التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير السياراترئيسيةسيارات

انبعاثات السيارات الكهربائية.. آفة تمهد الطريق لاستمرار محرك الاحتراق الداخلي

هبة مصطفى

يُنظر إلى السيارات الكهربائية بصفتها بديلًا عن سيارات محرك الاحتراق الداخلي، وبُني هذا الادّعاء بالنظر إلى أن الأولى لا تتسبب في إطلاق انبعاثات مقارنة بنظيرتها التقليدية العاملة بالوقود الأحفوري.

ومع التطور الذي تشهده صناعة المركبات الكهربائية، توصلت دراسات إلى مفاجأة من العيار الثقيل قد تنسف حضور هذه المركبات في الخطط المناخية؛ إذ كشفت عن أن مراحل تصنيعها واستخدامها تطلق انبعاثات هائلة، بحسب تقرير نشرته صحيفة ذي كونفرسيشن (The Conversation).

وبينما تشن أوروبا حربًا على سيارات محرك الاحتراق الداخلي، قد يحول حجم انبعاثات صناعة السيارات الكهربائية مسار الأهداف المناخية وطموحات نشرها على الطرق، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

من أين تأتي الانبعاثات؟

فنّدت دراسات عدة مصادر انبعاثات السيارات الكهربائية وتأثيرها البيئي، وأجرت مقارنة بين حجم انبعاثاتها وانبعاثات سيارات محرك الاحتراق الداخلي.

وخلصت الدراسات إلى مصدرين رئيسين لانبعاثات السيارات الكهربائية: انبعاثات عملية التصنيع خاصة معالجة معادن البطاريات، بالإضافة إلى مزيج الكهرباء المستخدم وقودًا لشحن السيارات.

وتعوّل بلدان عدة على السيارات الكهربائية لتلبية أهدافها المناخية لنهاية العقد الجاري (2030) ومنتصف القرن (2050)؛ إذ تعد وسيلة نقل تلائم خطط تحول الطاقة قصيرة المدى.

السيارات الكهربائية
شحن سيارة كهربائية - الصورة من Air Quality News

وبالقياس على الدول الأوروبية، نجد أن فرنسا الأوفر حظًا؛ إذ تعتمد بنسبة كبيرة على الكهرباء المولدة من الطاقة النووية منخفضة الكربون، غير أن هذه الميزة قد لا تتمتع بها غالبية دول القارة العجوز.

ونتيجة لذلك، توصّل الباحثون إلى أن قابلية نشر السيارات الكهربائية على الطرق واعتبارها بديلًا آمنًا لسيارات محرك الاحتراق الداخلي تختلف من ظروف تصنيع لأخرى، وحسب حصص مزيج الكهرباء أيضًا.

ورغم التحذير من انبعاثات السيارات الكهربائية؛ فإن هذا التخوف لا يقيد انتشارها ولا سيما أن لها دورًا كبيرًا في الحد من البصمة الكربونية لقطاع النقل.

بدائل مستقبلية

لا خلاف حول كون قطاع النقل أحد المسببات الرئيسة للتلوث وأن للسيارات الكهربائية دورًا في خفض هذه الانبعاثات، وتُلزم -بعض- المدن الأوروبية مالكي السيارات التقليدية بها بشراء سيارات مطورة تطلق حجم انبعاثات أقل.

ورغم ذلك؛ فقد بات التساؤل حول مستقبل استخدام السيارات الكهربائية -رغم ما أُثير حول انبعاثاتها- أمرًا منطقيًا، خاصة أن هناك بيانات تُشير إلى أن الاعتماد عليها في أعقاب عام 2100 لن يكون مفيدًا لتراجع الموارد الطبيعية خلال النصف الثاني من القرن الجاري.

ورجّح باحثون أن التكيف مع "الاستخدام المحدود" للسيارات بصورة عامة -سواء كانت كهربائية أو تقليدية- يُعَد الحل الأمثل والأكثر أمانًا للبيئة.

ولفتوا إلى أن التخلي عن سيارات محرك الاحتراق الداخلي في أوروبا بحلول عام 2035 لا يعني بالضرورة نشر السيارات الكهربائية، لكن فلسفة التعامل مع السيارات بصورة عامة قد تكون البديل الأفضل للسيارات التقليدية.

السيارات الأوروبية

المحاولات الأوروبية لفرض حظر على بيع سيارات محركات الاحتراق الداخلي الجديدة بدءًا من عام 2035، لم تأخذ بعين الحسبان المخاوف من انبعاثات السيارات الكهربائية في ظل المطالبات بالاعتماد عليها مستقبلًا.

وسعت دول الاتحاد الأوروبي لدعم هدفها الرامي لخفض الانبعاثات بحلول عام 2030 بنسبة 50%، والتخلي عن الانبعاثات بصورة نهائية بحلول عام 2050، عبر حظر بيع السيارات التقليدية الجديدة.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم مبيعات السيارات الكهربائية للركاب في العالم من عام 2015 حتى عام 2022:

مبيعات السيارات الكهربائية تسجل قفزات سنوية مع التوجه العالمي إلى تقليل الانبعاثات

وبطريقة غير مباشرة، تأتي محاولات دول الاتحاد لإقرار الحظر في صالح السيارات الكهربائية لدورها في خفض انبعاثات النقل.

وبالفعل، يزداد حجم المبيعات تباعًا إلى أن أصبحت تُشكِّل حصة قدرها 10% من المبيعات الأوروبية، بينما يبدو أن المشهد يظهر متوافقًا بين حظر السيارات الأوروبية بحلول عام 2023 وبين الأهداف المناخية.

وتتطلب النقلة النوعية للسيارات في أوروبا، خلال مرحلة ما قبل عام 2035 وما بعده، تهيئة البنية التحتية للطرق والشحن.

معادن السيارات

يعتمد تطوير قطاع النقل الكهربائي وتصنيع ونشر السيارات الكهربائية على توافر المعادن الضرورية -وأبرزها الليثيوم، وتعكس مستهدفات الدول طلبًا مستقبليًا قويًا على المعادن قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار واضطراب سلاسل التوريد.

وتشكك هذه الرؤية في قدرة دول القارة العجوز على الوفاء بمستهدفات النقل النظيف؛ إذ تُشير التوقعات إلى عدم قدرتها على توفير الموارد الضرورية؛ ما قد يضطرها للاعتماد على الواردات وبالتبعية ترتفع الأسعار.

وبهذا، يمكن القول إن عملية انتقال الطاقة في قطاع النقل والتخلي عن سيارات محرك الاحتراق الداخلي لصالح السيارات الكهربائية هي "جزء" من إستراتيجية الحياد الكربوني وليست حلًا كافيًا لتلبية الأهداف المناخية بالكامل.

وشرعت دول أوروبية في تقديم إعفاءات ضريبية ومزايا لمشتري السيارات الكهربائية، ولا سيما في المدن بصورة أكبر من المناطق الريفية.

وتجد الحكومات الأوروبية نفسها مطالبة بدعم الشركات والأفراد لتحقيق الانتقال الذي تستهدفه في قطاع النقل، ولا سيما أن نشر السيارات الكهربائية بمعدلات ضخمة يرفع الطلب على الكهرباء ويزيد الضغط على الشبكات واستخدامات التدفئة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق