تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الطاقة الكهرومائية في نهر ميكونغ.. فساد مالي وأخطار على البيئة (تقرير)

أسماء السعداوي

يمثّل توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في نهر ميكونغ الواقع جنوب شرق آسيا، أحد سبل تحقيق أمن الطاقة والتصدير، لكن زيادة هذه المشروعات تفرض تساؤلات ملحة بشأن مدى الحاجة إليها، بالإضافة إلى تأثيرها في البيئة.

وعلى طول مجرى ميكونغ الذي يُعد أحد أكبر أنهار العالم، سجلت لاوس وتايلاند العدد الأكبر من السدود، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتمثّل الطاقة الكهرومائية في لاوس موردًا ضخمًا لخزينة البلاد، فضلًا عن تلبيتها الجزء الأكبر من الطلب المحلي على الكهرباء.

وتطمح لاوس إلى أن تصبح "بطارية جنوب شرق آسيا"، إذ تتبنى سياسة موجهة نحو صادرات الكهرباء، خاصة إلى تايلاند وفيتنام، ومؤخرًا إلى سنغافورة.

في المقابل، ينفي مسؤولون بقطاع المجتمع المدني في تايلاند حاجة البلاد إلى استيراد الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في لاوس، مشيرين إلى جني أرباح على حساب المستهلكين.

وفي هذا الصدد، نشرت الكاتبة مينغ لي يونغ مقالًا على موقع "إيكو سيستم" (eco-business)، تدعو فيه إلى الحد من الزيادة المفرطة في مشروعات الطاقة الكهرومائية في نهر ميكونغ.

الطاقة الكهرومائية في لاوس

في لاوس، تهيمن الطاقة الكهرومائية على مزيج الكهرباء المحلي، إذ تُسهم بنحو 70% من إجمالي الإمدادات.

كما تُعد لاوس إحدى أكبر الدول المصدرة للطاقة الكهرومائية في جنوب شرق آسيا، وتبيع نحو 80% من إنتاجها من الكهرباء إلى تايلاند وفيتنام.

وفي 23 يونيو/حزيران المنصرم 2023، أبرمت لاوس اتفاقًا لتصدير 100 ميغاواط من الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية إلى سنغافورة مرورًا بتايلاند وماليزيا.

ونالت الصفقة إشادة واسعة، وعدّها كثيرون "خطوة تاريخية"، إذ تمثل أولى واردات الكهرباء السنغافورية، وأول صفقة كهرباء عابرة للحدود بين 4 أعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وخطوة على طريق استغلال إمكانات الطاقة الكهرومائية في نهر ميكونغ.

وتعوّل لاوس على صادرات الكهرباء للخروج من قائمة الدول الأقل نموًا في العالم.

وتوقع المركز الدولي للإدارة البيئية في عام 2010، أن تجني لاوس 2.6 مليار دولار سنويًا نظير صادرات الكهرباء في حالة نفّذت جميع خطط بناء السدود المقترحة.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- وجود لاوس بين أكبر 10 دول إضافة لسعة الطاقة الكهرومائية:

الطاقة الكهرومائية

استثمارات وانتقادات

تُعد تايلاند أكبر المستثمرين في قطاع توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في لاوس، وفي عام 2021، صدّرت لاوس 80% من الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية إلى تايلاند وفيتنام فقط.

وشهد العام الماضي (2022) تسارع وتيرة تنمية مشروعات الطاقة الكهرومائية في لاوس على طول مجرى نهر ميكونغ، مدعومة في ذلك باستثمارات تايلاندية وصينية طويلة الأجل عادة ما تستمر 30 عامًا.

وفي عام 2016، أبرمت تايلاند اتفاقية لشراء 9 آلاف ميغاواط من لاوس على مدار 20 عامًا، ثم أتبعتها باتفاقية أخرى في مطلع 2022 المنصرم، ليرتفع حجم الكهرباء المستوردة إلى 10 آلاف و500 ميغاواط.

ويدافع مراقبون عن واردات الكهرباء التايلاندية بصفتها وسيلة لتحقيق النمو الاقتصادي، وأمن الطاقة، وتطوير الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا.

في المقابل، يرد آخرون بأن ذلك يجري على حساب البيئة ومعيشة المواطنين الذين يقتاتون من الموارد الطبيعية لنهر ميكونغ.

مخاوف بيئية

يوجد أكثر من 70 سدًا قيد التشغيل على نهر ميكونغ -منها اثنان على المجرى الرئيس- وهي قادرة على توليد 8 آلاف و880 ميغاواط، كما من المقرر إنشاء أكثر من 200 سد آخر، وهناك نحو 30 سدًا قيد الإنشاء.

وتقول دراسة أجراها باحثون في جامعة "مي فاه لوانغ" في تايلاند والجامعة الوطنية الأسترالية، إن تكلفة إنشاء 11 سدًا على نهر ميكونغ تستلزم توفير 18 مليار دولار، كما أن تلك المشروعات ليست مجدية اقتصاديًا، ولا تُقارن بحجم تأثيرها في صيد الأسماك والرواسب وهجرة السكان.

كما توصلت دراسة في عام 2018 إلى أن إقامة السدود على نهر ميكونغ تؤثر سلبًا في الأنظمة البيئية، وتقلل خصوبة التربة، وإنتاج الأرز، وصيد الأسماك، كما تهدد الأمن الغذائي، وتزيد معدلات الفقر.

ولذلك، أعرب مدافعون عن البيئة عن قلقهم المتزايد حيال الأثر البيئي لإقامة السدود على نهر ميكونغ الذي يعتمد عليه ملايين السكان للعيش.

في المقابل، بدأت لجنة نهر ميكونغ إطلاق مشاورات وأعمال تقييم تمتد إلى 6 أشهر قبل إنشاء أي سد لتوليد الطاقة الكهرومائية.

وبالمثل، أطلقت حكومة لاوس إجراءات مماثلة قبل إنشاء 6 سدود مقترحة.

وتتطلب الموافقة توفير مستندات بشأن تقييم الأثر البيئي، في المقابل أكّد مسؤولون بالمجتمع المدني التايلاندي أن الأمر لا معنى له، بالإضافة إلى وجود مخاوف بشأن انعدام جودة تلك التقييمات والتمثيل المحلي للبلدان.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- سعة الطاقة الكهرومائية المضافة حسب المنطقة في 2022:

الطاقة الكهرومائية في نهر ميكونغ

هل الاستثمارات ضرورية؟

نالت خطة تايلاند لتحقيق أمن الطاقة وكفاءتها واستدامتها انتقادات مؤخرًا، بحسب الكاتبة.

ويقول مسؤولون بالمجتمع المدني وباحثون، إن تايلاند لديها فائض باحتياطي الكهرباء بنسبة 40%، وهو ما يفوق المتوسط العالمي البالغ 15%، ولذلك يؤكدون أن تايلاند ليست بحاجة إلى شراء الكهرباء من لاوس.

وتتسارع وتيرة إنشاء السدود على نهر ميكونغ، فهناك 11 سدًا قيد التشغيل في الصين (يُعرف هناك باسم لانتسانغ)، وسدّان اثنان قيد التشغيل في لاوس، و7 مخطط لإنشائها، واثنان مخططان في كمبوديا.

وخلال عامي 2018 و2019، ووقت فورة الجدل بشأن جدوى إنشاء سدين "شابوري" و"دون ساهونغ" اللذين كانا قيد الإنشاء في لاوس، اقترحت الحكومة بناء 4 سدود إضافية ووافقت لجنة نهر ميكونغ على بنائها.

في المقابل، يثير ذلك تساؤلات بشأن جدوى استثمارات الطاقة الكهرومائية في نهر ميكونغ، وهل هي ضرورية فعلًا خاصة في غياب وجود مشتري الكهرباء المنتجة أو إبرام اتفاقيات في هذا الصدد؟

وبعد ذلك في فبراير/شباط 2018 أعلنت لجنة الكهرباء التايلاندية تأجيل قرار بشأن إبرام اتفاقية لشراء الكهرباء من لاوس.

ثم أبرمت اللجنة الوطنية لسياسة الطاقة التايلاندية اتفاقيات لشراء الكهرباء المولدة من سدي "باك لاي" و"لوانغ برابانغ" في لاوس.

وتؤكد الكاتبة أن تايلاند لا تحتاج -بالضرورة- إلى استيراد الكثير من الكهرباء، مشيرة إلى أن الحكومة عادة ما تبرم اتفاقيات لشراء الكهرباء من مشروعات الطاقة الكهرومائية في لاوس بطريقة غير عادلة، ودون تقديم الكثير من التفاصيل.

كما يشير المقال إلى احتكار توزيع الكهرباء وتوليدها في تايلاند لصالح الهيئة الحكومية لتوليد الكهرباء، مؤكدًا الإفراط غير الضروري في مشروعات الكهرباء.

في الوقت نفسه، تتزايد إيرادات الهيئة كلما زاد حجم الكهرباء التي تبيعها، وهو ما يضع عبء تكاليف تلك الاستثمارات الزائدة على كاهل المواطنين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق