هيدروجينتقارير الهيدروجينرئيسيةعاجل

إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي "فاشل اقتصاديًا".. نتائج صادمة لتقرير عالمي

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • مشروع إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي يواجه تحديات عديدة
  • يقع مشروع إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي في ولاية فيكتوريا الأسترالية
  • رفضت وزيرة الطاقة والبيئة وتغير المناخ في ولاية فيكتوريا ليلي دامبروسيو دعم مشروع إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي
  • يُعد استعمال الفحم لإنتاج الهيدروجين هي الطريقة الأكثر تسببًا في الانبعاثات الكربونية في تلك الصناعة
  • يُنتَج الهيدروجين الأزرق عادةً من الغاز الطبيعي الذي ينبعث عنه غاز ثاني أكسيد الكربون

وصل مشروع إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي إلى مفترق طرق، نظرًا إلى ما يواجهه من تحديات عدة تتعلق بإزالة الكربون، إلى جانب صعوبة نقله عبر مسافات طويلة، وما يرتبط بذلك من تكلفة باهظة.

ويتصدّر المشروع الطموح أجندة أولويات الحكومتين اليابانية والأسترالية منذ سنوات، في إطار التزاماتهما المناخية بتقليص الانبعاثات عبر إنتاج بدائل نظيفة للوقود تخلُف مصادر الوقود الأحفوري الحساسة بيئيًا، في المستقبل.

وفي هذا السياق، تواجه خطة مقترحة لتوسيع مشروع إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي في ولاية فيكتوريا ضغوطًا متنامية، حسبما أظهرت نتائج تقرير حديث صادر عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي الأميركي، تثبت عدم جدوى المشروع، وتصفه بـ"الفشل الاقتصادي"، حسبما نشره الموقع الرسمي للمعهد.

وتستحوذ ولاية فيكتوريا الأسترالية -بمفردها- على ربع احتياطيات الفحم البني عالميًا، وتدير المشروع شركة كاواساكي اليابانية للصناعات الثقيلة، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

كما ينخرط في المشروع كل من شركتي جي باور لاتروب فالي التابعة لشركة إلكتريك باور ديفلوبمنت ومقرها اليابان، وسوميتومو كوربوريشن.

وتتلخص فكرة المشروع في الحصول على الفحم من وادي لاتروبي الأسترالي، واستعماله في إنتاج الهيدروجين السائل الذي يُشحن بعد ذلك إلى اليابان.

واكتمل المشروع التجريبي في العام الماضي (2022)، إذ تم تسليم 2.6 طنًا فقط من الهيدروجين السائل إلى اليابان.

تسويق المشروع

يجري الآن تسويق مشروع إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي على نطاق واسع من خلال حصوله على منح من صندوق الابتكار الأخضر الياباني قيمتها 220 مليار ين ياباني (نحو 1.5 مليار دولار أميركي)، لزيادة سعة المشروع بما يتراوح بين 30 و40 ألف طن هيدروجين سنويًا.

(الين الياباني = 0.0069 دولارًا أميركيَا)

ويُعد استعمال الفحم لإنتاج الهيدروجين الطريقة الأكثر تسببًا في الانبعاثات الكربونية في تلك الصناعة، إذ تُنتِج كميات أكبر من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، بما يتراوح بين 18 و20 مرة، مقارنة بكمية الهيدروجين المُنتَجة.

ورغم ذلك يُصنّف هذا المشروع على أنه "هيدروجين أزرق نظيف" فقط، بفضل استعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه التي لم تعمل حتى الآن على النحو المنشود في أي مكان حول العالم، كما أن تلك التقنية لم تدخل حيز التشغيل بعد في موقع المشروع.

ويُنتَج الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي الذي ينبعث عنه غاز ثاني أكسيد الكربون، في حين يُصنع الهيدروجين الأخضر عبر تقنية التحليل الكهربائي الذي يُنتِج الهيدروجين والأكسجين فقط.

محطة لإنتاج الهيدروجين الأزرق في أستراليا
محطة لإنتاج الهيدروجين الأزرق في أستراليا - الصورة من .rnz.co.nz

جدلية التكلفة

ذكر تقرير معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، أن الهيدروجين المولد بالفحم أرخص تكلفة من نظيره المولد باستعمال الطاقة المتجددة. ومع ذلك لن يستمر هذا النهج طويلًا.

وفي هذا الخصوص، ذكر محلل تمويلات الطاقة في قطاع الفحم آندرو كورينغ في التقرير: "مع تسارع وتيرة استعمال الطاقة المتجددة، من المتوقع انخفاض كلفتها، وهو ما ينطبق -كذلك- على أجهزة التحليل الكهربائي المستعملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بحلول عام 2030".

وأوضح كورينغ: "حينما يدخل مشروع إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي حيز التشغيل الكامل، سيكون قائمًا على تقنية أعلى تكلفة".

وأضاف: "المشروع سيكافح من أجل إثبات جدواه التجارية على المدى المتوسط، إذ يتنافس مع موردين آخرين للهيدروجين في أعقاب اتفاقية الشراء الأولية قصيرة الأجل مع اليابان".

مُعضلة النقل

تتمثّل المشكلة الأخرى، التي سلّط تقرير معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي الضوء عليها، في المسافة التي يجب أن تقطعها عملية نقل الهيدروجين من فيكتوريا وصولًا إلى اليابان.

ويتعرّض الهيدروجين لمعدلات هدر كبيرة، حتى وهو في شكله السائل. وتستهلك عملية إسالة الهيدروجين التي يُبرّد فيها إلى درجة سالب 253 درجة مئوية، أكثر من 30% من طاقة الهيدروجين ذاتها، وفق معلومات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

كما أن طول رحلة الشحن من فيكتوريا جنوب شرق أستراليا إلى اليابان (مسافة تصل إلى 9 آلاف كيلومتر) قد تسبب في فقدان كبير للهيدروجين.

وعلاوة على ذلك، فإنه من المتوقع أن تستهلك عملية تسليم الهيدروجين وإسالته في الميناء الذي سيستقبل شحنات تلك السلعة، 5% أخرى من محتوى الطاقة للشحنة.

أشكال الشحن

سلّط تقرير رؤى تكنولوجيا الطاقة 2023، الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، الضوء على أشكال الشحن المختلفة لنقل الهيدروجين مثل: الهيدروجين السائل "إل إتش2" LH2، والأمونيا، وناقلات الهيدروجين العضوي السائل "إل أو إتش سي" LOHC، وعلى نقل الهيدروجين عبر مسافات طويلة.

وتوقع التقرير أن تلامس تكاليف نقل الهيدروجين السائل في عام 2030 ما بين 2 و3 دولارات أميركية/كيلوغرام في رحلة مسافتها 8 آلاف كيلومتر.

وتقل التكلفة في أشكال نقل الهيدروجين الأخرى، لكنها تحتوي -كذلك- على تعقيدات أخرى، إلى جانب تكاليف تحويل الطاقة.

وستتجاوز التكلفة المتوقعة لنقل الهيدروجين من أستراليا إلى اليابان -على الأرجح- السعر المستهدف لتكلفة تسليم الهيدروجين البالغة قيمتها 3 دولارات أميركية/كيلوغرام في اليابان، حتى لو كان إنتاج الهيدروجين نفسه مجانًا.

منجم فحم في أستراليا
منجم فحم في أستراليا - الصورة من resilience.org

رفض رسمي للمشروع

رفضت وزيرة الطاقة والبيئة وتغير المناخ في ولاية فيكتوريا ليلي دامبروسيو دعم مشروع إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي، خلال جلسة برلمانية عُقدت في مارس/آذار (2023)، حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشيال ريفيو" الأسترالية.

وحذّرت صناعة الهيدروجين من أن الموقف الذي تتبناه دامبروسيو إزاء المشروع يهدّد الاستثمارات المليارية التي ضختها اليابان في ولادي لاتروبي.

واكتفت دامبروسيو بقولها: "كل شيء نفعله يركز على تقليص الانبعاثات.. ولم ننحرف عن هذا الهدف".

تعدين الفحم في القائمة السوداء

في الأسبوع الماضي طرح حزب الخضر الأسترالي مشروع قانون لإنهاء جميع أنشطة تعدين الفحم وحرقه في ولاية فيكتوريا بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، الذي من شأنه أن يوقف مشروعات من هذا النوع، ويمنح مزيدًا من الأمن للعمال في وادي لاتروبي، مع ضمان توفير وظائف بديلة للعاملين في هذا القطاع الحساس بيئيًا.

وتوقّعت وكالة الطاقة الدولية أن تعادل تكلفة تحويل الفحم البني إلى هيدروجين مثيلتها الخاصة بإنتاج الهيدروجين من المصادر المتجددة، وذلك بحلول عام 2030. وبدءًا من هذا التاريخ، ستواصل تكلفة إنتاج الهيدروجين من المصادر المتجددة مسيرة الانخفاض.

وبالمثل، ترى شركة كلين إنرجي فايناناس كوربوريشن الأسترالية أن الهيدروجين الأخضر سيكون أرخص ثمنًا من الهيدروجين الأزرق بحلول عام 2030.

في المقابل ستواصل تكاليف أنشطة تعدين الفحم الارتفاع -على الأرجح-.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق