أسعار النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

هل ترتفع أسعار النفط بعد هجوم حماس على إسرائيل؟.. قراءة تاريخية

دينا قدري

يتابع المراقبون عن كثب تداعيات هجوم حماس على إسرائيل، وتأثيره في أسعار النفط، خاصةً مع إحياء الذكرى الـ50 لأزمة النفط الأولى في العالم.

ومن المرجح أن ترتفع أسعار النفط بعد الهجوم المفاجئ، ولكن ما زال هناك الكثير من الطاقة الاحتياطية التي يُمكن الاستفادة منها لمنع تكرار أزمات سابقة، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ومن السهل رسم أوجه التشابه بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأكتوبر/تشرين الأول 1973: هجوم مفاجئ على إسرائيل وارتفاع أسعار النفط، لكن التشابه ينتهي عند هذا الحدّ.

فالاقتصاد العالمي ليس على وشك أن يعاني من مقاطعة نفطية عربية أخرى من شأنها أن تزيد سعر برميل النفط الخام 3 مرات، ومع ذلك، فمن الخطأ التقليل من احتمالات مواجهة العالم لأسعار نفط أعلى لمدّة أطول.

المقاطعة النفطية

فرضت عدّة دول عربية مقاطعة نفطية على الولايات المتحدة وهولندا والدنمارك، في 19 أكتوبر/تشرين الأول 1973، إثر الدعم العسكري الذي قدّمته هذه الدول لإسرائيل في أثناء الحرب على مصر.

يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه رغم أن الإنتاج العالمي لم ينخفض أكثر من 5%، فقد ارتفعت أسعار النفط بمقدار 4 أضعاف.

وكان من المفترض أن تعود أسعار النفط إلى مستوى ما قبل المقاطعة النفطية مع انتهائها بعد أن استمرت نحو شهرين، لكن الأسعار بقيت في مستوياتها العالية لعدّة سنوات، ما يدلّ على أن الأسعار ارتفعت لأسباب أخرى لا تتعلق بالمقاطعة.

وأشارت دراسات إلى أن الأسباب الرئيسة لزيادة الأسعار وقتها تعود لعدم مواءمة نمو الطاقة الإنتاجية لنمو الطلب على النفط من جهة، والتسعير الحكومي للنفط في الولايات المتحدة من جهة أخرى، بحسب الدكتور أنس الحجي.

وردّت الدول المستهلكة على المقاطعة بسياسات عدّة كان لها أثر سلبي كبير في الدول النفطية؛ إذ كانت المقاطعة السبب الرئيس في بدء بناء الاحتياطيات الإستراتيجية، وإنشاء وزارات متخصصة بالطاقة، والتعاون بين الدول المستهلكة لوضع برامج لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة.

الأزمة ليست تكرارًا لأزمة 1973

بالنسبة لسوق النفط، فإن كل شيء يعتمد على كيفية ردّ إسرائيل على حماس -التي شنّت الهجوم- وإيران، التي يرى مراقبون أنها عادةً ما تتحكم في خيوط الحركة الفلسطينية.

ومع ذلك، استخلص مقال نشرته وكالة بلومبرغ، بعض الاستنتاجات الأولية؛ تتمثل في أن الأزمة ليست تكرارًا لأزمة أكتوبر/تشرين الأول 1973.

فالدول العربية لا تهاجم إسرائيل بشكل موحد؛ مصر والأردن وسوريا والمملكة العربية السعودية وبقية العالم العربي يراقبون الأحداث من على الهامش، ولا يشكّلونها.

وسوق النفط نفسها لا تتمتع بأيّ من خصائص ما قبل أكتوبر/تشرين الأول 1973؛ ففي ذلك الوقت، كان الطلب على النفط في ارتفاع، وكان العالم قد استنفد كل طاقته الإنتاجية الفائضة.

واليوم، أصبح نمو الاستهلاك معتدلًا، ومن المرجح أن يتباطأ أكثر مع تحول السيارات الكهربائية إلى حقيقة واقعة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- توقعات الطلب العالمي على النفط في 2024:

توقعات الطلب العالمي على النفط في 2024

وبالإضافة إلى ذلك، تتمتع السعودية والإمارات بقدرة فائضة كبيرة يمكنها أن تستعملها لكبح أسعار النفط، إذا اختارتا القيام بذلك.

وعلى القدر نفسه من الأهمية، لا تحاول دول أوبك -اليوم- تعزيز الأسعار بما يتجاوز بضعة دولارات إضافية، وستكون الرياض راضية بارتفاع أسعار النفط بنسبة 10-20% أخرى، إلى ما يزيد قليلًا عن 100 دولار للبرميل من 85 دولارًا حاليًا، بدلًا من دفعها للأعلى بنسبة تزيد عن 100% إلى 200 دولار للبرميل، بحسب ما أورده المقال.

قبل المقاطعة النفطية في أكتوبر/تشرين الأول 1973 مباشرةً، رفعت دول أوبك أسعار النفط الرسمية من جانب واحد بنحو 70%.

ورغم أن المقاطعة كانت العنصر الأكثر وضوحًا في الأزمة، فإن ارتفاع أسعار النفط كان حاسمًا بالقدر نفسه.

تداعيات محتملة على أسواق النفط

أشار المقال -الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله- إلى أنه من الممكن أن يكون للتداعيات تأثير في أسواق النفط خلال عامي 2023 و2024.

ويُمكن أن يأتي التأثير الأكثر إلحاحًا إذا خلصت إسرائيل إلى أن حماس تصرفت بناءً على تعليمات من طهران، وفي هذا السيناريو، يُمكن أن ترتفع أسعار النفط إلى أعلى من ذلك بكثير.

وحتى لو لم تردّ إسرائيل فورًا على إيران، فمن المرجح أن تؤثّر التداعيات في إنتاج النفط الإيراني.

منذ أواخر عام 2022، غضّت واشنطن الطرف عن ارتفاع صادرات النفط الإيرانية، متجاوزة العقوبات الأميركية، وكانت الأولوية في واشنطن هي التوصل إلى انفراج غير رسمي مع طهران.

ونتيجةً لذلك، ارتفع إنتاج النفط الإيراني بنحو 700 ألف برميل يوميًا في العام الجاري (2023)، وهو ثاني أكبر مصدر للإمدادات الإضافية في عام 2023، بعد النفط الصخري في الولايات المتحدة فقط.

ومن المرجح الآن أن ينفّذ البيت الأبيض العقوبات، وقد يكون ذلك كافيًا لدفع أسعار النفط إلى مستوى 100 دولار للبرميل، وربما أكثر من ذلك، بحسب المقال.

فائزون وخاسرون من الأزمة

ستستفيد روسيا من أيّ أزمة نفطية في الشرق الأوسط؛ ففي حالة فرض عقوبات أميركية على إيران، قد يخلق هذا الأمر مساحة لبراميل موسكو الخاضعة للعقوبات للفوز بحصّة في السوق وتحقيق أسعار أعلى.

وكان أحد الأسباب التي دفعت البيت الأبيض إلى غضّ الطرف عن صادرات النفط الإيرانية هو أنها تضرّ بروسيا.

وفي المقابل، يُمكن أن تستفيد فنزويلا أيضًا، مع قيام البيت الأبيض بتخفيف العقوبات لتخفيف ضغوط السوق، وفق ما رصدته منصة الطاقة.

كما أصبح الاتفاق الدبلوماسي السعودي الإسرائيلي، الذي توقّعه الكثيرون في أوائل ومنتصف عام 2024، ضحية، وكذلك التقارب السعودي الإيراني، الذي كان في حدّ ذاته عنصرًا آخر يؤدي إلى هبوط أسعار النفط.

أخيرًا، أشار المقال إلى اختلاف رئيس عن المقاطعة النفطية عام 1973، وهو أن واشنطن يمكنها الاستفادة من احتياطيها النفطي الإستراتيجي للحدّ من التأثير في أسعار البنزين، وفي شعبية الرئيس جو بايدن.

وإذا ارتفعت أسعار النفط بسبب التوترات في الشرق الأوسط، فمن المؤكد أن البيت الأبيض سيستعمل احتياطي النفط الإستراتيجي.

وعلى الرغم من أنه عند أدنى مستوى له منذ 40 عامًا، فإن الاحتياطي ما يزال لديه ما يكفي من النفط للتعامل مع أزمة أخرى.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تراجع احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي:

احتياطي النفط الإستراتيجي

ارتفاع أسعار النفط

ارتفعت أسعار النفط، في نهاية تعاملات يوم الجمعة (6 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، لكنها سجّلت خسائر أسبوعية قوية، إثر موجة بيع في سوق السندات الأميركية، تسببت في مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي ومخاوف بشأن انخفاض حادّ في الطلب على الوقود.

وفي ختام الجلسة، سجلت العقود الآجلة لخام برنت القياسي -تسليم ديسمبر/كانون الأول 2023- نحو 84.58 دولارًا للبرميل، بزيادة بنسبة 0.6%، وفق الأرقام التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي -تسليم نوفمبر/تشرين الثاني 2023- بنسبة 0.6%، لتصل إلى 82.79 دولارًا للبرميل.

كانت أسعار النفط قد صعدت إلى أعلى مستوياتها لعام 2023، أواخر شهر سبتمبر/أيلول المنصرم، لكن خام برنت انخفض بنسبة 9%، وخام غرب تكساس الوسيط بنحو 8.8%، في الأسبوع الماضي، وهو أكبر تراجع أسبوعي منذ مارس/آذار 2023.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق