بالمعادن.. صناعة الطاقة الشمسية في أفريقيا مرشحة لمنافسة الصين
نوار صبح
- القارة تمتلك 1% فقط من قدرة الطاقة الشمسية المركبة في العالم
- التحديات المتعلقة بإنشاء قواعد صناعية في أفريقيا أعمق من أن تكون جديرة بالاهتمام
- على الرغم من بيئة الاستثمار المعقدة فإن التصنيع في القارة ينمو بسرعة
- انخفضت حصة التصنيع من الناتج المحلي الإجمالي بصورة ملحوظة منذ الثمانينيات
- العديد من الاقتصادات الأفريقية تتطور بسرعة ويكتسب المستثمرون ثقة بالتصنيع الأفريقي
- العديد من المعادن اللازمة لتصنيع الألواح الشمسية تتركز بصفة كبيرة في أفريقيا
مع المساعي العالمية لتحول الطاقة، بدأت صناعة الطاقة الشمسية في أفريقيا تشهد نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من قلة الاستثمارات.
وتمتلك أفريقيا، التي تتمتع بميزة جغرافية وثروات معدنية كبيرة، 1% فقط من قدرة الطاقة الشمسية المركبة في العالم، ولديها 60% من أفضل الموارد الشمسية، التي يمكن استغلالها بسهولة، اعتمادًا على التصنيع المحلي لهذه التقنية في بلدان القارة.
وقد بدأت صناعة الطاقة الشمسية في أفريقيا الظهور في جميع أنحاء القارة، ما يساعد على خلق ظروف مواتية للنمو وقبول التكنولوجيا، حسبما نشره موقع إنرجي مونيتور (energymonitor) في 17 يوليو/تموز الجاري.
وفي مايو/أيار، أصدرت وكالة الطاقة الدولية تقريرًا خاصًا بعنوان "حالة التصنيع التكنولوجي النظيف.. موجز خاص حول آفاق تكنولوجيا الطاقة"، دون أن يأتي على ذِكر أفريقيا، أو أي بلد داخل القارة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
يأتي ذلك على الرغم من أن مؤلفي التقرير صرحوا في البداية بأن محتويات التقرير الذي نُشر بالتزامن مع اجتماع مجموعة الدول الـ7 تنطبق على جميع الحكومات المعنية.
وقد يكون الأمر صحيحًا، لأن 4 دول والاتحاد الأوروبي تستأثر بنحو 80-90% من القدرة التصنيعية العالمية لتقنيات الطاقة النظيفة الرئيسة.
تزايد التصنيع الأفريقي
لعقود من الزمان، أكد الخبراء أن التحديات المتعلقة بإنشاء قواعد صناعية في أفريقيا أعمق من أن تكون جديرة بالاهتمام.
ووفقًا لمدير البرنامج لدى شبكة الأمم المتحدة للطاقة، أمير بحر، فإن التحديات تشمل "محدودية الوصول إلى التمويل، والافتقار إلى السياسة الداعمة والبيئة التنظيمية، وقيود البنية التحتية، وسلاسل التوريد المحلية المحدودة، ونقص القوى العاملة الماهرة والخبرة الفنية".
ويوافق مؤسس، مدير معهد أبحاث السياسات الأفريقية (إيه بي آر آي)، أولوميد أبيمبولا، على أن "عوامل الإنتاج، ومخاوف سلسلة التوريد، ونقص الحوافز، واللوائح، وبيئات العمل المعقدة" جعلت إنشاء قدرات تصنيع الطاقة المتجددة أمرًا معقدًا في العديد من الدول الأفريقية.
وعلى الرغم من بيئة الاستثمار المعقدة، فإن التصنيع في القارة ينمو بسرعة، إذ زادت قيمة التصنيع في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بمقدار 4 أضعاف منذ بداية القرن، أي أسرع بكثير من بقية دول العالم.
في المقابل، انخفضت حصة التصنيع من الناتج المحلي الإجمالي بصورة ملحوظة منذ الثمانينيات، لكن العقد الماضي شهد بداية تغير في هذا الاتجاه.
عندما يتعلق الأمر بصناعة الطاقة الشمسية في أفريقيا على وجه التحديد، وجد تقرير حديث صادر عن المنظمة الدولية للطاقة المستدامة للجميع، التي تدعمها الأمم المتحدة، أن تصنيع وحدات الطاقة الشمسية في بعض البلدان الأفريقية يتنافس من حيث التكلفة مع التصنيع المكافئ في الصين.
وقيّم المؤلفون التكاليف عبر 7 مقاييس رئيسة، هي: توافر المواد الخام، وقدرة الموارد البشرية، وجاهزية البنية التحتية، وكثافة رأس المال لكل وحدة صناعية، وتمكين السياسات واللوائح، وديناميات الطلب، والقدرة التنافسية للإنتاج.
ورغم أنها تكلف 16.3 دولارًا أميركيًا للواط الواحد لتجميع الوحدة الكهروضوئية في الصين فإنها تكلف أكثر بصورة هامشية فقط في الأسواق، بما في ذلك تنزانيا (17.9 دولارًا)، وجنوب أفريقيا (18 دولارًا)، وناميبيا (18.1 دولارًا)، وغانا (18.3 دولارًا).
موثوقية التصنيع الأفريقي
يشهد العديد من الاقتصادات الأفريقية تطورًا سريعًا، ويكتسب المستثمرون ثقة في التصنيع الأفريقي، ففي عام 2023 وحده تم تشغيل محطات جديدة لتصنيع الطاقة الشمسية في أفريقيا بدول مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا، وفقًا للبيانات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وسيصبح مصنع الخلايا الشمسية في نيجيريا أول منشأة من نوعها في غرب أفريقيا، وتنشئه الوكالة الوطنية للعلوم والهندسة البنية التحتية، بأغلبية تمويل من صندوق التنمية الصيني الأفريقي. وتبني إنرجي أفريكا -وهي شركة تصنيع منتجات الطاقة النظيفة ومقرها ملاوي- منشأة جنوب أفريقيا.
وتمثّل غانا وبوركينا فاسو البلدان التي لديها حاليًا القدرة على تصنيع الطاقة الشمسية في أفريقيا، إذ زاد مصنع غانا -الذي أسسه رجل الأعمال فرانسيس بواتينغ في عام 2016- من قدرته من 32 ميغاواط إلى 150 ميغاواط.
وأنشأت بوركينا فاسو مصنعها لإنتاج الألواح وتجميعها بقوة 30 ميغاواط، فاسو إنرجي، في الضواحي الشمالية للعاصمة واغادوغو في عام 2020.
ويشير مؤسس، مدير معهد أبحاث السياسات الأفريقية (إيه بي آر آي)، أولوميد أبيمبولا، إلى تصنيع معدات الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا، وتصنيع سخانات المياه بالطاقة الشمسية في كينيا وتصنيع البطاريات في المغرب، وهو بمنزلة دليل إضافي على قاعدة التصنيع الخضراء المتنامية في أفريقيا.
تصنيع الطاقة الشمسية في أفريقيا
أكد الخبراء، الذين تحدث إليهم موقع "إنرجي مونيتور"، أن تنمية قاعدة تصنيع مصادر الطاقة المتجددة يمكن أن تحدث فرقًا عالميًا من أجل التنمية المستدامة في أفريقيا.
وقال مدير البرنامج لدى شبكة الأمم المتحدة للطاقة، أمير بحر: "عندما تبني دولة التصنيع المحلي والخبرة الصناعية لتكنولوجيا نظيفة معينة، فإنها تخلق ظروفًا مواتية لنمو وقبول التكنولوجيا داخل البلد".
وأوضح: "تشمل هذه الظروف المواتية فرص العمل المحلية، وتقليل الاعتماد على الواردات، ما يجعل تكنولوجيا الطاقة الشمسية في أفريقيا أكثر سهولة وبأسعار معقولة".
وأكد أن امتلاك الدول الأفريقية مثل هذه الموارد الشمسية المحلية القوية لن يؤدي إلا إلى زيادة تحفيز المكاسب في مستويات القبول والقدرة على تحمل التكاليف.
ويقول مؤسس، مدير معهد أبحاث السياسات الأفريقية (إيه بي آر آي)، أولوميد أبيمبولا: إن تعزيز تصنيع الطاقة الشمسية في أفريقيا من شأنه "زيادة الاهتمام بإنشاء القيمة في قطاع الطاقة المتجددة في البلدان التي تُستخرج فيها المواد الخام الضرورية".
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى وجود موارد شمسية ممتازة، فإن العديد من المعادن اللازمة لتصنيع الألواح الشمسية، بما في ذلك الفضة والنحاس والسيليكون، تتركز بصورة كبيرة في أفريقيا، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويعني وجود هذه المعادن المهمة أن الدول الأفريقية يحتمل أن تتمتع بميزة عندما يتعلق الأمر بإنشاء تصنيع مصادر الطاقة المتجددة.
تجدر الإشارة إلى أن استخراج الموارد في القارة الأفريقية له تاريخ متقلب عندما يتعلق الأمر بالفوائد المحلية. ولطالما ارتبطت صناعة التعدين بالفساد وسوء ظروف العمل والمزايا الاقتصادية المحلية الضئيلة.
ووفقًا لكبيرة محللي مخاطر التحول في برنامج المخاطر العالمية والمرونة من معهد التنمية الخارجية أوه دبي آي، ألينا بورودينا، فإن ما يجب أن يحدث الآن هو "يجب أن يتغير النموذج مع نمو الطلب على تنمية الموارد حتى تتمكن البلدان الغنية بالموارد من البدء في إضافة المزيد من القيمة في مراحل أخرى من العملية، وبناء سلاسل التوريد".
وأضافت: "السباق الجيوسياسي الحالي لتأمين المعادن المهمة يوفّر فرصًا لتحقيق ذلك للدول الأفريقية".
وأوضحت: "الجغرافيا السياسية تدفع بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى إلى تنويع سلاسل توريد المعادن المهمة".
وتشير بورودينا إلى توقيع الولايات المتحدة على مذكرة تفاهم مع زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بشأن سلاسل توريد السيارات الكهربائية، بصفته دليلًا على وجود طلب من الدول المنتجة، بالإضافة إلى تفهم الدول الغنية، أنه لمنافسة الصين بوصفها شريكًا في التنمية لأفريقيا.
ويوضح الرسم التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، نوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية حسب المنطقة:
تطوير السياسة الصناعية
لكي تتمكن دول القارة من تطوير قاعدة تصنيع الطاقة الشمسية في أفريقيا والاستفادة من الميزة الممنوحة لها من خلال وجود المعادن المهمة، يجب تطوير إستراتيجيات صناعية فعالة.
ويقول مدير البرنامج لدى شبكة الأمم المتحدة للطاقة، أمير بحر: "يجب أن يشمل ذلك تطوير البنية التحتية، والاستثمارات في البحث والتطوير، والوصول إلى التمويل وتطوير القوى العاملة".
ويعطي إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في عام 2018 "دفعة كبيرة" للجهود الصناعية، وفقًا للخبيرة الاقتصادية التجارية في معهد التنمية الخارجية، جودي كين.
وقدّر تقرير صادر عن البنك الدولي في عام 2022، بعنوان "تحقيق أقصى استفادة من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية"، أن أفريقيا يمكن أن تشهد زيادة في الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة تصل إلى 159% إذا تم تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية بصورة فعالة.
اقرأ أيضًا..
- انقطاع الكهرباء في مصر يتفاقم.. ومصادر: نقص الغاز يستمر لنهاية 2023 (خاص)
- خبير: منجم تالا حمزة في الجزائر يغيّر خريطة احتياطيات الزنك عالميًا
- أرقام عن مصافي تكرير النفط لـ4 دول عربية.. الكويت والعراق يحققان إنجازًا (تقرير)