أزمة توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا تعيد الوقود الأحفوري إلى الصدارة
تقودها الصين والهند
محمد عبد السند
- الصين والهند تقودان أزمة الطاقة الكهرومائية في آسيا.
- نقص الطاقة الكهرومائية في آسيا يدفع دول القارة إلى الاعتماد على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء.
- هبط معدل توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا بأسرع وتيرة في عقود وسط تراجعات حادة في الصين والهند.
- ارتفع معدل توليد الكهرباء في آسيا من طاقة الشمس والرياح بنسبة 21% في الأشهر الـ7 الأولى من العام الجاري.
- خفّضت الهند نوبات قطع الكهرباء خلال النهار إلى الصفر في 2023.
تُربك أزمة توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا، خاصة في الصين والهند، حسابات حكومات الدول في القارة الصفراء بشأن الوفاء بالتزاماتهم المناخية المتمثلة في خفض الانبعاثات الكربونية، وفق اتفاقية باريس 2015.
واضطر العديد من الاقتصادات الكبرى في آسيا إلى الاعتماد -مجددًا- على توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري، مثل الفحم، وهو ما يهدد الجهود المبذولة لزيادة حصة الكهرباء النظيفة في مزيج الطاقة الوطني في دول القارة، ومن ثم تعريض أهداف الحياد الكربوني للخطر، وفق تقارير رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا السياق هبط معدل توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا بأسرع وتيرة في عقود وسط تراجعات حادة في الصين والهند؛ ما يجبر السلطات التنظيمية المختصة بالكهرباء التي تعاني تقلبات الطلب على تلك السلعة الإستراتيجية، والطقس المتقلب على الاعتماد على مزيد من الوقود الأحفوري، وفق ما أظهرته بيانات نشرتها وكالة رويترز.
ويستعمل البلدان اللذان يمثلان نحو 3 أرباع معدلات توليد الكهرباء في آسيا، و-أيضًا- معظم انبعاثات القارة، مصادر الطاقة المتجددة لتعويض النقص في الطاقة الكهرومائية ومواجهة معدلات الطلب على الكهرباء المرتفعة.
شُح الكهرباء
واجهت الاقتصادات الكبرى في آسيا شحًا في الكهرباء خلال السنوات الأخيرة نتيجة ظروف الطقس المتطرفة؛ من بينها الحرارة الشديدة، وتراجع معدلات هطول الأمطار على مساحات واسعة من الأراضي في شمال الصين وفيتنام، إضافة إلى شرق وشمال الهند.
ويسلط الاستعمال المرتفع للوقود التقليدي الملوث للبيئة مثل الفحم بهدف سد معدلات الطلب المرتفعة على الكهرباء، المقترن بنقص الإمدادات، الضوء على جسامة التحديات الخاصة بخفض مستويات الانبعاثات.
وهبط معدل توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا بنسبة 17.9% خلال الأشهر الـ7 الممتدة إلى يوليو/تموز (2023)، بحسب البيانات الصادرة عن مؤسسة "إمبر" Ember المتخصصة في أبحاث الطاقة.
في غضون ذلك سجّلت معدلات الكهرباء المولدة بالوقود الأحفوري صعودًا بنسبة 4.5% خلال المدة ذاتها.
وقال مدير أسواق الكهرباء والغاز في مؤسسة ريستاد إنرجي Rystad Energy لأبحاث الطاقة كارلوس توريز دياز، في معرض تعقيبه على أزمة توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا: "رغم النمو القوي في توليد طاقة الشمس والرياح؛ فقد زادت الإمدادات من محطات الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري هذا العام (2023)، نتيجة التراجع الكبير في توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا".
وأوضح توريز دياز: "موجات الحرارة الشديدة والمطولة التي ضربت المنطقة قادت إلى مستويات منخفضة في منسوب مياه الخزانات، وحفزت الحاجة إلى موارد بديلة لتوليد الكهرباء للمساعدة على تغطية الطلب".
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- سعة الطاقة الكهرومائية المضافة حسب المنطقة في 2022:
الصين والهند تقودان التراجع
هبطت معدلات توليد الكهرباء بالطاقة الكهرومائية في الصين، خلال الأشهر الـ8 المنقضية في أغسطس/آب (2023)، بأسوأ معدل منذ عام 1989 على الأقل؛ إذ انخفضت بنسبة 15.9%، وفق دراسة تحليلية صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطني الصيني.
وبالمثل شهدت معدلات توليد الطاقة الكهرومائية في الهند تراجعًا بنسبة 6.2% خلال الأشهر الـ8 الممتدة إلى أغسطس/آب (2023)، مسجلةً انخفاضًا هو الأسوأ منذ عام 2016.
كما نزلت حصة مشاركة نيودلهي في إنتاجية الكهرباء إلى ما نسبته 9.2%، مُسجلة أبطأ وتيرة في 19 سنة على الأقل، بحسب تحليل لبيانات حكومية.
وعوّضت الصين النقص في معدلات توليد الطاقة الكهرومائية والطلب المتنامي على الكهرباء عبر زيادة توليد الأخيرة من مصادر الوقود الأحفوري بنسبة 6.1% في الأشهر الـ8 المنتهية في أغسطس/آب (2023).
في المقابل عززت الهند إنتاجية الكهرباء المولدة بالوقود الأحفوري بنسبة 12.4%، وفق البيانات.
ونمت إنتاجية موارد الطاقة المتجددة بنسبة 22% و18% في الصين والهند على الترتيب، خلال المدة ذاتها، بحسب ما أظهرته البيانات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
الرياح والشمس
شمل الانخفاض في معدلات توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا اقتصادات أخرى رئيسة مثل الهند وفيتنام، والفلبين وماليزيا، ما يُعزى -أساسًا- إلى الطقس الجاف، وفق بيانات إمبر، ووكالة الطاقة الدولية.
ففي فيتنام هبطت حصة إنتاجية الكهرباء المولدة بالطاقة الكهرومائية بأكثر من 10 نقاط مئوية خلال المدة الممتدة إلى يوليو/تموز (2023)، بينما نمت حصة الكهرباء المولدة بالفحم بالمعدل نفسه –تقريبًا- بحسب بيانات إمبر.
وفي بعض الحالات كان انخفاض معدلات توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا يُعزى إلى الجهود الرامية للمحافظة على المياه وتغيير أنماط الإمدادات.
وقال كبير المحللين في مركز أبحاث الطاقة النظيفة والهواء لوري ميليفيرتا إن السلطات الصينية حثت مشغلي السدود على المحافظة على مستويات المياه مع ارتفاع استهلاك الكهرباء بسبب موجات الحر.
ومن الممكن تغيير معدلات توليد الطاقة الكهرومائية في آسيا صعودًا وهبوطًا خلال مدة وجيزة لمواجهة التذبذبات المفاجئة في الطلب، بخلاف مصادر أخرى مثل الرياح والشمس.
وفي هذا الصدد قال ميليفيرتا إن السلطات استعملت تلك الإستراتيجية كثيرًا لتحقيق التوازن في الشبكة بدلًا من رفع معدلات توليد الطاقة الكهرومائية.
وتابع: "هذا التوجه المتمثل في زيادة معدلات الكهرباء المولّدة من طاقة الشمس أو الرياح بسرعة، في الصين من الممكن أن يُفسح المجال أمام الطاقة الكهرومائية لكي تؤدي هذا الدور التنظيمي المهم، بدلًا من التشغيل في وقت وجود المياه".
وارتفع معدل توليد الكهرباء في آسيا من طاقة الشمس والرياح بنسبة 21% في الأشهر الـ7 الأولى من العام الجاري (2023)، مسجلةً صعودًا بنسبة 13.5% من إجمالي إنتاجية الكهرباء من 11.5% عن عام سابق، وفق بيانات إمبر.
معضلة الشمس والرياح
بخلاف الطاقة الكهرومائية، تبرز مسألة التنبؤ بطاقة الرياح والتحكم فيها صعبة للغاية؛ إذ إنها تتفاوت وفق ظروف الطقس المحلية.
وعلاوة على ذلك؛ فإن عدم توافر الطاقة الشمسية في أوقات الليل يفاقم النقص في العديد من البلدان مثل الهند.
وخفّضت الهند نوبات قطع الكهرباء خلال النهار إلى الصفر -تقريبًا- هذا العام (2023)، رغم الطلب القياسي، ويُعزى هذا أساسًا إلى نجاح نيودلهي في بناء مصادر الطاقة المتجددة على مدار سنوات.
لكن ما زالت الدولة الواقعة جنوب شرق آسيا تبحث عن مزيد من واردات الغاز الطبيعي مرتفعة الثمن في محاولة لتقليص الضغط الواقع على أسطولها من محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
وفي هذا الخصوص قال مدير تحليلات الطاقة في مؤسسة "إي إم إيه سوليوشنز EMA Solutions فيكتور فانيا: "المنفعة الرئيسة من الطاقة الكهرومائية هي دعم طاقة الشمس والرياح".
وأضاف فانيا: "إذا ما صارت الطاقة الكهرومائية نفسها غير موثوقة، ربما تضطر الهند إلى التفكير في بدائل أخرى؛ من بينها إضافة مزيد من الكهرباء المولّدة بالفحم".
موضوعات متعلقة..
- الطاقة الكهرومائية في نهر ميكونغ.. فساد مالي وأخطار على البيئة (تقرير)
- الطاقة الكهرومائية في 6 آلاف سنة.. من الساقية إلى التوربينات الحديثة (صور)
- تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ في الصين يشهد طفرة ملحوظة (تقرير)
- الطاقة الكهرومائية وطاقة المحيطات.. بدائل نظيفة لحرق الوقود الأحفوري (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية: تباطؤ الدعم الحكومي يهدد مشروعات الهيدروجين منخفض الكربون
- انخفاض صادرات الوقود الأحفوري الروسي.. و8 دول عربية بين المستوردين (تقرير)
- أموال النفط الإيراني العائدة بعد صفقة الأسرى الأميركيين "لعبة شطرنج"