رئيسيةالنشرة الاسبوعيةتقارير منوعةمنوعات

مزارع الرياح البحرية تقتل الحيتان في أميركا.. دليل وثائقي

دينا قدري

يتزايد الجدل في الولايات المتحدة حول دور مزارع الرياح البحرية في نفوق الحيتان قبالة الساحل الشرقي، وهو الأمر الذي تنفيه الحكومة.

إذ أكد مسؤولون حكوميون أميركيون أن الزيادة في نفوق الحيتان والدلافين قبالة الساحل الشرقي للولايات المتحدة منذ عام 2016 لا ترجع إلى بناء توربينات الرياح الصناعية الكبيرة.

وهو ما ثبت عدم صحّته من خلال فيلم وثائقي جديد يحمل اسم "Thrown To The Wind" (مُلقى في الرياح)، والذي أظهر أن زيادة حركة القوارب في صناعة طاقة الرياح ترتبط ارتباطًا مباشرًا بنفوق الحيتان، حسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

الفيلم الوثائقي قد لا يوقف بناء مشروعات الرياح الصناعية؛ إذ تمضي مشروعات الرياح البحرية قُدمًا على الرغم من التحذيرات العاجلة من مجموعات الحفاظ على البيئة الرائدة، وكبار العلماء في الإدارة الوطنية لعلوم المحيطات والغلاف الجوي.

مزارع الرياح البحرية تقتل الحيتان
نفوق حوت على شاطئ لونغ بيتش - الصورة من صحيفة نيويورك بوست

مزارع الرياح البحرية تقتل الحيتان

يوثّق الفيلم صوت السونار (تقنية انتشار الصوت، وتُستعمل عادةً في البحر لاكتشاف ما تحت الماء وكشف الآثار أو الأجسام تحت البحر) المنبعث من سفن صناعة الرياح عند قياسه باستعمال أحدث السماعات المائية.

والنوع المعني هو حوت شمال الأطلسي الصائب، الذي انخفض عدده إلى 340 من أكثر من 400 خلال السنوات القليلة الماضية.

وقد سُجِّلَ أكثر من 60 حالة وفاة للحيتان من جميع الأنواع على الساحل الشرقي منذ 1 ديسمبر/كانون الأول 2022، وهو رقم زاد بشكل ملحوظ منذ عام 2016، عندما بدأت صناعة طاقة الرياح في التوسع.

وتوصَّل الفيلم الوثائقي إلى أن هناك آليتين متميزتين على الأقلّ، تعمل من خلالهما أنشطة صناعة طاقة الرياح البحرية على قتل الحيتان، بحسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك بوست" (New York Post).

الآلية الأولى، من خلال حركة القوارب في المناطق التي لم تكن هناك حركة مرور فيها تاريخيًا، أمّا الآلية الثانية، فهي من خلال رسم خرائط السونار التي يمكن أن تربك الحيتان، وتفصل الأمهات عن صغارهن، وترسلهن إلى طريق الأذى، إمّا إلى حركة القوارب أو إلى مناطق التغذية الفقيرة.

وأشار التقرير -الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله- إلى أن نفوق الحيتان الناجم عن اصطدام القوارب لا يرتبط بأعمال مزارع الرياح البحرية -كما سعى بعضهم إلى الادّعاء-، ولكنه يغذّيها.

مزارع الرياح البحرية تقتل الحيتان
نفوق حوت على شاطئ ليدو - الصورة من وكالة أسوشيتد برس

إنقاذ الحيتان في شمال المحيط الأطلسي

يكشف الفيلم الوثائقي حقيقة أن الوكالات الحكومية الأميركية والعلماء الذين يعملون لصالحها، إمّا لم يرسموا الخرائط الأساسية والبحث الصوتي لدعم ادّعاءاتهم، أو قاموا بالبحث بشكل سيّئ، أو وجدوا ما توصّل إليه القائمون على الفيلم ويتسترون عليه.

بالنظر إلى الأدلة المقدّمة في الفيلم الوثائقي، فمن الواضح أن الشعب الأميركي لا يمكنه الثقة في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) ومكتب إدارة طاقة المحيطات (BOEM)، وهما الوكالتان الحكوميتان اللتان خانتا ثقة الجمهور بشكل متكرر لسنوات عديدة، لخدمة المصالح الصناعية القوية، بحسب تقرير "نيويورك بوست".

ولأن السياسة أفسدت العملية العلمية والتنظيمية الطبيعية لحماية الحيتان الصائبة في شمال المحيط الأطلسي، فقد حثّ التقرير المسؤولين المنتخبين على المستوى الفيدرالي ومستوى الولايات على إجراء تحقيق، وإصدار مذكرات الاستدعاء، وعقد جلسات استماع عامة.

وأكد التقرير أن إنقاذ حوت شمال الأطلسي الصائب هو هدف في متناول اليد ويستحق المتابعة؛ إذ انخفضت أعداده من أكثر من 400 إلى 340 فقط حسب آخر تقدير.

إلّا إنه من المرجح أن تنتعش هذه الحيتان إذا نجح المسؤولون في إنهاء رسم خرائط السونار ونشاط القوارب الجديد في المناطق التي لم يجرِ الاتّجار بها سابقًا.

مزارع الرياح البحرية تقتل الحيتان
عملية رفع أحد الحيتان بعد نفوقه - الصورة من وكالة أسوشيتد برس

تجاهل تحذيرات العلماء في أميركا

في سياقٍ متصل، حذّر رئيس الأنواع المحمية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، الدكتور شون هايز، العام الماضي (2022) من أن مشروعات الرياح الصناعية "يمكن أن يكون لها تأثيرات من حيث العدد في الأنواع المهددة بالانقراض والمجهدة بالفعل".

وأوضح هايز أن "التأثيرات الأوقيانوغرافية الناجمة عن التوربينات المثبتة والمشغّلة لا يمكن تخفيفها طوال عمر المشروع البالغ 30 عامًا ما لم يوقف تشغيلها"، ولكن تجاهلَ المسؤولون تحذيراته.

وكذلك الأمر بالنسبة للعلماء الذين يمثّلون العديد من المجموعات البيئية نفسها التي تدعم مشروعات طاقة الرياح الصناعية، فقد كتبوا في رسالة عام 2021: "مجموعات الحيتان الصائبة في شمال المحيط الأطلسي لا يمكنها تحمّل أيّ ضغوط إضافية، أيّ انقطاع محتمل في سلوك البحث عن الطعام قد يؤدي إلى تأثيرات على مستوى العدد، ويشكّل مصدر قلق بالغ".

وتحت ضغط من البيت الأبيض، تجاهلت حكومة الولايات المتحدة كبار علمائها، ومضت قُدمًا في تحويل المحيطات إلى صناعة، والمخاطرة بانقراض حوت شمال الأطلسي الصائب، بحسب تقرير "نيويورك بوست".

ويتمثل جزء من المشكلة في أن شركات طاقة الرياح ومؤسساتها تبرعت بما يقرب من 4.7 مليون دولار لما لا يقلّ عن 30 منظمة بيئية كبرى.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق