وحدة أبحاث الطاقةالتغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير دوريةتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

مسح صناعة الصلب في الصين خلال 5 سنوات يكشف حقائق صادمة (تقرير)

بكين تخاطر بـ100 مليار دولار قد تتحول لأصول عالقة

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • تزايد اعتماد مشروعات جديدة للحديد والصلب في الصين منذ 2017
  • أفران الصهر كثيفة الانبعاثات تستحوذ على 99% من السعة الجديدة
  • أفران القوس الكهربائي تشهد انتعاشة نسبية في الصين
  • إدراج صناعة الصلب في نظام تداول الانبعاثات أبرز التوصيات
  • الانفتاح على مشروعات الصلب القائمة على الهيدروجين رهان المستقبل

زادت صناعة الصلب في الصين من اعتمادها على المشروعات القائمة على الفحم خلال الأعوام الـ5 الماضية بصورة ملحوظة، رغم مخاوف انخفاض الأرباح وزيادة المعروض والتزامات خفض انبعاثات الكربون.

وتُنتج الصين -حاليًا- أكثر من مليار طن من الصلب، ما يمثّل أكثر من نصف الإنتاج العالمي للمعدن المستعمل في صناعات التشييد والبناء بصورة رئيسة، وفقًا لبيانات حديثة صادرة عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف.

وتعتمد صناعة الصلب في الصين على طريقة أفران الصهر القائمة على الفحم (الأفران العالية - أفران الأكسجين الأساسية)، ما يتسبب في كثافة الانبعاثات الصادرة عن الصناعة ويمثّل تحديات كبيرة أمام التزامات بكين بخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060، متأخرة عن أوروبا وأميركا بـ10 سنوات.

وغالبًا ما ينتج الجزء الأكبر من انبعاثات صناعة الصلب في الصين، في أثناء عمليات حرق الفحم لنزع الأكسجين من خام الحديد، وهي عملية كثيفة الانبعاثات الكربونية، وفقًا لما ترصده وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية.

ويُعد تحول صناعة الصلب في الصين إلى طرق الإنتاج منخفضة أو عديمة الانبعاثات ضروريًا لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، ليس فقط في بكين، وإنما عالميًا، إذ تتعلق الآمال بجهود الصين والهند لقيادة التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة إلى جانب جهود أميركا وأوروبا.

وتتطلب إزالة الكربون من الصناعة استثمارات ضخمة في التقنيات عديمة الانبعاثات، بالإضافة إلى ضرورة إحالة المصانع كثيفة الكربون إلى الإغلاق المبكر، لكن ذلك الهدف يبدو بعيدًا في ظل استمرار استثمارات طرق الإنتاج القائمة على الفحم.

كما تواجه صناعة الصلب في الصين تحديات متمثلة في زيادة السعة المستمرة ومعدلات الربح الضئيلة، مع زيادة سيطرة الحكومة على الإنتاج خلال السنوات الأخيرة، ما يفرض تعقيدات أكبر على تحول الصناعة للطرق الأقل تلوثًا.

عواقب سيطرة الحكومة على الصناعة

أظهرت بيانات حديثة انخفاض إنتاج الصين من الصلب الخام بصورة ملحوظة منذ عام 2021، بسبب سيطرة الحكومة على الإنتاج وتراجع الطلب، وفقًا لتقرير مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف.

ورغم تراجع الإنتاج فإن الاستثمارات الجديدة في صناعة الحديد والصلب لم تتكيف مع الواقع الجديد حتى الآن، وما زالت مستمرة في إغراق القطاع بمزيد من السعة الإضافية.

ويخشى مراقبون تحول فائض السعة في صناعة الصلب الصينية من حالة قصيرة الأجل يمكن لتفاعلات السوق أن تتجاوزها، إلى تخمة هيكلية مزمنة طويلة الأمد يصعب النجاة من عواقبها.

ومن المتوقع أن تؤثر مشكلة السعة الزائدة في أرباح شركات الحديد والصلب، التي لا تستطيع الاستمرار في العمل بأقل من مستوى 80% من السعة الإنتاجية، وإلا تعرضت للخسائر التشغيلية وانخفاض الإيرادات والأرباح بصورة كبيرة.

خريطة المشروعات الجديدة في 5 سنوات

زادت شركات صناعة الصلب في الصين استثماراتها في المشروعات الجديدة القائمة على الفحم بصورة ملحوظة منذ عام 2017 وحتى النصف الأول من عام 2023.

ومنحت حكومات المقاطعات الصينية الموافقات لإطلاق مشروعات جديدة في صناعة الحديد بسعة 384.3 مليون طن سنويًا خلال المدة من 2017 وحتى يونيو/حزيران 2023.

كما وافقت المقاطعات على مشروعات مماثلة في صناعة الصلب بسعة 425.9 مليون طن سنويًا، خلال المدة نفسها، وفقًا لبيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

وتعني هذه الأرقام أن معدل الموافقة على المشروعات الجديدة في صناعة الصلب بلغ 30 مليون طن سنويًا كل 6 أشهر، ما يعادل إجمالي قدرة إنتاج الصلب في ألمانيا.

يوضح الرسم التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- أكبر 10 دول في صناعة الصلب حتى 2022:

صناعة الصلب في الصين والعالم

وتأتي أغلب الموافقات الجديدة في إطار سياسة استبدال السعة الحالية لصناعة الصلب في الصين، التي تتطلب إغلاق أكبر قدر ممكن من السعة القديمة مع ضخ قدرات جديدة في شرايين الصناعة لمواكبة التطورات الاقتصادية الأكبر في البلاد.

وتقود شركات الحديد والصلب الخاصة أغلب المشروعات الجديدة بنسبة 69%، تليها الشركات الإقليمية المملوكة للدولة والشركات المركزية المملوكة للحكومة بنسبة 26% و5% على التوالي.

أغلب المشروعات كثيفة الكربون

تعتمد أغلب المشروعات الجديدة في صناعة الصلب في الصين على أفران الصهر العالي وأفران الأكسجين الأساسية، وكلاهما يولد انبعاثات كربونية كثيفة، خلافًا لأفران القوس الكهربائي المراهن عليها لخفض انبعاثات صناعة الصلب في آسيا والعالم.

وتمثّل الأفران العالمية 99% من سعة مشروعات الحديد الجديدة الحاصلة على الموافقات خلال السنوات الـ5 والنصف الماضية وحتى يونيو/حزيران 2023، في حين تمثل أفران الأكسجين الأساسية 70% من سعة صناعة الصلب الجديدة خلال المدة نفسها.

وتشير هذه البيانات إلى أن صناعة الصلب في الصين جددت ما لا يقل عن ربع قدرتها الإنتاجية عبر مشروعات جديدة تستعمل الطرق الإنتاجية كثيفة الكربون نفسها ولمدة 40 عامًا مقبلة، وفقًا لتقرير مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف.

وأدخلت الصين أفران القوس الكهربائي إلى الصناعة خلال السنوات الماضية، لكن معدل انتشارها ما زال أقل، مقارنة بدول أخرى متسارعة في هذا المجال مثل الولايات المتحدة وإيران وتركيا.

وبلغت قدرة الصين التشغيلية في صناعة الصلب قرابة 1.1 مليار طن متري حتى عام 2022، إلا أن أغلبها ما زالو معتمدة على أفران الأكسجين الأساسية (819 مليون طن)، في حين لا تتجاوز السعة المعتمدة على أفران القوس الكهربائي 114.8 مليون طن، وفقًا لبيانات منصة غلوبال إنرجي مونيتور المتخصصة (global energy monitor).

هل تتحول المشروعات إلى أصول عالقة؟

رغم تعهد الصين بتحقيق أهداف إزالة الكربون المعلنة عام 2020، فإنها وافقت على مشروعات جديدة في صناعة الحديد والصلب بسعة 119.8 مليون طن سنويًا معتمدة على الأفران العالية، و76.6 مليون طن معتمدة على أفران الأكسجين الأساسية خلال المدة من 2021 وحتى النصف الأول من 2023.

وتخاطر صناعة الصلب في الصين بالاستثمار في مشروعات جديدة معتمدة على تقنيات كثيفة الكربون على المدى الطويل، ما قد يعرّض هذه الاستثمارات إلى التحول لأصول عالقة خلال العقود المقبلة.

ويقدر مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف حجم الأصول المعرّضة أن تكون عالقة من المشروعات المعتمدة المعلنة بعد عام 2020، بقيمة 100 مليار دولار (700 مليار يوان).

ورغم تسارع الصين نحو اعتماد مشروعات الصلب الجديدة المعتمدة على تقنيات الأفران كثيفة الكربون فإن مشروعات أفران القوس الكهربائي تشهد زيادة متسارعة في الموافقات -أيضًا-.

كم تبلغ حصة أفران القوس الكهربائي؟

وافقت السلطات الصينية وحكام المقاطعات على مشروعات جديدة معتمدة على أفران القوس الكهربائي بسعة 52.5 مليون طن سنويًا خلال المدة من 2021 وحتى النصف الأول من 2023.

عمال في مصنع صلب صيني
عمال في مصنع صلب صيني - الصورة من china dialogue

وزادت حصة أفران القوس الكهربائي إلى ما يتراوح بين 30% و40% من مشروعات الصلب الجديدة المعلنة في عام 2021، إلا أن حصتها الإجمالية من قدرة صناعة الصلب الصينية ما زالت أقل من ذلك بكثير.

كما حصلت مشروعات جديدة في صناعة الحديد بسعة 4.7 مليون طن سنويًا على الموافقة مع التزامها بتطبيق تقنيات عديمة الانبعاثات، وذلك وسط سياسة استبدال السعة المعتمدة في الصين، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومن المتوقع دخول المشروعات الجديدة المعتمدة خلال السنوات الماضية، إلى حيز التشغيل بحلول 2025، ما يعني وصول الصين إلى تجديد 40% من قدرتها الإنتاجية في صناعة الحديد والصلب.

ويقترح مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف بعض التوصيات لضمان نجاح سياسة الاستبدال المتبعة في صناعة الصلب الصينية في تحقيق أهدافها بالتوازي مع أهداف خفض الانبعاثات والحياد الكربوني طويلة الأجل.

وتدور أولى التوصيات حول ضرورة جعل السعة القديمة المحالة للإغلاق أكبر أو مساوية للسعة الإضافية الجديدة، ما يضمن خفض صافي السعة المعتمدة على التقنيات كثيفة الانبعاثات على مستوى الصناعة.

كما يقترح مركز الأبحاث إدراج صناعة الصلب في نظام تداول الانبعاثات الصيني خلال الخطة الخمسية الـ14 في الصين، فضلًا عن ضرورة الاستثمارات الجديدة في أفران الصهر وتسريع نشر أفران القوس الكهربائي في الصناعة، إلى جانب تعزيز التحول نحو تقنيات صناعة الصلب القائمة على الهيدروجين.

ويمكن لهذه الاقتراحات مجتمعة أن تسهم في وصول انبعاثات صناعة الصلب في الصين إلى ذروتها قبل عام 2025، تمهيدًا لانخفاضها تدريجيًا بعد ذلك.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق