طاقة الرياح في جنوب أفريقيا تنتعش باتفاقية جديدة مع أكبر منتج للفحم
انقطاع التيار الكهربائي أفقد الشركات الأمل
عمرو عز الدين
تتجه شركات الفحم واحدة تلو الأخرى إلى مشروعات طاقة الرياح في جنوب أفريقيا، لتشغيل عملياتها التعدينية، في إطار خطط خفض الانبعاثات والبحث عن بدائل ذاتية لتوفير الكهرباء بعيدًا عن الشبكة الوطنية المأزومة منذ سنوات.
وأعلنت شركة "شيرتي ريسورسيز"، المنتجة للفحم في جنوب أفريقيا، توقيع اتفاقية طويلة الأجل لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وفقًا لوكالة بلومبرغ.
وقال المدير المالي للشركة دوغ جين، في مؤتمر صحفي، إن هذه الاتفاقية تتعلّق بإنشاء مشروع مزرعة رياح عبر ذراع الطاقة الخضراء التابعة للمجموعة.
235 مليون دولار
تبلغ السعة المخططة لمشروع مزرعة الرياح المذكور 155 ميغاواط، بتكلفة استثمارية تصل إلى 4 مليارات راند جنوب أفريقي (235 مليون دولار أميركي)، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
(الدولار الأميركي = 17.05 راندًا جنوب أفريقي)
ويقع مقر مشروع مزرعة الرياح في مقاطعة مبومالانجا الغنية بالفحم، وسيُطوّر هذا المشروع عبر شركة شيرتي غرين التابعة للمجموعة.
ومن المقرر استغلال الطاقة الكهربائية المولدة من المزرعة في تشغيل عمليات التعدين الخاصة بالشركة المنتجة للفحم، بدلًا من الوقود الأحفورى المستعمل -حاليًا- في تشغيل المعدات والآلات.
وتُعد شركة "شيرتي ريسورسيز" أكبر مورد للفحم الحراري إلى شركة الكهرباء الحكومية المتعثرة "إسكوم"، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويمثّل اتجاه شركة الفحم إلى مشروعات طاقة الرياح علامة فارقة في إطار جهود القطاع لفطم نفسه عن أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثًا للبيئة والمناخ.
كما يتزامن هذا الاتجاه مع إخفاق شركة الكهرباء الحكومية "إسكوم" في حل أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتفاقمة في جنوب أفريقيا منذ سنوات.
توفير 75% من طاقة التشغيل
من المقرر إنشاء مزرعة الرياح المذكورة خلال العامين المقبلين بطاقة 155 ميغاواط، ما قد يمكن "شيرتى ريسورسيز" من تلبية 75% من احتياجها للطاقة في أكبر منطقة مناجم في جنوب أفريقيا.
ووصلت معدلات انقطاع التيار الكهربائي في جنوب أفريقيا خلال الأشهر الماضية إلى مستويات قياسية بسبب إخفاق شركة إسكوم في تخفيف الأحمال الزائدة على الشبكة، ما أدخل البلاد في حالة إظلام شبه كاملة يتخلله بعض النور من حين لآخر.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة شيرتي غرين بيتر فين، إن مشكلة انقطاع التيار لم تترك أمام الشركات حلًا سوى مشروعات الطاقة المتجددة، فالأمل في تخفيف مشكلة الأحمال يكاد يتلاشى.
خطة لتوليد 900 ميغاواط
تخطط شركة الفحم الجنوب أفريقية للتوسع في مشروعات طاقة الرياح خلال السنوات المقبلة في إطار خطة أوسع تستهدف توليد 900 ميغاواط من الكهرباء.
وتطمح الشركة في أن تساعد مشروعات طاقة الرياح على تخفيف حدة أزمة انقطاع التيار الكهربائي في أكثر الاقتصادات الأفريقية تقدمًا.
كما تأمل في أن تلحقها شركات أخرى عاملة في قطاع الفحم، عبر مشروعات مماثلة لتوليد الكهرباء النظيفة التي لم يعد توفيرها ترفًا مناخيًا، بل صار ضرورة حيوية لاستمرار أنشطتها الرئيسة في التعدين.
وأعلنت "شيرتي ريسورسز" أول خطوة جادة لدخول قطاع الطاقة المتجددة في أغسطس/آب 2022، عبر الاستحواذ على أصول طاقة الرياح والطاقة الشمسية في شركة ويندلاب أفريكا.
ويأمل الرئيس التنفيذي للشركة مايك تيكى في تشغيل مزرعة الرياح الجديدة، وبدء تغذيتها للشبكة الوطنية خلال عام 2025، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.
وقال تيكي، إن لدى شركته دوافع مناخية أخرى من التوسع في مشروعات طاقة الرياح والطاقة المتجددة، تتمثّل في خفض الانبعاثات ودعم جهود الوصول إلى الحياد الكربوني في جنوب أفريقيا والعالم.
شركة فحم أخرى تلجأ إلى الرياح
أسهم توجه "شيرتي ريسورسز" إلى الطاقة المتجددة في دفع شركات أخرى عاملة بقطاع الفحم في جنوب أفريقيا إلى اللحاق بركب الطاقة المتجددة في البلاد.
وأعلنت شركة ساسول المنتجة للفحم في يناير/كانون الثاني 2023، توقيع 3 صفقات لشراء 229 ميغاواط من مشروعات طاقة الرياح، في إطار جهود خفض الانبعاثات وتوفير بدائل الكهرباء بعيدًا عن شبكة الشركة الحكومية المأزومة.
ورغم إقبال شركات الفحم في جنوب أفريقيا على مشروعات الطاقة المتجددة فإن هذا التوجه ما زال أدنى من طموحات أنصار البيئة والمناخ الراغبين في التخلص من الفحم نهائيًا.
وستستعمل شركات الفحم مشروعات طاقة الرياح في عمليات إنتاج الفحم، الذي سيذهب بدوره إلى شركة الكهرباء الحكومة إسكوم لتحرقه بمعدلات أكبر لتوليد الكهرباء في بلد أوشك على التكيف مع الظلام بسبب فقدان الأمل في حل الأزمة المتفاقمة منذ سنوات.
الحكومة تدرس شراء الفوائض
يتناغم اتجاه الشركات في جنوب أفريقيا إلى الطاقة المتجددة، مع توجهات حكومية من أعلى هرم السلطة في البلاد بتيسير إجراءات التراخيص وتقديم حوافز سخية لشراء الفائض من المواطنين والشركات.
وتدرس حكومة جوهانسبرغ في الوقت الحالي شراء فوائض مشروعات الطاقة الشمسية التي يقوم بها المواطنون بأسعار مجزية، في إطار خطط تخفيف الضغط على شبكة الكهرباء الوطنية المنهارة في البلاد.
وتعكف شركة الكهرباء إسكوم الحكومية، في الوقت الحالي، على وضع قواعد تسعير تعرفة شراء الطاقة الشمسية الفائضة من المشروعات التجارية والسكنية بناء على أمر رئاسي، وفقًا لموقع بزنس تك المتخصص (business tech).
كما تتضمّن القواعد الجديدة تخفيف اشتراطات نسبة المكون المحلي في صناعة الألواح الشمسية من 100% إلى 30%، ما يسمح باستيراد المكونات من الخارج لتحفيز القطاع على النمو بصورة سريعة.
وتواجه شركة إسكوم، المسؤول الأكبر عن إنتاج الكهرباء في البلاد، عجزًا مزمنًا في إنتاج الكهرباء بصورة مستمرة منذ عام 2007، ما أدى إلى الإطاحة بـ13 رئيسًا تنفيذيًا حتى الآن.
ولا يتوقع وزير المالية في جنوب أفريقيا إينوتش غودونغوانا، انفراج أزمة الأحمال قبل عام ونصف العام من الآن، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- جنوب أفريقيا تدرس شراء كهرباء الطاقة الشمسية من المنازل والشركات
- قطاع المناجم في جنوب أفريقيا مهدد بضرائب الكربون المحلية والأوروبية (تقرير)
- محطات الفحم في جنوب أفريقيا تبدأ العمل بمصادر متجددة.. "كوماتي" نموذجًا
اقرأ أيضًا..
- استيراد الهيدروجين الأخضر من المغرب أقل تكلفة من إنتاجه في أوروبا (دراسة)
- أول ناقلة هيدروجين مسال في العالم تثير الجدل حول صعوبات الشحن
- إطلاق أول حافلة نقل عام كهربائية في السعودية (صور)