إدارة بايدن تدعم تقنيات التقاط الكربون في أميركا بمليار دولار

باتت تقنيات التقاط الكربون في أميركا تحتل أهمية كُبرى بالنسبة إلى إدارة الرئيس جو بايدن، إذ تُعوّل على ابتكار المزيد من التكنولوجيا لنشر هذه التطبيقات على نطاق واسع في البلاد.

وأعلنت السلطات أنها تعتزم تقديم أكثر من مليار دولار في صورة منح فيدرالية لدعم مشروعيْن لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرة في ولايتي تكساس ولويزيانا، بحسب بيان نشرته وزارة الطاقة الأميركية على موقعها الإلكتروني في 11 أغسطس/آب 2023، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وعلى الرغم من الفوائد المناخية والاقتصادية التي تتيحها مشروعات تقنيات التقاط الكربون في أميركا فإن الجماعات البيئية ترى أن شركات إنتاج الوقود الأحفوري تتوسع في مثل هذه المشروعات للتغطية على استمرار إنتاجها من الهيدروكربونات، الذي يُسهم في زيادة الانبعاثات الكربونية بمعدلات ضخمة.

منح فيدرالية لدعم إزالة الكربون

اختارت وزارة الطاقة الأميركية -في إطار جهود تعزيز تقنيات التقاط الكربون في أميركا- مشروع سايبرس (Cypress) في ولاية لويزيانا، وكذا مشروع ذا ساوث تكساس داك هب (The South Texas Dac Hub) في مقاطعة كليبرغ بولاية تكساس.

تجدر الإشارة إلى أن مشروع سايبرس تُديره شركات: باتيل (Battelle)، وكلايموركس كوربوريشن (Climeworks Corporation)، وإيرلوم كاربون تكنولوجيز (Heirloom Carbon Technologies).

أمّا المشروع الثاني "ذا ساوث تكساس داك هب" فهو مشروع مُقدّم من شركة ون بوينت فايف (1Poit Five) -التابعة لشركة أوكسيدنتال بتروليوم (Occidental Petroleum)- وشريكتها كاربون إنجينيرنغ ليمتد آند وورلي (Carbon Engineering Ltd. and Worley).

وقالت وزارة الطاقة الأميركية، إن قدرة المشروعين تبلغ إزالة مليوني طن من الانبعاثات الكربونية سنويًا، ومن المقرر أن تُقدم إلى المشروعيْن منح فيدرالية بقيمة 1.2 مليار دولار، ما يُشجع على ابتكار المزيد من تقنيات التقاط الكربون في أميركا.

وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة "أوكسيدنتال بتروليوم"، فيكي هولوبب، في تصريحات صحفية، إن مشروع "ذا ساوث تكساس داك هب" لديه القدرة على التقاط ما يصل إلى 30 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا عند التشغيل الكامل.

ومن المتوقع لمشروع لويزيانا أن يُوظِّف العمال الذين فقدوا وظائفهم في صناعة الوقود الأحفوري، مع توفير 2300 فرصة عمل متوقع أن يشملها المشروع.

التقاط الكربون مباشرة من الهواء

إن تقنية التقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء (Direct air capture)، التي تُعد إحدى أهم تقنيات التقاط الكربون في أميركا، هي تكنولوجيا لالتقاط الكربون مباشرة من الهواء عبر تفاعلات كيميائية، ويُمكن بعد ذلك تخزين الكربون المُلتقط تحت الأرض أو استعماله في منتجات مثل الخرسانة أو وقود الطائرات.

وعلى المدى الطويل، يمكن استعمال هذه التقنية للمساعدة في تقليل تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى مستويات أكثر أمانًا، بحسب ما نشره موقع وورلد ريسورسيس إنستتيوت (World Resources Institute).

وبالإضافة إلى المزايا المناخية للمشروعات التي تتبنّى هذه التقنية، يمكن الاستفادة من مزايا اقتصادية للبلدان والمناطق المحلية التي تستضيف هذه المحطات مثل التوجه إلى زيادة الاستثمارات في تقنيات التقاط الكربون في أميركا، ومن ثم زيادة الإيرادات الضريبية وخلق المزيد من فرص العمل.

وتوجد على مستوى العالم 18 محطة تتبنى تقنية التقاط الكربون مباشرة من الهواء بقدرات مختلفة، وتلتقط هذه المحطات مجتمعة مباشرة من الهواء نحو 8 آلاف طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون.

وتطور أيسلندا محطة لديها القدرة على التقاط 36 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، بزيادة قدرها 10 أضعاف تقريبًا عن أكبر محطة جرى تشغيلها في أيسلندا -أيضًا- وتلتقط 4 آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

احتجاز الكربون في الولايات المتحدة

أطلقت وزارة الطاقة الأميركية -أيضًا- العديد من المبادرات الجديدة التي تهدف إلى خفض تكلفة تقنيات التقاط الكربون في أميركا إلى أقل من 100 دولار لكل طن متري صافٍ من مكافئ ثاني أكسيد الكربون خلال العقد الحالي.

وتشمل هذه المبادرات برنامج مشتريات حكوميًا بقيمة 35 مليون دولار لأرصدة إزالة الكربون، إلى جانب تمويل 14 دراسة جدوى، و5 دراسات هندسية وتصميمية لمشروعات مركزية لإزالة الكربون جارٍ العمل عليها.

وتُعد هذه المنح هي الأولى التي تُقدمها وزارة الطاقة الأميركية، التي حصلت على 3.5 مليار دولار من الكونغرس الأميركي، للاستثمار في تقنيات التقاط الكربون في أميركا، مع تمرير مشروع قانون البنية التحتية المدعوم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

ويجري -حاليًا- تطوير محطة قادرة على استيعاب مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا في غرب تكساس، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيلها في أواخر عام 2024.

ويمكن أن تساعد تقنية التقاط الكربون في أميركا -عند نشرها على نطاق واسع- البلاد على تحقيق مستهدفاتها للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفقًا لوزارة الطاقة.

وقالت وزيرة الطاقة الأميركية، جينيفر غرانهولم، للصحفيين: "إذا نشرنا هذه التقنية على نطاق واسع يمكن أن تساعدنا على تحقيق تقدم جاد نحو أهدافنا، للوصول إلى الحياد الكربوني، في الوقت ذاته الذي تتركز جهودنا فيه بصورة متزايدة على مشروعات الطاقة النظيفة".

لماذا تتحرك أميركا في هذا الاتجاه؟

هناك عدد من العوامل يدفع إدارة بايدن إلى دعم تقنيات التقاط الكربون في أميركا، من بينها التغيرات المناخية التي تزداد سوءًا، وكذلك الجهود غير الكافية لخفض الانبعاثات، وهو ما دفعها إلى تسليط الضوء على ملف إزالة الكربون.

ويقدر علماء الأمم المتحدة أنه يجب التقاط مليارات الأطنان من الكربون من الغلاف الجوي سنويًا، للتماشي مع المستهدفات العالمية المتمثلة في وضع حد لمعدلات الاحترار العالمية عند 1.5 درجة مئوية.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر 10 دول مُصدرة للانبعاثات الكربونية خلال المدة 1960-2019:

وقالت مديرة شركة كربون 180 (Carbon180) الاستشارية في إزالة الكربون، إيرين بيرنز، إن الولايات المتحدة تنصّب نفسها كونها دولة رائدة في تقنيات التقاط الكربون.

وأضافت بيرنز: "هذا هو أول استثمار فيدرالي كبير من أي دولة لإزالة الكربون على هذا المستوى، فالولايات المتحدة تراهن بصفة كبيرة على هذه التقنية".

وعلى الرغم من أن معظم النشطاء البيئيين يُقرون بأن إزالة الكربون ستكون ضرورية لتحقيق أهداف المناخ العالمية فإنهم قلقون من أن الشركات يمكن أن تستعمل تطوير تقنيات التقاط الكربون في أميركا، لمنح شركات الوقود الأحفوري غطاء للحفاظ على الإنتاج، خاصة في مناطق الأقليات وذوي الدخل المنخفض.

موضوعات متعلقة..

• خفض انبعاثات الميثان من قطاع النفط والغاز يكلف أميركا 1.55 مليار دولار
• لماذا يكتسب خفض كثافة الطاقة أهمية كبيرة لأهداف الحياد الكربوني؟ (تقرير)
• تغيّر المناخ.. احتجاز الكربون وتخزينه يشهد زخمًا في أميركا

اقرأ أيضًا..

• إيرادات صادرات النفط الروسي ترتفع لأعلى مستوى في 8 أشهر
• واردات الهند النفطية تترقب زيادة من الخليج على حساب روسيا
• وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعات نمو الطلب على النفط في 2024