6 تحولات بقطاع التمويل المناخي لتحقيق الحياد الكربوني في 2050 (تقرير)
نوار صبح
- • يجب أن تتمتع الشركات والمؤسسات المالية والهيئات التنظيمية بإمكان الوصول إلى المعلومات
- • %36 من أكبر الشركات العالمية حددت إفصاحات عن مخاطر المناخ
- • الحكومات تُعدّ أكبر الجهات التي تخصص رأس المال في معظم الاقتصادات
- • القطاع العام يواصل تقديم تمويلًا واستثمارًا كبيرًا لصناعة الوقود الأحفوري من خلال الإعانات والتمويل
يتطلب تحقيق الأهداف المناخية وحماية التنوع البيولوجي القيام بـ6 تحولات رئيسة في قطاع التمويل المناخي وتوفير استثمارات بنحو 5 تريليونات دولار من سنويًا بحلول عام 2050.
وتعدّ هذه الاستثمارات ضرورية للبحث وتوسعة نطاق التقنيات الجديدة منخفضة الكربون.
في المقابل، تجد الحكومات والمؤسسات المالية والشركات نفسها أمام خيارين، إمّا الاستثمار في الأصول التي تطلق غازات الاحتباس الحراري وتضرّ بالبيئة، أو إعطاء الأولوية لتطوير الحلول الخضراء التي تعزز اقتصادًا مستقرًا ومرنًا ومنصفًا.
وأصبح خيار بناء مستقبل مستدام أكثر وضوحًا وسط مواجهة المجتمعات للآثار القاسية لمشكلات تغير المناخ، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتبرز أهمية الاستثمارات الرامية إلى الحدّ من تداعيات التغير المناخي في تمكين البلدان الغنية من دعم قدرات البلدان الفقيرة للتكيف مع المناخ وحماية التنوع البيولوجي، مع ضمان مشاركة المجتمعات المهمّشة تاريخيًا في تحسين مستوى معيشتها.
في هذا السياق، يتتبّع مختبر تغيير الأنظمة (Systems Change Lab)، المعني بالحدّ من الاحتباس الحراري وحماية التنوع البيولوجي، 6 تحولات رئيسة في قطاع التمويل المناخي، يمكن أن تغيّر بشكل جذري طريقة قياس الاستثمارات وتخصيصها لمستقبل مستدام.
وسيؤدي تحقيق هذه التحولات معًا إلى تعزيز التغييرات الأساسية اللازمة لكوكب الأرض والناس.
1- قياس وإدارة المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ والطبيعة والإفصاح عنها
سيؤدي الانتقال لمستقبل محايد كربونيًا ومفيد للطبيعة إلى تعطيل المنتجات والخدمات، التي تطلق انبعاثات عالية وتضرّ بالنظم البيئية.
ولا يقتصر الأمر على وجود مخاطر لدى المرافق المادية، بما في ذلك المصانع والعمليات، ولكن على نماذج الأعمال الحالية.
لذلك، يجب أن تتمتع الشركات والمؤسسات المالية والهيئات التنظيمية بإمكان الوصول إلى المعلومات، وفهم واضح للمخاطر والفرص لاستهداف الاستثمارات التي تعزز التحولات المستدامة لأعمالها.
وتبرز الحاجة إلى إفصاحات دقيقة من أجل السماح للمؤسسات المالية والحكومات بتوزيع رأس المال بكفاءة ومراقبة وإدارة المخاطر على مستوى المحفظة ومستوى النظام.
ويُفصح عدد متزايد من الشركات عن المخاطر المناخية لديها بموجب المعايير لدى مجلس معايير محاسبة الاستدامة، الذي يتبع توصيات فريق العمل المعني بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ.
ويُظهر تحليل مختبر تغيير الأنظمة (Systems Change Lab ) أن 36% من أكبر الشركات العالمية قد حددت إفصاحات عن مخاطر المناخ (ارتفاعًا من نحو 32% في عام 2021)، وتحتاج جميع هذه الشركات إلى تقديم إفصاحات بحلول عام 2030.
2- توسيع نطاق المالية العامة للمناخ والطبيعة
يمكن للقطاع العام أن يؤدي دورًا مهمًا في حماية المناخ والبيئة من خلال الاستثمار المباشر في مبادرات المناخ وتوجيه الأسواق الخاصة، وذلك خلال صياغة السياسات التي تعزز الانتقال العادل نحو الاقتصاد الأخضر.
وتُعدّ الحكومات أكبر الجهات التي تخصص رأس المال في معظم الاقتصادات، واستثمارها أمر بالغ الأهمية في المجالات التي يكون فيها التمويل الخاص غير قادر أو غير راغب في القيام بدور قيادي، مثل تطوير تقنيات جديدة عالية المخاطر.
ويُعدّ قانون خفض التضخم الأميركي مثالًا ملموسًا على طريقة توجيه القطاع العام الأسواق في اتجاهات جديدة تفضل إزالة الكربون، وتخصيص التمويل العام للاستثمار، وتطوير حلول جديدة منخفضة الكربون، ومعالجة أوجه عدم المساواة في المجتمعات المحرومة.
على سبيل المثال، من المتوقع أن تؤدي سياسات مثل قانون خفض التضخم إلى زيادة كبيرة في حجم الاستثمارات الحكومية بالبحث والتطوير لتقنيات منخفضة الكربون، التي تُقدَّر حاليًا بنحو 24 مليار دولار سنويًا على مستوى العالم.
لمنع بعض أسوأ آثار تغير المناخ، تشير التقديرات إلى أن التمويل المناخي العام بما لا يقلّ عن 1.3 تريليون دولار سيكون مطلوبًا سنويًا بحلول عام 2030.
وفي عام 2020، بلغ إجمالي هذا المبلغ 333 مليار دولار، وهو أقلّ بكثير من المستويات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، لسدّ الفجوة، يجب أن ينمو التمويل المناخي بأكثر من 8 أضعاف المعدل التاريخي.
ويمكن أن يؤدي التمويل المناخي العام من البلدان المتقدمة دورًا رئيسًا في الوفاء بالتزاماتها السنوية البالغة 100 مليار دولار لدعم البلدان النامية في التخفيف من حدّة تغير المناخ والتكيف معه. وفي عام 2020، بلغ المبلغ الإجمالي 83 مليار دولار، وهو أقلّ من الهدف.
3- توسيع نطاق التمويل المناخي والبيئي
يعتمد تحقيق الأهداف المناخية وحماية البيئة على مشاركة القطاع الخاص، وتشير بعض التوقعات إلى أن 3 أرباع المبلغ المقدَّر بـ 5 تريليونات دولار اللازم سنويًا بحلول عام 2030 سيأتي من مصادر خاصة، بينما كان هناك تاريخيًا انقسام بين تمويل المناخ العام والخاص.
في المقابل، يمكن لقطاع الشركات أن يساعد في توسيع نطاق الحلول المناخية اللازمة لإزالة الكربون من الاقتصاد، لكن الاستثمارات تحتاج إلى الإسراع بأكثر من 10 أضعاف لتصل من 2.6 تريليون دولار إلى 3.9 تريليون دولار سنويًا من القطاع الخاص بحلول عام 2030.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، خطة الولايات المتحدة لإزالة الكربون نهائيًا من قطاع الكهرباء:
وقد نما عدد الشركات ذات الأهداف العلمية المثبتة، التي تمّ التحقق من صحّتها بشكل مستقل من خلال مبادرة الأهداف المثبتة علميًا (ساينس بيزد تارغتس) لتتماشى مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ بنسبة 20% في عام 2022، وما زالت مستمرة في الزيادة.
ومن المتوقع أن تؤثّر أهداف خفض الانبعاثات هذه في إستراتيجيات أعمالها واستثماراتها، سواء في عملياتها الخاصة أو في رأس المال المخصص للشركات الأخرى، لكن مثل هذه الأهداف المؤسسية سيتطلب مزيدًا من التدقيق والتحسين والرقابة الصارمة ورصد التنفيذ.
4- تقاسم الرخاء الاقتصادي
فشلت الأنظمة الاقتصادية والمالية الحالية في أن تكون شاملة بتقاسم الرخاء الاقتصادي، ما أدى إلى عدم المساواة التاريخية التي استمرت، بل وتفاقمت في بعض الأحيان، ما زاد من تهميش الفئات المحرومة.
ويوفر الانتقال إلى اقتصاد محايد كربونيًا ومستدام فرصة للمجتمعات المحرومة تاريخيًا للمشاركة في الازدهار الجديد الذي سيسهم في مجتمع أكثر شمولًا وعدلًا.
ويمكّن النجاح في تنفيذ انتقال عادل للطاقة العالم من تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتمثلة في القضاء على الفقر والحدّ من انعدام المساواة.
5- أسعار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والعوامل الخارجية البيئية الأخرى
يتمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه تحويل الاستثمارات إلى مستقبل أكثر استدامة في الافتقار إلى حساب التكاليف الخارجية السلبية الناتجة عن صناعة الوقود الأحفوري وغيرها من الملوثات العالية التي تنتقل إلى المجتمع.
ولا تُغَطَّى هذه التكاليف غير المباشرة، التي يشار إليها غالبًا باسم "العوامل الخارجية"، بشكل مناسب من خلال الأسعار، على الرغم من الآثار السلبية المنسوبة إليها، مثل انخفاض مستوى معيشة والاضطراب الاقتصادي والتدهور البيئي.
نتيجة لذلك، يستفيد الملوثون من أنشطتهم الضارة، ولا يتحملون المسؤولية عن هذه العوامل الخارجية، بينما يمكن أن تثبط الأسعار المشوهة التغييرات في أنماط الاستهلاك والجهود المبذولة للحدّ من التلوث.
وعلى الرغم من أن تسعير الكربون ليس حلًا سحريًا لمشكلة تغير المناخ، فإنه يمكن أن يكمل مجموعة أدوات أوسع من المنهجيات، مثل السياسة الصناعية وحوافز البحث والتطوير لتقنيات جديدة منخفضة الكربون.
بالمثل، فإن فرض ضرائب على الأنشطة الأخرى الضارة بيئيًا مثل تلوث الهواء واستعمال الموارد الطبيعية والنفايات يمكن أن يؤدي إلى استيعاب العوامل الخارجية التي تُقدَّر بنحو 7.8 تريليون دولار سنويًا بحلول عام 2050.
حاليًا، لا يغطي نظام تسعير الكربون المباشر سوى نحو 23% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
ويبلغ متوسط مستويات التسعير على مستوى العالم نحو 23 دولارًا لكل طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو أقلّ بكثير من الحد الأدنى البالغ 170 دولارًا، المطلوب لمنع الآثار الأكثر ضررًا لتغير المناخ.
6- إلغاء الإعانات والتمويل الضار
تستمر الاستثمارات العامة والخاصة في دعم الأنشطة التي لا تتوافق مع مستقبل مستدام، مثل تطوير استكشاف الوقود الأحفوري الجديد وتدهور الأراضي.
ويعني تحويل الاستثمارات نحو مستقبل محايد كربونيًا وقف مثل هذه الممارسات الضارة، وإعادة توجيه رأس المال لبناء اقتصاد مستدام، حسبما نشره موقع مختبر تغيير الأنظمة (Systems Change Lab).
ويواصل القطاع العام تقديم تمويل واستثمار كبير لصناعة الوقود الأحفوري من خلال الإعانات والتمويل من مؤسسات تمويل التنمية واستثمارات الوقود الأحفوري من الشركات المملوكة للدولة.
وقد بلغ إجمالي التمويل العام للوقود الأحفوري 687 مليار دولار في عام 2020، وما يزال بعيدًا جدًا عن الاستغناء التدريجي المطلوب بحلول عام 2030، الذي يتطلب وتيرة منخفضة تقارب 5 أضعاف المعدل التاريخي.
موضوعات متعلقة..
- قمة المناخ.. مدير "أجفند": التغيرات المناخية لا بد أن تتصدر سياسات التمويل
- الذكاء الاصطناعي واحتجاز الكربون.. فرص لمكافحة التغيرات المناخية وتعزيز النمو
- 13 من قادة العالم يتعهدون بدعم العمل المناخي في قمة كوب 28
اقرأ أيضًا..
- مصر تلغي التداول على سهم طاقة بعد ارتفاعه 60 ألفًا بالمئة.. ما القصة؟
- خطة لمضاعفة احتياطيات الغاز المغربي.. وهذه تطورات حقل تندرارة
- بالأرقام..حجم سوق النفط الخام مقابل أكبر 10 أسواق عالمية للمعادن
- إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي "فاشل اقتصاديًا".. نتائج صادمة لتقرير عالمي