تقارير الغازالتقاريررئيسيةروسيا وأوكرانياغاز

موسم صيانة محطات الغاز المسال.. الإمدادات العالمية في خطر

من بينها سخالين 2 الروسية

هبة مصطفى

لم تكد أسواق الطاقة تلتقط أنفاسها وتخطو قليلًا باتجاه التعافي من تداعيات الحرب الأوكرانية، إلّا جاء موسم صيانة محطات الغاز المسال بمثابة عثرة جديدة في طريق تلبية الطلب العالمي.

ورغم النمو الذي حققته الصادرات العالمية، خلال الربع الأول من العام الجاري 2023، فإن هذه الوتيرة مهددة بالخطر مع نقص المعروض؛ ما قد ينذر بضغوط جديدة على أسواق الغاز المسال في ظل منافسة شرائية على الإمدادات المحدودة.

وقد تدفع أعمال الصيانة أسعار الغاز نحو مستويات قياسية مرتفعة، لتعيد إلى الأذهان حُمّى الأسعار التي أصابت السوق الفورية والشحنات، لا سيما في ظل تقلبات للغاز الروسي انتهت بتوقّف تدفقاته إلى أوروبا، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وبصورة رئيسة، يكتسب توقّف 3 محطات عن العمل لخضوعها لأعمال الصيانة زخمًا واسعًا، لما تؤدّيه من دور كبير لأسواق الطاقة، وهي: (محطة سخالين 2 الروسية، ومحطة هامرفست النرويجية، ومحطة قلهات العمانية)، بحسب بيانات شركة إنرجي أوتلوك أدفايزرز (إي أو إيه).

واللافت للنظر أن أعمال صيانة محطات الغاز المسال المرتقبة تتزامن مع موسم بدء ملء مرافق التخزين خلال فصل الصيف؛ استعدادًا لتلبية الطلب خلال فصل الشتاء المقبل؛ ما يضع الطلب الأوروبي في مأزق حقيقي، خاصة أن خبراء الطقس حذّروا من انخفاض درجات الحرارة في شتاء 2023- 2024.

موسم الصيانة

في أوقات متقاربة، تجري الاستعدادات لموسم صيانة محطات الغاز المسال في دول أوروبية وآسيوية، بما يُشير إلى انخفاض الصادرات مقابل نمو الطلب العالمي، خاصة من القارة العجوز التي تطمح في تعويض إمدادات الغاز الروسي.

وحددت بعض المحطات مدة صيانة تتراوح بين أسبوعين و40 يومًا، في حين لم تحدد محطات أخرى سقفًا زمنيًا لاستئناف التشغيل بعد الانتهاء من الصيانة.

ويكمن التخوف الحقيقي من امتداد مدة الصيانة إلى ما هو أبعد من الأوقات المُعلَنة، في توقيت يعود الطلب الآسيوي خلاله إلى التعافي، وتتهافت القارة العجوز على إمدادات بديلة.

وفيما يلي تستعرض منصة الطاقة المتخصصة خطط صيانة محطات الغاز المسال الـ3 (محطة سخالين 2 الروسية، محطة هامرفست النرويجية، ومحطة قلهات العمانية)، طبقًا لبيانات إنرجي أوتلوك أدفايزرز.

1) محطة سخالين 2 الروسية:

من بين خطط صيانة محطات الغاز المسال المعلَنة، شكّل توقُّف محطة سخالين 2 الروسية مصدر قلق لأسواق الطاقة لسببين، أولهما حجم صادراتها الضخم الذي سجل حتى نهاية العام الماضي 2022 رقمًا قياسيًا بنحو 11.5 مليون طن، بزيادة عن العام السابق له (2021) بنسبة 10%.

ويعادل حجم صادرات العام الماضي صادرات 3 دول أفريقية (مصر، وأنغولا، والكاميرون) خلال العام ذاته.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات محطة سخالين 2 للغاز المسال:

صادرات محطة سخالين 2

الأمر الثاني الذي أثار المخاوف من خضوع محطة سخالين 2 الروسية للصيانة بدءًا من يوليو/تموز المقبل، هو نقص خبرات الصيانة المحلية لدى موسكو، إذ ظلت لسنوات تعتمد في هذا الدور على شركة شل وشركات أوروبية أخرى.

ومع تخارج الشركة الأنغلو-هولندية من موسكو ضمن تداعيات الحرب الأوكرانية، واعتماد الأخيرة على خبراء صيانة محليين، قد تطول المدة المعلَنة للصيانة (40 يومًا)، وتشكّل خطرًا على المشترين الآسيويين بصورة رئيسة، ويأتي على رأسهم: اليابان، وكوريا الجنوبية، والصين، وإندونيسيا.

وتشكّل الأسواق الآسيوية الـ4 أسواقًا كبرى طالما اعتمدت على واردات الغاز المسال بقوة، غير أن شكوكًا حول قدرة مشغّل المحطة الروسية الحالي على إنهاء أعمال الصيانة في المدة المحددة سلفًا قد تُنذر بإمدادات مُخفضة إلى هذه الأسواق.

2) محطة هامرفست النرويجية:

طالت أعمال صيانة محطات الغاز المسال المرتقبة محطة هامرفست النرويجية، ويشكّل توقّفها المؤقت عن العمل كارثة للسوق الأوروبية تحديدًا، لما لها من دور قوي في تعويض غياب الغاز الروسي عن أسواق القارة العجوز.

وصدّرت محطة هامرفست كامل إنتاجها -المقدَّر بنحو 1.2 مليون طن- إلى أوروبا، غير أن الآمال معلّقة بالتزام مشغّل نظام الغاز في أوسلو بالمدة المتوقع أن تستغرقها أعمال الصيانة (حتى 19 مايو/أيار 2023).

وفي حالة استمرار الإصلاحات والصيانة لمدة أطول من الموعد المحدد، قد ينذر ذلك بتفاقم الوضع وتضرّر السوق الأوروبية بصورة أكبر، خاصة أنها مقبلة على مرحلة إعادة ملء مرافق التخزين.

وكان مشغّل نظام الغاز في البلاد "غاسكو" قد أعلن -في 5 مايو/أيار الجاري- إغلاق المحطة نتيجة تعرُّض الضاغط للضرر، وتوقف المحطة عن استقبال تدفقات الغاز الطبيعي اللازمة للتشغيل البالغة 18.4 مليون متر مكعب حتى 19 من الشهر ذاته.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات محطة هامفرست للغاز المسال:

محطة هامفرست للغاز المسال

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتوقف خلالها قطار صيانة محطات الغاز المسال عند محطة هامرفست النرويجية، إذ سبق أن تعرضت إلى حريق (في سبتمبر/أيول لعام 2020) أدى إلى انقطاعها لمدة طويلة قاربت 20 شهرًا.

ومع استئناف المحطة عملها في يونيو/تموز العام الماضي 2022، صدّرت إلى القارة الأوروبية المتعطشة شحنات قُدِّرت بما يتراوح بين 400 و500 ألف طن شهريًا (ما بين 0.5 و0.7 مليار متر مكعب شهريًا).

3) محطة قلهات العمانية:

تخضع محطة قلهات العمانية للغاز المسال إلى أعمال صيانة دورية، منذ مطلع شهر مايو/أيار الجاري، وركّزت على خط الإنتاج الـ3، بقدرة إنتاجية تصل إلى 3.8 مليون طن سنويًا.

ورغم أن الشركة العمانية للغاز المسال تلجأ إلى هذه الخطوة بصورة دورية حفاظًا على إنتاجية وموثوقية إمدادات المحطة، فإن حجم صادراتها الضخم وعدم الإفصاح عن سقف زمني لمدة الصيانة شكّلا قلقًا لأسواق الطاقة.

وقفز حجم صادرات المحطة خلال العام الماضي (2022) إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، إذ سجل 11.4 مليون طن مقارنة بنحو 10.6 مليون طن في العام السابق له (2021).

وقبل سنوات، خضعت محطة قلهات العمانية للغاز المسال إلى عملية تطوير وترقية ناجحة بإزالة الاختناقات، أدت إلى زيادة قدرة المحطة الإنتاجية إلى 11.5 مليون طن سنويًا، ودعم استمرار صادرات المحطة بوتيرة شهرية تُقدَّر بنحو (مليون طن) منذ مطلع العام الجاري 2023.

وصدّرت المحطة خلال الربع الأول من العام 3 ملايين طن من الغاز المسال، بزيادة تدور في نطاق 3% على أساس سنوي.

وكانت أبرز وجهات الشحنات العمانية دولًا تمثّل أسواقًا آسيوية كبرى، وعلى رأسها اليابان وكوريا الجنوبية، إذ استحوذتا على 75% من حجم صادرات الدولة الواقعة في الشرق الأوسط، بينما حظيت إسبانيا وتركيا بمعدل شحنات أقلّ.

ومن المتوقع أن تتأثر صادرات الغاز المسال إلى الأسواق الآسيوية بتوقّف خط الإنتاج الـ3، واستمرار أعمال الصيانة في محطة قلهات العمانية.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مشترو الغاز المسال العماني في الربع الأول من عام 2023:

صادرات سلطنة عمان من الغاز المسالمشترو الغاز المسال العماني

صادرات الغاز العالمية في 2023

سجلت صادرات الغاز المسال خلال الربع الأول من العام الجاري (2023) معدلات قوية، إذ قفزت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، مسجلة معدل نمو بنسبة 6% على أساس سنوي عند 105.5 مليون طن، استنادًا إلى بيانات تتبّع السفن نقلتها إنرجي أوتلوك أدفايزرز.

واستبعدت الشركة استمرار وتيرة نمو الصادرات خلال الأرباع المقبلة من العام، إثر أعمال صيانة محطات الغاز المسال و"محدودية" إنتاج بعض المشروعات الأفريقية والأميركية الجديدة.

وأدّى استئناف تشغيل محطة فريبورت الأميركية دورًا مهما في زيادة صادرات الغاز المسال العالمية خلال الربع الأول من العام الجاري، جنبًا إلى جنب مع زيادة صادرات الغاز النيجيري.

كما برز لاعبون جدد على ساحة السوق الدولية، من بينهم موزمبيق الواقعة شرق أفريقيا، التي بدأت عمليات تصدير الغاز المسال من محطة "كورال سول" العائمة، وانطلقت شحناتها إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.

مستويات الطلب

يعكس معدل الطلب منذ مطلع 2023 حجم الضرر المتوقع على الأسواق، إثر الشروع في خطط صيانة محطات الغاز المسال لعدد من المحطات الرئيسة للسوق العالمية.

وزادت القارة العجوز (الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وتركيا) وارداتها من الغاز المسال خلال الربع الأول (من يناير/كانون الثاني، حتى نهاية مارس/آذار)، بنسبة 10% على أساس سنوي، ليرتفع من 32.2 مليون طن خلال المدة ذاتها العام الماضي 2022 إلى 35.5 مليون طن، بحسب بيانات إنرجي أوتلوك إدفايزرز.

ودفع استقرار مستويات تخزين الغاز في المرافق الأوروبية، وهدوء فصل الشتاء، نحو انخفاض واردات أوروبا من الغاز، بنسبة 0.5% عن الربع السابق له (من أكتوبر/تشرين الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول 2022).

وعلى النطاق الآسيوي، سجل الطلب على الغاز المسال انتعاشًا خلال الربع الأول من 2023، إذ سعى المشترون الصينيون للاستفادة من انخفاض الأسعار في السوق الفورية، في حين تستعد هونغ كونغ والفلبين لفتح سوق لاستيراد الغاز المسال خلال الربع الجاري (من أبريل/نيسان، حتى يونيو/حزيران)، مع تشغيل وحدات تغويز وتخزين عائمة.

ويثير افتتاح منشآت جديدة لاستقبال واردات الغاز المسال في الأسواق الآسيوية المخاوف من زيادة الطلب، وفرض المزيد من الضغوط على الإمدادات العالمية، بينما بدأت خطط صيانة محطات الغاز المسال في عدد من أبرز المواقع.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق