التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

تغويز الفحم في إندونيسيا أمام انتكاسة كبيرة بعد انسحاب شركة أميركية (تقرير)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • مشروعات تحويل الفحم إلى مواد كيميائية غير مجدية من الناحية الاقتصادية.
  • المشهد المالي لمشروعات الهيدروجين الأزرق والأخضر قد تغير بشكل كبير في العام الماضي.
  • الصين تمتلك واحدة من أكبر صناعات تغويز الفحم المحلية في العالم.
  • تعهُّد الصين في سبتمبر/أيلول 2021 بوقف تمويل الفحم في الخارج لم يشمل تغويز الفحم.
  • صناعة الفحم الإندونيسية يجب أن تتوقف عن محاولة توسيع استخدام الفحم والتكيف مع تراجعه.

بعد نحو 3 أشهر من انسحاب شركة إير برودكتس الأميركية من جميع مشروعات تغويز الفحم في إندونيسيا، التي شكّلت معظم محفظة تغويز الفحم غير الصينية، باتت خطط البلاد في هذا المضمار أمام انتكاسة كبيرة.

وجاء انسحاب شركة إير برودكتس في مارس/آذار 2023 من استثمار بقيمة 15 مليار دولار لتغويز الفحم في إندونيسيا بعد أقل من عام ونصف العام من الانطلاق؛ ما يثير أسئلة بشأن الاستثمارات المستقبلية في الفحم، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

في أواخر عام 2021، أعلنت شركة إير برودكتس آند كيميكالز، وهي شركة مقرها بنسلفانيا في الولايات المتحدة، أنها تخطط لاستثمار مبلغ قدره 15 مليار دولار لتغويز الفحم في إندونيسيا، وهو أحد أكبر استثمارات الفحم الخارجية لشركة أميركية على الإطلاق.

في يناير/كانون الثاني 2022، انطلق أول مشروعات تغويز الفحم في إندونيسيا، بحضور الرئيس جوكو "جوكوي" ويدودو، وكان المشروع عبارة عن مصنع بقيمة 2.3 مليار دولار في جزيرة سومطرة، بحسب ما نشره موقع إنرجي مونيتور (energymonitor) في 18 مايو/أيار الجاري.

ووصفته الحكومة بأنه "مشروع إستراتيجي وطني"، ما جعله مؤهلًا للحصول على حوافز مالية وسياسية.

وترى محللة أبحاث في مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور الأميركية غير الربحية فلورا تشامبينوا، أن "الخبر أشار إلى أن المناخ المالي لاستثمارات الفحم قد تدهور بشكل كبير".

وتقول: "إن الانسحاب السريع لشركة إير برودكتس يرسل إشارة واضحة إلى أن مشروعات تحويل الفحم إلى مواد كيميائية غير مجدية من الناحية الاقتصادية، بالإضافة إلى كونها غير متوافقة مع التزامات الحياد الكربوني وأهداف تحول الطاقة".

أزمة مالية متفاقمة

منذ اللحظة التي أُعلِنَ فيها مشروع تغويز الفحم في إندونيسيا، كانت قيمته الاقتصادية موضع شك، بحسب المحلل في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، غير الربحي (آي إي إي إف إيه)، غي بيه، الذي يرى أن الوضع تفاقم الآن.

وقال بيه: "منذ توقيع الصفقة في عام 2021، ارتفع سعر الفائدة الفيدرالية الأميركية"، مشيرًا إلى أن أسعار الفائدة ارتفعت من نحو 2% إلى 6%؛ ما سيقلل من عائد إير برودكتس.

وأوضح أن المشروع بقيمة 2.3 مليار دولار كان سيكلف نحو 500 مليون دولار أكثر اليوم.

إضافة إلى ذلك، كانت هناك حالة ضبابية بشأن الدعم الحكومي لضمان اعتماد واستخدام ثنائي ميثيل الإيثر المشتق من الفحم محليًا، الذي يرى غي بيه أنه سيتطلب إعانات ضخمة.

تجدر الإشارة إلى أن ثنائي ميثيل الإيثر غاز اصطناعي يمكن استخدامه وقودًا بديلًا في التطبيقات الصناعية أو الكيميائية أو وسائط النقل.

من ناحيتها، التزمت إندونيسيا بتزويد محطات تغويز الفحم بفحم محلي أرخص ثمنًا ومعفى من الضرائب، بحسب ما نشره موقع إنرجي مونيتور (energymonitor) في 18 مايو/أيار الجاري.

ولكي يكون ثنائي ميثيل الإيثر قادرًا على المنافسة مع غاز البترول المسال المستورد، ستكون هناك حاجة إلى دعم حكومي إضافي لا يقل عن 354 دولارًا للطن، وفقًا لمعهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

ويرى المعهد أن هذا الوقود "غير مُجدٍ اقتصاديًا للحكومة الإندونيسية أو دافعي الضرائب".

وأفادت شركة إير برودكتس بأن "المشهد المالي لمشروعات الهيدروجين الأزرق والأخضر قد تغير بشكل كبير في العام الماضي؛ ما أدى إلى زيادة فرص الشركة للاستثمار في مشروعات تحول الطاقة هذه بدلًا من التوسع العالمي".

هل ستتسلم الصين زمام الأمور؟

رغم أن انسحاب إير برودكتس يمثل انتكاسة كبيرة؛ فإنه يوجد مشروع آخر لتغويز الفحم في إندونيسيا، في ميولابوه، آتشيه؛ حيث تخطط شركة باوريندو كابيتا إنرجي الإندونيسية وشركة تشاينا ناشونال كيميكال إنجينيرينغ كوربوريشن المملوكة للدولة لبناء مصنع بقيمة 560 مليون دولار.

العمل في أحد مناجم الفحم في إندونيسيا
العمل في أحد مناجم الفحم في إندونيسيا - الصورة من asia.nikkei

وتمتلك الصين واحدة من أكبر صناعات تغويز الفحم المحلية في العالم، وهي الدولة الوحيدة التي يوجد فيها أي دعم لمواصلة استخدام هذه التكنولوجيا، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقالت محللة أبحاث في مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور الأميركية غير الربحية فلورا تشامبينوا: "لا يبدو أن هناك برنامج حلول مهمًا لمشروعات تغويز الفحم الجديدة، ربما باستثناء الصين، التي لديها حاليًا صناعة متطورة وحيث لم تتباطأ استثمارات الفحم الجديدة".

ويبدو أن الحكومة الإندونيسية تأمل في أن تكون شركة صينية على استعداد لتولي دور شركة إير برودكتس ودعم تطوير تغويز الفحم في جميع أنحاء البلاد.

وصرّح مسؤول في وزارة الطاقة والثروة المعدنية الإندونيسية، للصحفيين، في مارس/آذار، بأن "هناك شركات من الصين مهتمة بالمشاركة في المشروع".

في مايو/أيار، أشار وزير التنسيق الإندونيسي للشؤون البحرية والاستثمار لوهوت بنسار باندجيتان، إلى العثور على مستثمر صيني، وسيتم الإعلان عنه بعد قمة مجموعة الـ7.

وعلى الرغم من أن تعهد الصين في سبتمبر/أيلول 2021 بوقف تمويل الفحم في الخارج لم يشمل تغويز الفحم؛ فإن الاستثمارات في الوقود الأحفوري بموجب مبادرة الحزام والطريق آخذة في الانخفاض، وفقًا لتحليل من معهد الموارد العالمية غير الربحي.

وقال مدير البرنامج في ترند آسيا، وهي مؤسسة مقرها جاكرتا تركز على تسريع تحول الطاقة، أندري براسيتيو: "إذا حلت شركة صينية محل إير برودكتس؛ فإنها تثير مخاوف كبيرة".

وأوضح: "ستكون هذه مقامرة كبيرة وخطيرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة مثل تقويض إزالة الكربون، وإضافة ديون ضخمة وإهدار الموارد المالية على الإعانات غير الضرورية".

ويرى مؤسس المركز الإندونيسي غير الربحي لدراسات الطاقة المتجددة سوريا دارما، أن صناعة الفحم الإندونيسية يجب أن تتوقف عن محاولة توسيع استخدام الفحم والتكيف مع تراجعه، بحسب ما نشره موقع إنرجي مونيتور (energymonitor) في 18 مايو/أيار الجاري.

وقال سوريا دارما لموقع "إنرجي مونيتور": "يجب على صناعة الفحم أن تدرك أنه، سواء أحبت ذلك أم لا، قد يكون من الضروري تقليل استخدام الفحم لأغراض الطاقة".

استغناء إندونيسيا عن الفحم

تأتي أخبار انسحاب شركة إير برودكتس جنبًا إلى جنب مع شراكة تحوُّل الطاقة الجديدة (جيه إي تي بي) في إندونيسيا، التي تعد بتقديم دعم مالي بقيمة 20 مليار دولار من أجل التقاعد المبكر لمحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم والتوسع في الطاقة المتجددة.

وقالت محللة أبحاث في مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور الأميركية غير الربحية، فلورا تشامبينوا: "لقد كان واضحًا منذ مدة طويلة أن إندونيسيا لن تستغني عن استخدام الفحم دون مساعدة المجتمع الدولي؛ لذا فإن برنامج شراكة تحوُّل الطاقة الجديدة يمثل إنجازًا استثنائيًا واضحًا للبلاد".

ويعتقد الخبراء أن الجاذبية المتزايدة لاستثمارات الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، بسبب تشريعات مثل قانون خفض التضخم، ربما أدت دورًا في قرار شركة إير برودكتس.

على ضوء ذلك، يجب أن تركز إندونيسيا على جذب هذه الأنواع من الاستثمارات، كما يقول سوريا، لأنه من غير المرجح على نحو متزايد أن يكون استخدام الفحم ممكنًا سواء من منظور اقتصادي أو مناخي.

وقال مؤسس المركز الإندونيسي غير الربحي لدراسات الطاقة المتجددة سوريا دارما: "أعتقد أن دور الطاقة المتجددة سيكون كبيرًا جدًا.. يمكن أن تصبح ركيزة لاستبدال الطاقة الأحفورية."

وأشار إلى أن إندونيسيا لديها إمكانات كبيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة المائية صغيرة الحجم.

وأعرب مدير البرنامج في ترند آسيا، وهي مؤسسة مقرها جاكرتا تركز على تسريع تحول الطاقة أندري براسيتيو، عن أمله بأن تدرك الحكومة بسرعة أن تغويز الفحم في إندونيسيا غير منطقي، وتتخلى عن جهودها للعثور على مستثمرين جدد.

وأكد أنه يخشى أن يكون دافعو الضرائب الإندونيسيون هم من يدفعون الفاتورة في نهاية المطاف.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق