تقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في أميركا تواجه الفشل.. والسبب "تحدّي المياه"

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • إستراتيجية الهيدروجين الأخضر تُربك حسابات بايدن
  • ندرة المياه تمثّل خطرًا على إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في أميركا
  • ستتطلب شبكة الهيدروجين الأخضر ملايين الغالونات من الماء
  • تقدم إدارة الرئيس بايدن للشركات إئتمانات ضريبية تصل إلى 100 مليار دولار أميركي
  • تمركز أكثر من 70% من مشروعات الهيدروجين الأخضر المقترحة في مناطق تعاني من الجفاف

أصبحت إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في أميركا التي ينتهجها الرئيس جو بايدن في مهب الريح، بعدما برزت ندرة المياه تحديًا رئيسًا يعرقل تنفيذ تلك الإستراتيجية على الأرض.

وقد يؤدي فشل المشروع المحتمل إلى إخفاق الولايات المتحدة الأميركية في تحقيق شبكة كهرباء نظيفة خالية من الكربون بنسبة 100%، أملًا في الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي (2050).

وفي هذا الإطار، تواجه إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في أميركا تحديًا غير متوقع في مدينة كوربوس كريستي الواقعة بولاية تكساس، والتي يتطلب إنشاء مركز مقترح للهيدروجين الأخضر فيها تركيب محطات لتحلية مياه البحر مدمرة للبيئة وباهظة التكلفة، إلى جانب احتياجها كميات هائلة من الكهرباء، حسبما أوردت وكالة رويترز.

ويستعد ميناء ساحل الخليج لاحتضان مركز إقليمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بكلفة تلامس مليار دولار أميركي، وذلك بموجب قانونَي الاستثمار في البنية التحتية والوظائف اللذين مرَّرهما بايدن في العام قبل الماضي (2021)، بحسب معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويُنتَج الهيدروجين الأخضر منخفض الانبعاثات الكربونية عبر جهاز التحليل الكهربائي الذي يفكك جزيء الماء إلى أكسجين وهيدروجين.

ويمكن استعمال الهيدروجين الناتج من العملية في إزالة الكربون من الصناعات كثيفة الانبعاثات، وكذلك قطاع النقل.

تحدٍّ عصيب

ستتطلب الشبكة المطلوبة لتحقيق إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في أميركا ملايين الغالونات من الماء، وهو التحدي الرئيس في كوربوس كريستي التي تشهد موجة من الجفاف منذ سنوات.

وبينما يقول مسؤولون محليون، إن بمقدورهم إتاحة تلك المياه عبر بناء محطة لتحلية مياه البحر، تميل مجموعات البيئة وبعض السكان المحللين وأعضاء الكونغرس إلى معارضة هذا المقترح.

فعلى سبيل المثال، قال التحالف الساحلي لحماية البيئة، وهو مجموعة نشطة في كوربوس كريستي: "ليس من المنطق إيجاد مصدر لتوليد الكهرباء النظيفة يدمر بدوره نظامًا بيئيًا برمته، ويهدد اقتصادات أخرى تعتمد على المياه الصحية، وينتزع إمدادات المياه من المواطنين"، في رسالة إلى وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأجمع باحثون، استطلعت رويترز آراءهم، أن رؤية إدارة بايدن الخاصة بالهيدروجين الأخضر تواجه تحديًا صعبًا يتمثل في ندرة المياه، وهي المُعضلة التي تفاقمها -أيضًا- ظاهرة التغيرات المناخية.

الرئيس جو بايدن في ورطة لتحقيق إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في أميركا
الرئيس جو بايدن -الصورة من إيكونوميك تايمز

التغيرات المناخية

يتطلب إنتاج الهيدروجين الأخضر كميات هائلة من المياه العذبة في عالم يتضرر فعليًا جراء الجفاف الناتج عن التغيرات المناخية.

ويوجد 9 من 33 مشروعًا مقيدًا في قائمة مراكز الهيدروجين الخاصة بوزارة الطاقة الأميركية، في مناطق تعاني من ندرة المياه، وفق بيانات صادرة عن مؤسسة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي".

وتضم تلك المناطق كلًا من: جنوب كاليفورنيا، وكولورادو، وكانساس، ونيو مكسيكو، إضافة إلى تكساس.

وعالميًا، تبدو الصورة أكثر قتامة، مع تمركز أكثر من 70% من مشروعات الهيدروجين الأخضر المقترحة في مناطق تعاني الجفاف مثل الشرق الأوسط.

هدف طموح

قال محلل الطاقة المتجددة في ريستاد إنرجي مينه خوي لي: "معظم مشروعات الهيدروجين الأخضر المُخطط لها في العالم تقع في مناطق تعاني ندرة بالمياه".

وأضاف خوي لي أن هذا من شأنه أن يُسبّب طلبًا عاليَا على إنشاء المزيد من محطات تحلية مياه البحر.

وتقدّم إدارة الرئيس بايدن للشركات إئتمانات ضريبية تصل إلى 100 مليار دولار أميركي، كما تقدّم المناطق منحًا بقيمة 7 مليارات دولار أميركي، لبناء مراكز للهيدروجين الأخضر من أجل المساعدة على الوصول للمستوى المستهدف من الإنتاج من هذا الوقود النظيف، والبالغ 50 مليون طن متري بحلول عام 2050.

أعباء على موارد المياه

رفضت وزارة الطاقة الأميركية التعليق على الوضع في كوربوس كريستي أو أيّ تطبيقات لمراكز الهيدروجين الأخضر الأخرى، لكنها أقرّت بأن استهلاك مراكز الهيدروجين الأخضر للمياه من الممكن أن يضع أعباءً إضافية على موارد المياه الإقليمية.

وقالت مساعدة مدير وكالة حماية البيئة الأميركية لشؤون المياه راديكا فوكس: إن "المزيد من أنظمة المياه يدرس جديًا إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، مع تزايد خطر ندرة المياه، وتحسّن تقنية المعالجة"، في تصريحات أدلت بها لوكالة رويترز.

من جهته، قال عمدة مدينة كوربوس كريستي بيتر زانوني، إن مشروع الهيدروجين -حال الموافقة عليه- لا يتطلب سوى إنشاء محطات لتحلية مياه البحر.

وحتى مع وجود نحو 100 مليون غالون من إمدادات المياه الجوفية يوميًا، تواجه كوربوس كريستي ظروف جفاف، رغم قصر استعمال الرشاشات، والري لمرة واحدة في الأسبوع، وفق خطة طوارئ الجفاف.

وتعاقدت السلطات في المدينة لإمداد ما يصل إلى 25 مليون غالون من المياه يوميًا إلى المستعملين الصناعيين إكسون موبيل والشركة السعودية للصناعات الأساسية، وفق ما قاله زانوني.

وتتوقع المدينة أن تستضيف ما لا يقلّ عن نصف 6 من منتجي الهيدروجين الأخضر في المركز، يحتاج كل منهم إلى ما يتراوح بين 3 و4 ملايين غالون من المياه العذبة يوميًا.

وأضاف زانوني أن المدينة تُخطط لإضافة ما لا يقلّ عن 70 مليون غالون من المياه يوميًا، من بينها 30 مليون على الأقلّ من محطة تحليه مياه البحر المقترحة.

وأتمّ: "هذا المصدر المقاوم للجفاف يروق لنا حقًا".

الإنفوغرافيك أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضّح ملامح إستراتيجية الهيدروجين في الولايات المتحدة الأميركية:

خريطة طريق الهيدروجين النظيف في أميركا

إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في أميركا

كشفت إدارة الرئيس جو بايدن النقاب مؤخرًا عن إستراتيجية الهيدروجين في الولايات المتحدة، إلى جانب خريطة طريق وطنية لصناعة الهيدروجين النظيف؛ ما يسلّط الضوء على النهج الحكومي لمواجهة أزمة المناخ، والوصول إلى شبكة كهرباء خالية من الكربون بحلول عام 2035، واقتصاد خالٍ من الانبعاثات بحلول عام 2050؛ بهدف تحقيق الحياد الكربوني في أكبر الاقتصادات العالمية.

وتتيح الإستراتيجية وخريطة الطريق رؤية حول إنتاج الهيدروجين ونقله وتخزينه واستعماله في الولايات المتحدة، إلى جانب رؤية لكيفية مساهمة الوقود النظيف في أهداف إزالة الكربون الوطنية عبر قطاعات متعددة مستقبلًا، وفق ما جاء في بيان صحفي أصدرته وزارة الطاقة الأميركية، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتكمل إستراتيجية الهيدروجين في الولايات المتحدة استثمارًا تاريخيًا قدره 9.5 مليار دولار من أجل الهيدروجين النظيف، عبر قانون البنية التحتية، ومساعي البحث والتطوير الجارية عبر الحكومة الفيدرالية، بالإضافة إلى حوافز سياسية قوية، بما في ذلك ائتمان ضريبي لإنتاج جديد للهيدروجين النظيف، في قانون خفض التضخم التاريخي.

ويمكن لاقتصاد الهيدروجين المتنامي في أميركا أن يضيف 100 ألف وظيفة جديدة مباشرة وغير مباشرة بحلول نهاية العقد الحالي (2030).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق