وزيرة بريطانية: لن ننقذ كوكب الأرض بإفلاس الشعب.. سنؤجل التحول الأخضر
أسماء السعداوي
"لن ننقذ كوكب الأرض بإفلاس الشعب".. بهذه التصريحات تحدثت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان عن تطورات خطط الحياد الكربوني في المملكة المتحدة خلال المدة المقبلة.
فقد يبدو أن طموحات الحياد الكربوني ستكون على موعد مع التأجيل قريبًا، إذ ألمحت حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك إلى تأجيل تنفيذ بعض السياسات الخضراء، دعمًا للمواطنين الذين يرزحون تحت وطأة الركود والتضخم.
وفي تصريح صادم للمدافعين عن البيئة وخطط خفض الانبعاثات، قالت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان لإذاعة "تايمز راديو" (Times Radio): "لن ننقذ الكوكب بإفلاس البريطانيين"، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويستعد رئيس الوزراء سوناك لطرح ما أسماه بنهج "أكثر ملاءمة" لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الجاري في عام 2050، حسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
ومن المتوقع أن تتضمن الخطة تأجيل هدف حظر سيارات البنزين والديزل حتى عام 2035، أي بعد 5 سنوات من الهدف السابق في 2030، بالإضافة للمضخات الحرارية.
ولاقت الأنباء انتقادات لاذعة من جانب العاملين بصناعة السيارات الكهربائية التي تشهد نموًا مطردًا مؤخرًا، مع سعي الشركات للتكيف من خطط الحكومة الرامية للتخلص من سيارات محرك الاحتراق الداخلي، تحقيقًا لأهداف خفض الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري.
رد صناعة السيارات الكهربائية
كانت استجابة شركات صناعة السيارات غاضبة من أنباء تأجيل بعض سياسات الحياد الكربوني في المملكة المتحدة، ومنها حظر سيارات البنزين والديزل بحلول 2035، وليس 2030.
يأتي ذلك وسط استثمارات ضخمة تضخّها تلك الشركات لإطلاق مركبات كهربائية جديدة.
وتقول شركة فورد الأميركية (Ford)، إنها أنفقت 430 مليون جنيه إسترليني (532 مليون دولار) لصالح منشآت التطوير وتصنيع السيارات الكهربائية، ومن المتوقع أن تخصص تمويلًا إضافيًا ضمن هدف 2030.
كما أن هناك تناميًا مطّردًا في اعتماد السيارات الكهربائية بين المواطنين داخل المملكة، وكان هناك أكثر من 1.1 مليون سيارة كهربائية على الطرق حتى أبريل/نيسان 2023، بزيادة بأكثر من الضعف عن العام الماضي 2022 التي شكّلت واحدة من كل 32 سيارة.
وبينما وصف نواب من حزب سوناك (المحافظين) الخطوة بأنها "قرار عقلاني"، انتقدت مديرة شركة فورد في المملكة المتحدة ليزا برانكين الخطوة، قائلة: "تحتاج مشروعاتنا إلى 3 أشياء من الحكومة البريطانية، وهي الطموح والالتزام والاتّساق، لكن تأجيل موعد 2030 سيقوّض الأشياء الـ3".
حظر سيارات البنزين والديزل في بريطانيا
من شأن تأجيل فرض حظر على بيع سيارات البنزين والديزل حتى 2035 أن يضع بريطانيا على الجدول الزمني نفسه الذي وضعه الاتحاد الأوروبي، حسب تقرير رويترز.
وكان البرلمان الأوروبي قد وافق نهائيًا في فبراير/شباط 2023 على حظر بيع سيارات البنزين والديزل بدءًا من عام 2035.
كما أنها ليست المرة الأولى التي تعدل فيها الحكومة الهدف في السنوات الأخيرة، فقد كان الموعد النهائي للحظر في عام 2040، ثم قدّمته إلى 2035، وبعدها 2030، في محاولة لتقليل الاعتماد على سيارات محرك الوقود الداخلي والحدّ من تلوث الهواء.
يُشار هنا إلى أن بريطانيا كانت أولى الاقتصادات الكبرى التي تضع هدفًا ملزمًا بخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وتحقيق الحياد الكربوني في المملكة المتحدة بحلول 2050.
وبالفعل، تراجعت معدلات الانبعاثات بواقع 50% تقريبًا مقارنة بمستويات عام 1990، بعد إغلاق محطات الكهرباء العاملة بحرق الفحم وانطلاق صناعة طاقة الرياح البحرية.
أهداف سياسية؟
تعهدت حكومات حزب المحافظين المتعافية باستعمال التحول الأخضر التاريخي بوصفه سبيلًا لتحفيز نمو الاقتصاد والابتكار، وسط منافسة إقليمية لجذب الاستثمارات والترويج لها.
في المقابل، سيطر التردد على حكومة سوناك مؤخرًا بشأن إجراءات دفع خطة الحياد الكربوني في المملكة المتحدة قدمًا، في ظل ارتفاع تكاليف إزالة الكربون من كل شيء تقريبًا، بدءًا من قطاع النقل، وحتى تدفئة المنازل.
وزاد ارتفاع تكاليف المعيشة في أوروبا خلال العام الماضي (2022) من حدّة الشعور بتكلفة إزالة الكربون بين المواطنين.
بدوره، يرى رئيس الوزراء ريشي سوناك، الذي سيخوض الانتخابات العامة في العام المقبل (2024)، الحدّ من بعض السياسات الخضراء وسيلة لكسب تأييد الناخبين المترددين.
من جانبها، أشادت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان بالخطوة، قائلة: "علينا انتهاج نهج عملي وملائم ويخدم أهدافنا أيضًا، فلن ننقذ الكوكب بإفلاسنا للشعب البريطاني".
على الجانب الآخر، يقول منتقدون، إن تأجيل الأهداف المناخية سيحول دون قيادة بريطانيا لجهود في كهربة الاقتصاد، والذي كان سيجذب الاستثمارات ويوفّر فرص عمل.
بدوره، يتوقع وزير الطاقة السابق كريس سكيدمور -والذي كان يرأس مراجعة لتقدم أهداف الحياد الكربوني في المملكة المتحدة- أن تؤدي الخطوة إلى زعزعة ثقة الشركات التي توفر الآلاف من فرص العمل، ليذهبوا إلى دول أخرى.
ولذلك، يتعين على "سوناك" أن يحقق المعادلة بين طمأنة الشركات الكبرى ومواجهة ضغوط المشرّعين، وخاصة أنه يواجه صعابًا أخرى بسبب التضخم والنمو الاقتصادي.
قواعد يورو 7
تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى تخفيف القيود الخاصة بمعايير انبعاثات السيارات يورو 7 (Euro 7 ) من غير ثاني أكسيد الكربون، مثل أول أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين.
وبحلول الأسبوع المقبل، ستدرس دول الاتحاد اتخاذَ موقف معارض للقواعد التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في عام 2025، بحسب وكالة بلومبرغ.
كانت 8 دول بالاتحاد الأوروبي (منها فرنسا وإيطاليا) قد أعلنت رفضها لقواعد "يورو 7"، معللة ذلك بأن شركات صناعة السيارات تعاني بالفعل بسبب أهداف التحول إلى السيارات الكهربائية.
وحذّرت شركات السيارات الأوروبية من أن القواعد الصارمة ستحوّل الاستثمارات بعيدًا عن السيارات الكهربائية، لتترك المجال مفتوحًا أمام السيارات الكهربائية الصينية الأرخص ثمنًا.
يتفق مع ذلك وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، الذي دعا الاتحاد إلى التخلّي عن قواعد يورو 7، قائلًا، إنها تكلّف صُنّاع السيارات الأوروبيين "أموالًا دون طائل" في وقت التحول الحاسم.
وفي حالة توصُّل دول الاتحاد الأوروبي إلى موقف موحَّد، ستنطلق مفاوضات مع البرلمان الأوروبي للوصول إلى صيغة نهائية لقواعد يورو 7.
موضوعات متعلقة..
- أهداف احتجاز الكربون وتخزينه في المملكة المتحدة تواجه تحديات.. وهذه شروط تحقيقها
- حريق بأحد توربينات مزرعة الرياح البحرية في المملكة المتحدة (فيديو وصور)
- 5 عقبات تعترض طريق السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أول قرية جزائرية تعمل بالطاقة الشمسية بشكل كامل (تفاصيل حصرية)
- تفاصيل 3 ساعات لانقطاع الكهرباء في تونس (فيديو وصور)
- ارتفاع صادرات الغاز المسال الأميركية.. وهذه قائمة أكبر 5 مستوردين