراء لـ"الطاقة": أسعار النفط قد ترتفع إلى 100 دولار مع تطورات حرب غزة
دينا قدري
- أسعار النفط لم تتأثّر بحرب غزة حتى الآن
- ارتفاع أسعار النفط الحالي مرتبط بعدّة عوامل أخرى
- أسعار النفط قد تصل إلى 100 دولار أو أكثر حال تفاقم الأوضاع
- إيران تُعدّ بمثابة دافع رئيس لارتفاع الأسعار إذا تدخلت في الحرب
زادت حرب غزة من الضغوط على أسعار النفط، في وقت تعاني فيه الأسواق من عدم اليقين المستمر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تلاه من عقوبات أثّرت في قطاع الطاقة العالمي.
فقد أضافت حرب غزة، التي اندلعت في السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مزيدًا من المخاوف بشأن عرقلة وصول إمدادات النفط الخام، نتيجة الصراع المحتدم الذي قد يشهد انخراط أطراف أخرى حال تصاعد التوترات.
وسرعان ما أكدت وكالة الطاقة الدولية أن احتمال تأثّر تدفقات إمدادات النفط بالصراع الدائر بين إسرائيل وحماس (حركة المقاومة الإسلامية) ما يزال محدودًا، مؤكدة استعدادها للتحرك، إذا لزم الأمر، للحفاظ على إمدادات كافية في الأسواق.
وقد أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن أسعار النفط ارتفعت بسبب الحرب في غزة، على الرغم من أن طرفي الحرب كليهما غير منتج للنفط.
وأرجع ذلك إلى المخاوف من نقص الإمدادات، إذ إن "الإعلام الأجنبي يختزل الشرق الأوسط كله فيما يحصل في غزة الآن، فكان المتوقع أن يحدث ارتفاع قليل بأسعار النفط، ثم ينتهي الأمر".
وفي ظل استمرار التوترات الجيوسياسية، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة آراء نخبة من الخبراء حول حركة أسعار النفط في أعقاب حرب غزة، وتوقعاتهم خلال المدّة المقبلة.
تقلّب أسعار النفط.. ومخاوف في الأسواق
تحدّث المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، عن التذبذب الحالي في الأسعار.
وأوضح أنه كانت هناك ارتفاعات محدودة في أسعار النفط، تصل إلى دولارين، يوم الإثنين (9 أكتوبر/تشرين الأول 2023 - أول يوم تداول بعد اندلاع الحرب)؛ وهو أمر متوقع بسبب الحرب في منطقة الشرق الأوسط، "وهي في الأساس منطقة حسّاسة".
وأشار -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- إلى أنه مع استمرار الحرب ووجود تخوف من اتّساع رقعتها، ارتفعت الأسعار يوم الجمعة (13 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، إلى نحو 90 دولارًا.
إلا إنه شدد على أن هناك عوامل أخرى أدت إلى عدم تأثّر أسعار النفط بشكل كبير فيما يتعلق بحرب غزة، بما في ذلك جني الأرباح من المضاربين والتجّار بالأسواق، وعدم وجود بوادر لتحسن الاقتصاد العالمي، واستمرار الركود، والتضخم في أميركا، وعدم تغير الاقتصاد الصيني.
وهو الرأي نفسه الذي شاركه محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري جيوفاني ستانوفو؛ إذ قال، إنه من المرجح أن تتفاعل أسعار النفط بطريقة متقلبة مع التوترات الجيوسياسية، مع مخاوف من حدوث مزيد من التصعيد، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
ومع ذلك، أشار ستانوفو إلى أن علاوات المخاطر الجيوسياسية تميل إلى التلاشي بسرعة، إذا لم تتأثر إمدادات النفط، وفق تصريحاته إلى منصة الطاقة.
ومن جانبه، قال الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة شعيب بوطمين، إن الصراعات الإقليمية ما تزال تؤثّر بطريقة مباشرة في إمدادات النفط والغاز العالمية، مستشهدًا بما حدث عقب الحرب الروسية الأوكرانية.
وأكد الخبير الجزائري أن هذا الصراع الحيوسياسي غيّر من مسارات النفط والغاز العالمية، إذ أصبحت الولايات المتحدة أكبر مصدّري الغاز المسال إلى أوروبا، بعد الانخفاض الهائل لإمدادات النفط والغاز.
وقال بوطمين -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة-: "في الوقت الصعب الذي يمرّ به العالم، اندلع صراع بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين الذي بدأنا نلمس عواقبه الإنسانية والاقتصادية والطاقيّة".
وتابع: "نتذكر كيف أن أسعار خام برنت خسرت 13 دولارًا في أسبوع واحد قبل اندلاع الصراع، إذ انخفضت من 97 دولارًا في 29 سبتمبر/أيلول، إلى 84 دولارًا في 6 أكتوبر/تشرين الأول".
وسرعان ما عاودت الارتفاع، بعد أن اشتدت المخاوف من امتداد رقعة الصراع إلى جنوب لبنان، وإمكان تأجّج الصراع الذي قد تنخرط فيه بعض الدول وبطريقة غير مباشرة.
لذلك، فإن القلق من تأثّر سلاسل الإمداد، وخاصةً على مستوى مضيق هرمز الذي يؤمّن نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، دفع أسعار النفط إلى الارتفاع إلى أكثر من 90 دولارًا حاليًا، حسب تصريحات شعيب بوطمين إلى منصة الطاقة المتخصصة.
تأثير محدود.. إلّا في هذه الحالة!
يقول كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، إن أسعار النفط شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأسبوع الذي أعقب اندلاع العنف في غزة، بردّ فعل مباشر على التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط، وخاصةً فيما يتعلق بإسرائيل وحماس.
وتابع -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة-: "تاريخيًا، كان لمثل هذه الصراعات في المنطقة تأثير كبير في أسعار النفط بسبب احتياطياتها النفطية الهائلة، ودورها بوصفها منطقة رئيسة لإنتاج النفط".
وشدد على أن الارتفاع الأولي في الأسعار يعكس المخاوف بشأن الاضطرابات المحتملة في سلسلة إمدادات النفط، خاصةً إذا انتشر الصراع ليشمل الدول الكبرى المنتجة للنفط.
ومع ذلك، من المرجح أن تظل أسعار النفط متقلبة مع ظهور التطورات الجيوسياسية، بحسب ما أكده شوكري في تصريحاته إلى منصة الطاقة.
ويرى مدير الأبحاث في شركة "هيل تاور ريسورس أدفايزرز" سيريل وودرشوفن أن التأثير الحالي ضعيف إلى حدٍّ معقول، إذ لا يوجد تهديد حقيقي لإنتاج النفط أو صادراته في الوقت الحاضر.
وأوضح أن السوق تشعر بالقلق حقًا بشأن احتمال حدوث تداعيات سلبية للغاية في المنطقة، إذا انخرطت المزيد من الأطراف في الصراع.
وفي الوقت نفسه، سيكون للاضطرابات المحتملة في لبنان أو الأردن أو مصر تأثير أكثر ضررًا في أسعار النفط، خاصةً أن الأخيرة سيكون لها تأثير كبير؛ إذ إن الاضطرابات المتزايدة سيكون لها تأثير مباشر في دور قناة السويس، بحسب ما قاله وودرشوفن في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة.
وتابع: "مع ذلك، إذا شارك حزب الله وإيران، حتى لو أشار كلاهما إلى عدم المشاركة، وهو أمر مشكوك فيه، فسيكون هناك صراع إقليمي كبير، ما يؤثّر بالتأكيد في إنتاج وصادرات النفط والغاز".
من جانبه، أكد رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست" بول هيكن، أن مخاطر الأسعار تُعدّ -في الوقت الحالي- صغيرة، لأنها تعكس بعض الحقائق الرئيسة.
فقد لا يكون هناك تأثير في إمدادات النفط، إذا ظلّت الأمور متعلقة بغزة فقط؛ لكن التداعيات الأوسع نطاقًا بالنسبة لإيران يُمكن أن تتصدر المشهد حال تفاقم الوضع، بحسب ما قاله هيكن في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة.
وأرجع ذلك إلى حقيقة أن إيران شهدت ارتفاعًا في إمدادات النفط خلال العام الماضي (2022)، نظرًا لتركيز العقوبات على روسيا، فضلًا عن المخاطر المحيطة بنقاط التفتيش الرئيسة مثل مضيق هرمز وباب المندب.
أسعار النفط تصل إلى 100 دولار في هذه الحالة
يتوقع محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري جيوفاني ستانوفو تداوُل خام برنت بسعر يتراوح بين 90 دولارًا و100 دولار للبرميل خلال الأرباع السنوية المقبلة، مدفوعًا بنقص المعروض في سوق النفط، مستفيدًا من الطلب القوي على النفط وانخفاض إنتاج النفط من أوبك+.
بينما يرى محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم، أنه "بالنظر إلى أساسيات السوق، في ظل الظروف العادية، كنت سأقول، إن سعر 100 دولار للبرميل ربما يكون خطوة بعيدة جدًا، نظرًا لاستمرار المخاوف على جانب الطلب في الصين وحوض الأطلسي وأوروبا".
"إذ تشير الأساسيات إلى بقاء الأسعار في نطاق 85-95 دولارًا في الوقت الحالي؛ ولكن من الواضح أن هذه ليست ظروفًا عادية، فقد جلب الصراع قدرًا كبيرًا من اليقين إلى الصورة"، وفق ما أكده إيتيّم في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة.
وتابع: "نظرًا لحركة الأسعار خلال الأسبوع الماضي أو نحو ذلك، والتصعيد المستمر المحتمل للصراع خلال الأيام المقبلة، أود أن أقول إن هناك احتمالًا كبيرًا بأن نرى النفط يصل إلى 100 دولار للبرميل".
وشاركه الرأي الكاتب المتخصص في إستراتيجيات الاستثمار إريك نوتال، الذي توقّع، قبل اندلاع الصراع بين إسرائيل وغزة، أن يقترب سعر النفط من 100 دولار بحلول نهاية العام الجاري (2023)، نظرًا لأن المخزونات العالمية يجب أن تصل إلى أدنى مستوى لها منذ عدّة سنوات بحلول ذلك الوقت.
كما يرى رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست" بول هيكن أن سعر 100 دولار للبرميل ليس بعيدًا جدًا، خاصةً في ضوء شحّ الإمدادات في سوق النفط بالفعل.
بينما أكد الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، شعيب بوطمين، أن الارتفاع الأخير لأسعار النفط لا يعكس الطلب المتزايد، بل هو نتيجة شح الإمدادات الذي تفرضه دول أوبك+ والصراع داخل الأراضي الفلسطينية.
وقال -في تصريحاته إلى منصة الطاقة-: "لذلك، لا أعتقد أن الأسعار تقارب الـ100 دولار في الأسابيع المقبلة، إلّا إذا توسعت رقعة الحرب، وهو ما استبعده حاليًا، لأن تحريك أميركا لحاملتي الطائرات نفسّره أن الغرب يريد أن يحتوي الوضع في مجال جغرافي ضيق، وأنّ توسّع الصراع لا يخدم اقتصاداتها التي ما تزال تتخبط من النتائج الوخيمة التي سبّبتها الحرب الأوكرانية، وقبلها فيروس كورونا".
وشدد بوطمين على أن خلق بؤرة توتر حالية لا يخدم الدول المستهلكة للنفط والغاز، وأهمها الدول الغربية، إذ لا تُعدّ الاقتصادات العالمية قادرة أن تتحمل عبئًا تضخميًا آخر، لأنّ توسُّع مجال الحرب يعني مباشرة الضغط على إمدادات الطاقة.
إستراتيجيًا، قد يضع هذا الصراع روسيا في أريحية أكثر من ضغط الغرب، إذ إن الغرب سيغير جزءًا من مساعداته من أوكرانيا إلى إسرائيل، ما قد يسمح لروسيا بالتفاوض بشأن رفع العقوبات النفطية في حال تعدّي أسعار النفط الـ100 دولار، بحسب ما أكده بوطمين في تصريحاته.
ويرى مدير الأبحاث في شركة "هيل تاور ريسورس أدفايزرز" سيريل وودرشوفن أن سعر 100 دولار للبرميل لا يلوح في الأفق بعد، إذ لا تُظهر الأسعار علاوة مخاطرة عالية حتى الآن.
وأضاف أنه يتعين الأخذ في الحسبان أن الصراعات الإقليمية المحتملة يمكن أن تضع علاوة مخاطر تتراوح بين 10 و15 دولارًا للبرميل في حالة إيران أو حزب الله.
أسعار النفط فوق حاجز الـ100 دولار
من جانبه، توقّع المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، أن تبقى الأمور على ما هي عليه، مع تذبذب بين الارتفاع والهبوط، دون تأثير جذري في الأسعار، لتظل في حدود الـ90-91 دولارًا، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، دون تدخُّل بعض المنظمات الأخرى القريبة من غزة، وعدم اتّساع رقعة الحرب ودخولها إلى مناطق مجاورة.
أمّا إذا اتّسعت الحرب لتشمل إيران بصفة خاصة، فلم يستبعد الريامي -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- أن ترتفع أسعار النفط بشكل جنوني إلى ما فوق 150 دولارًا، وخصوصًا إذا قررت إيران وضع مضيق هرمز ضمن إستراتيجيتها لممارسة الضغط على الدول الأوروبية وأميركا، وهذا سيناريو نسبة حدوثه 20% فقط، نظرًا لأن العديد من الدول تعمل على السيطرة على الوضع.
كما شدد رئيس شركة رابيدان إنرجي الأميركية بوب مكنالي على أن المخاطر على أسعار النفط ما تزال مرتفعة، نظرًا للمخاطر الكبيرة المتمثلة في توسّع الحرب بين حماس وإسرائيل إلى جبهات أخرى.
وأكد -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- أنه حال تصعيد حزب الله لهجماته ضد إسرائيل إلى صراع شامل، فإن أسعار النفط الخام سترتفع فوق 100 دولار.
وأوضح كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري أن مسار أسعار النفط يتوقف على مدّة الصراع في غزة وتوسّعه إلى مناطق أخرى، وخاصةً إذا تورطت إيران مباشرةً.
وأشار إلى أنه إذا استمر الصراع واتّسع نطاقه، فهناك احتمال كبير بأن ترتفع أسعار النفط إلى ما هو أبعد من 100 دولار للبرميل؛ نظرًا لأن الصراع المستمر والمكثف يمكن أن يؤدي إلى تعطيل إمدادات النفط من الشرق الأوسط، ما يؤثّر في سوق النفط العالمية.
ويرى -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- أن التوسع خارج إسرائيل، خاصةً إذا أصبحت إيران مشاركًا مباشرًا، قد يتسبب في انقطاع كبير في إمدادات النفط.
وأضاف أنه إذا امتدّ الصراع إلى لبنان، وهي منطقة تتّسم تاريخيًا بعدم الاستقرار، فستتزايد المخاوف بشأن أمن إمدادات النفط والاستقرار الإقليمي، وقد يؤدي هذا إلى ضغوط تصاعدية كبيرة على أسعار النفط.
اقرأ أيضًا..
- الطلب العالمي على النفط في أغسطس يرتفع 4.8 مليون برميل يوميًا
- أسهم 4 شركات مستثمرة في الغاز المغربي تنخفض 5%.. ما السبب؟
- خطوط أنابيب نقل الهيدروجين تترقب طفرة ضخمة.. ومخاوف تهدد التوسع
- اختبار تصادم بين السيارات الكهربائية يظهر نتائج مبهرة.. الأول من نوعه (صور وفيديو)