دعم السيارات الكهربائية في ألمانيا بأكثر من 10 مليارات دولار.. وخبير: هذا هُراء
محمد عبد السند
- تهتم ألمانيا بنشر استعمال السيارات الكهربائية ضمن جهود تحول الطاقة
- تبرز كهربة قطاع النقل عاملًا رئيسًا في تحقيق الأهداف المناخية
- تلقت السيارات الكهربائية في ألمانيا دعمًا حكوميًا تلامس قيمته 9.5 مليار يورو
- تراجع الطلب على السيارات الكهربائية في أوروبا خلال الأشهر الأخيرة نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء
- يبلغ الدعم الحكومي 4 آلاف و500 يورو للسيارات التي تصل كلفتها إلى 40 ألف يورو
يحظى قطاع السيارات الكهربائية في ألمانيا باهتمام الحكومة الفيدرالية، الذي يتجلى في حزم الدعم الممنوحة، بهدف زيادة معدلات انتشار هذا النوع من المركبات صديقة البيئة، لكونها ركيزة أساسية في جهود تحول الطاقة والوصول إلى أهداف الحياد الكربوني.
وتبرز كهربة قطاع النقل عاملًا رئيسًا في تحقيق الأهداف المناخية، كونه يمثّل مصدرًا لنحو 30% من انبعاثات غازات الدفيئة، المسبب الرئيس للتغيرات المناخية.
وتلقت السيارات الكهربائية في ألمانيا دعمًا حكوميًا تلامس قيمته 9.5 مليار يورو (10 مليارات و57 مليون دولار أميركي) لشراء مليوني وحدة، وفق ما أوردته صحيفة هاندلسبلات الألمانية اليومية.
(اليورو = 1.06 دولارًا أميركيًا).
غير أن قيمة دعم السيارات الكهربائية في ألمانيا التي كشفت عنها برلين قد أثارت انتباه الخبراء، على رأسهم مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، الذي وصف الأمر برمته بـ"هُراء الدعم".
The nonsense of subsidies! About $ 8,200 per car. This is higher than the per-capita income in 44 countries!
Its more than 6 times the per capita income in the DRC, where the cobalt is mined to be used in these cars!Germany EV subsides: cost of $16.5 bn…
— Anas Alhajji (@anasalhajji) September 29, 2023
وأبدى الحجي، عبر منشور كتبه على منصة التغريدات المصغرة إكس ("تويتر" سابقًا)، تعجبه من مدفوعات الدعم الألمانية المخصصة لشراء السيارات الكهربائية، قائلًا: "هُراء الدعم! قرابة 8 آلاف و200 دولار أميركي للسيارة الواحدة، وهذا يزيد على دخل الفرد في 14 دولة! ويتجاوز هذا، بواقع 6 أضعاف، دخل الفرد في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي يُستخرج منها الكوبالت لاستعماله في تلك السيارات".
إنفاق ضخم
قال المكتب الفيدرالي للشؤون الاقتصادية والرقابة على الصادرات "بي إيه إف إيه" BAFA المسؤول عن دعم المدفوعات، إن إجمالي الموافقات الخاصة بأقساط الشراء قد لامست مليونين في شهر سبتمبر/أيلول (2023).
واستعملت مدفوعات الدعم لشراء 1.23 مليون سيارة كهربائية، و770 ألف سيارة هجين، إلى جانب 400 سيارة تعمل بخلايا الوقود.
وتلقى المكتب الفيدرالي للشؤون الاقتصادية والرقابة على الصادرات ما يزيد على 300 ألف طلب للحصول على الدعم، في حين تستهدف الحكومة تسيير 15 مليون سيارة كهربائية على الطرق بحلول نهاية العقد الجاري (2030).
غير أن الكثيرين من الخبراء يشككون في جدوى تحقيق هذا المستهدف الطموح على الأرض.
ويحظى شراء السيارات الكهربائية في ألمانيا بالدعم منذ عام 2016، وبدءًا من العام الجاري (2023)، أضحت السيارات النظيفة أو نظيرتها التي تعمل بخلايا الوقود هي المستحقة للحصول على دعم حكومي.
وخلال السنوات السابقة، غطّى الدعم -أيضًا- المركبات الهجين التي تجمع بين محرك الاحتراق الداخلي ومحرك كهربائي يمكن شحنه داخليًا.
وفي الوقت الحالي يبلغ الدعم الحكومي 4 آلاف و500 يورو للسيارات التي تصل كلفتها إلى 40 ألف يورو، و3 آلاف يورو للسيارات التي يتراوح سعرها من 40 ألفًا إلى 56 ألف يورو.
وخلال الأول من شهر يناير/كانون الثاني (2024)، سيجري خفض قيمة الدعم المُخصص للسيارات البالغة كلفتها 45 ألف يورو إلى 3 آلاف يورو.
ومنذ الأول من سبتمبر/أيلول (2023)، أصبح يحق للأشخاص فقط التقدم للحصول على الدعم المذكور.
وقف الدعم
في الـ27 من سبتمبر/أيلول (2023) جرى وقف خطة لدعم السيارات الكهربائية في ألمانيا بعد طرحها بأقل من 24 ساعة، نتيجة الطلب القوي على المدفوعات الخاصة بتركيب الألواح الشمسية على الأسطح، والتخزين ونقاط الشحن، ما يثير تساؤلات بشأن فاعلية الدعم الممنوح لمرة واحدة في مسار تحول الطاقة، وفق ما أوردته وكالة رويترز.
وقدّم البرنامج -الذي يرتكز على موازنة قدرها 300 مليون يورو (317 مليون دولار أميركي) مُخصصة من وزارة النقل الألمانية للعام الحالي (2023)- دعمًا يصل إلى 10 آلاف و200 يورو لأرباب المنازل الذين يمتلكون سيارات كهربائية، لتركيب محطة شمسية ومحطة شحن.
لكن سرعان ما أثار نفاد أموال البرنامج المذكور تساؤلات في سوق الطاقة الشمسية بشأن فاعلية التدخلات في تلك السوق في خلق طلب مستدام وتعزيز التحول إلى المصادر المتجددة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة 1 كوما5 "1Komma5" العاملة في مجال الطاقة الشمسية فيليب شرودر: "على نطاق 33 ألف سيارة في سوق لديك فيه 3.3 مليون سيارة جديدة سنويًا... هذا ليس فاعلاً جدًا"، في تصريحات أدلى بها إلى وكالة رويترز.
سوق السيارات الكهربائية
يستهدف برنامج دعم السيارات الكهربائية في ألمانيا الذي دُشن صباح الثلاثاء 26 من سبتمبر/أيلول (2023) تعزيز التحول إلى المركبات النظيفة، وخفض الحاجة إلى محطات الشحن العامة.
وتلقت السلطات المختصة قرابة 33 ألف طلب خلال 24 ساعة من وقت طرح البرنامج، ما يعني استنفاد الأموال المخصصة لخطة الدعم، بحسب ما أعلنه ناطق باسم بنك "كيه إف دبليو" المسؤول عن منح أموال الدعم.
وكانت وزارة النقل الألمانية قد أعلنت البرنامج المذكور في أوائل سبتمبر/أيلول (2023)، وقد خصصت ما إجمالي قيمته 500 مليون يورو -تقريبًا- لدعم السيارات الكهربائية في ألمانيا، مع الاحتفاظ بما قيمته 200 مليون يورو للعام المقبل (2024).
وعلى صعيد متصل أشار الرئيس التنفيذي لشركة 1 كوما5 "1Komma5"، العاملة في مجال الطاقة الشمسية فيليب شرودر، إلى أن برنامج الدعم أدى بالتالي إلى إرباك سوق السيارات الكهربائية المزدهرة وخلق حالة من عدم اليقين، إذ إن معظم المستهلكين الذين كانوا يفكرون في تركيب محطة شمسية مزودة بصندوق حائط قد يترقبون بدء الجزء الثاني من الدعم خلال عام 2024.
وتابع: "رسالتنا إلى الحكومة: رجاءً لا تفاقموا الأوضاع، ولا تطرحوا أي حزم دعم لمرة واحدة ثانيةً على الإطلاق".
ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- أكثر 10 دول من حيث نصيب الفرد في امتلاك السيارات الكهربائية:
فولكس فاغن توقف الإنتاج
خفّضت عملاقة صناعة السيارات الألمانية فولكس فاغن إنتاج السيارات الكهربائية في مصنعين تابعين لها في ألمانيا، نتيجة تراجع الطلب الأوروبي، وتقلص الدعم الحكومي، حسبما أوردت شبكة "بلومبرغ".
وقررت فولكس فاغن خفض إنتاج طرازي آي دي.3 وكوبرا، في مصنعها الرئيس الكائن في مدينة تسفيكاو حتى السادس عشر من أكتوبر/تشرين الأول (2023)، وفق ما أعلنه متحدث باسم الشركة.
كما ستوقف فولكس فاغن تجميع طراز آي دي.3 في مصنعها الصغير الواقع في دريسدن، خلال أول أسبوعين من أكتوبر/تشرين الأول (2023).
وتجري فولكس فاغن المباحثات مع ممثلين عمال محليين بشأن الكيفية التي ستواصل من خلالها الشركة الإنتاج في مصنع تسفيكاو الواقع بالقرب من الحدود التشيكية، خلال النصف الثاني من أكتوبر/تشرين الأول (2023)، بحسب الناطق باسم الشركة.
في المقابل ستعود عمليات تجميع السيارات في مصنع دريسدن إلى وضعها الطبيعي خلال المدة ذاتها.
هبوط الطلب في أوروبا
تراجع الطلب على السيارات الكهربائية في أوروبا خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء وزيادة تكاليف المعيشة والاقتراض، بالإضافة إلى مخاوف المستهلك إزاء توافر البنية التحتية للشحن ومدى البطاريات.
وقاد القرار -الذي اتخذته الحكومة الألمانية بإنهاء الدعم المخصص للسيارات الكهربائية في أساطيل السيارات خلال سبتمبر/أيلول (2023)- إلى زيادة نسبتها 171% في تسجيلات السيارات الكهربائية الجديدة في أغسطس/آب (2023)، مقارنة بالشهر السابق، وفق تقديرات رابطة صناعة السيارات الألمانية.
وفي ضوء تلك الخلفية قادت ألمانيا حملة على مدار أشهر لتوسيع استعمال محركات الاحتراق الداخلي بموجب خطط المناخ التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي من خلال استعمال ما يسمى الوقود الاصطناعي.
يُشار إلى أنه خلال سبتمبر/أيلول (2023) أعلنت فولكس فاغن تسريح 269 عاملًا مؤقتًا في مصنع تسفيكاو، ممن تنتهي عقودهم السنوية قريبًا.
وهبطت الطلبيات على سيارات الشركة في أعقاب إلغاء برنامج الدعم.
موضوعات متعلقة..
- السيارات الكهربائية في ألمانيا تنتعش خلال أول 7 أشهر من 2023
- ألمانيا.. إقبال كبير على شراء السيارات الكهربائية بسبب الحوافز
- تعافي قطاع السيارات في ألمانيا
- السيارات الكهربائية.. ألمانيا تتفوق على أميركا وتحتل المرتبة الثانية
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: النفط الإيراني يُصدر إلى الخارج عبر دولة خليجية بموافقة أميركية
- تآكل إطارات السيارات الكهربائية.. مُعضلة تهدد التحول إلى النقل الأخضر
- أكبر 6 منصات نفطية في العالم من حيث الإنتاج.. أميركا بالمقدمة (إنفوغرافيك)
- هل يفقد الوقود الأحفوري هيمنته في توليد الكهرباء بسبب الطاقة الشمسية؟.. خبراء يجيبون