عام على قانون خفض التضخم الأميركي.. هل حقق أهدافه المناخية؟ مسؤولة تجيب
دعوة لإخراج الوقود الأحفوري من الأسواق المحلية
نوار صبح
- • قانون خفض التضخم يركّز على توسعة أسواق الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة.
- • يمكن للدول الأفريقية أن تستفيد بشكل كبير من الانتقال نحو مستقبل الطاقة النظيفة.
- • الاستثمارات العامة ليست كافية ويتعين تشجيع المزيد من استثمارات القطاع الخاص في العالم النامي.
- • يجب تزويد الدول النامية بالموارد التي تحتاج إليها لتأمين مكانها في مستقبل الطاقة النظيفة.
بعد عام من إقرار الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة قانون خفض التضخم ودخوله حيّز التنفيذ، تدور تساؤلات بشأن توجهات العمل الأميركي محليًا وعلى الصعيد العالمي؛ إذ استقبل بعض حلفاء أميركا الدوليين ذلك القانون عند إقراره بشيء من القلق، إن لم يكن الذعر.
يأتي ذلك بسبب تركيز هذا القانون على توسعة أسواق الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، بحسب مقال للمستشارة الوطنية الأولى للمناخ في البيت الأبيض المديرة السابقة لوكالة حماية البيئة الأميركية جينا مكارثي، نشرته مجلة تايم الأميركية (time.com).
وتتلخص مهمة قانون خفض التضخم الأميركي، إلى جانب قانون البنية التحتية وقانون "خلق حوافز مفيدة لإنتاج الرقائق" (تشيبس) والعلوم، في تحفيز استثمارات القطاعين الخاص والعام في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وخارجها، مع استعادة الولايات المتحدة ريادتها على المسرح العالمي، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
تغيير قواعد اللعبة
في عامه الأول من التنفيذ، كان قانون خفض التضخم قد غيّر قواعد اللعبة، وحفز السباق إلى القمة؛ إذ سارعت الاقتصادات الكبرى في العالم لتطوير خططها المناخية التنافسية وفتحت فرصًا غير مسبوقة للتخلص من انبعاثات الكربون العالمية مع تعزيز الاقتصادات المحلية، وزيادة وظائف الطاقة النظيفة ذات الأجر الجيد، وتوفير أموال الأسر، وتحسين جودة الهواء والظروف الصحية للمجتمعات الأكثر احتياجًا.
كما أُعلِنت السياسة الصناعية للصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي في فبراير/شباط من هذا العام 2023، وفي شهر مارس/آذار الماضي، تضمّنت موازنة كندا إعفاءات ضريبية مستوحاة من قانون خفض التضخم لتحفيز إنتاج المعادن ومكونات السيارات الكهربائية مع تعزيز ظروف العمل.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت فرنسا عن إطار المناخ الجديد في شهر مايو/أيار الماضي، بينما تخطط ألمانيا لتوسيع إنتاج خلايا البطاريات، وإنشاء مركز جديد للهيدروجين، وبدء الاستثمارات في تصنيع الرقائق؛ إذ صُمِّمت هذه الخطط لتسوية تكلفة مصادر الطاقة المتجددة وحلول الطاقة النظيفة، بحسب ما نشرته مجلة تايم الأميركية (time.com)، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويرى الخبراء أن القيام بهذا سيسمح للمصادر النظيفة بالتنافس بشكل أكثر فاعلية ضد الفحم وغيره من التكنولوجيات والمنتجات الضارة التي تعتمد على الوقود الأحفوري التي تفادت في كثير من الأحيان المساءلة عن الأضرار المناخية والصحية العالمية التي تسببت فيها.
وفي الولايات المتحدة، أعلنت الشركات أو مضت قدمًا بمشروعات في 44 ولاية منذ إقرار قانون خفض التضخم، وهو ما يمثل أكثر من 170 ألفًا و600 وظيفة وظيفة جديدة في مجال الطاقة النظيفة و278 مليار دولار من الاستثمارات الجديدة.
قانون خفض التضخم وأهداف الانبعاثات
أصبحت أهداف الولايات المتحدة -بموجب اتفاقية باريس للمناخ- المتمثلة في خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 50-52% إلى ما دون مستويات عام 2005، بحلول عام 2030، في متناول اليد الآن.
وتستطيع الولايات المتحدة أن تتوجه إلى قمة المناخ كوب 28 هذا الخريف وهي مستعدة للسير على الطريق، وليس لمجرد الحديث، بحسب المستشارة الوطنية الأولى للمناخ في البيت الأبيض المديرة السابقة لوكالة حماية البيئة الأميركية جينا مكارثي.
وقالت جينا مكارثي: "بينما نحتفل بأكبر استثمار مناخي قامت به الولايات المتحدة على الإطلاق، دعونا ندرك أننا نستطيع، وينبغي علينا، ويجب علينا أن نفعل المزيد الآن لتقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري والاستغناء عنه بمرور الوقت".
وأضافت: "يجب علينا أن ندعم الدول النامية في سيرها على هذا الطريق؛ إذ لا يمكننا أن نعتمد فقط على التراكم السريع للطاقة النظيفة إذا كنا نأمل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050"، موضحة أنه يجب المطالبة بخفض استكشاف الوقود الأحفوري وتطويره واستعماله الآن لضمان الانتقال إلى بيئة أنظف وأكثر أمانًا وصحة وتوفير الاستقرار لجميع البلدان.
إخراج الوقود الأحفوري من الأسواق المحلية
قالت المستشارة الوطنية الأولى للمناخ في البيت الأبيض المديرة السابقة لوكالة حماية البيئة الأميركية جينا مكارثي: "أولًا، دعونا نبذل قصارى جهدنا لدفع الوقود الأحفوري إلى الخروج من الأسواق المحلية والدولية والتحول إلى أنظمة الطاقة التي تلبي احتياجات البلدان النامية بتكاليف أقل".
وأوضحت أن هذا سيساعد في تعزيز الاقتصادات وفي خلق هواء أنظف للتنفس. على سبيل المثال، يمكن للدول الأفريقية أن تستفيد بشكل كبير من الانتقال نحو مستقبل الطاقة النظيفة. وأشارت إلى أنه على مدى السنوات الـ20 الماضية، تم تنفيذ 2% فقط من الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة في أفريقيا.
من ناحية أخرى، تستمر الاستثمارات في مشروعات النفط والغاز الملوثة؛ بما في ذلك من الشركات الأميركية والأوروبية متعددة الجنسيات، في التدفق، بتكلفة باهظة على القارة.
وأردفت مكارثي: "يتعين علينا أن نبذل قصارى جهدنا لضمان قدرة جميع البلدان المتقدمة على الوفاء بالتزاماتها التي تعهدت بها بالفعل تجاه العالم النامي، فضلًا عن تنظيم موارد التمويل العام العالمية التي يديرها البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية.
وتابعت: "يتعين علينا أن نطالب بالنظر الكامل والعادل في تكاليف التقاعس السياسي في مقابل الفوائد الكاملة للاستثمار العام في العمل المناخي".
كانت رئيسة وزراء بربادوس، ميا موتلي، قد عبّرت بوضوح عند الإعلان عن مبادرة بريدجتاون في سبتمبر/أيلول الماضي، وقالت إن الدول النامية تحتاج إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف للتركيز على مهامها، وليس فقط تحقيق عوائد أعلى، لتتمكن من فتح استثمارات خاصة بطرق تناسبها، وتحدد مساراتها نحو الأمن الاقتصادي، وتحقيق التحول إلى الطاقة النظيفة التي تحتاج إليها، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأشارت جينا مكارثي إلى أن الاستثمارات العامة ليست كافية ويجب تشجيع مزيد من استثمارات القطاع الخاص في العالم النامي، للحفاظ على الموارد الطبيعية الحيوية في العالم وحمايتها ودعم نمو وتطوير اقتصادات الطاقة النظيفة التي تتماشى مع الاحتياجات والفرص الخاصة بكل بلد.
دَوْر نظام تداول أرصدة الكربون
يمكن لنظام فعال لتداول أرصدة الكربون أن يجذب الاستثمارات الخاصة؛ ما يخفض تكاليف المشروع؛ حيث يتم إنشاء الائتمانات وبيعها للشركات والمؤسسات الأخرى، بوصفه وسيلة للوفاء بالتزاماتها البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وقالت المستشارة الوطنية الأولى للمناخ في البيت الأبيض المديرة السابقة لوكالة حماية البيئة الأميركية جينا مكارثي، إن المخاوف بشأن الغسل الأخضر والجدل المطوّل بشأن قواعد سوق الكربون الجديدة والمحسنة تركت البائعين والمشترين يواجهون شكوكًا كبيرة تعمل على تعطيل الاستثمار وإحباط الشركات والمؤسسات.
وأكدت أن "ما نحتاج إليه هو نظام أكثر واقعية ومصداقية يستعمل أحدث التقنيات، ويضمن الشفافية، ويحفز التمويل لمنع المزيد من إزالة الغابات وتلبية احتياجات البلدان النامية من الطاقة النظيفة".
وأوضحت أنه حان الوقت ليتوقف الجميع عن تجاهل العالم النامي عندما لا يزال يتعرض لأول وأسوأ تأثيرات المناخ، وعندما يكون هو الأقل إسهامًا في أزمة المناخ، وعندما يكون لديه أقل عدد من الموارد المتاحة فعليًا لمعالجة الفوضى التي يسببها تغير المناخ.
في الشهر الماضي، على سبيل المثال، توقّفت الهند عن تصدير الأرز -الغذاء الذي يعتمد عليه 40% من سكان العالم حاليًا بوصفه عنصرًا أساسيًا في وجباتهم الغذائية- عندما تعرضت لأمطار موسمية غزيرة ألحقت أضرارًا بالمحاصيل المحلية.
وسيكون التأثير بعيد المدى؛ إذ سيخسر المزارعون محاصيلهم وأموالهم، في حين تعاني الأسر الجوع وسوء التغذية وغير ذلك من التحديات الصحية التي تهدد الحياة.
وتابعت مكارثي: "في الذكرى السنوية الأولى لقانون خفض التضخم، دعونا نفعل أكثر من مجرد الاحتفال بنجاحه المستمر والضغط من أجل الاستمرار في تنفيذ أحكامه بسرعة وبقوة".
وقالت: "دعونا ندفع الكونغرس للوفاء بالتزاماتنا الدولية بتمويل المناخ لتوفير 11.4 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2024 للعالم النامي. دعونا نزود الدول النامية بالموارد التي تحتاج إليها لتأمين مكانها في مستقبل الطاقة النظيفة".
وخلصت إلى القول: "دعونا في ذكرى تطبيق قانون خفض التضخم نشجع قادة حكوماتنا على العمل عبر جميع المحافل الدولية لفتح استثمارات القطاعين العام والخاص لصالح عائلاتنا ومجتمعاتنا وبلداننا وعالمنا".
موضوعات متعلقة..
- قانون خفض التضخم الأميركي.. هل تتأثر حوافز الطاقة النظيفة بالانتخابات الرئاسية؟
- هل يدعم قانون خفض التضخم أهداف احتجاز الكربون في أميركا؟ (دراسة)
- دعم سلاسل توريد الطاقة المتجددة في أميركا يصطدم بثغرات قانون خفض التضخم (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- نتائج أعمال سينوبك في النصف الأول 2023 تشهد انخفاض الأرباح 20%
- أكبر عبّارة كهربائية في العالم.. مواصفاتها تكسر عدة أرقام قياسية (تقرير)
- لماذا تتراجع بي بي البريطانية عن خططها لخفض إنتاج النفط والغاز؟ (تقرير)