التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

هل تتسبب مشروعات الرياح البحرية في نفوق الحيتان على سواحل أميركا؟

دينا قدري

تواجه صناعة الرياح البحرية أزمة بيئية جديدة على السواحل الأميركية، ما يهدد بعدم نجاح الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها بمجال الطاقة المتجددة.

فمنذ أوائل ديسمبر/كانون الأول 2022، جرفت المياه ما يقرب من 20 حوتًا كبيرًا إلى الشواطئ الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي بالولايات المتحدة أو بالقرب منها، فضلًا عن عمليات جنوح على شواطئ نيوجيرسي.

وجادل معارضو طاقة الرياح والمجموعات البيئية المحلية بأن المشروعات قيد التطوير تُعطّل الحياة البحرية، وتسهم في العدد الكبير غير المعتاد من الحيتان الميتة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة بلومبرغ.

جاء ذلك بعد أن تسبَّب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة ومشكلات سلسلة التوريد في عرقلة مشروعات الرياح البحرية على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

الرياح البحرية متهمة.. ولكن!

في يناير/كانون الثاني 2023، قامت مجموعة من المنظمات -بقيادة منظمة "كلين أوشن أكشن"- وتحالف يضم عشرات من رؤساء بلديات نيوجيرسي، بصياغة رسالتين منفصلتين تطالبان مسؤولي واشنطن بوقف أنشطة التنمية البحرية قرب الولاية.

في الأسابيع التي تلت ذلك، اكتسبت القضية اهتمامًا وطنيًا؛ إذ قامت المنافذ الإخبارية المهتمة بالمناخ بالتحقق من صحة الحملات ضد الرياح البحرية، بينما يزعم مقدّمو البرامج الحوارية المحافظة أن مشروعات الرياح تقتل الحيتان.

بعض أولئك الذين يُلقون باللائمة على الرياح البحرية لديهم أيضًا روابط مع الجماعات المحافظة التي عارضت الطاقة النظيفة منذ مدّة طويلة.

وعلى الرغم من توجيه أصابع الاتهام، يتفق الجميع على أن الكثير من الحيتان يموت منذ مدّة طويلة، وفق ما نقلته "بلومبرغ".

فقد قالت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، إن "حادث نفوق غير عادي" للحيتان الحدباء على طول ساحل المحيط الأطلسي مستمر منذ عام 2016، أي قبل وقت طويل من بدء أيّ تطور مهم للرياح البحرية هناك.

من بين ما يقارب 180 حوتًا تتبعها الإدارة الوطنية منذ ذلك الحين، فُحِص نحو نصفها؛ وأظهر ما يقرب من 40% أدلة بأن سبب الوفاة مرتبط بالاصطدام بسفينة أو عملية تشابك.

لم يُربط أيّ من حالات نفوق الحيتان هذه ارتباطًا مباشرًا بتطوير الرياح البحرية، لكن بعض علماء البحار وأعداء طاقة الرياح يجادلون بأن عدم وجود اتصال مثبت لا يستبعد وجود حالة واحدة.

عوامل خطر على البيئة

يشعر المنتقدون بالقلق من أن الأنشطة المرتبطة بتطوير الرياح البحرية -مثل تثبيت الدعامات في قاع البحر- يُمكن أن تضرّ بالحياة البحرية.

وقد حذّر رئيس فرع الأنواع المحمية في مركز شمال شرق مصايد الأسماك التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، شون هايز، منظمي طاقة المحيطات -العام الماضي (2022)- من أن "الضوضاء الإضافية وحركة مرور السفن وتعديلات الموائل بسبب تطوير الرياح البحرية، من المحتمل أن تسبب ضغطًا إضافيًا" للحيتان، وتؤدي إلى عواقب إضافية على تعداد الأنواع.

تؤكد المجموعات البيئية أيضًا أنه على الرغم من كون الوفيات الأخيرة ليست مرتبطة بالنشاط المستمر، فإن الأمر يستلزم بذل المزيد لحماية الحياة البحرية من مجموعة من التهديدات، بما في ذلك بناء مزارع الرياح في المستقبل.

وقالت كبيرة محللي السياسات في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، أليسون تشيس: "إن أيّ نوع من صناعة المحيطات سيشكّل مخاطر على البيئة".

وشددت على أنه من المهم بشكل خاص تطوير هذه الصناعة الجديدة بطريقة ذكية، لأن "حياة المحيط تكافح بالفعل للتكيف مع تغير المناخ، وقد تعرضت لضغوط من عقود من التلوث وتدمير الموائل".

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- سعة طاقة الرياح المركبة في بداية عام 2021:

أكبر 10 دول منتجة لطاقة الرياح

طموحات مستمرة

من جانبهم، ما يزال المسؤولون الحكوميون والشركات التي تقف وراء مشروعات طاقة الرياح هذه حازمين بعدم وجود دليل يربط نفوق الحيتان بالتنمية الجارية للرياح البحرية، مؤكدين أن طموحات الرياح البحرية لنيوجيرسي مستمرة كما هو مخطط لها.

وقال المسؤول في جمعية الطاقة النظيفة الأميركية، جي سي ساندبرغ: "المجموعات المعارضة لتطوير الطاقة النظيفة تنشر معلومات خاطئة.. لقد انتهزوا الفرصة لمحاولة وقف نشر الطاقة النظيفة على طول الساحل الشرقي".

وأشار ممثل عن حاكم ولاية نيو جيرسي فيل مورفي -في بيان يوم الجمعة (17 فبراير/شباط 2023)- إلى أن الولاية ستواصل متابعة أهدافها المتعلقة بالرياح البحرية.

وقال: "نحن نعلم أن العديد من السكان، في مجتمعاتنا الساحلية وعبر الولاية، يشاركوننا اهتمامنا الحقيقي بالحياة البحرية وبقائها. لكننا نعلم أيضًا أن هناك من لا يحفّزهم الاهتمام ببيئتنا، بل أيديولوجياتهم السياسية ومعارضتهم للجهود ذاتها التي ستحافظ على بيئتنا وتحميها للأجيال المقبلة".

خسائر فادحة

تسبَّب الجدل في صداع جديد لمطوري طاقة الرياح، الذين يرفضون -جنبًا إلى جنب مع جمعية الطاقة النظيفة الأميركية- الادّعاءات القائلة بأن مشروعاتهم تضرّ بالحياة البحرية.

وقال ساندبرغ: "نحن نعمل بجدّ لإيصال الحقائق إلى أيدي المجتمعات المحلية".

من بين نقاط الحوار هذه، تؤكد جمعية الطاقة النظيفة الأميركية أن سفن الرياح البحرية تمثّل 2% فقط من حركة المرور البحرية على طول الساحل الشرقي، وتعمل بموجب لوائح صارمة تحكم حدود السرعة، ويعمل بها مراقبون خارجيون يراقبون أيّ اضطراب في الحياة البحرية.

ومن الممكن أن يؤدي أيّ تأخير في تطوير الرياح على طول الخط الساحلي الشمالي الشرقي إلى تكبُّد تكاليف عالية.

فقد أنفق المطورون مبلغًا قياسيًا قدره 4.4 مليار دولار العام الماضي (2022) فقط، من أجل حقوق تركيب توربينات قبالة سواحل نيويورك ونيوجيرسي، في مزاد ضخم أكد الحماسة المتزايدة للطاقة المتجددة.

وسيتطلب بناء مزارع الرياح الحالية مزيدًا من الاستثمار، بتكلفة 10 مليارات دولار لبعض أكبر المشروعات.

بحلول عام 2030، يُمكن أن يبلغ إجمالي النفقات الرأسمالية لتحقيق أهداف الرياح البحرية للبلاد نحو 100 مليار دولار، وفقًا لأحد التقديرات التي استشهدت بها وزارة الطاقة الأميركية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق