تراجع التنقيب عن النفط الصخري في أميركا يوجه ضربة لشركات خدمات الحقول
خلال الربع الثاني من 2023
هبة مصطفى
تقوم صناعة الوقود الأحفوري على دائرة متصلة تؤثر في بعضها بعضًا، وفي ظل تراجع أنشطة التنقيب عن النفط الصخري في أميركا باتت مكاسب شركات خدمات حقول النفط في مهب الريح.
وأكد عدد من كبريات شركات خدمات الحقول العالمية أن معدات الحفر والتكسير المائي (الهيدروليكي) واجهت انخفاضًا في الطلب، خلال الربع الثاني من العام الجاري (2023)، حسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز (Financial Times).
ويعكس تراجع أداء الشركات المزودة لخدمات حقول النفط في أميركا اضطرابًا في قطاع الطاقة بالولايات الممتدة من غرب تكساس حتى داكوتا الشمالية، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
إنتاج "محدود" رغم الارتفاع
تُشير التوقعات إلى أن إنتاج النفط الأميركي قد يُسجِّل معدل نمو يُقدَّر بنحو 200 ألف برميل يوميًا فقط خلال الأشهر الـ12 المقبلة، ورغم أن هذا المعدل ما زال مرتفعًا؛ فإنه ينخفض عن المستويات بين عامي 2018 و2019 البالغة مليوني برميل يوميًا.
وتزامن تباطؤ التنقيب عن النفط الصخري في أميركا مع إجراءات صارمة، وقيود فُرِضَت على المُشغلين الذي تولّوا مسؤولية وتيرة الحفر المرتفعة خلال العامين الماضيين، وكان أبرز هذه القيود النظم القاسية للضوابط الرأسمالية وعوائد المساهمين.
وتعهّد منتجون بالالتزام بهذه الضوابط حتى في حالة عودة أسعار النفط للارتفاع؛ ما يثير الشكوك حول إمكان استعادة "ثورة النفط الصخري" وإعادتها لمعادلة قطاع الطاقة الأميركي مرة أخرى.
ويبدو أن انخفاض أسعار النفط مقارنة بالتوقيت ذاته من عام 2022 أثر أيضًا في مكاسب شركات حقول الخدمات المعنية بتوفير معدات التنقيب عن النفط الصخري في أميركا وبقية خدمات الحقول؛ إذ سجّلت أسعار خام برنت ما دون 80 دولارًا للبرميل متراجعة بما يزيد على ثلث أسعار العام الماضي.
وتكرر الأمر ذاته مع أسعار الغاز الأميركية؛ إذ هبطت بأكثر من النصف من 6 دولارات لكل وحدة حرارية بريطانية إلى دون 3 دولارات فقط.
شركات خدمات الحقول
تُعَد خدمات الحقول مرآة لصناعة النفط والغاز، لكن المفاجأة كانت في انخفاض الحفارات ومعدات التكسير بدءًا من نهاية العام الماضي (2022) وتفاقمها خلال الربع الثاني.
ويعتمد مُضي خطط شركات خدمات حقول النفط قُدمًا على معدل الطلب الدولي، وكذا الإقبال على النشاط البحري بوصفه محاولة لتعويض تراجع معدل التنقيب عن النفط الصخري في أميركا.
وكشفت مجموعات من أكبر مزودي خدمات الحقول في العالم عن انخفاض مكاسبها متأثرة بتراجع معدلات الحفر؛ ما شكّل ضغطًا على هذه الشركات إثر تراجع الطلب ولا سيما أن نطاق عملها يشمل حفر الآبار وخدمات أخرى.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تباين إنتاج النفط الأميركي من عام 2019 حتى العام الجاري (2023):
وسجّل عدد الحفارات ومعدات التنقيب عن النفط الصخري في أميركا انخفاضًا، بينما أزاحت 3 من أكبر مزودي خدمات الحقول في العالم الستار عن تراجع نشاطها في الولايات الشمالية خلال الربع الثاني من العام الجاري (من أبريل/نيسان حتى نهاية يونيو/حزيران).
ومن بين عمالقة خدمات حقول النفط المتأثرين بتراجع معدلات التنقيب عن النفط الصخري في أميركا: (مجموعة إس إل بي "شلمبرجيه سابقًا"، وبيكر هيوز، وهاليبرتون).
نكسة لطموح الشركات
قد يضطر عمالقة خدمات حقول النفط إلى تغيير خططهم التوسعية حال استمرار تراجع أنشطة التنقيب عن النفط الصخري في أميركا، وانخفاض معدلات التكسير المائي (الهيدروليكي).
وكان من بين المتضررين شركة "ليبرتي إنرجي"، وأوضح رئيسها التنفيذي "كريس رايت" أنه من المحتمل تقليص شركته لأسطولها من معدات التكسير حال استمرار انخفاض نشاط التنقيب خلال النصف الثاني من العام الجاري (2023).
وقال إنه حال تلقي الشركة مطالبات من عملائها بإجراء تخفيضات إضافية على المعدات ومنصات الحفر؛ فإنها قد تُقلِّص أسطولها خاصة عقب التراجع الذي شهده الربع الثاني من العام، رغم تميزها بمعدات التكسير وتفتيت الصخور.
ولم يقتصر الأمر على "تحجيم" الخطط التوسعية للشركات، لكنه امتد للعائدات أيضًا، ورغم الأداء القوي لمنطقة خليج المكسيك؛ فإن عائدات شركة هاليبرتون تضررت بنسبة 2% من تراجع أنشطة التكسير المائي (الهيدروليكي).
وتوقّع رئيس الشركة "جيف ميللر" مواصلة معدل الطلب الضعيف على خدمات حقول النفط، خلال النصف الثاني من العام الجاري، في ظل تراجع أنشطة الحفر والتنقيب.
وعوّل ميللر على ارتفاع أسعار الغاز المتوقع الآونة المقبلة، بما يُلقِي بظلاله على مستقبل الصناعة بأكملها العام المقبل (2024).
تفاؤل حذر
سبَّب تراجع أنشطة التنقيب عن النفط الصخري في أميركا إحباطًا لشركتي "هاليبرتون" و"ليبرتي إنرجي"، لكن في المقابل تقاوم شركتا "بيكر هيوز" و"إس إل بي شلمبرجيه سابقًا" هذا السيناريو.
بدوره، أبدى الرئيس التنفيذي لشركة بيكر هيوز "لورينزو سيمونيلي"، تفاؤله حول ما وصفه بـ"استقرار" القطاع، واستئناف أنشطة التنقيب مرة أخرى بوتيرة دفعت العملاء نحو طلب خصومات على الخدمات الأكثر طلبًا، ومن بينها مضخات الضغط.
وقلّل الرئيس التنفيذي لشركة إس إل بي "شلمبرجيه سابقًا" أوليفييه لو بوش، من حجم تراجع أنشطة التنقيب عن النفط الصخري في أميركا، مشيرًا إلى أن "عالمية" شركته تجنبها التقلبات المحلية والإقليمية رغم أن الأنشطة في الشمال الأميركي تشكل 20% من أعمال الشركة.
اقرأ أيضًا..
- 14 دولة تزيد احتياطيات الغاز عالميًا في 2022.. دولتان عربيتان بالقائمة (إنفوغرافيك)
- ملامح أسواق النفط في 2024.. أبرز التحديات والمخاوف
- مشروعات الغاز المسال الأميركية تصطدم بقيود سياسة التجارة الحرة (تقرير)
- أوروبا تراهن على جزر الطاقة الاصطناعية لتوديع أزمات الكهرباء
- مبيعات السيارات الكهربائية والطلب على النفط.. أنس الحجي يفضح المغالطات الإعلامية (صوت)