التقاريرتقارير السياراتتقارير دوريةسلايدر الرئيسيةسياراتوحدة أبحاث الطاقة

كم تبلغ انبعاثات السيارات الكهربائية طوال دورة حياتها مقارنة بالمركبات التقليدية؟

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • سلسلة قيمة السيارات الكهربائية ما زالت معتمدة على الوقود الأحفوري
  • انبعاثات المركبات الكهربائية لن تتجاوز نصف التقليدية على مدى العمر الافتراضي
  • أنماط القيادة ومسافات السفر ومزيج الكهرباء الوطني عوامل مؤثّرة
  • نتائج تحليل انبعاثات السيارات الكهربائية في فرنسا أفضل من ألمانيا

تثير مسألة انبعاثات السيارات الكهربائية جدلًا واسعًا بين المؤيدين والمعارضين، خاصة مع قرارات بعض الدول بحظر بيع السيارات التقليدية العاملة بالبنزين والديزل بحلول 2030 أو 2035.

وتروّج شركات السيارات الكهربائية إلى منتجاتها بوصفها صديقة للبيئة لانعدام الانبعاثات الصادرة من تشغيلها، متجاهلة الانتقادات الموجهة إلى سلسلة القيمة المعتمدة بصورة كبيرة على الوقود الأحفوري، لا سيما إنتاج الكهرباء.

وأظهر تقرير تحليلي حديث- اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن التأثير البيئي الإيجابي للتحول إلى السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية أمر محسوم على مدى حسابات عمر السيارة، رغم الانتقادات الموجهة إليها.

وتوصّل التقرير الصادر عن شركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي" إلى أن انبعاثات السيارات الكهربائية يمكن أن تصل إلى نصف الانبعاثات الصادرة عن السيارات العاملة بالبنزين والديزل على مدى العمر الافتراضي، بغضّ النظر عن ظروف بلد التشغيل.

منهجية المقارنة بين السيارتين

حتى في البلدان التي يهيمن فيها الوقود الأحفوري على مزيج الكهرباء، فإن السيارات التي تعمل بالبطاريات سينبعث منها نحو 50% من مكافئ ثاني أكسيد الكربون المنبعث من السيارات التقليدية ذات محرك الاحتراق الداخلي.

ورجّح التقرير انخفاض انبعاثات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية بنسبة 86% مع انتشار الطاقة المتجددة وزيادة إحلالها محل التوليد بالفحم أو الغاز الطبيعي.

واستندت ريستاد إنرجي إلى تحليل مقارن لدورة حياة انبعاثات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية وسيارات الاحتراق الداخلي، في كل مراحل تصنيع السيارة وتشغيلها.

ويشمل التحليل صناعة جسم السيارة، وتجميع مجموعة نقل الحركة، والصيانة، والانبعاثات المتعلقة بالوقود والكهرباء، وإنتاج البطاريات، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

انبعاثات السيارات
انبعاثات السيارات - الصورة من University of California

ونبّهت ريستاد إنرجي إلى أنها لا تغفل التأثيرات المجتمعية والإنسانية المرتبطة بتصنيع السيارات الكهربائية وإنتاج البطارية وأنشطة التعدين المرتبطة بهما، في إشارة إلى بعض انتهاكات قطاع المناجم لحقوق المجتمعات المحلية والنظم البيئية والحياتية.

ورغم ذلك، يركّز تحليل شركة الأبحاث النرويجية بصورة كاملة على مقارنة انبعاثات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية والمركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري.

نتائج الانبعاثات في الصين وأميركا

استنادًا إلى مزيج توليد الكهرباء الحالي في الصين، يمكن لانبعاثات السيارات الكهربائية أن تصل إلى 39 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل سيارة، على مدى عمرها الافتراضي مقابل 85 طنًا للسيارة التقليدية.

بينما تُقدَّر انبعاثات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة بـ42 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي أقلّ بنسبة 58% من سيارة البنزين والديزل التي تُقدَّر انبعاثاتها بـ100 طن على مدى حياتها.

وتسهم الانبعاثات المتصلة باستخراج وتكرير وحرق الوقود الأحفوري بما يقرب من 90% من إجمالي انبعاثات السيارات التقليدية المقدَّرة في تحليل ريستاد إنرجي.

بينما ترتبط أغلب انبعاثات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية ارتباطًا مباشرًا باستهلاكها من الكهرباء وكيفية توليدها على حسب مصدرها متجددًا كان أو أحفوريًا، وهو ما يتأثر بصورة أو بأخرى بمزيج الكهرباء في البلدان ومدى سرعتها في التحول إلى الطاقة المتجددة وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.

انتقادات السيارات الكهربائية

عمومًا، يبدو من الواضح أن السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية هي التقنية المناسبة لخفض الانبعاثات في قطاع النقل على المدى الطويل، رغم التأثير الأكبر في بداية عمر هذه السيارات.

ويخالف هذا التحليل بعض الاتجاهات المشككة في مدى صداقة السيارات الكهربائية للبيئة والإنسان، إذ يصفها بعضهم بالخيار الخادع، لكن الحقيقة أنها ستعمل على خفض الانبعاثات في المدى الطويل، وستساعد في تسريع مسارات تحول الطاقة عالميًا، بحسب محلل التقنيات النظيفة في ريستاد إنرجي، أبهيشيك مورالي.

واختار التحليل 5 دول معبّرة عن اختلاف عوامل النقل وأنماط القيادة ونوع السيارة السائدة في كل دولة، ومزيج الكهرباء التاريخي والمتوقع، وهي: الصين والولايات المتحدة والهند وألمانيا وفرنسا.

فقد اختيرَت ألمانيا وفرنسا -على سبيل المثال- بوصفهما نموذجين معبّرين عن السوق الأوروبية بصورة عامة، مع اختلاف مزيج الكهرباء وتشابههما في عوامل أخرى.

واستعملت ريستاد إنرجي توقعات الحالة الأساسية لتوليد الكهرباء في كل دولة عند تقييم دورة حياة انبعاثات السيارات الكهربائية والتقليدية لتعكس تأثير قطاع توليد الكهرباء وتطوراته في حالة المركبات الكهربائية العاملة بالبطارية.

ويفترض التحليل أن العمر الافتراضي للسيارات 18 عامًا، تتحول بعدها إلى نفايات، ويُتخلَّص من معظمها عبر إعادة التدوير وغيرها، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتختلف المسافة السنوية المقطوعة بالسيارات من بلد إلى آخر بصورة كبيرة، إذ يقود المستهلكون في الولايات المتحدة مسافات أطول من أيّ بلد آخر في العالم، إذ تُقدَّر المسافة التي تقطعها المركبات الأميركية بـ23 ألف كيلومتر سنويًا، مقارنة بـ12 ألف كيلومتر في الصين، و13.5 ألف كيلومتر في ألمانيا وفرنسا والهند.

الفرق بين فرنسا وألمانيا والهند

سيؤدي مزيج الكهرباء في كل بلد دورًا مهمًا في تحديد مدى سرعة تحقيق خفض الانبعاثات عند التحول إلى السيارات الكهربائية العاملة بالبطارية، فالبلاد صاحبة المزيج الأعلى المتسارع ستحقق معدلات أعلى في الخفض، والعكس صحيح.

ومن المتوقع أن تصبح المركبات التقليدية أكثر انبعاثًا مع تقدّمها في العمر، بينما ستقلّ انبعاثات السيارات الكهربائية مع مرور السنين لزيادة توليد الكهرباء من المصادر النظيفة الصديقة للبيئة.

على سبيل المثال، يشير سيناريو الحالة الأساسية لتوقعات تطور شبكة الكهرباء في الولايات المتحدة إلى أن انبعاثات السيارات الكهربائية ستصل إلى 14% فقط من إجمالي الانبعاثات الصادرة عن سيارات البنزين أو الديزل بحلول عام 2041.

كما يمكن العثور على تناقضات صارخة في المناطق الجغرافية ذات الظروف والعوامل المتشابهة، مثل ألمانيا وفرنسا، إذ يتمثل الفرق الوحيد بينهما في كثافة الانبعاثات الصادرة عن الشبكة.

وتقلّ كثافة الكربون الصادرة عن شبكة الكهرباء في فرنسا بنسبة 84% عن نظيرتها في ألمانيا، بسبب اعتماد باريس على الطاقة النووية بصورة كبيرة، بينما تعتمد برلين على الغاز إلى حدّ كبير.

استنادًا إلى ذلك، يُتوقع أن تقل الانبعاثات الناتجة عن شحن السيارات الكهربائية في فرنسا بنسبة 70% عن نظيرتها في ألمانيا، ما سينعكس على انخفاض انبعاثات دورة الحياة الكاملة للسيارات بنسبة 37% عن برلين.

ويختلف تطبيق المقارنة نفسها مع الدول ذات مزيج الكهرباء المعتمد بشدّة على الفحم، مثل الهند، حيث يُتوقع انخفاض انبعاثات دورة حياة السيارة الكهربائية بنسبة 43%.

وعمومًا، تشجّع ريستاد إنرجي على اعتماد السيارات الكهربائية حتى في ظل الوضع الراهن لمزيج الكهرباء العالمي، لما له من فوائد بيئية خاصة في البلدان التي تقطع مسافات طويلة سنويًا، مثل الولايات المتحدة.

ويوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- مبيعات السيارات الكهربائية في العالم خلال 8 سنوات وتوقعاتها عام 2023:

انبعاثات السيارات الكهربائية

حجم الانبعاثات المتجنبة

يمكن استعمال تحليل مزيج الكهرباء في تقدير حجم الانبعاثات التي يمكن تجنُّبها من خلال مبيعات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية، على افتراض أن مسافة القيادة هي نفسها عبر كلا النوعين من المركبات.

ويختلف متوسط إزاحة الانبعاثات بصورة كبيرة على حسب ظروف كل بلد وأنماط القيادة ومدى توافر نماذج السيارات، إذ تتمتع الصين -على سبيل المثال- بمتوسط سنوي منخفض لعدد الكيلومترات، كما تتوافر نماذج السيارات الكهربائية على نطاق واسع، ما يؤدي إلى عامل إزاحة للانبعاثات يبلغ 1:1 تقريبًا.

ورغم ذلك، فإن اعتماد السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة يمكن أن يختلف تأثيره بصورة كبيرة من ولاية إلى أخرى، مع تقديرات بأن يبلغ عامل إزاحة الانبعاثات في كاليفورنيا إلى 1:1 تقريبًا، بينما يُتوقع أن يكون المتوسط الوطني (0:6).

لتوضيح ذلك، باعت الصين 5 ملايين سيارة كهربائية للركاب في عام 2022، مقابل 17 مليون سيارة تعمل بمحرك الاحتراق الداخلي، وإذا افترضنا أن المركبة الكهربائية الواحدة سينبعث منها 39 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون خلال عمرها الافتراضي، مقابل 85 طنًا لكل سيارة تقليدية، فإن مبيعات السيارات التقليدية في الصين سينبعث منها 1.4 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (حاصل ضرب عدد السيارات المبيعة 17 مليون سيارة وانبعاثات كل سيارة 85 طنًا)، مقابل انبعاث 200 مليون طن من السيارات الكهربائية المبيعة في عام 2022.

أمّا إذا افترضنا إضافة الـ5 ملايين سيارة كهربائية إلى مبيعات السيارات التقليدية، لتصبح 23 مليون سيارة -كأن مبيعات السيارات الكهربائية لم تكن-، فستزيد الانبعاثات المضافة في حدود 430 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

ويعنى هذا أن السيارات الكهربائية تؤدي إلى خفض انبعاثات دورة الحياة للسيارات الصينية المبيعة في عام 2022 بمقدار 230 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي ما يمثّل 14% من إجمالي انبعاثات سيارات الركّاب.

وتمتد هذه التقديرات إلى السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة المتوقع مساهمتها بخفض انبعاثات دورة الحياة بما يعادل 25 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق