المقالاتسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةمقالات الطاقة المتجددةمقالات النفطنفط

علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا تمهّد لتحول نظيف ومستدام (مقال)

أومود شوكري – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • التعاون بين الإمارات وتركيا في مجال الطاقة ركيزة مهمة لمذكرات التفاهم.
  • مذكرات التفاهم تعكس التزام البلدين المشترك بتحقيق أمن الطاقة والنمو الاقتصادي المستدام.
  • مذكرات التفاهم تُسلِّط الضوء على القيمة الإستراتيجية للتعاون في مجال الطاقة.
  • تركيا تعتمد بشكل أساسي على الواردات لتغطية احتياجاتها من الطاقة.
  • الإمارات العربية المتحدة تُعَد موردًا كبيرًا للنفط ورائدة في مشروعات الطاقة المتجددة.

تتجه علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا نحو منعطف جديد؛ إذ وطّدت زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لأبوظبي العلاقات الثنائية بين البلدين، وتمخّضت عنها اتفاقيات مهمة بقيمة 50 مليار دولار.

وحَظِي التعاون في مجال الطاقة -بين أبوظبي وأنقرة- باهتمام واضح، من خلال توقيع العديد من مذكرات التفاهم التي تضفي الطابع الرسمي على شراكة البلدين في هذا القطاع الحيوي.

وتشمل الاتفاقات، التي تمثل التزام البلدين بشراكة واسعة النطاق، مجموعة متنوعة من المجالات؛ بما في ذلك الدفاع والاستثمار والتكنولوجيا والرعاية الصحية والسياحة.

وتهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي وُقِّعَت مؤخرًا، إلى زيادة التجارة الثنائية بين الإمارات العربية المتحدة وتركيا إلى 40 مليار دولار على مدى 5 سنوات، بوصف تركيا شريكًا تجاريًا مهمًا للدولة الخليجية.

تعاون مهم

يُعَد توقيع مذكرات تفاهم جديدة تُنظم علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا في 19 يوليو/تموز 2023، خلال زيارة الرئيس أردوغان لدولة الإمارات العربية المتحدة، أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة إلى الدولتين والمنطقة.

وتُظهر هذه الاتفاقيات -التي تبلغ قيمتها الإجمالية 50.7 مليار دولار- اهتمام الإمارات بمساعدة تركيا في تحقيق هدفها الوطني لتحول الطاقة وتعزيز تنويع مصادرها.

علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا
رئيسا الإمارات وتركيا يرتديان سواريْ مؤتمر قمة المناخ كوب 28 – الصورة من رويترز

إضافة إلى ذلك، تؤكد مذكرات التفاهم المُنظمة لعلاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا التزام البلدين المشترك بتحقيق أمن الطاقة والنمو الاقتصادي المستدام من خلال تركيزها على الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والطاقة الكهرومائية، والطاقة النووية، وتطوير التقنيات.

وتركّز مذكرات التفاهم على القيمة الإستراتيجية للتعاون في مجال الطاقة وتنقل التزامًا ثابتًا بالتعاون المتبادل والمكاسب لكلا البلدين.

وتسعى مذكرات التفاهم المُنظمة لعلاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا إلى تحسين تعاونهما في إنتاج النفط والغاز وتوزيعهما واستكشافهما؛ ما يضمن استقرار إمدادات الطاقة وتنويع مصادرها لكلا البلدين.

وتركز اتفاقيات علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا على التعاون في المشروعات التي تستعمل الطاقة المتجددة، وتشجيع السلوكيات المستدامة وتبادل المعرفة للتحرك نحو نماذج أعمال أكثر اخضرارًا.

وسيتم إنشاء شبكة طاقة مستقرة، وتحسين الكفاءة اللوجستية، وسيتعزز أمن الطاقة بفضل التركيز على تحسين البنية التحتية؛ بما في ذلك خطوط الأنابيب والمواني.

وسيستفيد كلا البلدين من النتائج الجيوسياسية والاقتصادية لهذا الاستثمار البالغ 50 مليار دولار، الذي سيساعدهما في تحقيق أمن الطاقة وتقليل اعتمادهما على مصدر واحد للطاقة.

تحديات التعاون

على الرغم من أن توقيع مذكرات التفاهم حول علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا بقيمة 50.7 مليار دولار خلال زيارة أردوغان للدولة الخليجية الواقعة في قارة آسيا يمثّل خطوة مهمة نحو التعاون في مجال الطاقة؛ فقد يظهر عدد من العقبات في طريق تنفيذها بنجاح على المدى الطويل.

- التوترات الجيوسياسية: الديناميكيات الجيوسياسية للمنطقة التي يقع فيها البلدان معقّدة، وقد تتخذ بعض المشكلات العالمية أو النزاعات المحلية اتجاهات مختلفة؛ ما قد يؤثر في مدى سلاسة تنفيذ مبادرات التعاون وتعزيز علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا.

وقد تتسبب الاضطرابات الجيوسياسية في حدوث تأخيرات وشكوك وحتى اضطرابات في مشروعات الطاقة؛ ما قد يؤثر في الاستثمارات وأمن الطاقة بشكل عام.

- الأطر التنظيمية والسياسية: توجد لدى البلدين أنظمة قانونية وتنظيمية منفصلة تتحكم في مشروع الطاقة؛ ما قد يجعل من الصعب مواءمة وتنسيق سياساتهما من أجل التعاون الفعّال.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم إنتاج النفط الخام في الإمارات خلال الأعوام من 2019 حتى عام 2023:

إنتاج النفط الخام في الإمارات

وقد تؤدي القوانين واللوائح المختلفة إلى التأخير وزيادة التعقيد التشغيلي عن طريق إحداث اختناقات في موافقات وتراخيص وامتثال المشروعات.

- إستراتيجيات الطاقة المتباينة: لكل من الإمارات العربية المتحدة وتركيا برامجهما وإستراتيجياتهما الخاصة بالطاقة.

وتعتمد تركيا بشكل أساسي على الواردات لتغطية احتياجاتها من الطاقة، على عكس الإمارات العربية المتحدة التي تعد موردًا كبيرًا للنفط ورائدة في مشروعات الطاقة المتجددة.

وسيكون من الصعب مواءمة جداول أعمالهما وخلق أرضية مشتركة بحيث يمكن دمج قطاعات الطاقة لديهما بنجاح، وسيتطلب ذلك الكثير من التنسيق والتفاوض.

- الاختلافات في التكنولوجيا والبنية التحتية: قد تختلف القدرات التكنولوجية واحتياجات البنية التحتية لتركيا والإمارات العربية المتحدة في قطاع الطاقة.

وقد يؤدي التعاون في مشروعات مثل الطاقة النووية والهيدروجين الأخضر إلى صعوبة دمج التقنيات المختلفة وضمان التوافق، ولكي ينجح التعاون يجب تمويل تطوير البنية التحتية لدعم هذه التقنيات المتطورة.

- الاعتبارات الاقتصادية: القيود المالية والتقلبات الاقتصادية في أي دولة يمكن أن يكون لها تأثير في طريقة تمويل المشروعات وتنفيذها، وقد يتأثر معدل الاستثمارات وحجمها بتقلبات السوق، وأسعار صرف العملات، وتوافر الأموال؛ ما قد يؤثر في التنمية الشاملة لجهود التعاون وعلاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا.

- القضايا البيئية: على الرغم من أن التركيز على التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة أمر مرغوب فيه؛ فإنه يجب على تركيا والإمارات العربية المتحدة التأكد من تنفيذ هذه المبادرات بطريقة مستدامة بيئيًا.

وقد تتطلب مشروعات الطاقة واسعة النطاق التخطيط الدقيق والاستثمار في الحلول الصديقة للبيئة للامتثال للقواعد البيئية وتخفيف الآثار البيئية المحتملة.

واُتّخِذَت خطوة مهمة لتشجيع الاستثمار في البنية التحتية للطاقة في تركيا وتعزيز أمن الطاقة لكلا البلدين بفضل التوقيع الأخير على اتفاقيات ومذكرات تفاهم إستراتيجية بين الإمارات العربية المتحدة وتركيا، بقيمة إجمالية تبلغ 50.7 مليار دولار.

على ضوء ذلك، يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة -وهي لاعب رئيس في صناعة الطاقة- أن تُسهِم بشكل كبير في برامج تركيا الوطنية الطموحة لتحول الطاقة، التي تتطلب استثمارات ومعرفة كبيرة.

تنويع مصادر الطاقة

على صعيد آخر، من المتوقع أن تعزز علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا مساعدة الأولى للثانية في جهودها لتنويع مصادر طاقتها، وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري التقليدي، من خلال التركيز على الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والطاقة الكهرومائية والتعاون في مجال الطاقة النووية.

بالإضافة إلى التوافق مع أهداف الاستدامة الدولية؛ فإن هذا يحسن أمن الطاقة في تركيا من خلال جعلها أقل عرضة لانقطاع الإمدادات والتغيرات في أسعار سوق الطاقة.

وقد عزز الاستكشاف المشترك لمؤسسة البترول التركية وأدنوك الإماراتية لمشروعات التنقيب والإنتاج والبتروكيماويات قطاع الطاقة في البلاد.

ويعكس الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز ملامح خطة انتقال الطاقة في تركيا:

انتقال الطاقة في تركيا

تجدر الإشارة إلى أن تركيا تُعَد فرصة استثمارية مرغوبة للإمارات واللاعبين الدوليين الآخرين بسبب موقعها الإستراتيجي عند تقاطع أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، فضلًا عن اقتصادها المتوسع واستهلاكها المتزايد للطاقة.

ويمكن أن يساعد الاستثمار في مشروعات التنقيب والإنتاج والبتروكيماويات في استخراج الموارد المحلية ومعالجتها، وتعزيز توليد الكهرباء المحلية وربما تقليل الاعتماد على الواردات. وسيؤدي ذلك إلى تحسين أمن الطاقة في كلا البلدين وتعزيز سوق طاقة أكثر استقرارًا في المنطقة.

تعميق الشراكة والتعاون

تُظهر الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الإستراتيجية الأخيرة، لتعزيز علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا بقيمة 50.7 مليار دولار، التزامًا جادًا بتعميق شراكة البلدين وتعاونهما في العديد من الصناعات، ولا سيما الطاقة.

ويتضح الدعم المالي لدولة الإمارات العربية المتحدة لإستراتيجية تركيا الوطنية الطموحة لتحول الطاقة خلال استثماراتها في مشروعات الطاقة في تركيا، التي تتراوح من التعاون النووي إلى الطاقة المتجددة.

ويهدف هذا التعاون إلى تحسين البنية التحتية للطاقة في تركيا مع تعزيز أمن الطاقة والتنمية على المدى الطويل في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في المجالات العسكرية وتكنولوجيا الفضاء، أن تعاون البلدين يتجاوز قطاع الطاقة، ومن خلال تعزيز الاستقرار الإقليمي وحماية البنية التحتية الحيوية قد يكون لهذه الاتفاقيات تأثير غير مباشر في أمن الطاقة.

ويُعَد التركيز على تبادل المعلومات ونقل التكنولوجيا ومبادرات البحث والتطوير المشتركة أساسًا للروابط الاقتصادية وتعزيز الابتكار، وأمرًا مفيدًا لعلاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا.

بشكل عام، تعزز مذكرات تفاهم علاقات الطاقة بين الإمارات وتركيا التزام البلدين المشترك بالتعاون والتنمية المستدامة، وتجعلهما لاعبين أساسيين في بيئة الطاقة العالمية المتغيرة.

وقد وضعت الشراكات الإستراتيجية الأساس لتعاون ثنائي دائم في مجموعة متنوعة من المجالات خارج الطاقة مع تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار الإقليمي.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق