رئيسيةالتقاريرتقارير الطاقة المتجددةطاقة متجددة

ازدواجية الصين.. زيادة قدرات الطاقة المتجددة وطفرة في استثمارات الفحم الجديدة

الطاقة

في الوقت الذي شهدت فيه قدرات الطاقة المتجددة في الصين طفرة كبيرة خلال السنوات الماضية، تزايدت استثمارات الفحم الجديدة، بما يشكّل تناقضًا واضحًا في خطط البلاد لخفض الانبعاثات.

حافظَ التوسع بمصادر الطاقة النظيفة في الصين على وتيرة متسارعة خلال الـ15 عامًا الماضية، منذ إدخال قانون الطاقة المتجددة في عام 2005، الخاص بتعريفات التغذية لتشجيع تطوير مشروعات الطاقة الخضراء، فمنذ ذلك الحين، شكّل النمو السنوي لطاقة الرياح والطاقة الشمسية في الصين نصف -إن لم يكن أكثر من- الإجمالي العالمي.

وبعد عام 2010، شهدت الصين توسعًا سنويًا في قدرة طاقة الرياح من 20 إلى 35 غيغاواط، بينما نمت الطاقة الشمسية بشكل أسرع، إذ أُضيفَت 30-50 غيغاواط سنويًا، وفي السنوات الخمس من عام 2015، أضاف الاثنان معًا 50-60 غيغاواط سنويًا، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

آثار جائحة كورونا

على الرغم من تأثير جائحة كورونا، استمر النمو القوي لمصادر الطاقة المتجددة في الصين فمنذ عام 2020، وأُضيفَ أكثر من 100 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية سنويًا.

وفي عام 2022، أضيفَت 150 غيغاواط من الطاقة المتجددة في الصين، بما في ذلك الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحيوية، وفقًا للأرقام الصادرة عن إدارة الطاقة الوطنية في فبراير/شباط الماضي.

وشكّلت طاقة الرياح والطاقة الشمسية 125 غيغاواط من إجمالي السعة الجديدة، بنسبة 13% من إجمالي الكهرباء المولدة، متجاوزة النسبة العالمية التي تبلغ 10% فقط، وفق البيانات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

محطة فحم لإنتاج الكهرباء في الصين
محطة فحم لإنتاج الكهرباء في الصين - أرشيفية

وتعدّ الصين حاليًا أكبر منتج ومستهلك للفحم في العالم، ووفقًا لبيانات من غلوبال داتا، أنتجت الصين نحو 4.4 مليار طن من الفحم في عام 2022، أي ما يقرب من 8% أكثر من عام 2021، ومن المرجح أن تنمو هذه الأرقام خلال السنوات المقبلة.

وأسهمت الأزمة في أوكرانيا بارتفاع في واردات الصين من الفحم، مدفوعة بمخاوف بشأن أمن الطاقة، إذ تعتقد بكين أن أمن الطاقة لديها يعتمد جزئيًا على الفحم، مما يعني أنه من المتوقع أن يظل تعدين الفحم وتطوير محطات توليد الكهرباء بالفحم من الأولويات في المستقبل القريب.

في بداية المؤتمر الشعبي الوطني السنوي، سلّطت الصين الضوء على أهمية الفحم لأمن الطاقة، ليس فقط في أعقاب ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، ولكن أيضًا نقص الطاقة الذي واجهته البلاد في صيف عام 2022.

وأكدت الحكومة أن الصين ستواصل الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق أهداف التخفيف من المناخ، وسيحتفظ الفحم بجوهر البنية التحتية للطاقة، مع التركيز على تطوير على الفحم المتقدم والنظيف.

الفحم والطاقة المتجددة في الصين

تشير الإحصاءات إلى أن توليد الطاقة المتجددة في عام 2022 أسهم في تجنّب 2.26 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وباستعمال معيار لتوليد الكهرباء بالفحم، وهو 300 غرام من الفحم لكل كيلوواط/ساعة، فإن هذا يعني أن كل كيلوواط/ساعة من توليد الطاقة المتجددة يقلل انبعاثات الكربون بمقدار 837 غرامًا.

وتعتقد الصين أن خفض الانبعاثات من مصادر الطاقة المتجددة مبالَغٌ فيه، لا سيما بالنظر إلى الآثار التشغيلية والاستثمارية لـ "قواعد الطاقة الجديدة" في الصين، من خلال مشروعات تطوير الطاقة المتجددة واسعة النطاق، والموجودة أساسًا في المناطق الغربية النائية من البلاد.

وتعمل هذه القواعد على تحفيز استثمارات إضافية في طاقة الفحم، مع تجميع مصادر الطاقة المتجددة والأحفورية معًا لنقلها إلى المقاطعات الشرقية.

وتتصدر الصين العالم في بناء طاقة شمسية ورياح جديدة، بينما تبني أيضًا محطات تعمل بالفحم أكثر من أيّ دولة أخرى.

يمثّل الفحم في الصين والهند نحو 50% من إنتاج الكهرباء، فإذا تجاوز توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة المحطات التي تعمل بالفحم، يمكن أن يكون خفض الانبعاثات أعلى من ذلك، بنحو 700-1000 غرام لكل كيلوواط/ساعة، اعتمادًا على كفاءة استعمال الطاقة في تحويل الفحم.

وفي الصين، جزء كبير من سعة التوليد الجديد غير متصل بالشبكة المحلية، لذلك يوجد قدر كبير من توسّع طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الصين من خلال قواعد الطاقة الجديدة في المناطق الغربية من البلاد، وهي مناطق أقلّ كثافة سكانية وأقلّ تطورًا اقتصاديًا ولديها طلب أقلّ على الكهرباء.

ويجري تجميع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة الجديدة مع محطات الفحم الجديدة أو الحالية، وإرسالها عبر خطوط نقل مخصصة عالية الجهد إلى الساحل الشرقي من البلاد.

لا تعني الإضافات الهائلة للقدرة الجديدة التي تعمل بالفحم بالضرورة زيادة استعمال الفحم أو انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطاقة في الصين، إذ يستمر النمو في توليد الكهرباء غير الأحفورية من الرياح والطاقة الشمسية والنووية في التسارع، مع استقرار نمو الطلب على الكهرباء أو تباطئه، لذا فإن توليد الكهرباء من الفحم يمكن أن يبلغ ذروته وينخفض.

وتعهّد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن تخفض بكين من استهلاك الفحم في المدة 2026-2030، وقد يعني هذا انخفاض معدل استعمال أسطول الصين من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم، بدلًا من استمرار النمو في توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم.

محطات فحم جديدة

أدت موجة الحر وارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة الطلب على تكييف الهواء وأدت إلى مشكلات في الشبكة، كما أدت الحرارة والجفاف إلى جفاف الأنهار، بما في ذلك أجزاء من نهر اليانغتسي، مما أدى إلى تراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية.

وبهدف الاستجابة السريعة لتأمين إمدادات الكهرباء، ذهبت الصين نحو خيار بناء المزيد من محطات الفحم، مع ارتفاع أسعار الغاز المسال بسبب الحرب في أوكرانيا الذي حوّل مقاطعة واحدة على الأقلّ إلى الفحم.

وتعهدت الصين، أكبر مستورد للوقود الأحفوري في العالم، بأن تصل انبعاثاتها إلى الذروة بحلول عام 2030، ودعت وكالة الطاقة الدولية مؤخرًا إلى عدم تطوير أيّ محطات جديدة تعمل بالفحم" للحفاظ على درجات الحرارة أقلّ من 1.5 درجة مئوية، وتجنّب أسوأ آثار تغير المناخ.

محطة فحم لإنتاج الكهرباء في الصين
محطة فحم لإنتاج الكهرباء في الصين - أرشيفية

بينما تحرز الصين تقدمًا سريعًا في توسيع نطاق الطاقة النظيفة، ما يزال نظام الطاقة في البلاد يعتمد على قدرة طاقة الفحم لتلبية أحمال الكهرباء القصوى، وإدارة تقلّب الطلب وإمدادات الطاقة النظيفة.

وتكشف الإضافات المستمرة لقدرة طاقة الفحم الجديدة عدم كفاية مشروعات الطاقة المتجددة، في ظل قيود سوق الطاقة التي تديم الاعتماد على الفحم، والسيناريو الأسوأ هو أن الضغط للاستفادة من محطات توليد الكهرباء بالفحم التي بُنِيَت حديثًا ومنع حدوث انخفاض حادّ في الاستعمال يؤدي إلى الاعتدال في بناء الطاقة النظيفة في الصين، أو تعزيز الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة لاستهلاك الكهرباء.

وقد يعني هذا زيادة كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين خلال هذا العقد، مما يقوّض جهود المناخ العالمية، ويمكن أن يعرّض التزامات الصين المناخية للخطر.

انبعاثات الكربون في الصين

بالنسبة للصين، لا يعني الانتعاش في تطوير طاقة الفحم بالضرورة أنّ استعمال الفحم، أو حتى الانبعاثات من إنتاج الفحم، سوف تزداد، إذ تستثمر الصين أيضًا بشكل كبير في مصادر الطاقة المتجددة.

ترغب الصين في البدء بتقليل استهلاك الفحم عمومًا بعد عام 2025، وتتمثل خطة الحكومة في تقليل توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم مع زيادة قدرة محطات توليد الكهرباء بالفحم، مما يعني أن معدل استعمال المحطات سينخفض.

وفي الصين، يبلغ متوسط معدل استعمال محطات الفحم في الصين حاليًا ما يزيد قليلًا عن 50%، وهي نسبة منخفضة بالفعل، إذ إن الاستثمار في محطات الفحم الجديدة حاليًا "على أقلّ تقدير" أكثر إهدارًا من الناحية الاقتصادية من تحويل الاستثمارات إلى حلول الطاقة النظيفة.

واستحوذت الصين على 546 مليار دولار من استثمارات تحويل الطاقة في عام 2022، أي ما يقرب من نصف الإجمالي العالمي، وفقًا لتقرير صادر عن بلومبرغ، وتعني هذه الاستثمارات أن الصين يمكن أن تكون على المسار الصحيح للبدء في خفض استهلاك الفحم بعد عام 2025، أو حتى قبل ذلك.

ومع ذلك، يشعر المحللون بالقلق من أنه في حالة تشغيل جميع المحطات المسموح بها حديثًا، ستضغط كل من الحكومة وشركات الطاقة لمواصلة استعمال الفحم.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق