تقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءرئيسيةطاقة متجددةكهرباء

زيادة قدرات الفحم في الهند نكسة لتحول الطاقة.. وحل وحيد للأزمة (تقرير)

أسماء السعداوي

اقرأ في هذا المقال

  • إعلان صادم لإقامة محطات كهرباء تعمل بالفحم في الهند
  • الفحم يستحوذ بنسبة 70% على مزيج الكهرباء في الهند
  • زيادة قدرات الفحم ستعرقل نمو الطاقة المتجددة والتحول الأخضر
  • بناء محطات فحم جديدة غير ضروري ولا حاجة له
  • حلّ الأزمة في استغلال المحطات القائمة والتوسع في الطاقة النظيفة

في خطوة صادمة، أعطت الحكومة الضوء الأخضر لبناء محطات جديدة تعمل بالفحم في الهند، بتراجع صريح عن خطط خفض استعمال المورد الملوث للبيئة، الهادفة إلى تحقيق تحول الطاقة وخفض الانبعاثات.

ربما جاء ذلك بدافع الحاجة لتلبية الطلب المتزايد، وتحقيق أمن الطاقة في أكثر بلاد العالم من حيث الكثافة السكانية، إلّا إن زيادة حصة الفحم، الذي يسيطر أصلًا على أكثر من 70% في مزيج الكهرباء، تفرض تحديًا للطاقة المتجددة التي مازالت تخطو خطواتها الأولى، فضلًا عن تعهدات الهند المناخية بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا الصدد، أعرب معنيّون بشؤون البيئة والطاقة عن مخاوف داخل الصناعة من أن تؤدي مشروعات الفحم الجديدة إلى عرقلة مسيرة تحول الطاقة بثالث أكبر مطلق للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، حسب موقع "إنترناشونال بيزنس تايمز" (International Business Times) المحلي.

محطات جديدة

أثارت نيودلهي العديد من التساؤلات بعد موافقتها على إنشاء العديد من محطات توليد الكهرباء بوساطة الفحم خلال هذا العام (2023)، رغم عدم إصدارها القرار نفسه في العام الماضي (2022).

يقول الخبير في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف "كريا" (CREA)، سونيل داهيا، إن الهند لديها ما يكفيها من قدرات الفحم قيد التشغيل لتلبية الطلب المحلي والمستقبلي على الكهرباء، ولكن شريطة إحراز تقدّم في خطط الطاقة المتجددة.

وأضاف أن استثمار الأموال المحدودة في مشروعات الفحم سيعرقل نمو الطاقة النظيفة، وستتراجع كفاءة منظومة الكهرباء، وسترتفع التكلفة على المستهلكين.

ولذلك، يؤكد التقرير أن التوسع في إقامة محطات الكهرباء العاملة بالفحم ليس ضروريًا، بالنظر إلى أن القدرات الحالية لمحطات الفحم في الهند كافية لتلبية الطلب على الكهرباء.

كما عدّ الخطوة نكسة لطموحات زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 50%، وتوليد 500 غيغاواط من مصادر غير الوقود الأحفوري بحلول عام 2030.

الحل الأمثل

من جانبها، تقول منظمة "غلوبال إنرجي مونيتور" المعنية بأبحاث الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة ومركز "كريا"، إن الهند تطور محطات فحم بقدرة إجمالية تبلغ 65.5 غيغاواط، منها 30.4 غيغاواط قيد الإنشاء، و35 غيغاواط أخرى في مراحل مختلفة.

ويؤكد التقرير أن الهند تمتلك ما يكفيها من قدرات الفحم، مشيرًا إلى أن أكثر من 8 غيغاواط من قدرات محطات الكهرباء العامة العاملة بالفحم قيد البناء "غير ضرورية"، وأن جميع المحطات التي مازالت في مرحلة ما قبل الإنشاء "لا حاجة لها".

في المقابل، يفسّر حدوث أزمة انقطاع الكهرباء، وخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، بأن الأمر يرجع بشكل رئيس إلى مشكلات تتعلق بالإدارة، وليس إلى نقص الوقود، أو شحّ البنى الأساسية.

ويعلّق داهيا من مركز "كريا" على الأمر بقوله، إن عجز الهند عن تلبية الطلب على الكهرباء خلال السنوات الماضية كان سببه سوء إدارة تعدين الفحم، والفشل في استغلال موارد توليد الكهرباء، وليس بسبب نقص القدرات أو قدرات التعدين؛ ولهذا فإن إضافة المزيد من قدرات توليد الكهرباء من الفحم في الهند ليست الحلّ الأمثل لأزمة الكهرباء.

ولذلك، يدعو التقرير للاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لحلّ أزمة الكهرباء بدلًا من ضخ استثمارات لزيادة قدرات محطات الفحم.

وأضاف داهيا: "حتى يوم 12 أغسطس/آب الجاري، كان 162.5 غيغاواط من إجمالي القدرات المركبة للفحم، البالغة 210.5 غيغاواط، قيد التشغيل، و48 غيغاواط أخرى خارج نطاق الخدمة، ما يعني أن تلبية الطلب المتزايد يجب أن تكون عبر استغلال القدرات المتاحة.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- استحواذ الفحم على مزيج الطاقة في الهند:

الفحم في الهند

الطاقة المتجددة في الهند

أحرز قطاع الطاقة المتجددة في الهند إنجازات ملموسة على أرض الواقع، كان آخرها تحقيق هدف توليد 175 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2022 الماضي، قبل موعده.

كما وضعت الحكومة مستهدفات طموحة لزيادة قدرات الطاقة المتجددة إلى 500 غيغاواط بحلول عام 2030، ووضعت برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج؛ لتسريع التحول الأخضر.

وفي قطاع الطاقة الشمسية، تستهدف نيودلهي إضافة 50 غيغاواط سنويًا من الطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء حتى عام 2050، بحسب تقرير نشرته صحيفة "إيكونوميك تايمز".

وتجاوزت سعة التركيبات المضافة للطاقة الشمسية على الأسطح وطاقة الرياح، خلال الأشهر الـ6 الأولى من هذا العام 2023، نظيرتها في العام الماضي (2022) بالكامل.

وشكّلت الطاقة الشمسية 54% من القدرة الإجمالية لتركيبات الطاقة المتجددة في الهند، إلى 129.6 غيغاواط حتى نهاية شهر يونيو/حزيران المنصرم 2023.

كما قفزت سعة مشروعات طاقة الرياح خلال النصف الأول من العام 2023، إلى 1878 ميغاواط، بنسبة نمو قدرها 166% على أساس سنوي، لتتجاوز أرقام عام 2022 المنصرم بأكمله.

وبناءً على ذلك، يتوقع محللون إضافة 7 إلى 8 غيغاواط من الطاقة الشمسية، و1.5 غيغاواط من طاقة الرياح، خلال النصف الثاني من هذا العام.

وتستهدف الهند زيادة قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 5 ملايين طن متري على الأقلّ بحلول عام 2030، كما أصدرت مهمة الهيدروجين الوطنية في أوائل العام (2023).

في هذا الصدد، يدعو المسؤول في مركز "كريا" لأبحاث الطاقة والهواء النظيف، سونيل داهيا، إلى تسريع وتيرة التحول إلى الطاقة النظيفة؛ للهروب من الحلقة المفرغة للاعتماد على الفحم، وحلّ مشكلات انقطاع الكهرباء.

وأكد أن تطوير مصادر الطاقة المتجددة هو أفضل السبل للمساعدة في تجنّب تكرار أزمات الكهرباء، إلى جانب حسن إدارة محطات الكهرباء القائمة.

وقال، إنه إذا أضافت الهند قدرات كافية للطاقة النظيفة من مصادر متجددة كما هو مخطط بحلول عام 2030، فلن تضطر لإضافة محطات كهرباء جديدة تعمل بالفحم، وعندها ستلبي المحطات القائمة ومصادر الطاقة المتجددة الجديدة كل الطلب في المستقبل.

الفحم في الهند يتربع على عرش الطاقة

تتسارع خطى الاستزادة من الفحم في الهند، وكشف ذلك بيانات حكومية حديثة أشارت إلى ارتفاع إنتاج ومخزونات وواردات الفحم خلال شهر يونيو/حزيران الماضي 2023 على أساس سنوي.

وارتفع إنتاج الفحم خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2024/2023، بنسبة 8.5% إلى 223.36 مليون طن مقارنة بـ205.76 مليون طن متري خلال الربع نفسه من العام السابق.

وبدعم من انخفاض الأسعار، زادت واردات الفحم بنسبة 16.76% خلال المدة بين شهري أبريل/نيسان حتى مايو/أيار 2023، وذلك على أساس سنوي.

كما ارتفع مخزون الفحم بنسبة 37.6%، في شهر يونيو/حزيران الماضي، إلى 107.15 مليون طن، بحسب تقرير نشرته صحيفة "إنرجي وورلد" (Energy World) واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

في السياق نفسه، من المتوقع أن يبقى الفحم في الهند متربعًا على عرش مصادر توليد الكهرباء حتى نهاية العقد الحالي في عام 2030، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

وتقول هيئة الكهرباء المركزية التابعة لوزارة الطاقة، إنه من المرجّح أن تبني الحكومة محطات كهرباء جديدة تعمل بالفحم بإجمالي قدرات تبلغ 46 غيغاواط.

كما من المتوقع -بحسب الهيئة- أن يمثّل الفحم نحو 54% من مصادر توليد الكهرباء بحلول عام 2030.

وفي معرض تبريره لذلك، يقول رئيس الهيئة غانشيام براساد، إن الإتاحة ومعقولية السعر وتوافر الكهرباء من مصادر موثوقة، عوامل رئيسة في تحقيق النمو المستدام.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق