مقالات النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةغازمقالات الغازنفط

النفط والغاز في أميركا.. خيبة أمل بنشاط التنقيب والإنتاج (مقال)

كورت أبراهام – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • النشاط الأميركي بعيد كل البعد عن التوقعات التي أعلنها عديد من المتخصصين
  • الانضباط الكبير في رأس مال خدمات حقول النفط يؤدي إلى ارتفاع التكاليف
  • الحكومة الفيدرالية لا تُظهر أيّ علامات على خفض الإنفاق لتخفيف الضغوط التضخمية
  • توافر العمالة يؤثّر في قدرة المشغّلين على توسيع النشاط
  • جميع التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة لا تعطي الثقة فيما سيحدث مستقبلًا

تظهر خيبة أمل واسعة النطاق بسبب الوتيرة الحالية لنشاط التنقيب والإنتاج عن النفط والغاز في أميركا، وتتميز حالة عدم الرضا عن الأداء البطيء لهذا القطاع في النصف الأول من عام 2023، بأنها عامة، وتطال المشغّلين ومقاولي الحفر وشركات المعدّات/الخدمات.

يأتي ذلك على الرغم من أن معظم المشاركين في الصناعة توقّعوا حدوث هذا التباطؤ نتيجة لأسباب عديدة.

في يوم 7 يوليو/تموز، ذكر تقرير مؤشر نشاط التنقيب والإنتاج لدى شركة خدمات النفط الأميركية، بيكر هيوز، أن عدد حفارات التنقيب بلغ 680 حفارة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بينما يمثّل العدد ارتفاعًا بمقدار 6 حفارات عن الأسبوع السابق.

وما يزال العدد منخفضًا بـ72 حفارة، أو متراجعًا بنسبة 9.6%، عن الأسبوع نفسه في عام 2022، وهي المكاسب الأولى في عدد الحفارات خلال الأسابيع الـ10 الماضية.

تجدر الإشارة إلى أن النشاط الأميركي بعيد كل البعد عن التوقعات التي أعلنها العديد من المتخصصين في هذا المجال، بداية هذا العام.

ويشير هذا الرسم البياني، من مسح الطاقة للربع الثاني لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، إلى عام غير ناجح لنشاط التنقيب والإنتاج في الولايات المتحدة:

مؤشر النشاط التجاري لمسح الطاقة للربع الثاني لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس

العوامل الرئيسة المؤثِّرة

اتضح أن قطاع التنقيب والإنتاج وصل إلى هذه النقطة، ليس بسبب عامل أو عاملين مهيمنين، وإنّما نتيجة لمجموعة متنوعة من القضايا، وهو ما أكدته نتائج استطلاع الطاقة للربع الثاني لعام 2023، الذي أجراه المحللون لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس.

وعلى الرغم من أن الأرقام التي جمعها المحللون توضح بالتأكيد بعض جوانب المشكلة هذه، فإن الدليل الحقيقي موجود بقسم "التعليقات" في الاستطلاع، وجاءت هذه التعليقات التي جمعها بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس من المشغّلين وشركات المعدّات/الخدمات.

وتُعدّ هذه التعليقات مفيدة للغاية، ليس بسبب الحقائق التي تدعمها، وإنّما من حيث توضيح أفكار العديد من الإدارات العليا للقطاع.

من خلال هذه التعليقات العديدة، يمكن القول، إن العناصر التالية تمثّل عامل ضعف النشاط الأميركي.

وأشارت التعليقات إلى أن تسعير السلع ما يزال ضعيفًا، وأن جميع النفقات زادت بفضل التضخم، وأن توفر العمالة ما تزال مشكلة شائكة، وما يزال لدى بعض المشغّلين توقعات بحدوث ركود، ويمتنعون عن الإنفاق الرأسمالي.

في المقابل، يواصل عدد من شركات التشغيل المملوكة للقطاع العام ممارسة "الانضباط المالي"، باختيار تقييد النفقات الرأسمالية لصالح أرباح أكبر للمساهمين.

ويقلل نقص الإقراض المصرفي للمنتجين المستقلين، ولا سيما الشركات الصغيرة، من قدرتهم على الاستثمار في أنشطة الحَفْر الجديدة.

على صعيد آخر، فإن النوعية الماكرة للتنظيم الحكومي وسنّ القوانين، إلى جانب موقف البيت الأبيض العدائي، تعرقل نشاط التنقيب والإنتاج بطرق عديدة.

عندما ينظر المرء إلى هذه القائمة، ويفكر في طريقة تفاعل العوامل المختلفة مع بعضها بعضًا، فليس من الصعب معرفة سبب معاناة أعمال التنقيب والإنتاج في الولايات المتحدة.

ويوضح الرسم التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة:

حفارات النفط الأميركية

تسعير السلع

فيما يتعلق بتسعير السلع، فشل مستوى أسعار العقود الآجلة للنفط منذ الأسبوع الثالث من أبريل/نيسان في تخطّي مستوى 80 دولارًا للبرميل.

خلال المدة نفسها، انخفض السعر إلى أقلّ من 70 دولارًا للبرميل عدّة مرّات، وهذا ليس مستوى سعري من شأنه أن يحفّز شريحة واسعة من المشغّلين لمخالفة انضباطهم المالي والاستثمار في رأس مال أكبر.

في غضون ذلك، انخفض المتوسط الشهري لأسعار الغاز الطبيعي في مركز توزيع نظام الأنابيب "هنري هاب" بشكل ثابت منذ بداية عام 2023.

وبشكل أكثر تحديدًا، كان متوسط سعر يناير/كانون الثاني (2023) هو 3.30 دولارًا/مليون وحدة حرارية بريطانية، ولكنه كان ضئيلًا عند 2.18 دولارًا/مليون وحدة حرارية بريطانية خلال يونيو/حزيران 2023.

وقد نشأ هذا الظرف عن ارتفاع معدلات إنتاج الغاز جنبًا إلى جنب مع مستويات تخزين الغاز العالية.

وقد تفاقم الوضع بسبب درجات الحرارة في الولايات الـ48 السفلى التي كانت أكثر دفئًا من المتوسطات التاريخية من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار 2023.

ويكفي القول، إن هذا كان مثبطًا كبيرًا في دفع المنتجين إلى التنقيب عن الغاز.

قال أحد المنتجين في تعليقاته لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس: "لقد زادت المصروفات على كل شيء بشكل كبير، بينما ظلت أسعار النفط ضعيفة وسعر الغاز الطبيعي (صافي إلى شيكات الإيرادات لديّ) سالب".

وأضاف: "يبدو كما لو أن سعر التعادل المالي للنفط يقع في منتصف نطاق 70 دولارًا للبرميل في هذه المرحلة، واعتزمت ممارسة أنشطة الحَفْر، لو لم تكن التكاليف عالية جدًا، وقُلّصت الهوامش لدرجة أنه من الصعب الالتزام بمشروعات جديدة".

ازدياد التكاليف

حسبما أشار التعليق السابق، فإن التضخم الاقتصادي الذي ترسَّخ في الولايات المتحدة خلال عام 2022، وخفّت حدّته جزئيًا فقط الآن، مسؤول عن رفع تكاليف جميع أنواع معدّات وخدمات حقول النفط.

واشتكى أحد المشغلين قائلًا: "استمرت تكاليف التشغيل في الزيادة والبقاء عند مستويات مرتفعة، ما أدى إلى استمرار تضييق الربح".

وعلّق منتج آخر قائلًا: "يؤدي الانضباط الكبير في تمويل خدمات حقول النفط إلى ارتفاع التكاليف.. يجب أن تنخفض تكاليف رأس المال بأكثر من 10% كي يزداد النشاط".

في غضون ذلك، أعربت إحدى شركات توريد الخدمات عن أسفها، لأنه "بينما تتباطأ الزيادات في أسعار المعدّات، فإن الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة يجبرنا على زيادة أسعارنا لشركات الإنتاج، وفي الوقت نفسه، لا تُظهر الحكومة الفيدرالية أيّ علامات على خفض الإنفاق لتخفيف الضغوط التضخمية، ويُعدّ هذا عبئًا كبيرًا يُفرَض على الشركات ودافعي الضرائب في نهاية المطاف".

وتُعدّ قضايا القوى العاملة عاملًا ما يزال قائمًا، وابتداءً باجتذاب خريجي الهندسة الجدد من الكلية إلى اكتساب أيدٍ جديدة في هذا المجال، يؤثّر توافر العمالة في قدرة المشغّلين على توسيع النشاط، ولاحظ أحد المنتجين أن "توافر العمالة يمثّل مشكلة كبيرة في مناطق العمالة اليدوية ذوي الياقات الزرقاء".

وأوضح أنه "من الصعب العثور على موظفين، وأن متطلبات معدل الأجور مستمرة في الزيادة".

ووافق عامل آخر على ذلك، قائلًا: "من الصعب العثور على العمالة، وإن وصمة العار الناتجة عن الوقود الأحفوري تدفع المواهب الشابة بعيدًا عن القطاع".

مخاوف الركود

كان المنتجون ينتظرون حدوث ركود نتيجة للتضخم، كما توقَّع ووعد العديد من الاقتصاديين، وحقيقة أن الركود لم يحدث بعد، في حدّ ذاتها، مشكلة.

قال أحد المشغّلين لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس: "جميع التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة لا تعطي الثقة فيما سيحدث مستقبلًا".

وعلّق منتج آخر قائلًا: "يبدو أن إشاعة الركود تدفع الناس إلى أداء دور متحفظ، لأنهم لا يعرفون ما سيحدث (بدلًا من المراهنة على النمو)، وتؤدي هذه الضبابية بالمشترين إلى تقليل مشترياتهم وخفض توقعاتهم للنمو"، مشيرًا إلى ضرورة التمسك بالمسار في الوقت الحالي.

الخدمة/العرض

أفادت إحدى الشركات، "نعتقد أن الربع المقبل سيشهد أسعارًا ثابتة للنفط، بينما تواجه الولايات المتحدة تضخّمها الحالي و/أو معاناتها الاقتصادية".

منصات للحفر في حوض برميان
منصات للحفر في حوض برميان - الصورة من رويترز

الانضباط المالي

عبّر المشغلون عن مجموعة متنوعة من الأسباب للاستمرار في الحدّ من الإنفاق، على سبيل المثال، قال أحد المشاركين في الاستطلاع: "إن انخفاض أسعار النفط والغاز يؤثّر بشكل كبير في التدفق النقدي الحر، ويقلل من النفقات الرأسمالية".

وأشار منتج آخر إلى أن الشركات المملوكة للقطاع العام تساعد في تقليص نشاط الحفارات من خلال توزيع المزيد من الأرباح على المساهمين، قائلًا: "إن الاهتمام بالأرباح بعد سداد الديون للمستثمرين يقلل من عدد الحفارات".

بالإضافة إلى ذلك، "تُعدّ الأوضاع ليست جيدة في أعمال النفط والغاز بالنسبة للمنتج المستقل الصغير"، كما قال أحد المشغّلين، في شرح سبب استمرار شركته بالإنفاق على النفقات الرأسمالية.

مواقف المجتمع المالي

لا يخفى على أحد أن جزءًا معينًا من المجتمع المالي في الولايات المتحدة يتطلع الآن إلى فكرة إقراض المال لشركات التنقيب والإنتاج، معتقدًا أنها تساعد في إنقاذ الكوكب.

وأشار أحد المشغّلين إلى أن "الافتقار إلى الإقراض المصرفي للمنتجين المستقلين قد قلّل بشكل كبير من قدرتنا على الاستثمار في مشروعات جديدة".

وأضاف: "نحن مقيدون بالتدفق النقدي العضوي لدينا، وقد أدى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي إلى خفض هذا التدفق النقدي بأكثر من النصف".

في الوقت نفسه، أوضحت إحدى شركات المعدّات/الخدمات جانب نقص نمو النشاط بتعليق موجز: "ما يزال الوصول إلى رأس المال لقاعدة عملائنا يمثّل تحديًا".

التدخل الحكومي والضبابية

ربما لم يحفّز أيّ عامل آخر غير أسعار السلع والتكاليف المتضخمة الكثير من التعليقات على استطلاع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، كما فعل دور الحكومة في التنقيب والإنتاج.

وقال أحد المنتجين: "الضبابية التنظيمية ما تزال تمثّل مشكلة"، بعد هذا التعليق، صرّحت شركة أخرى، بقولها: "إن الافتقار إلى الدعم من إدارة [بايدن] يجعل الاستثمار موضع تساؤل".

وأوضحت شركة أخرى أنه "مع استمرار الحكومة في "حربها" على النفط والغاز، هناك تكاليف إضافية ذات صلة لأصحاب المصالح العاملة".

وأضافت: "لدينا أمل في أنه وسط السعي لزيادة الإنتاج، ستترسخ قاعدة العرض والطلب".

على صعيد الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، ذكر أحد المشغّلين أن "الضبابية بشأن لوائح انبعاث غاز الميثان تمثّل مشكلة تؤثّر في أعمالنا".

في مجموعة الخدمة/التوريد، عبّرت إحدى الشركات عن إحباطها، مشيرةً إلى أن "الوكالات التنظيمية الفيدرالية تواصل مضايقة صناعتنا، ومن ثم تعريض أمن الطاقة في بلدنا للخطر".

وأفادت شركة أخرى، مفضلة أن تكون أقلّ أهمية: "سوف نراوغ ونحاول البقاء بعيدًا عن المراقبة، حتى لا نلفت انتباه المشرّعين والمنظمين.. ويبدو أن أسعار النفط تُتَداوَل بوصفها أداة مالية متخوفة من هذا الركود الوشيك بدلًا من الاهتمام بأساسيات العرض والطلب، التي تشير إلى عوامل جذب قوية في طريقنا".

وسينشر مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس مسح الطاقة الكامل للربع الثاني في عدد يوليو/تموز من مجلة وورلد أويل.

* كورت أبراهام، رئيس تحرير مجلة وورلد أويل الأميركية.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصّة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق