صفقات الغاز المسال في قطر تشهد نشاطًا استثنائيًا خلال 12 شهرًا (تقرير)
نوار صبح
- رئيس قطر للطاقة يتوقع عقد المزيد من الصفقات مع الأوروبيين "بعد الصيف"
- من المرجح أن تصبح ألمانيا مشتريًا مهمًا للغاز الطبيعي المسال
- التسعير ما يزال يمثّل عقبة رئيسة أمام الأسواق الناشئة في جنوب آسيا
- قطر تُعدّ حاليًا أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال لباكستان
- تضيف شركة قطر للطاقة 49 مليون طن سنويًا من قدرة الإسالة في سوقها المحلية
شهدت الشهور الـ12 الماضية نشاطًا استثنائيًا في صفقات الغاز المسال في قطر. وأبرمت شركة قطر للطاقة العديد من اتفاقيات البيع والشراء، لتوريد كميات طويلة الأجل من الغاز الطبيعي المسال إلى العملاء الآسيويين والأوروبيين.
ومُنحت شركة قطر للطاقة حصص ملكية في مشروعها التوسعي الضخم في حقل الشمال، حسبما نشره موقع إنرجي إنتيليجنس (energyintel) في 15 أغسطس/آب الجاري.
ومن المتوقع إبرام اتفاقيات إضافية، إذ من المقرر منح عدد قياسي من صفقات توريد الغاز الطبيعي المسال هذا العام، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
الصفقات المقبلة مع أوروبا
ضمن النّشاط الذي شهدته صفقات الغاز المسال في قطر، وقّعت شركة قطر للطاقة سابقًا صفقات توريد طويلة تاريخيًا مع الصين، وهي عميل رئيس، لكنها أبرمت اتفاقية توريد واحدة طويلة الأجل مع ألمانيا الوافدة الجديدة للغاز الطبيعي المسال العام الماضي.
ووُقِّعت الاتفاقية مع شركة كونوكو فيليبس، الشريك القطري في حقل الشمال، لتوريد مليوني طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال لمدة 15 عامًا على الأقل إلى محطة برونسبوتل الألمانية، بدءًا من عام 2026.
ومثّلت مدة الاتفاقية نقطة الاهتمام الأولى؛ لأن المشترين الأوروبيين حريصون عادةً على صفقات توريد قصيرة الأجل، بسبب سياسات تحول الطاقة التي تهدف إلى تقليل استهلاك الوقود الأحفوري.
في الوقت نفسه، تفضّل قطر الصفقات ذات الوقت الأطول لجذب الطلب، نظرًا إلى حاجتها للقيام باستثمارات كبيرة مقدمًا في سعة الغاز المسال.
ويرى بعض مراقبي السوق أن مثل هذا الاهتمام المتباين في مُدّد الصفقات ربما كان التحدي الرئيس لقَطَر، لتوقيع المزيد من اتفاقيات التوريد مع العملاء الأوروبيين، التي سارع الكثير منهم للبحث عن إمدادات غاز بديلة بعد أن خفّضت روسيا تدفقات الغاز العام الماضي.
في ضوء ذلك، جاء الاهتمام بإمدادات الغاز من قطر -ومنتجي الشرق الأوسط الآخرين- من دول أوروبية بما في ذلك ألمانيا والنمسا خلال العام الماضي.
ومن المرجح أن تصبح ألمانيا، التي كانت داعمة لبناء المزيد من محطات الاستيراد، مشتريًا مهمًا للغاز الطبيعي المسال، لأنها تحل محل غاز الأنابيب الروسي، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وأُفيدَ بأن شركتيْ يونبر وآر دبليو إي تجريان محادثات مع قطر منذ العام الماضي. وذكرت تقارير أن دول أوروبا الوسطى والشرقية، بما في ذلك المجر وجمهورية التشيك وسلوفينيا، مهتمة باستيراد كميات كبيرة من قطر.
وفي حديثه في مؤتمر صحفي في الدوحة خلال وقت سابق من هذا العام، قال الرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد الكعبي، إنه يتوقع توقيع المزيد من الصفقات مع العملاء الأوروبيين "بعد الصيف"، رافضًا أي محادثات بشأن الصفقات طويلة الأجل بصفتها مشكلة تعوق المزيد من اتفاقيات التوريد.
التعاون مع الشركات الآسيوية
سيطرت شركتا الدولة الصينية سينوبك ومؤسسة البترول الوطنية الصينية على تطوير حقل الشمال الشرقي؛ مرحلة التوسع الأولى.
وكانت تلك الصفقات طويلة الأجل غير مسبوقة من حيث الطول، وشكلت حقبة تاريخية جديدة في تجارة الغاز الطبيعي المسال، حسبما نشره موقع إنرجي إنتيليجنس (energyintel) في 15 أغسطس/آب الجاري.
في المقابل، وقّعت قطر اتفاقية مدتها 15 عامًا مع شركة بتروبانغلا البنغلاديشية في أوائل يونيو/حزيران، مقابل 1.8 مليون طن/سنويًا، على أن تبدأ عمليات التسليم الأولى في يناير/كانون الثاني 2026.
ويتوقع المحللون المزيد من الصفقات مع المشترين الآسيويين. وتفيد المعلومات بأن قطر تجري محادثات مع مشترين آسيويين للإمدادات طويلة الأجل وبصفتهم شركاء محتملين للقيمة المضافة في توسعها بحقل الشمال الشرقي، إذ ما تزال هناك نسبة ما يصل إلى 2.5% متاحة.
ومن بين مقدمي العروض والشركاء المحتملين هيئة البترول التايلاندية بي تي تي، وهي أكبر مشترٍ في جنوب شرق آسيا، وشركة جيرا اليابانية، وشركة طوكيو غاز وميتسوي وماروبيني، والمشترين في كوريا الجنوبية والهند.
ويتابع المراقبون طريقة سعي المشترين الذين لديهم طموحات تجارية -مثل بي تي تي التايلاندية وجيرا اليابانية- إلى دمج المرونة في أحجام مشترياتهم من قطر، التي تميل إلى تضمين قيود الوجهة في عقودها.
ويراقب المحللون ما إذا كانت الإصلاحات السياسية الأخيرة في أستراليا ستعيد إحياء اهتمام اليابان في الحصول على إمدادات قطرية جديدة، للاستعاضة عن العقود المنتهية بعد زيارة رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا إلى الدوحة الشهر الماضي.
الاهتمام بالتسعير
ما يزال التسعير يمثّل عقبة رئيسة أمام الأسواق الناشئة في جنوب آسيا، التي لديها شهية لمزيد من الأحجام طويلة الأجل، ولكنها تراعي جانب الأسعار. ويأمل المشترون في تأمين أسعار عقودهم الحالية نفسها.
وتُعدّ شركة باكستان للغاز الطبيعي المسال المملوكة للدولة، أحد المشترين المتحمسين، وتسعى للحصول على عقد جديد مدته 10 سنوات لشحنة واحدة شهريًا، ولم تحرز المحادثات مع قطر العام الماضي أي تقدم.
وتريد شركة باكستان للغاز الطبيعي المسال استئناف الجهود هذا العام، إما من خلال توقيع عقد جديد بموجب صفقة بين الحكومة وإما من خلال إصدار مناقصة.
تجدر الإشارة إلى أن قطر تُعدّ حاليًا أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال لباكستان بموجب عقدين طويلي الأجل مع شركة النفط الباكستانية الحكومية مقابل 3.75 مليون طن/سنويًا و3 ملايين طن/سنويًا.
وقال مصدر في شركة باكستان للغاز الطبيعي المسال: "نحن لا نخشى الاعتماد كثيرًا على قطر، لأنها مورد موثوق".
وعلى عكس بعض البائعين الذين فشلوا في تسليم البضائع إلى باكستان عندما كانت السوق الفورية أكثر ربحية، قال المصدر إن قطر تواصل الوفاء بالتزاماتها تجاه الدولة الواقعة جنوب آسيا.
في المقابل، ظهرت شائعات بأن قطر وأبوظبي، منتج آخر للغاز الطبيعي المسال في الشرق الأوسط، تخوضان معركة تسويقية.
وشأنها شأن قطر، تتطلع أبوظبي إلى بيع إمدادات الغاز الطبيعي المسال المرتبطة بخام برنت بدءًا من منتصف عشرينيات القرن الحالي.
وفي الشهر الماضي، وقّعت شركة أدنوك للغاز اتفاقية توريد مدتها 14 عامًا مع شركة النفط الهندية (آي أوه سي)، في أول صفقة غاز مسال بين الهند والإمارات العربية المتحدة.
وتلقت صفقة شركة النفط الهندية مع شركة أدنوك للغاز دفعة من اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند، التي دخلت حيز التنفيذ في مايو/أيار 2022.
وبموجب الاتفاق الذي يهدف إلى تعزيز التجارة الثنائية، ستتجنب شركة النفط الهندية الاضطرار إلى دفع ضريبة استيراد بنسبة 2.5% للغاز الطبيعي المسال المصدر من دولة الإمارات العربية المتحدة.
على صعيد آخر، يُجري مشترون هنود آخرون محادثات مع قطر. وتتفاوض شركة جايل الآن مع قطر، وكذلك الإمارات العربية المتحدة وروسيا والولايات المتحدة وموزمبيق، للحصول على إمدادات مجمعة من 7 إلى 8 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2030.
من جانبها، تُجري شركة بترونت، أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في الهند، محادثات متقدمة مع قطر، لتجديد عقد استيراد من 7.5 مليون إلى 8.5 مليون طن/سنويًا من الغاز الطبيعي المسال بحلول ديسمبر/كانون الأول، وهو الموعد النهائي لتجديد العقد الذي ينتهي في أبريل/نيسان 2028.
توسعة حقل الشمال
تضيف شركة قطر للطاقة 49 مليون طن/سنويًا من قدرة الإسالة في سوقها المحلية من خلال مشروعات حقل الشمال الشرقي وحقل الشمال الجنوبي، ويمثّل الأخير المرحلة الثانية، ومن المقرر أن تضيف 16 مليون طن/سنويًا.
وستعمل المرحلتان مجتمعتان على تعزيز الطاقة الإنتاجية للغاز المسال في قطر إلى 126 مليون طن/سنويًا، من 77 مليون طن، ما يجعلها أكبر منتج في العالم.
وقد أُثيرت أسئلة بشأن ما إذا كانت شركة قطر للطاقة ستسعى إلى مزيد من التوسعة في حقل الشمال، وربما حقل الشمالي الغربي، ولم تُعلَن أي خطط ملموسة حتى الآن، حسبما نشره موقع إنرجي إنتيليجنس (energyintel) في 15 أغسطس/آب الجاري.
وردًّا على سؤال في مؤتمر صحفي في الدوحة، قال الرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، سعد الكعبي: إن شركة قطر للطاقة "تتطلع دائمًا إلى توسيع المخزونات ودراستها".
بالإضافة إلى ذلك، مُنِحت مجموعة من شركات النفط العالمية حصصًا في مشروعات توسعة حقل الشمال الشرقي وحقل الشمال الجنوبي وخلال العام الماضي. وهي تشمل توتال إنرجي وإكسون موبيل وشل وكونوكو فيليبس وإيني وكلًا من مؤسسة البترول الوطنية الصينية وسينوبك في الصين.
التوسعة في التسويق
في خطوة لتعزيز جهودها التسويقية وتعزيز مكانتها بصفتها مورّدًا رئيسًا للغاز المسال، أعلنت شركة قطر للطاقة في وقت سابق من هذا العام أنها ستتولى مبيعات الغاز الطبيعي المسال التي تديرها قطر غاز بحلول نهاية عام 2023.
وأشار الرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد الكعبي، إلى أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تكون قيد التنفيذ عندما تعهد بأن شركة قطر للطاقة للتجارة ستكون "في السنوات الـ5 إلى الـ10 المقبلة أكبر متداول للغاز الطبيعي المسال في العالم حتى الآن"، في مقابلة بمنتدى إنرجي إنتيليجنس في لندن أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
اقرأ أيضًا..
- مشهد مروع لانقلاب منصة حفر في نيجيريا (فيديو وصور)
- أنبوب الغاز الجزائري النيجيري.. هل يتبخر الحلم بعد انقلاب النيجر؟
- أنس الحجي: الصين تقتنص صدارة طاقة التكرير عالميًا من أميركا.. وتدير علاقاتها بتوازن (صوت)