تكنو طاقةالتقاريرتقارير التكنو طاقةتقارير الكهرباءتقارير دوريةرئيسيةكهرباءوحدة أبحاث الطاقة

معضلة الطلب على تكييف الهواء خلال الذروة.. حلول مستندة إلى تجارب عالمية (تقرير)

برامج ناجحة في تكساس وكوريا الجنوبية لخفض الاستهلاك

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • الطلب على التبريد أكبر تحدٍّ للشبكات الكهربائية في الصيف والذروة.
  • التبريد يستحوذ على نصف الطلب على الكهرباء في البلدان الأكثر حرارة.
  • 90% من الأسر في اليابان وأميركا يملكون أجهزة تكييف للهواء.
  • نجاح برنامج ولاية تكساس في إغراء المستهلكين خلال وقت الذروة.
  • كوريا الجنوبية تختبر برنامجًا لخفض استهلاك الكهرباء تلقائيًا.

يتزايد الطلب على تكييف الهواء في فصلي الصيف والشتاء من كل عام في أغلب دول العالم، مع زيادة درجات الحرارة أو انخفاضها؛ ما يعزز الطلب على التبريد أو التدفئة ويؤدي إلى ارتفاع استهلاك الكهرباء وإجهاد الشبكات.

وشهد العالم أسخن شهر على الإطلاق، خلال يونيو/حزيران 2023؛ حيث ارتفعت درجات الحرارة بصورة غير مسبوقة مع استمرار صعودها في يوليو/تموز الجاري، وفقًا لرصد حديث من وكالة الطاقة الدولية.

وأدت موجة الحر القاسية إلى زيادة الضغط على شبكات الكهرباء إلى الحدود القصوى، مع ارتفاع الطلب على تكييف الهواء، وزيادة تشغيل المكيفات لساعات أطول، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتنذر الحرارة العالمية بتداعيات خطيرة على صحة الإنسان في جميع أنحاء العالم بداية من الصين التي ارتفعت فيها درجات الحرارة -مؤخرًا- إلى 50 درجة مئوية، وحتى طوكيو وجنوب غرب الولايات المتحدة.

تداعيات الحرارة المرتفعة

أدّت درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا إلى إشعال حرائق الغابات؛ ما دفع إلى ارتفاع معدل الوفيات المرتبط بالحر، إلى جانب انقطاع الشبكة عن الهواتف المحمولة فجأة.

ولا يقتصر تأثير درجات الحرارة المرتفعة في صحة الإنسان فحسب، بل تمتد عواقبها الوخيمة إلى أنظمة الطاقة العالمية على المدى القصير والمتوسط والطويل.

شبكات الكهرباء
شبكات كهرباء ضغط عالٍ - الصورة من بلومبرغ

وتدفع درجات الحرارة القياسية إلى دوران العالم في حلقة مفرغة تبدأ بزيادة الطلب على تكييف الهواء، الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء؛ ما يؤدي إلى زيادة حرق مصادر الوقود الأحفوري وزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، المؤدية بطبيعة الحال إلى أن يصبح العالم أكثر سخونة.

ومع استمرار ارتفاع أسعار الكهرباء في أغلب دول العالم نتيجة لأزمة الطاقة العالمية؛ فإن ذلك يؤثر -أيضًا- في الأوضاع المالية للأفراد؛ حيث يضطرون إلى دفع أموال مضاعفة مع زيادة تشغيل أجهزة تكييف الهواء.

وهناك حلول للتخفيف من استهلاك الكهرباء وتكاليف المستهلكين، بداية من رفع كفاءة أجهزة تكييف الهواء حتى الحوافز الجديدة لمشغلي الشبكات؛ حيث يتسابق صانعو السياسات لجعل أنظمة الطاقة أكثر استدامة.

الطلب على مكيفات الهواء

ينصح خبراء التحليل في وكالة الطاقة الدولية صنّاع السياسات على مستوى العالم بالتفكير في عواقب زيادة الطلب على التبريد وتكييف الهواء، واغتنام الفرصة للاستثمار بصورة أكبر في كفاءة الطاقة في هذا الوقت الحرج.

وأدت موجة الحرارة الشديدة إلى زيادة الطلب على أجهزة تكييف الهواء، مع استمرار متوسط درجات الحرارة اليومية عند 30 درجة مئوية؛ ما أدى إلى زيادة المبيعات الأسبوعية بمعدل 16% خلال موجة الحر العالمية الحالية الممتدة من يونيو/حزيران حتى يوليو/تموز 2023.

كما زادت عمليات بحث الأفراد عن أجهزة تكييف الهواء وأنواعها وأسعارها على محرك بحث غوغل بنسبة 25% في جميع أنحاء العالم، مقارنة بالمتوسطات السابقة لهذا الوقت من العام على مدار العقد الماضي.

ويتزايد الطلب على التبريد بمعدل أسرع في الاقتصادات الناشئة والنامية؛ حيث يمتلك عدد أقل من الأسر مكيفات هواء، خلافًا للدول المتقدمة التي تمتلك أغلب الأسر فيها مكيفات هواء منذ سنوات طويلة.

ويمتلك أكثر من 90% من الأسر في الولايات المتحدة واليابان مكيفات هواء، في مقابل 15% فقط من الأسر في جنوب شرق آسيا، بينما ينخفض هذا الرقم بصورة كبيرة إلى 5% في الهند وأفريقيا، وفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

وتشير الأرقام، من جانب آخر، إلى أن شخصًا واحدًا من كل 10 أشخاص لديه القدرة على الوصول إلى تكييف الهواء أو خيارات التبريد الأخرى في منزله من أصل 2.8 مليار شخص يعيشون في المناطق الأكثر حرارة في العالم.

حصة التبريد من الطلب على الكهرباء

في الوقت الذي تتزايد فيه الحاجة إلى التبريد، يؤدي الاستعمال المفرط في أجهزة تكييف الهواء إلى إجهاد أنظمة الكهرباء العالمية؛ حيث توقّعت وكالة الطاقة الدولية أن يكون صيف 2023 اختبار ضغط جديدًا على الشبكات العالمية.

ويمثل التبريد قرابة 10% من الطلب العالمي على الكهرباء سنويًا، إلا أنه قد يرتفع في مواسم الصيف إلى ما يتجاوز 50% من إجمالي الطلب الموسمي في البلدان الأكثر حرارة، كما يمكن أن يفوق 70% من الاستهلاك في أسابيع الذروة.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور الطلب العالمي على الكهرباء خلال 22 عامًا:

الطلب العالمي على الكهرباء في 2022

وتحتاج شبكات وأنظمة الكهرباء في المناطق الأكثر حرارة إلى تغطية طلب محلي يصل إلى الضعف، مقارنة بالأشهر الأكثر اعتدالًا؛ ما يؤدي إلى إجهادها خلال أشهر الصيف وأسابيع الذروة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتشير بيانات تحليلية حديثة إلى أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية فوق المتوسط اليومي البالغ 24 درجة مئوية في ولاية تكساس، يؤدي إلى زيادة في الطلب على الكهرباء بنسبة 4% على مستوى الولاية.

كما تؤدي الزيادة نفسها في الهند إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء بنسبة 2%، مع الفارق الضخم في عدد الأسر المالكة للتكييفات بين أميركا ونيودلهي.

وحققت شبكات الكهرباء في كل من الهند وجنوب شرق الولايات المتحدة مستويات قياسية في التوليد، خلال ذروة الطلب الشهرين الماضيين، كما سجلت الشبكات في 10 دول أخرى مستويات قياسية مماثلة، خاصة في البرازيل والصين وكولومبيا واليابان وماليزيا وتايلاند.

وتتزايد احتمالات تعرض محطات توليد الكهرباء إلى الأعطال أو الانقطاع، مع زيادة درجات الحرارة وارتفاع الطلب على التبريد؛ ما يعني زيادة مخاطر انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، كما حدث في صيف العام الماضي.

وغالبًا ما يضطر مشغلو الشبكات إلى زيادة التوليد بأى طريقة لتلبية الطلب المرتفع، ولو كان ذلك بالاستعانة بمحطات قديمة غير كفؤة وأكثر تلويثًا للبيئة مثل محطات الفحم؛ ما يؤدي إلى زيادة الانبعاثات على الجانب الآخر.

واضطرت محطة توليد واحدة في الصين إلى زيادة معدل حرق الفحم ليصل إلى 800 طن في الساعة، خلال شهر يونيو/حزيران 2023؛ للمساعدة في تلبية الطلب على تكييف الهواء في شنغهاي، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ماذا فعلت ولاية تكساس لخفض الاستهلاك؟

يحتاج المشغلون إلى اعتماد طرق وأساليب جديدة لتخفيف الضغط على الشبكات ومحطات التوليد، خلال أشهر الصيف؛ من بينها تشجيع المواطنين على خفض الاستهلاك الطوعي للكهرباء في حالات الطوارئ، أو مكافأتهم ماليًا في حالة ترشيد الاستهلاك في أوقات الذروة، كما تفعل ولاية تكساس.

وأطلق مشغلو شبكة الكهرباء في ولاية تكساس برنامج حوافز مالية للمستهلكين في محاولة لخفض الطلب الذي بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق في شهر يونيو/حزيران الماضي (2023).

وشمل البرنامج حوافز مالية للمستهلكين المستجيبين لخفض الطلب خلال أوقات إجهاد الشبكة أو الذين يُحوِّلون الاستهلاك إلى أوقات أخرى من اليوم؛ حيث تكون ضغوط الشبكة وأسعار الكهرباء أقل.

وجاءت نتائج البرنامج مبشرة؛ حيث زادت مدفوعات الولاية للمستهلكين المشاركين في البرنامج أكثر من 20 مرة هذا العام؛ ما يشير إلى زيادة عدد المستجيبين، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

نتائج تجربة مبشّرة في كوريا الجنوبية

يُمكن لمشغلي الشبكات أن يفكروا في تجربة كوريا الجنوبية التي أطلقت برنامجًا تجريبيًا لاختبار مدى استجابة الأجهزة الذكية تلقائيًا لطلبات خفض الاستهلاك بناء على ظروف الشبكة، بدلًا من الاعتماد على التعديلات اليدوية للمستهلكين.

وتشير نتائج البرنامج المطلق في ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى تحسن بنسبة 24% في استهلاك الكهرباء؛ ما يبشر بنتائج أكبر في حالة تعميمه على مستوى البلاد.

كما ينصح بزيادة تشجيع المواطنين على شراء أجهزة التكييف الأحدث والأكثر كفاءة في استهلاك الكهرباء؛ حيث تؤدي الأجهزة الأقل كفاءة إلى زيادة الاستهلاك والفواتير من ناحية، وزيادة إجهاد شبكات الكهرباء والانبعاثات على الجانب الآخر.

ولا ترتبط كفاءة أجهزة التبريد بارتفاع السعر في بعض الأحيان؛ إذ يمكن للمستهلكين، في تايلاند على سبيل المثال، أن يشتروا جهاز تكييف منخفض الكفاءة بـ350 دولارًا، كما يمكنهم أن يشتروا بالمبلغ نفسه جهازًا أكثر كفاءة بنسبة 50%، مع خفض فاتورة الكهرباء إلى النصف تقريبًا؛ ما يؤدي إلى توفير 2000 دولار على الأقل على مدى العمر الافتراضي للجهاز.

ولا يقتصر هذا الوضع على تايلاند، بل يتضح بصورة ملحوظة في بيانات السوق لمعظم البلدان حول العالم، وفقًا لمقال تحليلي منشور على موقع وكالة الطاقة الدولية.

كيف خفّضت أوروبا وأميركا استهلاك أجهزة التكييف؟

يُمكن للبلاد النامية والأسواق الناشئة أن تفكر في تبني برامج كفاءة الطاقة المتبعة في أميركا والاتحاد الأوروبي منذ سنوات طويلة، مثل برنامج معايير الحد الأدنى الإلزامي لأداء الطاقة (MEPS)، الذي يلتزم بموجبه المنتجون برفع كفاءة أجهزتهم الكهربائية قبل طرحها في الأسواق مع وضع ملصقات توضّح كفاءة الاستهلاك وشروطه.

ويضمن هذا البرنامج أن جميع المنتجات المتاحة للشراء في أسواق البلد الذي يطبقه تستهلك كهرباء أقل مع تكاليف تشغيل أقل على مدار عمرها الافتراضي، وقد أثبت هذا البرنامج نجاحًا لا يُصدَّق أدى إلى خفض استهلاك الكهرباء لأجهزة تكييف الهواء بأكثر من النصف في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

ويمكن لمثل هذه السياسات أن تضاعف متوسط كفاءة مكيفات الهواء المبيعة بسرعة مع خفض فواتير الكهرباء على المواطنين من ناحية، كما يمكنها على الجانب الآخر أن تساعد على خفض الانبعاثات نحو المستويات المطلوبة للوصول إلى أهداف الحياد الكربوني طويلة الأجل.

أجهزة تكييف الهواء
جهاز تكييف مثبّت على نافذة - الصورة من نيويورك تايمز

كما يمكن الاستفادة من تجارب المباني والأحياء والمدن المشيدة بطريقة العزل؛ ما يؤدي إلى خفض الإحساس بالحرارة أو البرد داخلها ويقلل من استهلاك قاطنيها للكهرباء سواء في الصيف أو الشتاء.

وزاد اهتمام دول العالم بمسائل كفاءة الطاقة خلال السنوات الـ10 الماضية؛ ما أدى إلى صعودها على قمة هرم أولويات المنظمات الدولية المعنية، خاصة وكالة الطاقة الدولية التي تخصص مؤتمرًا سنويًا لمتابعة آخر تطورات كفاءة الطاقة في العالم.

وعقدت الوكالة المؤتمر الدولي الثامن لكفاءة الطاقة في مدينة فرساي شمال فرنسا (6-9 يونيو/حزيران 2023)، بحضور 700 شخص من 80 دولة؛ بينهم 30 وزيرًا و50 مديرًا تنفيذيًا.

وأيّدت 45 حكومة من جميع أنحاء العام هدف مضاعفة متوسط المعدل العالمي لتحسين كفاءة الطاقة بحلول 2030، وفقًا للبيان الختامي الذي رصدته وحدة أبحاث الطاقة في 9 يونيو/حزيران 2023.

كما طرحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" 100 حلًا مبتكرًا أمام الحكومات، لمساعدتها على دعم وجود النظم الكهربائية الذكية في جميع قطاعات الصناعة والنقل والمباني وغيرها، وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة في 20 يونيو/حزيران 2023.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق