تمر أسهم شركات الكهرباء المتجددة بانتكاسة قوية -في الوقت الراهن- أثرت في عمليات التداول على أسهمها في الأشهر الأخيرة، جراء أسعار الفائدة المرتفعة التي أضرت بالقيمة الحقيقية التي سيبيعون بها تلك السلعة الإستراتيجية بموجب العقود الآجلة المُبرمة، في ظل زيادة تكاليف التشغيل.

ويُهدد هذا التراجع في أسعار أسهم تلك الشركات بهروب الاستثمارات من هذا القطاع الحيوي الذي بات يُعول عليه لتحقيق التنمية الخضراء المستدامة، ما يُعرض بدوره أهداف الحياد الكربوني للخطر، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي ضوء هذا السيناريو شهدت أسهم شركات الكهرباء المتجددة عمليات بيع حادة في الأشهر الأخيرة، إذ تخلف أداؤها كثيرًا عن شركات الوقود الأحفوري، على وقع أسعار الفائدة المرتفعة التي عصفت بالقطاع النظيف، وفق صحيفة فايننشال تايمز.

وهبط مؤشر الكهرباء النظيفة العالمي إس أند بي، الذي يتألف من أكبر 100 شركة في طاقة الشمس والرياح وغيرها من الشركات ذات الصلة بالمصادر المتجددة، بنسبة 20.2% على مدار الشهرين الماضيين (أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2023).

وقد وضع هذا أسهم شركات الكهرباء المتجددة على المسار الذي يقودها إلى أسوأ أداء سنوي منذ عام 2013، وفي المقابل ارتفع مؤشر إس أند بي 500 إنرجي للنفط والغاز بنسبة 6%.

سحابة سوداء

قال مدير الحافظة في شركة برينسيبال آسيت مانغمنت Principal Asset Management العاملة في إدارة الأصول، مارتن فراندسن: "هناك سحابة سوداء تعلو أسهم الكهرباء المتجددة".

ويبرز قطاع الطاقة المتجددة، على وجه خاص، عرضة لارتفاع أسعار الفائدة، نظرًا إلى موافقة شركات عديدة على عقود طويلة الآجل، ما ثبت السعر الذي سيبيعون عنده الكهرباء قبل تطوير مشروعات الطاقة.

ومع ارتفاع معدل التضخم عالميًا، تأثرت شركات الكهرباء المتجددة بالزيادة الحادة في التكاليف، التي فاقمتها مستويات الطلب المرتفعة على مشروعات الكهرباء الخضراء، في حين رفعت أسعار الفائدة المرتفعة تكاليف الاقتراض إلى الدرجة التي يتعذر معها سداد تلك المستحقات.

أهداف الحياد الكربوني في خطر

أوضح فراندسن: "قبل عامين حققنا نموًا في الالتزامات ذات الصلة بأهداف الحياد الكربوني، التي تُترجم إلى فرص استثمارية كبيرة، ثم وصلنا إلى هذا المستوى المرتفع من التضخم، وأصبحت الشركات التي ثبتت أسعار الكهرباء الخاصة بها، منكشفة جدًا على المخاطر".

وأضاف: "آثار هذا تظهر الآن على أرض الواقع"، في تصريحات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وكانت أسهم شركات الكهرباء المتجددة، وتحديدًا الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح من بين أكثر الأسهم تضررًا، إذ أعلنت عملاقة صناعة توربينات الرياح السويدية فاتنفول Vattenfall في يوليو/تموز (2023) أن تكاليفها قد ارتفعت 40%.

بينما هبطت تكاليف شركة سي إس ويند CS Wind الكورية الجنوبية الرائدة في تصنيع أبراج الرياح، 28% منذ بداية أغسطس/آب (2023)، وفق فايننشال تايمز.

توقعات نمو منخفضة

في 4 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، أعلنت مشغلة طاقة الشمس والرياح نكست إيرا إنرجي NextEra Energy خفضًا في توقعاتها للنمو لمدة 3 أعوام.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة نكست إيرا إنرجي، جون كيتشوم: "السياسة النقدية المتشددة وأسعار الفائدة المرتفعة تؤثر بوضوح على التمويل اللازم لتنمية توزيعات أرباح الأسهم على المساهمين بنسبة 12%".

وتكبّدت عملاقة صناعة توربينات الرياح الدنماركية فيستاس Vestas خسائر لامست قيمتها 130 مليون يورو في الربع الثاني من العام الجاري (2023).

وقد جعلت التهديدات الناتجة عن الائتمانات الضريبية الأقل سخاءً والتأخيرات التي تؤثر في مصنعي أسس توربينات الرياح الأميركيين، الأمور أكثر صعوبةً بالنسبة إلى شركات طاقة الرياح البحرية مثل أورستد Ørsted الدنماركية التي هوت أسهمها بنحو 30% منذ أواخر أغسطس/آب (2023).

ووفق تقديرات محللي مصرف يو بي إس، من الممكن أن تكلف الحساسية لأسعار الفائدة المرتفعة أورستد ما بين 15 مليار كرونة دنماركية (709 ملايين دولار أميركي) و10 مليارات كرونة دنماركية (1.42 مليار دولار أميركي).

(كرونة دنماركية = 0.14 دولارًا أميركيًا)

الشركات محبطة

يقول بعض التجار، إن نماذج أعمال شركات الكهرباء المتجددة غير صالحة لمواكبة معدلات التضخم المرتفعة، وأسعار الفائدة المرتفعة.

وفي هذا الصدد، قال مدير الحافظة في فونتوبل آسيت مانغمنت Vontobel Asset Management، ديفيد سوكار: "الشيء الأكثر أهمية هو أن الكثير من تلك الشركات تشعر بالإحباط جراء معدلات الربحية المنخفضة المتحققة لديها".

وأضاف سوكار: "ولدعم النمو السريع، فأنت بحاجة إلى الاستمرار في ضبط الموازنة أو إصدار الأسهم، وقد نجحت تلك الصيغة في البيئات المحققة لأهداف الحياد الكربوني، لكن في البيئات التي ترتفع فيها أسعار الفائدة، تصبح تلك الصيغة عديمة الجدوى".

من جهته، قال التاجر السابق في مؤسسة سوروس فاند مانغمنت Soros Fund Management العاملة في مجال إدارة الأصول رينود سالور: "سلسلة القيمة بأكملها في معضلة".

وأوضح سالور، الذي يشغل -الآن- منصب رئيس شركة أناكوندا إنفيست Anaconda Invest: "العقود الموقعة في صناعة طاقة الرياح البحرية ستتكبد خسائر فادحة لمدة طويلة، إلى أن تدرك الحكومات المختلفة أنها بحاجة إلى تقديم ما بين 80 و100 دولار لكل ميغاواط في الساعة، وليس من 30 إلى 40 دولارًا".

غزو صيني

في سبتمبر/أيلول (2023) حذر مصنعو الألواح الشمسية في أوروبا من أن تدفق البدائل الصينية رخيصة التكلفة تُهدد القدرة التنافسية للشركات المحلية، وتضعف مكانتها في السوق.

وقال مدير الحافظة في الأسواق الناشئة لدى مؤسسة بريميير ميتون Premier Miton، فيونا مانينغ: "عدم التوازن بين الطلب والعرض ازداد خلال العام الماضي (2022) أو نحو ذلك".

ومع ذلك، فإن المصنعين في الصين، الذين يهيمنون على سلسلة إمدادات الطاقة الشمسية، يتكبدون خسائر فادحة في أسعار أسهمهم، بعد أن وقعوا في فخ عمليات البيع هذا العام (2023) في أسواق الأسهم في البلاد.

ومنذ يناير/كانون الثاني (2023)، هبطت أسهم شركات الكهرباء المتجددة المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز العالمي للكهرباء النظيفة: صن غرو باور سبلاي، وجيه إيه سولار تكنولوجي، ورايزين إنيرجي بنحو 32%، و33%، و44% على الترتيب.

كما جرى تداول أسهم الشركات المتوسطة في قطاع تصنيع الألواح الشمسية العالمية بقيمة مؤسسية إلى الأرباح قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك، تلامس قرابة 9 أضعاف، بأقل من قيمة العام الماضي بنحو 16 مرة، بحسب ما أوردته وحدة بلومبرغ إن إي إف.

موضوعات متعلقة..

• الأردن يعيد التفاوض مع شركات الطاقة المتجددة حول تعرفة أسعار الكهرباء
• تحول الطاقة.. رياح معاكسة تواجه طموحات شركات الطاقة المتجددة (تقرير)
• أورستد قد تخسر 2.3 مليار دولار في أميركا.. وأسهمها عند قاع 4 أعوام

اقرأ أيضًا..

• شركات الطاقة والمرافق الأوروبية تخسر 66 مليار دولار من انهيار عملياتها في روسيا
• الحرب الروسية الأوكرانية تكبّد فينترسال ديا الألمانية 5 مليارات دولار في 2022
• توتال إنرجي الفرنسية تتخلى عن حصتها في نوفاتك الروسية رغم الخسائر