غازالتقاريرتقارير الغازتقارير الكهرباءتقارير دوريةروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةكهرباءوحدة أبحاث الطاقة

لماذا هبط الطلب الأوروبي على الكهرباء خلال 2022 خلافًا للاتجاه العالمي؟ (تقرير)

ارتفاع الأسعار ليس السبب الوحيد في تراجع الاستهلاك

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء بنسبة 2% في عام 2022 خلافًا لأوروبا
  • مستوى الانخفاض الأوروبي لم يحدث إلا في الأزمة المالية العالمية وكورونا
  • ارتفاع أسعار الجملة لم يؤثر في تكلفة المستهلكين بصورة واضحة إلا أواخر 2022
  • دعم الحكومات الأوروبية للكهرباء أسهم في تخفيف حدة الأزمة
  • فرنسا حالة أوروبية نادرة في التأثر بالطلب على التدفئة والتبريد
  • عوامل الطقس ذات أهمية تحليلية بالغة مع زيادة التوجه إلى الطاقة المتجددة

شهد الطلب الأوروبي على الكهرباء انخفاضًا ملحوظًا خلال العام الماضي (2022)، بفعل أزمة الطاقة القاسية التي خلّفتها الحرب الروسية الأوكرانية المشتعلة منذ فبراير/شباط 2022.

وظل الطلب على الكهرباء قويًا في جميع أنحاء العالم خلال العام الماضي، إذ زاد بنسبة 2%، في حين انخفض في الاتحاد الأوروبي بنحو 3%، ليصبح المنطقة الرئيسة الوحيدة، التي شهدت هذا الانخفاض الملحوظ، وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.

ولم يشهد الطلب الأوروبي على الكهرباء هذا المعدل من الانخفاض إلا في مناسبتين سابقتين خلال العقدين الماضيين، الأولى عام 2009، في أعقاب الأزمة المالية العالمية.

أما الحالة الثانية فكانت عام 2020، إذ أدى الإغلاق المرتبط بجائحة كورونا إلى توقف النشاط الاقتصادي بصورة غير مسبوقة في التاريخ، وفقًا لتقرير الوكالة الدولية، الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

لم تكن الحرب الأوكرانية وحدها

تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في أزمة طاقة عالمية ضخمة بسبب انقطاع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة بوتيرة قياسية عالميًا، لكنها كانت أكثر حدة في أوروبا.

وارتبكت أغلب الدول الأوروبية في توفير بدائل الغاز المستعمل في توليد الكهرباء والتدفئة، ما دفع بعض الدول إلى إعادة تشغيل محطات الفحم، وإرجاء خطط إغلاقها لسنوات أطول من المخطط سابقًا.

كما شعرت دول أوروبية أخرى بضغوط إضافية ناتجة عن انخفاض التوليد في المحطات النووية، وتراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية بسبب موجة جفاف قاسية، ما زاد من تحديات الثقة في استمرارية الشبكة وتدفق التيار على مدار اليوم.

وأدت هذه الضغوط إلى زيادة الطلب الأوروبي على الكهرباء المُولّدة من الغاز، على الرغم من ارتفاع أسعاره إلى مستويات قياسية، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

واستحوذت قضايا ومسائل العرض على أغلب الاهتمام التحليلي لدى خبراء الطاقة، في حين حظيت اتجاهات الطلب الأوروبي على الكهرباء باهتمام أقل، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

ورصد خبراء الوكالة تأثيرات مختلفة في الطلب الأوروبي على الكهرباء العام الماضي لعوامل الطقس والمناخ، بالإضافة إلى آثار ارتفاع أسعار الطاقة، وبعض التداعيات المرتبطة بالاختلافات الإقليمية بين دول الاتحاد.

الشتاء المعتدل سبب مهم

بحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن ظروف الشتاء المعتدل أسهمت في تفسير جانب من انخفاض الطلب الأوروبي على الكهرباء خلال عام 2022.

وتغاضى خبراء الوكالة عن تأثير ارتفاع درجات الحرارة في الصيف عن طريق مقارنتها باعتدال الحرارة في الشتاء، ما دفعهم إلى القول بأن الطلب الأوروبي في عام 2022 هو حصيلة شتاء أكثر اعتدالًا وصيفًا أكثر حرارة، إلى جانب تأثيرات ارتفاع الأسعار.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تطور توليد الكهرباء من الغاز في أوروبا على مدار 36 عامًا:

توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي في أوروبا

وعند تحليل عوامل الطقس، لاحظت وكالة الطاقة أن جميع دول الاتحاد الأوروبي مرت بشتاء أكثر اعتدالًا مما كان عليه في عام 2021، باستثناء عدد قليل من دول البحر الأبيض المتوسط مثل مالطا واليونان وقبرص.

وأسهمت عوامل الطقس في انخفاض استهلاك الكهرباء لأغراض التدفئة، خاصة في الربع الأخير من عام 2022، إلى جانب الربع الثاني من العام، إذ شهد شهرا أبريل/نيسان ومايو/أيار 2022، ظروف طقس معتدلة أيضًا، ولكن أقل وضوحًا من الربع الأخير.

ورغم دور الطقس المعتدل في انخفاض الطلب على الكهرباء بجميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، فإن الطقس الصيفي الحار عوّض ذلك جزئيًا، خاصة في جنوب أوروبا التى تعرّضت لموجات حر قاسية، لا سيما في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، ما أدى إلى زيادة استهلاك الكهرباء لأغراض التبريد.

فرنسا حالة نادرة

تتمتع أوروبا بمناخ متنوع للغاية، ما يجعل تأثيرات الطقس تبدو غير متجانسة على حسب الإقليم وفصول السنة، إذ تختلف ظروف شمال أوروبا عن جنوبها، بالقدر نفسه الذي تختلف فيه ظروف شرقها عن غربها، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وظهرت هذه الاختلافات في بيانات استهلاك الكهرباء في أوروبا خلال عام 2022، إذ سجل جنوب أوروبا زيادة صافية في الطلب بسبب الصيف شديد الحرارة، في حين شهد شمال أوروبا انخفاضًا.

وتُعد فرنسا واحدة من الدول الأوروبية القليلة التي يتأثر الطلب على الكهرباء فيها بمعدلات التدفئة والتبريد بصورة أقوى من أغلب دول الاتحاد الأوروبي، إذ شكّل الطلب على التدفئة والتبريد 20% من إجمالي استهلاك الكهرباء في البلاد عام 2022.

كما تُعد حصة تدفئة الأماكن في فرنسا من أعلى النسب في أوروبا، ولا يتجاوزها في ذلك سوى دول الشمال الأوروبي الأقل كثافة سكانية مثل السويد وفنلندا، كما يتزايد الطلب على التبريد في فرنسا بصورة كبيرة خاصة بقطاع الخدمات.

الطقس مسؤول عن 1% فقط

يمكن القول بصورة عامة، إن ظروف الطقس أسهمت في انخفاض الطلب الأوروبي على الكهرباء خلال عام 2022، ولكن بنسبة تقل عن 1%، في حين شكلت عوامل أخرى النسبة المتبقية التي تتجاوز 2%، وفقًا لتقديرات خبراء وكالة الطاقة الدولية.

وأسهم عامل ارتفاع أسعار الكهرباء في تفسير جانب من انخفاض الطلب على مستوى أوروبا، مع الوضع في الحسبان أنه غالبًا ما تستغرق تقلبات الأسعار وقتًا لتنتقل مباشرة إلى الأسر والمستهلكين.

ورغم أن الاعتماد على ديناميكيات الأسعار قصيرة الأجل يختلف باختلاف القطاعات والبلدان، فإن غالبية المستهلكين يتعرضون بصورة مباشرة إلى الأسواق الفورية وتعرفات الكهرباء، التي تُعدل بعد مدّة زمنية محددة.

إلى جانب ذلك، أدت عوامل أخرى إلى خفض الطلب الأوروبي على الكهرباء، من بينها بعض التغيرات السلوكية في استهلاك قطاعي المنازل والخدمات، إلى جانب برامج ترشيد الاستهلاك الطوعية التي قادتها الحكومات.

كما أسهمت عوامل تحمل التكاليف في انخفاض استهلاك قطاعات من الأسر الأكثر ضعفًا، إلى جانب تحسين كفاءة استعمال الطاقة في مجموعة من القطاعات المختلفة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

لماذا تأخر تأثير أسعار الجملة؟

عدادات الدفع المسبق في أوروبا
عدادات الدفع المسبق للكهرباء والغاز في أوروبا - الصورة من بي بي سي

ارتفعت أسعار الكهرباء بالجملة بصورة حادة خلال العام الماضي من 190 يورو (205.6 دولارًا)/ميغاواط/ساعة في مايو/أيار 2022، إلى 400 يورو (432.8 دولارًا)/ميغاواط/ساعة خلال أغسطس/آب 2022.

ورغم القفزة الضخمة في أسعار الكهرباء بالجملة بعد أشهر قليلة من الحرب الأوكرانية، فإنها لم تؤثر في الاستهلاك بصورة واضحة إلا أواخر عام 2022.

ويرجع ذلك لعدة أسباب، أبرزها أن حساب الفاتورة النهائية لا يرتبط فقط بتكلفة عنصر الكهرباء وإنما يشمل مكونات وعناصر أخرى يجري أخذها في الحسبان عند حساب التكاليف الإجمالية للخدمة.

السبب الثاني يتعلق بارتباط المستهلكين بعقود غير فورية للاستهلاك، ما يعني أن تقلبات أسعار الجملة لا تصل إليهم بصورة مباشرة، وإنما تستغرق وقتًا حتى يُعاد نقل أعبائها إلى المستهلكين عبر زيادة تعرفات الشراء في التعاقدات الجديدة.

أما السبب الثالث فيتعلق بتدخل الحكومات الأوروبية في أسواق الطاقة عبر دعم الأسر والصناعات كثيفة الاستهلاك بحزم مالية ضخمة على مستوى الاتحاد، ما أسهم في تخفيف حدة الأزمة على المواطنين.

عوامل الطقس ذات قدرة تفسيرية عالية

لهذه الأسباب سالفة الذكر، لم يصل تأثير زيادات أسعار الجملة إلى المستهلكين بصورة واضحة إلا في أواخر عام 2022، في حين بدأت الصناعات كثيفة الاستهلاك تخفيض إنتاجها بصورة ملحوظة خلال النصف الثاني من العام، مثل صناعات الكيماويات والألومنيوم والصلب.

ويسلّط تحليل وكالة الطاقة الدولية الضوء على ضرورة الاهتمام بعوامل الطقس في تحليل الطلب الأوروبي على الكهرباء خلال السنوات المقبلة، خاصة مع زيادة التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة الأكثر ارتباطًا بظروف الطقس في جانب التوليد، ما يرشح زيادة القدرة التفسيرية لعوامل الطقس في تحليل جانبي العرض والطلب معًا.

وتختلف معدلات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على مدار اليوم، على حسب ظروف الطقس ممثلة في معدلات سطوع الشمس وهبوب الرياح، خلافًا لمحطات التوليد بالفحم أو الغاز أو النفط التي لا تتأثر بظروف الطقس بالطريقة نفسها، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق