كهرباءتقارير الكهرباءرئيسية

بطاريات تخزين الكهرباء.. هل تقضي على صناعة الغاز الأسترالية؟

محمد عبد السند

وصل الصراع الحالي بين بطاريات تخزين الكهرباء وصناعة الغاز في أستراليا إلى نقطة الغليان، وسط تزايد استعمال الأولى، وتناقص إمدادات الغاز المحلية في ظل ارتفاع الأسعار العالمية، والتخويف من آثار استعمال الغاز عمومًا.

وفي هذا الإطار تكتسب بطاريات التخزين أهمية بالغة في أستراليا؛ إذ تُعَد خيارًا مثاليًا أمام الحكومة الفيدرالية لحل نقص إمدادات الغاز في البلاد، وفق ما أورده موقع "رينيو إيكونومي" Renew Economy.

في المقابل، حقّقت شركات النفط والغاز الأسترالية أرباحًا قياسية في عام 2022؛ ما يمنحها دفعة قوية نحو مواصلة تصدر صناعة الوقود الأحفوري عبر ضخ مزيد من الأموال لتعزيز حافظاتها الاستثمارية.

ودأبت أستراليا على الحملات التي تُطلقها صناعة الوقود الأحفوري لنشر المعلومات المُضللة، والتي تستند إلى إنكار التكنولوجيا الحديثة والأهداف المناخية، جنبًا إلى جنب مع الرغبة في حماية تلك الصناعة التي تلامس قيمتها تريليون دولار.

وتبرز صناعة البطاريات والسيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح أهدافًا مُفضلة لتلك الحملات المذكورة؛ إذ صار التهكم على التكنولوجيا المتقدمة مادة دسمة في وسائل الإعلام المحافظة، بل امتدت منها لتصبح هي الاتجاه السائد دون تعقل في الأمر.

الغاز وتحول الطاقة

يرى البعض أن مصادر الوقود الأحفوري، وفي مقدمتها صناعة الغاز، يمكن أن تُسهِم إيجابيًا في تحول الطاقة في أستراليا.

وفي هذا السياق، حاول الرئيس التنفيذي لشركة "إيه بي إيه غروب" العاملة في مجال البنية التحتية الخاصة بالغاز والطاقة آدم واتسون، تسليط الضوء على أهمية الغاز في تحول الطاقة النظيفة، وعدم جدوى بطاريات تخزين الكهرباء، في إشارة منه -على ما يبدو- إلى مصنع "فيكتوريا بيغ باتري" -أكبر مصنع لإنتاج البطاريات في عموم أستراليا- والكائن قرب مدينة غيلونغ، وتتراوح سعته بين 300 ميغاواط و450 ميغاواط.

وقال واتسون: "إذا أخذت، على سبيل المثال، مصنع فيكتوريا بيغ باتري، وهو أحد أكبر المصانع من نوعها في العالم؛ تجد أنه يتيح فقط كميات كافية من الكهرباء لنحو مليون منزل في فيكتوريا، لمدة قرابة 30 دقيقة".

وأوضح واتسون: "التكنولوجيا (بطاريات تخزين الكهرباء) تشهد تحسنًا بوتيرة جيدة، كما ينبغي لها أن تكون، لكنها لا تضمن -حتى الآن على الأقل- أن يظل نظام الطاقة لدينا آمنًا وموثوقًا، حينما ينعدم ضوء الشمس، أو عندما لا تهب الرياح، وهذا ما يسلط الضوء مجددًا على أهمية اقتران الطاقة المتجددة بالغاز".

ولا تقتصر الخدمة التي يقدمها مصنع "فيكتوريا بيغ باتري" على تزويد مليون شخص من سكان فيكتوريا بالكهرباء لمدة 30 دقيقة فقط، بل أشبه بممتص صدمات للشبكة؛ ما يتيح نقل 250 ميغاواط إضافية على خطوط النقل الكبرى من ولاية نيو ساوث ويلز إلى فيكتوريا لمدد أطول من مولدات الغاز التي تكافح من أجل توفير الإمدادات.

بطاريات تخزين الكهرباء
مصنع تيسلا لبطاريات تخزين الكهرباء في ولاية فيكتوريا - الصورة من energy-storage.news

وتُعَد تلك النقطة مهمة جدًا في أوقات ذروة الطلب، بل يستطيع المصنع أداء تلك المهمة لمدة تزيد على 30 دقيقة التي أشار إليها واتسون؛ إذ يمكن أن يستمر هذا لساعات أو لأيام أو لأسابيع أو حتى لأشهر؛ نظرًا إلى قدرته على الاستجابة والتدخل الفوري وقت الحاجة.

بالإضافة إلى ذلك، سيُبنَى مصنع "واراتا سوبر" الضخم المتخصص في إنتاج البطاريات بولاية نيو ساوث ويلز، بسعة 859 ميغاواط، وسعة قصوى تصل إلى 1600 ميغاواط، في موقع محطة كهرباء قديمة تعمل بالفحم.

وسيقدم هذا المصنع الخدمة نفسها، وعلى نطاق واسع؛ ما يتيح توصيل مئات الميغاواط الإضافية إلى مراكز التحميل الرئيسة، مثل سيدني ونيوكاسل وولونغونغ.

فرق التكاليف

نظير تلك الخدمة القيمة، يحصل "فيكتوريا بيغ باتري" على رسوم بقيمة 12 مليون دولار سنويًا، علمًا بأن الخدمة المذكورة لا يحتاج إليها سكان الولاية إلا خلال الأشهر الحارة الـ4 الصيفية في العام، بينما تقدم بطاريات تخزين الكهرباء خدمات أخرى متعددة خلال المدة المتبقية من العام.

ومقارنةً بالمبلغ المذكور، يحصل مولد الغاز بسعة 300 ميغاواط على 12 مليون دولار في أقل من 3 ساعات عمل بسعته الكاملة، وفي ظل سقف الأسعار المُطبق -حاليًا- بالأسواق.

ومع وجود مصانع مثل "فيكتوريا بيغ باتري"، ستقل المبالغ التي تتحصل عليها مولدات الغاز، ومع دمج بطاريات تخزين الكهرباء في الشبكة، ستقل تلك المبالغ أكثر، حتى تخرج مولدات الغاز في النهاية من منظومة الطاقة بالبلاد.

وهذا ما سيحدث على الأرجح بولاية جنوب أستراليا في غضون عقد، مع وجود شبكة الكهرباء المتجددة الرائدة في العالم؛ إذ مثّلت طاقة الشمس والرياح 70% من سعتها خلال العام الماضي (2022).

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- القدرات الكهربائية المُنتجَة من المصادر المختلفة في أستراليا في عام 2020:

الكهرباء المنتجة من مصادر الوقود المختلفة في أستراليا

أرباح قياسية

أعلنت شركة سانتوس، هذا الأسبوع، تحقيق أرباح قياسية بمليارات الدولارات، بل ضاعفت أرباحها -تقريبًا-؛ نظرًا إلى عدم تغير التكاليف، غير أن صناعة الغاز قد فاجأت العملاء بأسعار مرتفعة، كما استطاعت الإفلات من إجراءات "التسعير المعقول" التي اتخذتها الحكومات لحماية المستهلكين.

وعلاوة على ذلك، أعلنت شركة التكرير الأسترالية "أمبول" هذا الأسبوع -أيضًا- أنها ضاعفت أرباحها التشغيلية في العام الماضي (2022).

وعلى مدار العامين الماضيين، دفعت الشركة نحو 1.2 مليار دولار في شكل توزيعات أرباح وعمليات إعادة شراء الأسهم، إلا أنها ما زالت تصر على حاجتها إلى الدعم الحكومي لمساعدتها في تركيب تقنيات جديدة، مثل أجهزة شحن السيارات الكهربائية.

تحوّل أخضر مدروس

ذكرت شركة "أمبول" أن كل ما تريده هو تحول محسوب إلى السيارات الكهربائية؛ ما يعني أنها ترغب –ضمنيًا- في استنزاف أموال العملاء بمحطات التزود بالوقود لأطول مدة ممكنة، قبل أن تحل المركبات الكهربائية محل مركبات الوقود الأحفوري.

يُشار هنا إلى أن شركة "إيه بي إيه غروب" قد ضخّت بعض الاستثمارات المفيدة؛ من بينها تطوير بعض مزارع الرياح في ولاية أستراليا الغربية، ومحطة طاقة شمسية جديدة في مدينة ماونت إيسا بولاية كوينزلاند، وشبكة لتوليد الكهرباء المتجددة في منطقة غرويير.

غير أن تلك المشروعات ليست سوى جهود استعراضية من قِبل الشركة لصرف الانتباه عن خطتها الأساسية، التي تستهدف بها حماية هيمنة صناعة الغاز، ومولدات الغاز، وشبكة خطوط الأنابيب التابعة لها، وفق ما ذكره موقع "رينيو إيكونومي".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق