هل يهدد تأمين ناقلات الظل استمرار السقف السعري للنفط الروسي؟ (تقرير)
بعد ارتفاع أسعاره
هبة مصطفى
يثير أسطول ناقلات الظل المتعلق بتجارة النفط الروسي الجدل من جديد، بفتح ملف التأمين وخدمات الشحن وفق الشروط التي سبق أن حددها ائتلاف السقف السعري، خاصة بعد ارتفاع أسعار خامات موسكو في شهر يوليو/تموز الماضي (2023).
وكان ائتلاف السقف السعري (الذي يضم مجموعة الدول الـ7 وأستراليا) قد سمح -في ديسمبر/كانون الثاني 2022- باستمرار تحميل الناقلات للخامات الروسية، ونقلها بحرًا، وفق شروط تتضمن تقديم ما يثبت الالتزام بنطاق الأسعار، حتى تتمتع الناقلة بالغطاء التأميني وخدمات الشحن المطلوبة.
ورغم تجاوز سعر خام الأورال الروسي حاجز 60 دولارًا للبرميل الشهر الماضي، فإن بعض الناقلات استمرت في التمتع بخدمات الشحن البحري والتأمين والحماية، ما أثار الانتقادات حول صحة البيانات التي تقدّمها هذه الناقلات إلى شركات الخدمات، حسب تقرير نشره مزوّد بيانات الطاقة إنرجي إنتيليغنس (Energy Intelligence).
خدمات التأمين
تتمتع ناقلات الظل المعنية بشحن صادرات النفط الروسية بالخدمات المغطاة من قبل شركات التأمين الغربية، وفق ما أقرّه ائتلاف السقف السعري من آليات واضحة نهاية العام الماضي 2022.
واتخذت شركات التأمين إجراءات حاسمة حيال بعض الناقلات المخالفة لهذه الآليات، من بينها الناقلات التابعة لشرمة "غاتيك" الهندية لإدارة السفن.
وبدأت الاتهامات تلاحق عددًا من شركات إدارة عمليات الشحن بمخالفتها شروط تأمين ناقلات الظل أو تغطية ناقلات لا تقدّم وثائق تثبت سعر البراميل المحمّلة على متن الناقلات، من بينها شركة "آر دبليو إس إس" -ومقرّها دبي- التي رفضت الانتقادات كافة.
في المقابل، تغطي شركة "فراكتال" للشحن -التي تتخذ من جنيف في سويسرا مقرًا لها- 24 ناقلة لديها بالحماية والخدمات والتأمين، رغم باب الجدل الذي فتحته الشركة بإعلانها في فبراير/شباط الماضي فقط، وتركيزها على نقل شحنات النفط الروسي.
سقف سعر النفط الروسي
بصورة عامة، زاد نشاط ناقلات الظل في أعقاب سريان السقف السعري على شحنات النفط الروسي المنقول بحرًا منذ ديسمبر/كانون الأول 2022، قبل أن تلحق المشتقات المكررة بالقيود في 5 فبراير/شباط.
ومزج الائتلاف قيوده بآليات تشكل "انفراجة جزئية" تتيح استمرار تدفقات النفط الخام الروسي إلى الأسواق، والحفاظ على معدل المعروض منعًا للتسبب في أزمة طاقة، إذ سمح للناقلات بتحميل خامات موسكو وفق نطاق سعري وحدّ أقصى للتمتع بخدمات الشحن والتأمين.
وبجانب ذلك، استهدف الائتلاف من استمرار التدفقات وفق شروط سعرية محددة فرضَ المزيد من القيود على خزائن وعائدات روسيا التي تعتمد بصورة كبيرة على مكاسب الصادرات النفطية، وكبح جماح الأسعار العالمية من الارتفاع حال نقص المعروض.
ويبدو أن المرونة التي أبداها ائتلاف السقف السعري ستذهب في مهب الريح، خاصة مع تجاوز سعر خام الأورال الروسي 60 دولارًا للبرميل، واستمرار تحميل شحناته على ناقلات الظل التي ضربت عرض الحائط بشروط ائتلاف السقف السعري.
ومن شأن ارتفاع سعر النفط الروسي أن يُثير بلبلة حول كيفية نقل الشحنات، وضمانات تمتّع الناقلات بخدمات الشحن البحري والتأمين، دون الإضرار بإمدادات الأسواق.
ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مسار شحنات النفط الروسي المنقول بحرًا، من عام 2019 حتى 2023:
تورط الشركات
تملك شركات، يقع مقرّها تحت نطاق دول مجموعة الـ7 والاتحاد الأوروبي، سفنًا تنقل ما يُقدَّر بنحو 20% من صادرات النفط الروسي المنقولة بحرًا، ويبدو أن سفن هذه الشركات كانت بعيدة عن نطاق أسطول ناقلات الظل، إذ كانت تنقل الشحنات وفق الشروط الرسمية المحددة سلفًا.
وقدّرت بيانات أخرى أن شركات التأمين البحري التابعة لمجموعة الـ7 تغطي السفن بنسبة تفوق الـ20%، وفي ظل صعوبة التيقّن بدقة من شركة التأمين، والخدمات التي تغطي سفينة ما، وارتفاع سعر خام الأورال الروسي، تصبح السيطرة على أسطول ناقلات الظل أكثر صعوبة.
ولفت تقرير "إنرجي إنتيليغينس" إلى تضارب في بيانات السفن، إذ تعتمد بيانات الشحن عادةً على قاعدة بيانات "إكواسيز" التي ترصد بيانات سلامة ما يزيد عن 66 ألف سفينة، في حين إن بعض السفن المدرجة في إكواسيز تتمتع بغطاء تأميني "وهمي".
وضرب التقرير مثالًا بشركة "آر دبليو إس إس"، التي تتخذ من دبي مقرًا لها، وتملك ما يزيد عن 20 ناقلة قديمة، شمل الغطاء التأميني 11 سفينة منها فقط حسب بيانات إكواسيز.
وأثيرت شكوك حول تركيز الشركة على نقل صادرات النفط الروسي خاصة من شركة "لوك أويل"، لا سيما أن بقية أسطولها غير مشمول ضمن الغطاء التأميني.
تحميل رغم العقوبات
كانت حالة سفينة تابعة لشركة "فراكتال" أكثر جدلًا، إذ حمّلت السفينة شحنة تضم مليون برميل من خام الأورال الروسي من ميناء "نورفوروسيسك" الروسي بالبحر الأسود لصالح شركة "روسنفط" التابعة للدولة، وأفرغت الشحنة مؤخرًا في الهند، أي عقب ارتفاع سعر خام الأورال.
ويأتي التناقض من كون نقل الشحنة على متن السفينة تمتّع بغطاء تأميني، بالإضافة إلى أنه رغم تجاوز سعر الأورال الروسي 60 دولارًا للبرميل، فإن الشحنة نُقلت اعتمادًا على ما يقدّمه البائعون من بيانات للأسعار دون مراجعة من نوادي التأمين والحماية أو من مالكي السفينة.
وتزداد المخاوف من تأثير ارتفاع أسعار النفط العالمية الآونة الأخيرة في مدى الالتزام بالسقف السعري، ونقل شحنات النفط الروسي بحرًا عند 60 دولارًا للبرميل.
وتنمو مخاوف من جانب آخر، إذ تدفع الأسعار المرتفعة للخام وعدم مراجعة السقف السعري نحو ظهور المزيد من الشركات الوسيطة لدعم تجارة النفط الروسي، من بينها شركة "بيلاتريكس" التي تُشرف على نقل خام الأورال من موسكو وبحر البلطيق إلى الهند.
أسطول ناقلات الظل
يعدّ أسطول ناقلات الظل مبهمًا إلى حدّ ما بالنسبة لشركات التأمين، إذ إنه يُعدّ غامضًا من حيث عدد الناقلات والشركات المتورطة، حتى إن كانت تتمتع بغطاء تأميني.
ويبدو أن نمو هذا الأسطول يهدد نجاح تطبيق الحدّ الأقصى لسقف أسعار النفط الروسي، خاصة أن أسعار خام الأورال بدأت الارتفاع شهر يوليو/تموز الماضي، بالإضافة إلى تجاوز سعر خام إسبو 60 دولارًا للبرميل أيضًا.
وتستفيد روسيا من "ثغرة" السقف السعري، الذي لم يُحدد (تكلفة شحن) النفط الروسي، خاصة أن شركات الشحن والتأمين التابعة لدول الائتلاف لا يمكنها التيقّن من أسعار البيع الفعلية، وتعتمد على البيانات المقدّمة من قبل الناقلة.
وفي حالة استمرار ارتفاع الأسعار لمستويات أكبر، قد يرتفع عدد ناقلات الظل، لا سيما المخالفة لمستويات أسعار السقف السعري، ما يثير قلق شركات التأمين من حجم تداعيات عدم السيطرة على أسطول النقل البحري.
وهدف السقف السعري من الأساس إلى ضمان استمرار التدفقات الروسية للأسواق والتوازن بين العرض والطلب، بجانب فرض قيود تُحجِّم من عوائد خزائن موسكو.
اقرأ أيضًا..
- انقطاع الكهرباء في مصر.. خبراء يقدمون حلولًا عملية بتكلفة اقتصادية
- نظرة سلبية بشأن نمو الطلب على النفط عالميًا في 2024 (تقرير)
- أكبر محطة طاقة شمسية في الأردن.. مشروع ضخم بتقنية مميزة (صور)
- لماذا تهرب الخفافيش من محطات الطاقة الشمسية؟ عداء أزلي يحير العلماء