تكنو طاقةتقارير التكنو طاقةتقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

ولاية أميركية تطرد بطاريات تخزين الكهرباء إلى الخارج بعد تحذير شركة التأمين (تقرير)

معضلة احتراق البطاريات منتشرة منذ 10 سنوات

عمرو عز الدين

قررت ولاية أميركية نقل بطاريات تخزين الكهرباء الطارئة المستعملة في حالة انقطاع التيار الكهربائي إلى خارج المقر، بعد تحذيرات من شركة تأمين متخصصة.

وبررت ولاية فيرمونت الأميركية قرارها بأسباب التحوط من نشوب أي حريق قد يؤدي إلى احتراق مبنى الولاية بالكامل في حالة استمرار وجود البطارية داخل المقر، وفقًا لموقع سفن دايز المحلي (seven days).

وأشاد حاكم الولاية فيل سكوت بقرار نقل بطاريات تخزين الكهرباء إلى مكان خارج المقر، كما وصف متخذيه بـ"المفكرين خارج الصندوق".

وقال سكوت، إن هذا القرار يستبطن استشعارًا سليمًا تجاه المخاطر المترتبة على نشوب الحرائق، بالإضافة إلى خفض نسبة انبعاثات الكربون بعد التخلي عن المولد الأحفوري القديم.

أول ولاية تتحول إلى نظام البطارية

بطاريات تخزين الكهرباء
مولد الكهرباء القديم في ولاية فيرمونت - الصورة من موقع سفن دايز المحلي

تُعد ولاية فيرمونت أول ولاية أميركية تتحول إلى نظام بطاريات تخزين كهرباء، بدلًا من المولدات التقليدية المستعملة في حالة الطوارئ وانقطاع التيار.

ونجحت الولاية في يناير/كانون الثاني (2021) في تثبيت بطارية ليثيوم أيون من الحجم الكبير، في محيط المقر داخل قبو ملحق بالطابق السفلي، بدلًا من مولد البروبان المتقادم.

واختبر مهندسو الولاية طاقة هذه البطارية ومدى قدرتها على إضاءة المبنى وتشغيل أجهزة الكمبيوتر، والمصاعد الكهربائية، لمدة وصلت إلى 4 ساعات في أثناء انقطاع التيار.

وبعد أشهر من تثبيت البطارية قدّمت شركة التأمين المختصة تقريرًا إلى الولاية حول مخاطر نشوب أي حرائق في حالة وجود البطارية في المحيط الداخلي لمقر الولاية.

مخاوف على المبنى التاريخي

رجحت الشركة، في تقريرها، صعوبة إخماد الحريق، واحتمال تعرُّض مبنى الولاية التاريخي للدمار إذا امتدت ألسنة اللهب إليه في وجود بطارية تخزين كهرباء في القبو السفلي.

وبلغت تكلفة بطارية تخزين الكهرباء الطارئة في ولاية فيرمونت قرابة 400 ألف دولار، ما دفع شركة التأمين إلى تأكيد تحذيراتها لمسؤولي الولاية من تعرضهم لخسائر فادحة في حالة نشوب حريق، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتحمل جدران مبنى ولاية فيرمونت نقوشًا وأعمالًا فنية تاريخية لا يمكن الاستغناء عنها، بالإضافة إلى قبة ذهبية ذات منظر جمالي فاخر.

ويمتلئ مبنى الولاية بالمشرّعين والموظفين على مدار العام، كما يُعد إحدى الوجهات السياحية المحلية للأجانب وتلاميذ المدارس.

وأسهمت هذه الاعتبارات مجتمعة في دفع مسؤولي الولاية إلى إعادة التفكير في وضع بطاريات تخزين الكهرباء الطارئة في مكان أبعد خارج المقر.

وأبدى النائب الديمقراطي عن الولاية كيرت تايلور تشجيعه قرار نقل البطارية بعيدًا عن محيط مبنى فيرمونت التاريخي.

تسرّع المسؤولين خوفًا من البيروقراطية

رغم صدور تحذيرات السلامة في وقت مبكر قبل تركيب البطارية داخل المقر، فإن المشرعين ومسؤولي الولاية لم يختاروا تركيبها أول الأمر في مكان بعيد، تفاديًا لإجراءات بيروقراطية تفرضها السلطات الفيدرالية في هذا المجال.

ونصح مسؤول المباني والخدمات العامة في الولاية، إريك فيلكورن، نواب فيرمونت عام 2018 بعدم تثبيت البطارية خارج مقر الولاية، تجنبًا لخضوع مشروع البطارية لمراجعة لجنة مجمع الكابيتول الفيدرالية المسؤولة عن حماية المباني التراثية.

وتدقق لجنة الكابيتول الفيدرالية في معايير السلامة المعمارية والجمالية للمباني التراثية والتاريخية، وتتكوّن من 5 أعضاء مكلفين بمتابعة هذه الأعمال.

وقالت النائبة إليس إيمونز، إن دخول مشروع تركيب بطاريات تخزين الكهرباء الطارئة تحت مراجعة لجنة الكابيتول سيؤخّر المشروع لعدة أشهر، وسيرفع التكاليف.

واستنادًا إلى هذه الاعتبارات، سارعَ مسؤولو الولاية إلى اعتماد قرار تثبيت البطارية بالقبو الذي يستقر فيه المولد التقليدي الصغير الموجود منذ الستينيات.

ولم يكن المولد القديم قادرًا على تلبية جميع احتياجات مبنى الولاية من الكهرباء، بسبب صغر حجمه وضعف قدرته الاحتياطية التي لا تقوى سوى على تشغيل بعض أنظمة الإضاءة الضرورية، دون أجهزة الكمبيوتر والأنظمة الحديثة.

وانقطع الكهرباء عن مبنى الولاية 6 مرات خلال المدة من 2015 إلى 2017، آخرها بسبب دخول سنجاب إلى محول كهربائي، ولم ينجح المولد القديم في تغطية احتياجات الكهرباء البديلة بالكامل، ما دفع مسؤولي الولاية إلى التفكير في بطاريات أحدث ذات قدرات أكبر للطوارئ.

واقترحت شركة "ديو بويز آند كينج" الهندسية المتخصصة عدة خيارات لمعالجة الوضع، كان من بينها تصميم مولدات أقوى تعمل بالوقود الأحفوري، لكن المشرعين ومسؤولي الولاية اختاروا نظام بطارية التخزين في النهاية، لإسهامه في خفض الانبعاثات وقدرتها الاحتياطية العالية.

التكلفة 450 مليون دولار

وافق المشرعون على رصد 450 ألف دولار للولاية عام 2018، مع توجيه إدارة المباني لتقييم الخيارات اللازمة وإخطار رؤساء لجان مجلسي النواب والشيوخ المعنية، قبل شراء مولد تقليدي أو التحول لنظام بطاريات تخزين الكهرباء، بحسب ما سيستقر عليه مسؤولو الولاية.

واشترت الولاية بطارية تخزين الكهرباء من طراز الليثيوم-أيون، وركّبتها أوائل عام 2021، لتكون أول ولاية أميركية تتبنى نظام البطارية، بدلًا من المولدات في حالة الطوارئ.

وتجاهل مسؤولو الولاية المخاطر التي تحيط بوضع بطارية الليثيوم-أيون في طابق سفلي بالمبني، وهو ما حذّرت منه شركة التأمين في تقريرها المقدم بعد تركيبها بـ4 أشهر.

وتستند المخاطر إلى تحذيرات العلماء من ارتفاع درجة حرارة خلايا الليثيوم داخل البطارية، ما قد يؤدي إلى تفاعل كيميائي متسلسل يعرف باسم "الهروب الحراري" الذي قد يتسبب في احتراق البطارية نفسها.

حوادث احتراق البطاريات متكررة

بطاريات تخزين الكهرباء
احتراق بطارية سيارة كهربائية - الصورة من موقع battery guy

تستند المخاطر -أيضًا- إلى حوادث متكررة لاحتراق بطاريات أجهزة الكمبيوتر، وألواح التزلج على الماء، والسيارات الكهربائية، وصولًا إلى الطائرات التجارية التي التهمتها النيران بسبب البطاريات المحمولة في أكثر من حادثة.

ورُصدت هذه الحوادث على مدار 10 سنوات ماضية بصورة متكررة، ما دفع العلماء إلى وضع مسألة احتراق البطاريات على رأس أولويات البحث العلمي منذ سنوات.

وفي العام الماضي فقط، اشتعلت حاوية شحن مليئة بالبطاريات في مقر شركة بيتا تكنولوجيز الرائدة في مجال الطيران الكهربائي جنوب مدينة بيرلينجتون الكندية.

واستغرق الأمر من رجال الإطفاء قرابة 30 دقيقة لإخماد الحريق، مع الاستعانة بكميات غزيرة من المياه، لإخماد ألسنة اللهب المتصاعدة إلى 40 قدمًا.

فراغ تشريعي

حذّر رئيس شرطة الكابيتول ماثيو رومي، المشرعين ومسؤولي البناء في ولاية فيرمومنت، من ضرورة توفير مادة مثبطة للحرائق في حالة اختيار نظام البطارية، فالماء وحده لا يكفي لإطفاء حرائق هذا النوع من البطاريات.

ولا يحتوي الإطار التشريعي لأنظمة الكهرباء في الولايات الأميركية حتى الآن على نصوص تحظر تركيب هذه البطاريات داخل المباني، وفقًا لمسؤول قطاع المباني في ولاية فيرمومنت.

ويرجع هذا الفراغ التشريعي إلى أسباب عدة، أبرزها حداثة الولايات الأميركية في تبني نظم بطاريات التخزين الطارئة بدلًا من المولدات التقليدية المشهورة.

وأوصت الرابطة الوطنية للحماية من الحرائق في عام 2019 بعدم تركيب أنظمة بطاريات تخزين الكهرباء تحت الأرض أو في أماكن سفلية؛ تحسبًا لمخاطر الحرائق المحتملة.

لكن النائبة عن الولاية في مجلس النواب إليس إيمونز لا تتذكر مرور هذه التوصية أمامها في أثناء موافقة المجلس التشريعي على مشروع ولاية فيرمونت للتحول إلى نظام بطاريات تخزين الكهرباء.

معضلة رجال الإطفاء

بطاريات تخزين الكهرباء
رجال الإطفاء يقاومون أحد الحرائق - الصورة من بلومبرغ

أبدى رئيس مكافحة الحرائق روبرت غوانز انزعاجه من وضع البطارية في قبو مقر الولاية بعد جولة حديثة في المكان، كما أشاد بقرار النقل، مع تأكيده على عدم استشارته وقت تركيب البطارية من قبل مسؤولي الولاية.

وقال غوانز، إن قرار نقل البطارية إلى الخارج جيد للغاية، "فلم يكن باستطاعة رجال الإطفاء الوصول إلى القبو بسهولة في حالة نشوب حريق".

وكان تقرير شركة التأمين حاسمًا في دفع مسؤولي الولاية إلى اتخاذ القرار النهائي بنقل البطارية خارج المقر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وتنتظر الولاية تسليم حاوية مخصصة لوضع البطارية فيها بالقرب من موقف سيارات ستيت هاوس خلال هذا الصيف على الأرجح، ما قد يسدل الستار على قصة بطارية الليثيوم المثيرة للجدل في ولاية فيرمونت، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق