السيارات الكهربائية الصينية تثير قلق البريطانيين.. تجسس أم هيمنة؟ (تقرير)
تحذيرات حكومية تنذر بإنهاء سيطرة السيارات الصينية في المملكة المتحدة
أحمد بدر
تثير السيارات الكهربائية الصينية موجة من المخاوف في بريطانيا، لا سيما مع ظهور تحذيرات حكومية من إمكان استغلالها في التجسس على المواطنين، بينما يرى محللون أن القلق مصدره هيمنة بكين على هذا القطاع في البلاد، الأمر الذي يهدد بنهاية الوجود الصيني هناك.
وحذّر وزراء من أن السيارات الكهربائية الواردة من الصين إلى المملكة المتحدة، والتي تأتي ضمن جهود الدولة لتحقيق الحياد الكربوني، يمكن أن تساعد بكين في التجسس على المواطنين البريطانيين، وفق ما نشرته صحيفة "ذا تليغراف"، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتتزايد التوقعات بسيطرة السيارات الكهربائية الصينية في السوق البريطانية مع بدء اعتماد شركات السيارات حصصًا للمبيعات الخالية من الانبعاثات بداية من العام المقبل (2024)، تمهيدًا لمنع السيارات التقليدية العاملة بالبنزين والديزل في عام (2030).
ويرجع السبب في تفضيل البريطانيين لشراء السيارات الكهربائية الصينية إلى براعة بكين في توفير سيارات كهربائية رخيصة، مقارنة بالعلامات التجارية الكبرى الأخرى، مثل تيسلا وفولكس فاغن ومرسيدس وهيونداي.
مخاوف من تجسس الصين
أثارت مصادر داخل الحكومة البريطانية القلق بشأن إمكان استعمال التكنولوجيا الموجودة في السيارات الكهربائية الصينية في جمع كميات ضخمة من المعلومات، بما في ذلك بيانات الموقع والتسجيلات الصوتية ولقطات فيديو، مع إمكان التداخل معها عن بُعد، وصولًا إلى تعطيلها.
في الوقت نفسه، حذّر أعضاء في مجلس النواب البريطاني -ينتمون إلى أحزاب مختلفة- من تنازل المملكة المتحدة عن سيطرتها على "البنى التحتية الحيوية" لصالح السيارات القادمة من الصين، والتي عدّوها تمثّل مخاطر أمنية قوية.
يشهد البرلمان البريطاني معركة رئيسة بين الحزبين الرئيسين في البلاد، وهما المحافظون والعمال، إذ يحثّ بعض النواب المنتمين إلى حزب المحافظين رئيس الوزراء ريشي سوناك على اتّباع نهج أكثر حذرًا لتحقيق هدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وتأتي المخاوف متزامنة مع تزايد قوة بكين عالميًا في مجال السيارات الكهربائية، الأمر الذي يُحتمل معه دخول كميات عملاقة من السيارات العاملة بالبطاريات والمصنوعة في الصين إلى المملكة المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التداعيات الأمنية، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
استعمال التكنولوجيا لهدف آخر
قال مصدر حكومي رفيع، رفض ذكر اسمه، إنه لا شيء يضمن ألّا تُستعمل السيارات الكهربائية الصينية بصفتها وسيلة لجمع المعلومات.
وتساءل: "إذا كانت هناك سيارات كهربائية صنعتها دول تستعمل التكنولوجيا للتجسس بالفعل.. فلماذا لا تفعل هنا الأمر نفسه؟"، وفق ما نقلت عنه "ذا تلغراف".
وأوضح أن منتجات التكنولوجيا عالية الخطورة، لا سيما أن الجميع يعلمون أن بكين تفكر دائمًا على المدى الطويل، لذلك إذا كانت تقدم منتجًا يمكنه أن يفعل ما هو أكثر من الانتقال، فإنها قد تستعمل هذه التكنولوجيا لأهداف أخرى.
ولفت إلى إمكان استعمال التكنولوجيا التي ستكون متوفرة في السيارات الكهربائية الصينية، لجمع البيانات التي يمكن الحصول عليها، وبهذه الطريقة تصبح لها قيمة قوية وخطيرة في آن واحد، وهو ما يثير المخاوف بشأن استعمالها على المدى البعيد.
يشار إلى أن الحكومة البريطانية كانت قد فرضت حظرًا على شركة "هواوي" الصينية في عام 2020، إذ منعتها من استعمال شبكات الجيل الخامس "5G"، مع تحديد موعد نهائي لاستبعاد المعدّات الحالية للشركة بحلول نهاية عام 2027، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ورأت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة دام بريتي باتيل أن المراقبة في السيارات الكهربائية الصينية باتت تشكّل تهديدًا مشابهًا لما تمثّله شركة هواوي، وهي التهديدات التي وصفتها بأنها "مخاطر واقعية يجب الالتفات إليها".
الهيمنة الصينية في السوق البريطانية
خلال حديثه إلى مجلس النواب في يوليو/تموز الماضي 2023، قال الرئيس التنفيذي للجنة تغير المناخ، كريس ستارك -وهي هيئة استشارية مستقلة-، إن السيارات الكهربائية الصينية في طريقها إلى احتلال الصدارة من ألمانيا، التي تعدّ أكبر مورّدي السيارات إلى المملكة المتحدة حاليًا.
في الوقت نفسه، ترجّح صحيفة ذا تليغراف البريطانية أن ينتهي الأمر -فعلًا- بمصنّعي السيارات البريطانيين إلى دعم واردات السيارات الكهربائية من الصين، لأنها الأقلّ سعرًا، وذلك في حالة فشلهم في تحقيق هدف التخلص من مبيعات السيارات التقليدية تدريجيًا.
ويشير الرسم البياني، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، إلى عدد السيارات الكهربائية لكل 1000 مقيم في 2020، في دول عدّة، منها الصين والمملكة المتحدة:
ومن المقرر، بموجب المقترحات التي تُناقَش، أن تكون 22% من مبيعات السيارات الجديدة في بريطانيا خلال العام المقبل 2024، خالية من الانبعاثات، على أن يرتفع هذا الرقم إلى 80% بحلول عام 2030، ضمن أهداف الحياد الكربوني في المملكة المتحدة.
ومن ثم، فإن المصنّعين سيواجهون خطر دفع الغرامات أو شراء ائتمانات كربونية من الشركات التي تتجاوز هذا الهدف، في حالة فشلهم بتحقيقه، الأمر الذي تستفيد منه شركات السيارات الكهربائية الصينية، وشركة تيسلا على وجه التحديد.
في الوقت نفسه، حذّر أعضاء التحالف البرلماني الدولي بشأن الصين -وهو تحالف متعدد الأحزاب- من أن صناعة السيارات في بريطانيا تواجه خطر التراجع إلى حدّ الانقراض، في مواجهة هيمنة السيارات الكهربائية الصينية، وذلك في حالة عدم اتخاذ إجراء عاجل.
موضوعات متعلقة..
- السيارات الكهربائية الصينية منخفضة السرعة تستعد لانتشار واسع في أفريقيا
- السيارات الكهربائية الصينية.. خطط طموحة للمبيعات في 2022
- السيارات الكهربائية تعزز مكانة شركة "بي واي دي" في السوق الصينية
اقرأ أيضًا..
- تسرب في خط أنابيب دروجبا يوقف إمدادات النفط إلى أوروبا
- أرامكو السعودية ترفع أسعار بيع النفط إلى آسيا في سبتمبر 2023
- مسؤول: الغاز النرويجي أساس لتعزيز أمن الطاقة الأوروبي
- إنتاج الهيدروجين من محفزات جديدة.. عنوان تجارب بحثية تنتظر التطبيق