التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير دوريةرئيسيةطاقة متجددةوحدة أبحاث الطاقة

تعزيز الطاقة الحرارية الأرضية بين المزايا المتعددة والتحديات الكبيرة (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

اقرأ في هذا المقال

  • الطاقة الحرارية تواجه تحديات حتى في المناطق سهلة الوصول إليها
  • تقلبات أسعار النفط فرصة أمام تطوير الطاقة الحرارية الأرضية وانتشارها
  • الطاقة الحرارية الأرضية تجذب اللاعبين في صناعة النفط العالمية
  • يمكن استعمال الطاقة الحرارية الأرضية في إنتاج الهيدروجين

تُسهم الطاقة الحرارية الأرضية في جهود الانتقال العالمي بعيدًا عن الوقود الأحفوري مع المصادر المتجددة الأخرى، بصفتها مصدرًا نظيفًا وموثوقًا للتدفئة والكهرباء، لكن هناك العديد من العقبات على الطريق.

وتوجد الموارد الحرارية الأرضية على نطاق واسع في المناطق ذات النشاط البركاني والأحواض الرسوبية -منخفض أرضي يحتوي على رواسب سميكة في الداخل وأخرى رقيقة عند حوافّه-؛ ما يجعلها ذات تكلفة أقلّ ومستقلة عن ظروف الطقس، مقارنة بالمصادر الأخرى من الطاقة المتجددة.

وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، في تقرير حديث، ضرورة أن تؤدّي الطاقة الحرارية الأرضية دورًا أكبر في تلبية احتياجات العالم من الطاقة، سواء لتوليد الكهرباء أو التدفئة و التبريد، لتساعد على استقرار شبكات الكهرباء بالتوازي مع الطاقة الشمسية والرياح.

نمو متواضع للسوق

الطاقة الحرارية الأرضية تلعب دورًا مهمًا في مواجهة تغيرات المناخ
محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الحرارية - أرشيفية

بحسب التقرير، ينمو توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية بوتيرة متواضعة (3.5% سنويًا)، ليصل إجمالي القدرة المركبة إلى 15.96 غيغاواط، بنهاية عام 2021.

ومع تباطؤ النمو، ما زال هذا المصدر يستحوذ على 0.5% فقط من القدرة المركبة القائمة على المصادر النظيفة لتوليد الكهرباء والتدفئة والتبريد عالميًا.

ورغم مزايا الطاقة الحرارية الأرضية، التي تتمثل في كونها مصدرًا موثوقًا لتوليد الكهرباء بكفاءة عالية وتكاليف تشغيل أقلّ مع انبعاثات منخفضة، بالإضافة إلى أنها مصدر مستدام، ما زالت تواجه تحديات كانت عقبة أمام تطورها، حتى في المناطق التي يسهل فيها الوصول إلي هذا المورد النظيف.

وتبرز تلك التحديات -بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة- في التمويل والسياسات التنظيمية والخبرة والتقدم التكنولوجي، إذ تتطلب نفقات رأسمالية عالية مع مخاطر خلال مراحل الاستكشاف الأولية.

ومع ذلك، تؤكد الوكالة أن هناك العديد من الفرص التي تسهم في التغلب على تلك التحديات لنمو السوق، منها التوسع في ربط شبكات الكهرباء الإقليمية لتصدير الكهرباء الحرارية الأرضية من الدول ذات الإمكانات العالية، مع الاستفادة من الخبرة والتقدم التكنولوجي بمجال النفط والغاز.

ودعت الوكالة -كذلك- إلى النهوض بالبحث والتطوير في أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية، وتعزيز استغلال مواردها للتدفئة والتبريد من خلال تسريع استعمال المضخات الحرارية الأرضية.

ورأت آيرينا أن التقلب الشديد في أسعار النفط والغاز، مؤخرًا، يعدّ فرصة للطاقة الحرارية الأرضية لمواصلة تطويرها بصفتها بديلًا إستراتيجيًا في توليد الكهرباء والتدفئة والتبريد عالميًا.

وشددت على أن السياسات واللوائح التنظيمية تعدّ المفتاح الرئيس لتطوير ونجاح الطاقة الحرارية الأرضية، مشيرة إلى أن الإمكانات الكبيرة ما تزال غير مستغلة، والتي يمكن الوصول إليها من خلال الاستكشاف والتطوير في المناطق البركانية والأحواض الرسوبية.

ولفتت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن تطوير الطاقة الحرارية الأرضية مرتبط بالقطاعات الأخرى، وفي مقدمتها الطاقة المتجددة واحتجاز الكربون وتخزينه وإنتاج الهيدروجين، بالإضافة إلى قطاعات الاستهلاك النهائي، ومنها الإسكان والصناعة والزراعة.

ماهي الطاقة الحرارية الأرضية؟

الطاقة الحرارية الأرضية تلعب دورًا مهمًا في مواجهة تغيرات المناخ
محطة للطاقة الحرارية الأرضية- أرشيفية

الطاقة الحرارية الأرضية عبارة عن حرارة مخزّنة في القشرة الأرضية، تُستخرج عن طريق الحفر في الأرض ونقلها إلى السطح باستعمال السوائل، ومن ثم تحويلها إلى الكهرباء أو لأغراض التدفئة.

ويُعثَر على الطاقة الحرارية الجوفية في أعماق ودرجات حرارة مختلفة، وأكثرها تطورًا الموجودة في الأنظمة الحرارية المائية، وهي عبارة عن الماء الساخن المنتشر في الصخور العميقة.

ويعتمد استغلال الطاقة الحرارية الأرضية إلى حدّ كبير على درجة حرارة المصدر، التي تنقسم عادًة إلى 3 أنواع، وهي: درجة حرارة عالية، أي أعلى من 150 درجة مئوية، ومتوسطة ما بين 90 و 150 درجة مئوية، ومنخفضة أقلّ من 90 درجة مئوية.

وتعدّ درجات الحرارة المتوسطة إلى العالية الأكثر ملاءمة لإنتاج الكهرباء من موارد الحرارة الأرضية، كما أن الطاقة المستخرجة عند درجة الحرارة المتوسطة نفسها يُمكن استغلالها في العديد من التطبيقات، كالتدفئة والتبريد والعمليات الصناعية والأغذية الزراعية.

وتوجد معظم موارد الطاقة الحرارية الأرضية ذات درجات الحرارة المرتفعة في المناطق ذات النشاط البركاني، كالموجودة في المحيط الهادئ ووسط المحيط الأطلسي وأجزاء من أوروبا وشرق أفريقيا.

بينما توجد درجات الحرارة المنخفضة والمتوسطة على نطاق أوسع جغرافيًا، سواء في المناطق النشطة تكتونيًا (أي التي يكثر بها حدوث الزلازل والبراكين)، وأعماق الأحواض الرسوبية.

تقنيات توليد الكهرباء من حرارة الأرض

هناك 3 تقنيات أولية تُستَعمَل لتحويل الطاقة الحرارية الأرضية إلى كهرباء، تتمثل في محطات البخار الجاف ومحطات البخار السريع والمضغوط ومحطات الكهرباء ذات الدورة الثنائية.

وتعمل معظم محطات توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية حاليًا بتقنية البخار الجاف أو البخار السريع، والتي تعمل عند درجات حرارة تزيد على 150 درجة مئوية، في حين هناك جهود لاستغلال درجات الحرارة الأرضية المنخفضة بتوليد الكهرباء، باستعمال تقنية الدورة الثنائية.

وتقوم تقنية البخار الجاف على ضخ البخار مباشرة من الخزان الحراري بباطن الأرض، وتوجيهه إلى التوربينات البخارية بمحطات توليد الكهرباء.

وفي المقابل، تعدّ تقنية البخار السريع الأكثر شيوعًا في محطات الطاقة الحرارية الأرضية الحالية.

وتستعمل هذه التقنية سوائل حرارية ذات ضغط عال ودرجة حرارة عالية لتوليد الكهرباء عن طريق تبخيرها عند ضغط منخفض، ثم فصل البخار عن السائل لتشغيل توربينات المولد الكهربائي.

أمّا محطات توليد الكهرباء ذات الدورة الثنائية، فهي تعمل على نقل الحرارة من الماء الساخن تحت سطح الأرض إلى سائل آخر، يكون أقلّ من درجة حرارة غليان الماء، ليتحول السائل الثاني إلى بخار يكون كافيًا لتشغيل توربين المولد الكهربائي.

ويوضح التقرير أن القدرة العالمية المركبة لتوليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية بلغت 15.96 غيغاواط بنهاية عام 2021، موزّعة على 5 مناطق رئيسة.

وتعدّ آسيا ومنطقة أوقيانوسيا ذات أكبر قدرة مركبة من الطاقة الحرارية الأرضية تبلغ 5.9 غيغاواط، تليها أميركا الشمالية بقدرة 3.7 غيغاواط، وأوراسيا بقدرة 3.5 غيغاواط.

وبصفة عامة، تعمل الطاقة الحرارية الأرضية منذ عقود في دولة إندونيسيا ونيوزيلندا والفلبين وتركيا والولايات المتحدة، في حين بدأت دول أخرى مؤخرًا -ومنها بلجيكا وتشيلي وكولومبيا وكرواتيا وهندوراس والمجر- بتوليد الكهرباء الحرارية الأرضية.

اهتمام دولي

الطاقة الحرارية الأرضية تلعب دورًا مهمًا في مواجهة تغيرات المناخ
محطة للطاقة الحرارية - أرشيفية

تبرز الطاقة الحرارية الأرضية مؤخرًا بصفتها مساهمًا مهمًا في تنوع الطاقة ولاعبًا رئيسًا في معالجة أزمة المناخ، فهي تجذب الجهات الفاعلة بقطاع الطاقة العالمي، خصوصًا من صناعة النفط والغاز التي تتجه إلى تنويع استثماراتها في الطاقة النظيفة.

واستعرض تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة قيام العديد من الدول بوضع أهداف لتطوير الطاقة الحرارية الجوفية.

ومن تلك الدول -على سبيل المثال- الولايات المتحدة، فقد أعدّ مكتب تقنيات الطاقة الحرارية الأرضية التابع لوزارة الطاقة الأميركية تحليلًا لتقييم فرص نشرها في المستقبل.

وخلص التحليل إلى أنه مع التحسينات التكنولوجية، يمكن أن يرتفع توليد الكهرباء من خلال الطاقة الحرارية الأرضية إلى 60 غيغاواط من السعة المركبة بحلول عام 2050.

كما تبنّت الصين في عام 2017 خطة لتعزيز تطوير الطاقة الحرارية الأرضية للعمل على تقليل تلوث الهواء، مع استغلالها في التدفئة والتبريد.

بينما رأت الدول الأوروبية أن هذا المصدر هو الحل الأكثر فاعلية فيما يتعلق بالتكلفة لأغراض التدفئة، إذ دعت المفوضية الأوروبية إلى وضع إستراتيجية لتطوير الطاقة الحرارية الأرضية خلال 2023.

وبالتوازي، يدعو المجلس الأوروبي للطاقة الحرارية الأرضية إلى إطلاق العنان لموارد الحرارة الأرضية في أوروبا بصفتها مصدرًا دائمًا للتدفئة المتجددة والتبريد والكهرباء، مع استغلالها في استخراج الليثيوم والمعادن المهمة الأخرى.

وعلى صعيد القارة الأفريقية، تسعى كينيا إلى مضاعفة القدرة الكهربائية الناتجة من الطاقة الحرارية الأرضية إلى 1.6 غيغاواط بحلول عام 2030.

وبصفة عامة، شهدت العديد من الدول -ومنها إندونيسيا وكينيا ونيوزيلندا وتركيا- زيادة كبيرة في القدرة الكهربائية المركبة للطاقة الحرارية الأرضية على مدار السنوات الـ10 الماضية.

وترى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن تطوير الطاقة الحرارية الأرضية غير متكافئ في الوقت الراهن، ولا يحدث إلّا في بعض البلدان والمناطق.

ومع ذلك، رأت أن أهداف المناخ مع تقلبات أسعار النفط والتطورات التكنولوجية المستمرة ستكون دافعًا نحو التوسع في الطاقة الحرارية الأرضية.

ارتفاع التكاليف عقبة رئيسة

منذ العقد الماضي، أصبحت مصادر الكهرباء المتجددة ذات تكلفة تنافسية بصورة كبيرة، إذ أدى انخفاض تكاليف التكنولوجيا إلى خفض التكلفة المستوية للكهرباء.

ورغم أن تكلفة الكهرباء المولدة من الطاقة الحرارية الأرضية أقل من تكلفة الوقود الأحفوري، فإن التكلفة المستوية الفعلية تعتمد على الظروف الخاصة بالموقع لمحطة الكهرباء، كعمق الآبار المحفورة ونوعها ومتوسط إنتاجها والتكنولوجيا المستعملة.

ونتيجة لانخفاض تكلفة الطاقة الشمسية والرياح على نطاق المرافق، أضيفت سعة جديدة منها، وصلت إلى 225 غيغاواط في عام 2021، مقابل 370 ميغاواط فقط من الطاقة الحرارية الأرضية.

وأرجعت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة انخفاض نشر الطاقة الحرارية الجوفية، مقارنة بمثيلتها من الطاقة الشمسية والرياح، إلى ارتفاع تكاليف رأس المال والجداول الزمنية الأطول لتطوير المشروع.

وترى الوكالة أن هناك إمكانًا لخفض تكاليف مشروعات الطاقة الحرارية الأرضية للحفاظ على قدرتها التنافسية، وذلك من خلال خفض تكاليف الحفر التي تمثل حصة كبيرة من إجمالي التكلفة.

وأشارت إلى أن هناك بعض الدول عملت على معالجة بعض المشكلات والمخاطر التي تواجه مشروعات الطاقة الحرارية الأرضية والمرتبطة بالشروط والمواعيد النهائية لتسليم المشروع.

علاقة الطاقة الحرارية الأرضية بالنفط والهيدروجين

الطاقة الحرارية الأرضية تلعب دورًا مهمًا في مواجهة تغيرات المناخ
محطة هيدروجين - أرشيفية

منذ سبعينيات القرن الماضي، كان لشركات النفط والغاز دور في النهوض بالطاقة الحرارية الأرضية.

ودفعت أزمات النفط المتتالية إلى الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة ومنها الطاقة الحرارية الأرضية، إذ لدى صناعة النفط والغاز مجموعة بيانات ومعرفة باحتياطيات الهيدروكربونات، خصوصًا في الأحواض الرسوبية التي توجد فيها الموارد الحرارية الأرضية -أيضًا-.

وبناءً على ذلك، يمكن أن يؤدي الاعتماد على تلك البيانات الجيولوجية التي حصلت عليها الشركات خلال التنقيب عن النفط والغاز في تقليل تكاليف الاستكشاف والتخفيف من عقبات الطاقة الحرارية الأرضية.

كما يمتلك اللاعبون في صناعة النفط والغاز مهارات يمكن تطبيقها على استكشاف وتطوير الطاقة الحرارية الأرضية.

وتؤكد آيرينا أنه يمكن إنتاج الطاقة الحرارية الجوفية بشكل مشترك من آبار النفط والغاز النشطة التي تحتوي على كميات كافية من المياه ذات درجات الحرارة العالية.

ويمكن إعادة استغلال الآبار المهجورة وغير المنتجة لتطوير الطاقة الحرارية الأرضية، ومع ذلك رأت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن هناك بعض التحديات في إعادة استعمال تلك الآبار، أبرزها أنها غير مصممة عمومًا لإنتاج كميات كبيرة من السوائل اللازمة في مشروع الطاقة الحرارية الأرضية.

وتشير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى إمكان استعمال الطاقة الحرارية الأرضية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ يمكن الاعتماد على الكهرباء الناتجة منها في تشغيل المحلل الكهربائي؛ ما يوفر فرصًا للتصدير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق